بازگشت

حاجة الناس للامام


(مسألة): فإن قيل فالحق مع غيبة الإمام کيف يدرک وهذا يقتضي أن يکون الناس في حيرة مع الغيبة؟ فان قلتم أنه يدرک من جهة الأدلة المنصوبة إليه قيل لکم هذا يقتضي الاغتناء عن الإمام بهذه الأدلة.

(الجواب): قلنا: أما العلة المحوجة إلي الإمام في کل عصر وعلي کل حال، فهي کونه لطفا فيما أوجب علينا فعله من العقليات من الإنصاف والعدل اجتناب الظلم والبغي، لان ما عدا هذه العلة من الأمور المستندة إلي السمع والعبادة به جايز ارتفاعها لجواز خلق المکلفين من العبادات الشرعية کلها، وما يجوز علي حال ارتفاعه لا يجوز أن يکون علته في أمر



[ صفحه 237]



مستمر لا يجوز زواله. وقد استقصينا هذا المعني في کتابنا الشافي في الإمامة وأوضحناه، ثم نقول من بعده أن الحق في زماننا هذا علي ضربين: عقلي وسمعي: فالعقلي ندرکه بالعقل ولا يؤثر فيه وجود الإمام ولا فقده. والسمعي انما يدرک بالنقل الذي في مثله الحجة. ولا حق علينا يجب العلم به من الشرعيات إلا وعليه دليل شرعي.

وقد ورد النقل به عن النبي (صلي الله عليه وآله) والأئمة من ولده صلوات الله عليهم، فنحن نصيب الحق بالرجوع إلي هذه الأدلة والنظر فيها. والحاجة مع ذلک کله إلي الإمام ثابتة لان الناقلين يجوز أن يعرضوا عن النقل إما بشبهة أو اعتماد فينقطع النقل أو يبقي فيمن ليس نقله حجة ولا دليل، فيحتاج حينئذ المکلفون إلي دليل هو قول الإمام وبيانه، وإنما يثق المکلفون بما نقل إليهم، وانه جميع الشرع لعلمهم بأن وراء هذا النقل إماما متي اختل استدرک عما شذ منه، فالحاجة إلي الإمام ثابتة مع إدراک الحق في أحوال الغيبة من الأدلة الشرعية علي ما بيناه.