في الوجه في غيبته عن اوليائه و اعدائه
(مسألة): فإن قيل: فإذا کان الإمام (ع) غائبا بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق ولا ينتفع به، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟ وإذا جاز ان يکون إخافة الظالمين سببا لغيبته بحيث لا يصل إلي مصلحتنا به حتي إذا زالت الإخافة ظهر، فلم لا جاز أن يکون اخافتهم له سببا لان يعدمه الله تعالي، فإذا انقادوا وأذعنوا أوجده الله لهم؟
(الجواب): قلنا: أول ما نقول إنا غير قاطعين علي ان الإمام (ع) لا يصل إليه أحد ولا يلقاه بشر، فهذا أمر غير معلوم ولا سبيل إلي القطع عليه، ثم الفرق بين وجوده غائبا عن أعدائه للتقية وهو في خلال ذلک منتظر أن يمکنوه فيظهر ويتصرف، وبين عدمه واح لا خفاء به.
وهو الفرق بين أن تکون الحجة فيما فات من مصالح العباد لازمة لله تعالي، وبين أن تکون لازمة للبشر، لأنه إذا أخيف فغيب شخصه عنهم کان ما يفوتهم من مصلحة عقيب فعل سببوه وإلجائه إليه، فکانت العهدة فيه عليهم والذم لازما لهم وإذا أعدمه الله تعالي، ومعلوم أن العدم لا يسببه الظالمون بفعلهم، وإنما يفعله الله تعالي اختيارا، کان ما يفوت بالاعدام من المصالح لازما له تعالي ومنسوبا إليه.
[ صفحه 236]
(مسألة): فإن قيل فالحدود التي تجب علي الجناة في حال الغيبة کيف حکمها؟ وهل تسقط عن أهلها؟ وهذا ان قلتموه صرحتم بنسخ شريعة الرسول صلي الله عليه وآله وان أثبتموه فمن الذي يقيمها والإمام (ع) غائب مستتر؟
(الجواب): قلنا: أما الحدود المستحقة بالأعمال القبيحة فواجبة في جنوب مرتکبي القبائح، فإن تعذر علي الإمام في حال الغيبة إقامتها فالإثم فيما تعذر من ذلک علي من سبب الغيبة وأوجبها بفعله، وليس هذا نسخا للشريعة، ولان المتقرر بالشرع وجوب إقامة الحد مع التمکن وارتفاع الموانع، وسقوط فرض إقامته مع الموانع وارتفاع التمکن لا يکون نسخا للشرع المتقرر، لان الشرط في الوجوب لم يحصل.
وإنما يکون ذلک نسخا لو سقط فرض إقامة الحدود عن الإمام مع تمکنه، علي أن هذا يلزم مخالفينا في الإمامة إذا قيل لهم کيف الحکم في الحدود التي تستحق في الأحوال التي لا يتمکن فيها أهل الحل والعقد من نصب إمام واختياره؟ وهل تبطل الحدود أو تستحق مع تعذر إقامتها؟ وهل يقتضي هذا التعذر نسخ الشريعة فأي شئ اعتصموا به من ذلک فهو جوابنا بعينه.