بازگشت

بيان الوجه في غيبته


(مسألة): إن قال قائل فما الوجه في غيبته عليه السلام واستتاره علي الاستمرار والدوام حتي ان ذلک قد صار سببا لنفي ولادته وإنکار وجوده؟ وکيف يجوز أن يکون إماما للخلق وهو لم يظهر قط لأحد منهم، وآباؤه (ع) وان کانوا غير آمرين فيما يتعلق بالإمامة ولا ناهين، فقد کانوا ظاهرين بارزين يفتون في الأحکام ويرشدون عند المعضلات لا يمکن أحد نفي وجودهم وان نفي إمامتهم؟

(الجواب): قلنا اما الاستتار والغيبة فسببهما إخافة الظالمين له علي نفسه، ومن أخيف علي نفسه فقد أحوج إلي الاستتار، ولم کن الغيبة من ابتدائها علي ما هي عليه الآن، فإنه في ابتداء الأمر کان ظاهر لأوليائه غائبا عن أعدائه، ولما اشتد الأمر وقوي الخوف وزاد الطلب استتر عن الولي والعدو، فليس ما ذکره السائل من أنه لم يظهر لأحد من الخلق صحيحا. فأما کون ذلک سببا لنفي ولادته (ع) فلم يکن سببا لشئ من ذلک إلا بالشبهة وضعف البصيرة والتقصير عن النظر الصحيح، وما کان التقصير داعيا إليه والشبهة سببه من الاعتقادات، وعلي الحق فيه دليل واضح باد لمن أراده، ظاهر لمن قصده، ليس يجب المنع في دار التکليف والمحنة منه،



[ صفحه 234]



ألا تري أن تکليف الله تعالي من علم انه يکفر قد صار سببا لا اعتقادات کثيرة باطلة، فالملحدون جعله طريقا إلي نفي الصانع، والمجبرة جعلته طريقا إلي أن القبيح منا لا يقبح من فعله تعالي، وآخرون جعلوه طريقا إلي الشک والحيرة الدفع عن القطع علي حکمه القديم تعالي، وکذلک فعل الآلام بالأطفال والبهائم قد شک کثير من الناس، منهم الثنوية وأصحاب التناسخ والبکرية والمجبرة، ولم يکن دخول الشبهة بهذه الأمور علي من قصر في النظر وانقاد إلي الشبهة مع وضوح الحق له لو أراده، موجبا علي الله دفعها، حتي لا يکلف إلا المؤمنين ولا يؤل إلا البالغين.

ولهذا الباب في الأصول نظائر کثيرة ذکرها يطول، والإشارة إليها کافية.

وأما الفرق بينه وبين آبائه عليهم السلام فواضح، لان خوف من يشار إليه بأنه القائم المهدي الذي يظهر بالسيف ويقهر الأعداء ويزيل الدول والممالک، لا يکون کخوف غيره ممن يجوز له مع الظهور التقية وملازمة منزله، وليس من تکليفه ولا مما سبق أنه يجري علي يده الجهاد واستيصال الظالمين.