بازگشت

في قول سيدنا محمد ان الله خلق آدم علي صورته


(مسألة): فإن قيل فما معني الخبر المروي عن النبي صلي الله عليه وآله انه قال: ان الله خلق آدم علي صورته، أو ليس ظاهر هذا الخبر يقتضي التشبيه وان له تعالي عن ذلک صورة.

(الجواب): قلنا قد قيل في تأويل هذا الخبر أن الهاء في قوله في صورته، إذا صح هذا الخبر راجعة إلي آدم (ع) دون الله، فکان المعني انه تعالي خلقه علي الصورة التي قبض عليها، وأن حاله لم يتغير في الصورة بزيادة ولا نقصان کما تتغير أحوال البشر.

وذکر وجه ثان: وهو ان تکون الهاء راجعة إلي الله تعالي، ويکون المعني انه خلقه علي الصورة التي اختارها واجتباها، لان الشئ قد يضاف علي هذا الوجه إلي مختاره ومصطفيه.

وذکر أيضا وجه ثالث: وهو ان هذا الکلام خرج علي سبب معروف لان



[ صفحه 177]



الزهري روي عن الحسن أنه کان يقول: مر رسول الله صلي الله عليه وآله برجل من الأنصار وهو يضرب وجه غلام له ويقول قبح الله وجهک ووجه من تشبهه، فقال النبي صلي الله عليه وآله بئس ما قلت، فإن الله خلق آدم علي صورة المضروب.

ويمکن في هذا الخبر وجه رابع: وهو ان يکون المراد ان الله تعالي خلق صورته لينتفي بذلک الشک في أن تأليفه من فعل غيره، لان التأليف من جنس مقدور البشر، والجواهر وما شکلها من الأجناس المخصوصة من الاعراض التي ينفرد القديم تعالي بالقدرة عليها. فيمکن قبل النظر ان يکون الجواهر من فعله، وتأليفها من فعل غيره.

ألا تري انا نرجع في العلم من أن تأليف السماء من فعله تعالي إلي السمع، لأنه لا دلالة في العقل علي ذلک. لما نرجع في أن تأليف الإنسان من فعله تعالي في الموضوع الذي يستدل به علي أنه عالم من حيف ظهر منه الفعل المحکم، إلي ان يجعل الکلام في أول إنسان خلقه، لأنه لا يمکن أن يکون مؤلفه سواه إذا کان هو أول الاحياء من المخلوقات. فکأنه عليه السلام اخبر بهذه الفائدة الجليلة وهو أن جواهر آدم عليه السلام وتأليفه من فعل الله تعالي.

ويمکن وجه خامس: وهو ان يکون المعني ان الله تعالي انشأه علي هذه الصورة التي شوهد عليها علي سبيل الابتداء، وأنه لم ينتقل إليها ويتدرج کما جرت العادة في البشر. وکل هذه الوجوه جائزة في معني الخبر والله تعالي ورسوله أعلم بالمراد.