في وجه قول سيدنا محمد عن وضع الرب قدمه في النار
(مسألة): فإن قيل: فما قولکم في الخبر الذي رواه محمد بن جرير الطبري بإسناده عن ابي هريرة عن النبي صلي الله عليه وآله ان النار تقول هل من مزيد إذا القي فيها أهلها، حتي يضع الرب تعالي قدمه فيها. وتقول قط قط فحينئذ تمتلئ وينزوي بعضها إلي بعض. وقد روي مثل ذلک عن انس بن مالک؟.
(الجواب): قلنا لا شبهة في أن کل خبر اقتضي، ما تنفيه أدلة العقول فهو باطل مردود، إلا أن يکون له تأويل سايغ غير متعسف، فيجوز أن يکون صحيحا، ومعناه مطابقا للأدلة.
وقد دلت العقول ومحکم القرآن والصحيح من السنة علي ان الله تعالي ليس بذي جوارح ولا يشبه شيئا من المخلوقات، وکل خبر نافي ما ذکرناه وجب ان يکون إما مردودا أو محمولا علي ما يطابق ما ذکرنا من الأدلة، وخبر القدم يقتضي ظاهره التشبيه المحض، فکيف يکون مقبولا وقد قال قوم أنه لا يمتنع ان يريد بذکر القدم القوم الذين قدمهم لها. واخبر أنهم يدخلون إليها ممن استحقها بأعماله.
فأما قول النار فهل من مزيد؟ فقد قيل معني ذلک انها صارت بحيث لا موضع فيها للزيادة، وبحيث لو کانت ممن تقول لقالت قد امتلات وما بقي في مزيد، واضاف القول إليها علي سبيل المجاز کما أضاف الشاعر القول إلي الحوض:
امتلأ الحوض فقال فطني
مهلا رويدا قد ملأت بطني
وقد قال أبو علي الجبائي ان القول الذي هو هل من مزيد، من قول الخزنة.
کما يقال: قالت البلدة الفلانية کذا أي قال أهلها.
وکما قال
[ صفحه 172]
تعالي: (وَجَاء رَبُّکَ وَالْمَلَکُ صَفًّا صَفًّا) [1] وهذا أيضا غير ممتنع.
پاورقي
[1] الفجر 22.