بازگشت

تنزيه محمد عن مراجعة أمر ربه


(مسألة): فإن قيل: فما الوجه في الرواية المشهورة ان النبي صلي الله عليه وآله ليلة المعراج لما خوطب بفرض الصلاة راجع ربه تعالي مرة بعد أخري حتي رجعت إلي خمس، وفي الرواية ان موسي عليه السلام هو القائل له ان أمتک لا تطيق هذا.

وکيف ذهب ذلک علي النبي صلي الله عليه وآله حتي نبهه موسي (ع)؟ وکيف يجوز المراجعة منه مع علمه بأن العبادة تابعة للمصلحة؟ وکيف يجاب عن ذلک مع ان المصلحة بخلافه؟.

(الجواب): قلنا أما هذه الرواية فمن طريق الآحاد التي لا توجب علما، وهي مع ذلک مضعفة وليس يمتنع لو کانت صحيحة ان تکون المصلحة في الابتداء يقتضي بالعبادة بالخمسين من الصلاة، فإذا وقعت المراجعة تغيرت المصلحة واقتضت أقل من ذلک حتي ينتهي إلي هذا العدد المستقر، ويکون النبي صلي الله عليه وآله قد اعلم بذلک، فراجع طلبا للتخفيف عن أمته والتسهيل، ونظير ما ذکرناه في تغير المصلحة بالمراجعة وترکها أن فعل المنذور قبل النذر غير واجب، فإذا تقدم النذر صار واجبا وداخلا في جملة العبادات المفترضات، وکذلک تسليم المبيع غير واجب ولا داخل في جملة العبادات، فإذا تقدم عقد البيع وجب وصار مصلحة. و

نظائر ذلک في الشرعيات أکثر من أن تحصي، فأما قول موسي له صلي الله عليه وآله ان أمتک لا تطيق فراجع، فليس ذلک تنبيها له صلي الله عليه وآله، وليس يمتنع أن يکون النبي أراد أن يسأل مثل ذلک لو لم يقل له موسي.

ويجوز أن يکون قوله قوي دواعيه في المراجعة التي کانت أبيحت له. ومن الناس من استبعد هذا الموضوع من حيث يقتضي أن يکون موسي (ع) في تلک الحال حيا کاملا، وقد قبض منذ زمان.

وهذا ليس ببعيد لان الله تعالي قد خبر أن أنبياءه عليهم السلام والصالحين من عباده في الجنان يرزقون، فما المانع من ان يجمع الله بين نبينا صلي الله عليه وآله وبين موسي.



[ صفحه 170]