بازگشت

تنزيه محمد عن الشرک


(مسألة): فإن قيل: فما معني قوله تعالي مخاطبا لنبيه: (أَشْرَکْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَلَتَکُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [1] وکيف يوجه هذا الخطاب إلي من لا يجوز عليه الشرک ولا شي ء من المعاصي.

(الجواب): قد قيل في هذه الآية ان الخطاب للنبي صلي الله عليه وآله والمراد به أمته، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: نزل القرآن بإياک اعني واسمعي يا جارة.

ومثل ذلک قوله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) [2] فدل قوله تعالي فطلقوهن علي ان الخطاب توجه إلي غيره.

وجواب آخر: ان هذا خبر يتضمن الوعيد، وليس يمتنع أن يتوعد الله تعالي علي العموم. وعلي سبيل الخصوص من يعلم أنه لا يقع منه ما تناوله الوعيد، لکنه لابد من أن يکون مقدورا له وجائزا بمعني الصحة لا بمعني الشک، ولهذا يجعل جميع وعيد القرآن عاما لمن يقع منه ما تناوله الوعيد، ولمن علم الله تعالي أنه لا يقع منه.

وليس قوله تعالي (أَشْرَکْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ) علي سبيل التقدير والشرط بأکثر من قوله تعالي: (لَوْ کَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) لان استحالة وجود ثان معه تعالي: إذا لم يمنع من تقدير ذلک، وبيان حکمه کأولي ان يسوغ تقدير وقوع الشرک الذي هو مقدور لکن، وبيان حکمه.

والشيعة لها في هذه الآية جواب تنفرد به وهو أن النبي لما نص علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بالإمامة في ابتداء الأمر جاءه قوم من قريش فقالوا له: يا رسول الله صلي الله عليه وآله ان الناس قريبوا عهد بالإسلام لا يرضون أن تکون النبوة فيک والإمامة في ابن عمک علي بن أبي طالب. فلو عدلت به إلي غيره لکان أولي. فقال لهم النبي صلي الله عليه وآله: ما فعلت ذلک برأيي فأتخير فيه، لکن الله تعالي أمرني به



[ صفحه 168]



وفرضه علي. فقالوا له: فإذا لم تفعل ذلک مخافة الخلاف علي ربک تعالي فأشرک معه في الخلافة رجلا من قريش ترکن الناس إليه، ليتم لک أمرک ولا يخالف الناس عليک. فنزلت الآية والمعني فيها لئن أشرکت مع علي في الإمامة غيره ليحبطن عملک، وعلي هذا التأويل. فالسؤال قائم لأنه إذا کان قد علم الله تعالي انه صلي الله عليه وآله لا يفعل ذلک ولا يخالف أمره لعصمته، فما الوجه في الوعيد؟ فلابد من الرجوع إلي ما ذکرناه.


پاورقي

[1] الزمر 65.

[2] الطلاق 1.