تنزيه سيدنا محمد عن المعاتبة في امر الاعمي
(مسألة): فإن قيل: أليس قد عاتب الله تعالي نبيه صلي الله عليه وآله في إعراضه عن ابن ام مکتوم لما جاءه واقبل علي غيره بقوله: (عَبَسَ وَتَوَلَّي - أَن جَاءهُ الْأَعْمَي - وَمَا يُدْرِيکَ لَعَلَّهُ يَزَّکَّي - أَوْ يَذَّکَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّکْرَي). [1] وهذا أيسر ما فيه أن يکون صغيرا.
(الجواب): قلنا: أما ظاهر الآية فغير دال علي توجهها إلي النبي صلي الله عليه وآله ولا فيها ما يدل علي أنه خطاب له، بل هي خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه. وفيها ما يدل عند التأمل علي ان المعني بها غير النبي صلي الله عليه وآله لأنه وصفه بالعبوس وليس هذا من صفات النبي صلي الله عليه وآله في قرآن ولا خبر مع الأعداء المنابذين، فضلا عن المؤمنين المسترشدين.
ثم وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه، فليس هذا مشبها مع أخلاقه الواسعة وتحننه علي قومه وتعطفه، وکيف يقول له وما عليک ألا يزکي وهو صلي الله عليه وآله مبعوث للدعاء والتنبيه، وکيف لا يکون ذلک عليه. وکان هذا القول اغراء بترک الحرص علي إيمان قومه.
وقد قيل ان هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله کان منه هذا الفعل المنعوت فيها، ونحن وان شککنا في عين من نزلت فيه فلا ينبغي أن نشک إلي أنها لم يعن بها النبي، وأي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم والإقبال علي الأغنياء الکافرين والتصدي لهم، وقد نزه الله تعالي النبي صلي الله عليه وآله عما هو دون هذا في التنفير بکثير.
[ صفحه 167]
پاورقي
[1] عبس 1 - 4.