بازگشت

تنزيه سيدنا محمد عن المعاتبة في امر المتخلفين


(مسألة): فإن قيل فما وجه قوله تعالي مخاطبا لنبيه صلي الله عليه وآله لما استأذنه قوم في التخلف عن الخروج معه إلي الجهاد فأذن لهم: (عَفَا اللّهُ عَنکَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَکَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْکَاذِبِينَ) [1] أو ليس العفو لا يکون إلا عن الذنب؟ وقوله (لِمَ أَذِنتَ) ظاهر في العتاب لأنه من اخص ألفاظ العتاب؟.

(الجواب): قلنا أما قوله تعالي (عَفَا اللّهُ عَنکَ) فليس يقتضي وقوع معصية ولا غفران عقاب، ولا يمتنع أن يکون المقصود به التعظيم والملاطفة في المخاطبة. لان احدنا قد يقول لغيره إذا خاطبه: أرأيت رحمک الله وغفر الله لک. وهو لا يقصد إلي الاستصفاح له عن عقاب ذنوبه، بل ربما لم يخطر بباله أن له ذنبا. وإنما الغرض الإجمالي في المخاطبة واستعمال ما قد صار في العادة علما علي تعظيم المخاطب وتوقيره.

وأما قوله تعالي: (لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ) فظاهره الاستفهام والمراد به التقريع واستخراج ذکر علة اذنه، وليس بواجب حمل ذلک علي العتاب، لان احدنا قد يقول لغيره، لم فعلت کذا وکذا.

تارة معاتبا وأخري مستفهما، وتارة مقررا. فليس هذه اللفظة خاصة للعتاب والإنکار.

وأکثر ما يقتضيه وغاية ما يمکن أن يدعي فيها أن تکون دالة علي انه صلي الله عليه وآله ترک الأولي والأفضل، وقد بينا أن ترک الأولي ليس بذنب، وان کان الثواب ينقص معه.

فإن الأنبياء عليهم السلام يجوز أن يترکوا کثيرا من النوافل. وقد يقول



[ صفحه 161]



احدنا لغيره إذا ترک الندب: لم ترکت الأفضل ولم عدلت عن الأولي؟ ولا يقتضي ذلک إنکارا ولا قبيحا.


پاورقي

[1] التوبة 43.