بازگشت

في تنزيه موسي عن الضلال


(مسألة): فإن قيل: فما معني قول فرعون لموسي (ع): (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَکَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْکَافِرِينَ) [1] إلي قوله (ع) (فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) [2] وکيف نسب (ع) الضلال إلي نفسه، ولم يکن عندکم في وقت من الأوقات ضالا؟.

(الجواب): قلنا: أما قوله (وَأَنتَ مِنَ الْکَافِرِينَ) فإنما أراد به



[ صفحه 104]



من الکافرين لنعمتي، فإن فرعون کان المربي لموسي (ع) إلي أن کبر وبلغ، ألا تري إلي قوله تعالي حکاية عنه: (أَلَمْ نُرَبِّکَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِکَ سِنِينَ). [3] .

وأما قول موسي (ع) (فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)، فإنما أراد به الذاهبين عن أن الوکزة تأتي علي النفس، أو أن المدافعة تفضي إلي القتل. وقد يسمي الذاهب عن الشئ أنه ضال ويجوز أيضا أن يريد أنني ضللت عن فعل المندوب إليه من الکف عن القتل في تلک الحال والفوز بمنزلة الثواب.

بين خيفة موسي والوجه فيها:

(مسألة): فإن قيل: کيف جاز لموسي عليه السلام وقد قال تعالي: (أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أن يقول في الجواب (إِنِّي أَخَافُ أَن يُکَذِّبُونِ - وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَي هَارُونَ) [4] وهذا استعفاء عن الرسالة.

(الجواب): أن ذلک ليس باستعفاء کما تضمنه السؤال، بل کان (ع) قد أذن له في أن يسأل ضم أخيه في الرسالة إليه قبل هذا الوقت، وضمنت له الإجابة، ألا تري إلي قوله تعالي (وَهَلْ أَتَاکَ حَدِيثُ مُوسَي - إِذْ رَأَي نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْکُثُوا) إلي قوله (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي - هَارُونَ أَخِي) [5] فأجابه الله تعالي إلي مسألته بقوله (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَکَ يَا مُوسَي).

وهذا يدل علي أن ثقته بالإجابة إلي مسألته التي قد تقدمت، وکان مأذونا له فيها. فقال: (إِنِّي أَخَافُ أَن يُکَذِّبُونِ - وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ



[ صفحه 105]



لِسَانِي) شرحا لصورته وبيانا عن حاله المقتضية لضم أخيه إليه في الرسالة، فلم يکن مسألته إلا عن أذن وعلم وثقة بالإجابة.


پاورقي

[1] الشعراء الآية 19.

[2] الشعراء الآية 20.

[3] الشعراء الآية 18.

[4] الشعراء الآية 12 - 13.

[5] طه الآية 29 - 30.