بازگشت

تکريم ابراهيم باستجابة دعائه


(مسألة): فإن قال: إذا کان من مذهبکم إن دعاء الأنبياء (ع) لا يکون إلا مستجابا، وقد دعا إبراهيم عليه السلام ربه فقال: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ). وقد عبد کثير من بنيه الأصنام وکذلک السؤال عليکم في قوله: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي). [1] .

(الجواب): قيل له أما المفسرون فإنهم حملوا هذا الدعاء علي الخصوص وجعلوه متناولا لمن أعلمه الله تعالي أنه يؤمن ولا يعبد الأصنام حتي يکون الدعاء مستجابا، وبينوا إن العدول عن ظاهره المقتضي للعموم إلي الخصوص بالدلالة واجب، وهذا الجواب صحيح، ويمکن في الآية وجه آخر: وهو أن يريد بقوله: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) أي افعل بي وبهم من الألطاف ما يباعدنا عن عبادة الأصنام ويصرف دواعينا عنها.

وقد يقال فيمن حذر من الشئ ورغب في ترکه وقويت صوارفه عن فعله: أنه قد جنبه. ألا تري أن الوالد قد يقول لولده إذا کان قد حذره من بعض الأفعال



[ صفحه 59]



وبين له قبحه وما فيه من الضرر، وزين له ترکه وکشف له عما فيه من النفع: إنني قد جنبتک کذا وکذا ومنعتک منه. وإنما يريد ما ذکرناه. وليس لأحد أن يقول کيف يدعو إبراهيم (ع) بذلک وهو يعلم أن الله تعالي لا بد أن يفعل هذا اللطف المقوي لدواعي الإيمان، لأن هذا السؤال أولا يتوجه علي الجوابين جميعا، لأنه تعالي لا بد أن يفعل هذا للطف الذي يقع الطاعة عنده لا محالة. کما لا بد أن يفعل ما يقوي الداعي إلي الطاعات.

والجواب عن هذه الشبهة أن النبي صلي الله عليه وآله لا يمتنع أن يدعو بما يعلم أن الله تعالي سيفعله علي کل حال، علي سبيل الانقطاع إلي الله تعالي والتذلل له والتعبد. فأما قوله (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي) فالشبهة تقل فيه، لأن ظاهر الکلام يقتضي الخصوص في ذريته الکثير ممن أقام الصلاة.


پاورقي

[1] إبراهيم الآية 40.