بازگشت

الاتفاق علي وجوب الاعتقاد به


ان قضية المهديّ ـ عليه السلام ـ من قضايا الغيب الإلهي، المخبر عنها من طريق الوحي

والنصوص الدينية المعتبرة صريحة في وجوب الايمان والاعتقاد بقضايا الغيب المذکورة في الکتاب والسنة، قال تعالي: (ألم ذلک الکتاب لا ريب فيه هديً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما اُنزل اليک وما اُنزل من قبلک وبالآخرة هم يوقنون). [1] .

فهذه الآية علي عمومها تدل علي وجوب الايمان بجميع قضايا الغيب الثابتة بالأدلة المعتبرة من طريق الشرع، فکما يجب علي المسلم اقامة الصلاة و إيتاء الزکاة والايمان بالقرآن، وما انزل من کتب سماوية قبله، کذلک يجب عليه الاعتقاد بجميع قضايا الغيب المخبر عنها في الإسلام في النصوص المعتبرة، وکل من انکر قضية من غيبيات الإسلام کخروج المهديّ عليه السلام، ونزول عيسي عليه السلام، وخروج الدجال وغيرها مما هو ثابت بالأدلة المعتبرة يخرج عن صفة المتقين والمؤمنين الذين يؤمنون بالغيب، لأن الايمان بالغيب، هو الحد الفاصل بين مجتمع المؤمنين برسالات الله ومجتمع الملحدين الماديين. وبهذا الدليل القرآني استدل بعض المعاصرين من علماء أهل السنة علي وجوب الاعتقاد بالمهدي، ومنهم الشيخ ناصر الدين الألباني قال:

(ان عقيدة خروج المهديّ عقيدة ثابتة متواترة عنه ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـيجب الايمان بها، لأنها من اُمور الغيب، والايمان بها من صفات المتقين کما قال تعالي: (ألم ذلک الکتاب لا ريب فيه هديً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب)، وان انکارها لا يصدر إلاّ من جاهل مکابر أسأل الله تعالي ان يتوفانا علي الايمان بها وبکل ما صح في الکتاب والسنة). [2] .

وقال الاستاذ عبد المحسن العباد في محاضرته التي القاها في الرد علي من انکر العقيدة بالمهدي ـ عليه السلام ـ:

(والتصديق بها داخل في الايمان بان محمداً رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـلأن من الايمان به تصديقه فيما اخبر به، وداخل في الايمان بالغيب الذي امتدح الله المؤمنين به بقوله: (ألم ذلک الکتاب لا ريب فيه هديً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب». [3] .

ومن الأدلة التي استدل بها الأستاذ العباد علي وجوب الاعتقاد بالمهدي ـ عليه السلام ـ وجوب الايمان بالقدر فقال: (فان سبيل علم الخلق بما قدر الله امران: (أحدهما): وقوع الشيء...، (والثاني): الأخبار بالشيء الماضي الذي وقع، وبالشيء المستقبل قبل وقوعه من الذي لا ينطق عن الهوي صلي الله عليه وآله وسلم، فکل ما ثبت اخباره به نعلم بان الله قد شاءه وانه لا بد أن يقع علي وفق خبره ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ کاخباره بنزول عيسي ـ عليه السلام ـ في آخر الزمان، واخباره بخروج المهديّ ـ عليه السلام ـ وبخروج الدجال وغير ذلک من الأخبار، فانکار أحاديث المهديّ ـ عليه السلام ـ أو التردد في شأنه أمر خطير نسأل الله السلامة والعافية والثبات علي الحق حتي الممات). [4] .

والاعتقاد بالمهدي ـ عليه السلام ـ اعتماداً علي وجوب الايمان بالقدر صرحت به الأحاديث المعتبرة عن رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ کما جاء في حديث جابر الأنصاري عن النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ انه قال:

«من انکر خروج المهديّ فقد کفر بما أنزل علي محمد، ومن انکر نزول عيسي فقد کفر، ومن انکر خروج الدجال فقد کفر، فان جبرئيل ـ عليه السلام ـ أخبرني بأن الله عزّ وجلّ يقول: من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فليتخذ رباً غيري». [5] .

ودليل وجوب الايمان بقضايا الغيب الثابتة في الإسلام هو من جملة الأدلة التي تستدل بها مدرسة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ علي وجوب الاعتقاد بالمهدي عليه السلام، وحينما سُئل الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ عن تفسير قوله تعالي:

(ألم ذلک الکتاب لا ريب فيه هديً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) قال: المتقون شيعة علي عليه السلام، والغيب فهو الحجة الغائب ـ يعني المهديّ المنتظر ـ عليه السلام ـ ـ)، [6] وشاهد علي ذلک قوله تعالي: (ويقولون لولا اُنزل عليه آية من ربه فقل انما الغيب لله فانتظروا اني معکم من المنتظرين). [7] .


پاورقي

[1] البقرة: 3 ـ 4.

[2] مجلة التمدن الإسلامي عدد 22: ص643، دمشق.

[3] مجلة الجامعة الإسلامية ـ الحجاز عدد 3، السنة الأولي 1388 ذو القعدة، والکلام مقتطف من نهاية المحاضرة.

[4] نفس المصدر.

[5] فرائد السمطين 2: 234 ب61، الحاوي للفتاوي 2: 83، الفتاوي الحديثية: ص27، الاذاعة: ص137، عقد الدرر: ص157.

[6] کمال الدين للصدوق 2: 34.

[7] يونس: 20.