بازگشت

الاتفاق علي أصل القضية


ومستند هذا الاتفاق ثبوت صحة عدد کبير من أحاديث المهديّ ـ عليه السلام ـ لدي المسلمين جميعاً، وکثرتها في مصادر الحديث عندهم بحيث تتجاوز حد التواتر المتفق عليه في علم الحديث عشرات المرات. وکل قضية من قضايا الدين يتحقق التواتر بشأنها تخرج من دائرة الظنون والتشکيکات عندهم، ولا تدخل في بحث الاسانيد کما هو مقرر في محله في علمي الحديث والأصول. ولا يناقش فيها إلاّ

من جهل اُصول البحث العلمي في مناهج الإسلام ودراساته.

قال الإمام الشهيد الصدر ـ رضي الله عنه ـ:

(ان فکرة المهديّ بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم الي الأفضل قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم عموماً، وفي روايات أئمة أهل البيت خصوصاً، وأکدت في نصوص کثيرة بدرجة لا يمکن أن يرقي اليها الشک، وقد أحصي أربعمائة حديث عن النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ من طرق أخواننا أهل السنة، کما أحصي مجموع الأخبار الواردة في الإمام المهديّ من طرق الشيعة والسنة فکان أکثر من ستة آلاف رواية. وهذا رقم احصائي کبير لا يتوفر نظيره في کثير من قضايا الإسلام البديهية التي لا يشک فيها مسلم عادة). [1] .

وقال الحافظ بن حجر العسقلاني:

(تواترت الأخبار بان المهديّ من هذه الأمة، وان عيسي بن مريم سينزل ويصلي خلفه). [2] وقال القاضي الشوکاني في أحاديث المهديّ: (وهي متواترة بلا شک ولا شبهة بل يصدق وصف التواتر علي ما دونها علي جميع الاصطلاحات المحررة في الاُصول)، [3] وقال ابن حجر الهيثمي: (والأحاديث التي جاء فيها ذکر ظهور المهديّ کثيرة متواترة). [4] .

وصرح بتواتر أحاديث المهديّ ـ عليه السلام ـ الحافظ أبو الحسن الأبري السجزي المتوفي سنة 363 هـ في کتابه (مناقب الشافعي)، وابن الصباغ المالکي في (اسعاف الراغبين)، والبرزنجي في کتابه (الاشاعة لاشراط الساعة)، والشيخ عبد الحق في کتاب (اللعمات)، وابن الصديق المغربي في کتابه (ابراز الوهم المکنون من کلام ابن خلدون)، وصديق حسن القنوجي في کتابه (الاذاعة لما کان ويکون بين يدي الساعة) وغير هؤلاء کثيرون.

وممن اعترف بتواتر أحاديث المهديّ ـ عليه السلام ـ وشهرتها بين عموم طوائف المسلمين ابن خلدون في مقدمته، بالرغم من محاولته للتشکيک بها والطعن باسانيدها، وهذا نص کلامه:

(اعلم ان المشهور في الکافة من أهل الإسلام علي ممر الأعصار، انه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيد الدين ويظهر العدل ويسمي بالمهدي)، [5] ومن هنا يظهر ان طعنه باحاديث المهديّ ـ عليه السلام ـ يدل علي جهله بقواعد علم الحديث، وعدم معرفته لمعني التواتر.


پاورقي

[1] بحث حول المهديّ: ص63 ـ 64، طبع دار التعارف بيروت.

[2] فتح الباري 5: 362.

[3] ابراز الوهم المکنون: ص4، نقلاً عن رسالة التوضيح للشوکاني.

[4] الصواعق المحرقة 2: 211.

[5] مقدمة ابن خلدون: ص397.