بازگشت

الدولة العالمية في القرآن


والآيات القرآنية المبشرة بدوله المهديّ ـ عليه السلام ـ العالمية کثيرة، وهي نوعان، منها ما يحتاج الي تفسير وتأويل وايضاح علمي مفصل لاقناع القارئ باختصاصها في الموضوع، ومنها واضح جلي بل نص صريح في هذا الموضوع، وسنکتفي هنا بعرض بعض آيات النوع الثاني، مما اتفق علي اختصاصها بموضوع دولة المهديّ ـ عليه السلام ـ العالمية مفسروا الشيعة والسنة معاً.

منها قوله تعالي: (يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبي الله إلاّ أن يتم نوره ولو کره الکافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون). [1] .

روي الحاکم بسند صحيح علي شرط مسلم عن عائشة ان رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ قال: «لا يذهب الليل والنهار حتي تعبد اللات والعزي» قالت عائشة فقلت: يا رسول الله اني کنت اظن حين انزل الله تبارک وتعالي (هو الذي ارسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون) ان ذلک يکون تاماً؟ فقال ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ: «انه سيکون من ذلک ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحاً طيبة فيتوفي من کان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير، فيبقي من لا خير فيه فيرجعون الي دين آبائهم». [2] .

وعن تميم الداري قال: سمعت رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ يقول:

«ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترک الله بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله الله هذا الدين، يعز عزيزاً، ويذل ذليلاً، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل به الکفر وأهله». [3] .

وعن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ يقول:

«لا يبقي علي ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله الله کلمة الإسلام بعز عزيز، وبذل ذليل، امّا يعزهم فيجعلهم من أهلهم أو يذلهم فيدينون لهم». [4] .

وعن أبي ثعلبة الخشني قال: کان رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ اذا رجع من غزاه أو سفر أتي المسجد فصلي فيه رکعتين ثم ثنّي بفاطمة ـ رضي الله عنها ـ ثم يأتي ازواجه، فلما رجع[ذات مرة]خرج من المسجد، فتلقته فاطمة عند باب البيت وأخذت تقبله وتبکي فقال لها:

«يا بنية ما يبکيک؟» قالت: «يا رسول الله أراک شعثاً نصباً قد اخلولقت ثيابک؟» قال فقال لها: «لا تبکي فأن الله عزّ وجلّ بعث أباک لأمر لا يبقي علي ظهر الأرض بيت مدر ولا شعر إلاّ أدخل الله به عزاً أو ذلاً، حتي يبلغ حيث بلغ الليل والنهار». [5] .

ولما سألوا أبا هريرة عن تفسير قوله تعالي:

(هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين کله ولو کره المشرکون) قال: «هذا وعد من الله بأنه تعالي يجعل الإسلام عالياً علي جميع الأديان. [6] .

ولما سُئل السدي عن تفسير الآية السابقة قال: «وذلک عند خروج المهديّ». [7] .

هذا ما روي من طرق أهل السنة في تفسير هذه الآية المبارکة وهو يطابق تمام المطابقة مع ما جاء من طرق أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في تفسيرها، واليک طائفة مما جاء عنهم بهذا الصدد.

روي ان عليّاً تلا هذه الآية وسأل الحاضرين:

«هل ظهر الإسلام علي الدين کله بعد ان أرسل الله رسوله بالهدي ودين الحق؟» فقالوا: نعم! فقال لهم: «کلا فوالذي نفسي بيده حتي لا تبقي قرية إلا ينادي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ الله محمداً رسول الله بکرة وعشياً». [8] .

وسألوا الإمام محمد الباقر ـ عليه السلام ـ عن تفسيرها فقال: «ان ذلک يکون عند خروج المهديّ من آل محمد فلا يبقي أحد إلاّ أقر بمحمد ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ). [9] .

وسأل المفضل بن عمر الإمام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ عن تأويلها، بعد أن أخبره بـان بعض المسلمين يدّعون ان الإسلام قد ظهر علي الأديان کلها!

فأجابه ـ عليه السلام ـ بقوله:

«يا مفضل لو کان ظهر علي الدين کله، ما کانت مجوسية ولا نصرانية ولا يهودية، ولا صابئة، ولا فرقة ولا خلاف، ولا شک ولا شرک، ولا عبدة أصنام ولا اوثان». ثم فسرها ـ عليه السلام ـ للمفضل بدولة المهديّ المنتظر عليه السلام، [10] وقال: «ويکون الدين کله واحد، کما قال جل ذکره (ان الدين عند الله الإسلام) [11] ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين». [12] .

ومنها قوله تعالي: (ونريد ان نمنّ علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين). [13] .

فقد روي الحاکم الحسکاني في شواهد التنزيل، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن الإمام عليّ ـ عليه السلام ـ قال:

«لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس علي ولدها ثم قرأ: ونريد ان نمنّ علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين». [14] .

وروي عن الإمامين محمد الباقر، وولد جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ انهما قالا في تفسير هذه الآية: «ان هذه مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان ويبيد الجبابرة والفراعنة ويملک الأرض شرقاً وغرباً ويملأ الأرض عدلاً کما ملئت جوراً». [15] .

ومنها قوله تعالي: (وقاتلوا المشرکين کافة کما يقاتلونکم کافة)، [16] ولمّا سُئل الإمام محمد الباقر عن تفسيرها قال ـ عليه السلام ـ:

«لا لم يجيء تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعد سيري من يدرکه ما يکون من تأويل هذه الآية، وليبلغن دين محمد ما بلغ الليل حتي لا يکون مشرک علي ظهر الأرض کما قال الله»، [17] ونظير الآية السابقة قوله تعالي: (فقاتلوا أئمة الکفر انهم لا ايمان لهم)، [18] وقال حذيفة بن اليمان في تفسيرها: «ما قوتل أهل هذه الآية بعد». [19] .


پاورقي

[1] التوبة: 32 ـ 33.

[2] مستدرک الصحيحين 4: 447، وقال حديث صحيح علي شرط مسلم ووافقه الذهبي في التلخيص.

[3] مجمع الزوائد 6: 14 قال: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح، مستدرک الصحيحين 4: 430، وقال: صحيح ووافقه الذهبي في التلخيص.

[4] مجمع الزوائد 6: 14 قال: رواه أحمد والطبراني ورجال الطبراني ورجال الصحيح، مستدرک الصحيحين 4: 430 قال: صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في التلخيص.

[5] مستدرک الصحيحين 3: 155، وقال صحيح وتعقبه الذهبي مضعفاً له ولم يفعل شيئاً لان الأحاديث السابقة شاهدة علي صحته.

[6] التفسير الکبير للفخر الرازي 16: 40.

[7] تفسير أبي الفتوح 6: 16.

[8] تأويل الآيات 2: 689، ينابيع المودة للحنفي القندوزي: ص423.

[9] تفسير العياشي 2: 87 ح50.

[10] الهداية الکبري: ص74 ـ 82، البحار 53: 4.

[11] آل عمران: 19.

[12] المصدر السابق: 85.

[13] القصص: 5.

[14] شواهد التنزيل 1: 431 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 19: 29.

[15] حليلة الأبرار 2: 597 تفسير البرهان 2: 220.

[16] التوبة: 36.

[17] المحجة فيما نزل في القائم الحجة: ص96.

[18] التوبة: 12.

[19] الدر المنثور للسيوطي 4: 136. ط. دار الفکر ـ بيروت.