بازگشت

ماورد من التواقيع بواسطته


مما خرج عن الإمام عليه السلام رداً علي الغلاة جواباً لکتاب کُتِبَ إليه علي يدي محمد بن علي بن هلال الکرخي التوقيع التالي:

«يا محمد بن علي، تعالي اللَّه وجلّ عما يصفون سبحانه وبحمده، ليس نحن شرکاءه في علمه ولا في قدرته بل لا يعلم الغيب غيره، کما قال في محکم کتابه تبارکت أسماؤه:«قُلْ لا يعْلَمُ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأرْضِ الغَيبَ إلّا اللَّه» [1] .

وأنا وجميع آبائي من الأولين: آدم ونوح وإبراهيم وموسي وغيرهم من النبيين، ومن الآخرين محمد رسول اللَّه وعلي بن أبي طالب وغيرهم ممن مضي من الأئمة(صلوات اللَّه عليهم أجمعين)إلي مبلغ أيامي ومنتهي عصري عبيد للَّه عزّ وجلّ.

يقول اللَّه عزّ وجلّ:«وَمَن أعرَضَ عَنْ ذِکري فَإنّ لهُ مَعِيشَةً ضَنکا ونَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أعمَي - قال ربِّ لِمَ حَشَرتَنِي أعمَي وَقَد کُنتُ بَصِيراً - قالَ کَذَلِکَ أتَتکَ آياتُنا فَنَسيتَها وَکَذلِکَ اليَومَ تُنسي » [2] .

يا محمد بن علي، قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم، ومن دينه جناح بعوضة أرجح منه. فأشهد اللَّه الذي لا إله إلا هو وکفي به شهيداً ورسوله محمداًصلي الله عليه وآله، وملائکته وأنبياءه وأولياءه عليهم السلام وأشهدک، وأشهد کل من سمع کتابي هذا أني بري ء إلي اللَّه وإلي رسوله ممن يقول إنّا نعلم الغيب [3] ونشارکه في ملکه أو يحلنا محلاً سوي المحل الذي رضيه لنا، وخلقنا له، أو يتعدي بنا عما قد فسرته لک وبينته في صدر کتابي.

وأشهدکم أن کل من نبرأ منه فإن اللَّه يبرأ منه وملائکته ورسله وأولياؤه، وجعلت هذا التوقيع الذي في هذا الکتاب أمانةً في عنقک، وعنق من سمعه أن لا يکتمه عن أحد من مواليّ وشيعتي حتي يظهر علي هذا التوقيع الکل من الموالي، لعل اللَّه عزّ وجلّ يتلافاهم فيرجعون الي دين اللَّه الحق، وينتهو عما لا يعلمون منتهي أمره، ولا مبلغ منتهاه. فکل من فهم کتابي ولا يرجع إلي ما قد أمرته ونهيته فقد حلت عليه اللعنة من اللَّه وممن ذکرت من عباده الصالحين» [4] .

وهناک توقيعات أخري کثيرة منها التوقيع الذي سنذکره في الجزء الثاني الخاص بأدعياء المهدوية والبابية عن الشلمغاني وأشباهه، مضافاً لروايته عن الإمام أبي محمد الحسن العسکري عليه السلام [5] .

استمرت نيابة الشيخ ابن روح للإمام المهدي من سنة (304 أو 305 ه ). لدي وفاة أبي جعفر العمري، رحمه الله، حتي وفاته في شعبان سنة (326 ه )؛ أي أکثر من عشرين سنة، هذا عدا السنين التي قضاها لصقاً للشيخ العمري رحمه الله.

وقد أوصي بأمر الإمام المهدي عليه السلام إلي النائب الرابع.


پاورقي

[1] النمل: 65.

[2] طه: 126 - 124.

[3] رأي العلماء أن المنفي من علم الغيب عن المخلوق هو علم الغيب الذاتي والمطلق، أما ما کان بأقدار من اللَّه أو بتعليم وما کان نسبياً فهو مما يکون للمخلوق، وذلک ثابت قرآناً بحکم قوله تعالي:«عالِمُ الغيبِ فلا يظهرُ علَي غَيبهِ أحَداً - إلاّ مَنِ ارتضَي من رسُول»(الجنّ: 26 و 27)، وقوله تعالي بلسان المسيح:«وأنَبّئکُم بما تأکُلُون وما تدّخرون في بيوتکم»(آل عمران: 49). وکإنباءات الخضر لموسي وغير ذلک. وکإخبارات الرسول صلي الله عليه وآله عن المهدي وأشراط الساعة، ولذلک قال الإمام علي عليه السلام للذي قال له حين أخبر عن بعض الأحداث: أتعلم الغيب؟ قال: لا، ولکنه تعلم من ذي علم. وقد أثبتت الدراسات البارسايکولوجية الموثقة - کما سيأتي - إخبارات غيبية نسبية صحيحة لذوي مواهب روحية من عامة الناس. فيکون نفي الإمام عليه السلام هنا ما أثبته الغلاة له من الاستقلال بالعلم، لا بتعليم من اللَّه.

[4] الطبرسي، الاحتجاج، ج 2، ص 288 و 289.

[5] محمد علي الأبطحي، تهذيب المقال: 410:2، ط 1.