بازگشت

النواب الاربعة في الغيبة الصغري


ومن الأدلة التي تثبت ولادته وحياته عليه السلام مع النواب والتي امتدت الي ما يقارب السبعين عاماً تقريباً وکانت حافلة بالنشاطات الاسلامية وکان عليه السلام يجيب فيها علي الاسئلة التي ترد عليه من مواليه وأتباعه بالإضافة الي حله للمشکلات التي تعترض حياتهم الفکرية أو الاجتماعية أو السياسية وقد اتسمت حياته فيها بجملة من المميزات تثبت ارتباط نوابه الأربعة بشخصه الشريف علي ما سنبينه في الفقرات التالية من البحث. ولا مجال للشک - لدي الأمة - في المکانة الرفيعة لهؤلاء النواب:

أولاً: لأنهم معروفون عندها علماً، وتُقيً، وورعاً، وأمانةً، وقرباً من أئمة أهل البيت عليهم السلام والنيابة الخاصة، ولا سيما عن الإمام المهدي عليه السلام إشارة واضحة إلي ذلک بحکم ما تقتضيه الظروف الخاصة التي حتمت غيبته من دقة في اختيار نائبه من کل ناحية بما فيها قدرته علي حفظ سرّ الإمام عليه السلام في جميع الأحوال المفترضة، وإمکانيته علي التعامل بالصورة التي يکون فيها - في هذا الغياب - وجهاً له.

وکان العلماء يدرکون تميزهم في هذه الصفة أو تلک دونهم، فحين سأل بعضهم الشيخ الجليل أبا سهل النوبختي، رحمه الله، کيف صار هذا الأمر إلي أبي القاسم الحسين بن روح دونک؟ أجابه: هم أعلم وما اختاروا، ولکن أنا رجل ألقي الخصوم واُناظرهم، ولو علمت بمکانه - کما علم أبو القاسم - وضغطتني الحجة(أو الحاجة)علي مکانه، لعلّي کنت أدل علي مکانه، وأبو القاسم لو کان الحجة تحت ذيله، وقرض بالمقاريض ما کشف الذيل عنه [1] .

ثانياً: ولأنهم کانوا موثقين من الأئمةعليهم السلام ومنصوصاً عليهم کوکلاء عنهم عليهم السلام، فالأول من هؤلاء النواب کان نائباً للإمام الجوادعليه السلام قبل أن يکون نائباً للمهدي عليه السلام - کما ذکر بعضهم - ثم الإمام الهادي عليه السلام والإمام الحسن العسکري عليه السلام، أما الثاني وهو ابن الأول ومشارکه في الوقت نفسه في هذه النيابة في حياة الإمام الحسن العسکري عليه السلام فقد کان مزکّيً من الإمام الحسن العسکري عليه السلام ومشاراً إليه من قبله علي أنه وکيل للإمام المهدي عليه السلام بعد ذلک، ثم نصبه الإمام المهدي عليه السلام عن طريق أبيه.

ووثّق الثالث ونصّب وکيلاً من قِبَل الإمام المهدي عليه السلام عن طريق الثاني. والرابع کذلک من قِبَله عليه السلام عن طريق الثالث.

ثالثاً: کانت أجوبة الإمام المهدي عليه السلام تصدر علي يد کل واحدٍ من هؤلاء النواب من الأول حتي الرابع بالخطّ نفسه المعروف للإمام المهدي عليه السلام - لدي بعض الأمة - من دون تغيير وبالدرجة نفسها من حيث الاسلوب والمضمون، وهي الآية - التي ذکرها بعضهم - وهو يشير الي وحدة الجهة التي يصدر عنها النواب کما سيأتي.

رابعاً: أظهر الإمام عليه السلام علي يد کل واحد منهم من الکرامات المعجزة ما أعطي دليلاً مضافاً علي حقيقة صلتهم به - فهي لهم بهذه الصلة لا غيرها - لذلک کانت إشارة له لا لهم مع مالهم من المحل العظيم، والمکانة المرموقة بهذه الکرامات وبغيرها.

وقد روي الشيخ الصدوق، رحمه الله، عدداً منها [2] ، وروي شيئاً من ذلک الشيخ الطوسي [3] .

قال الشيخ النعماني تلميذ الشيخ الکليني وکاتبه، وهو يتحدث عن الغيبة القصيرة في کتابه«الغيبة»الذي ألفه قبل سنة (336 ه )، کما تشير إلي ذلک مقدمته:

«کانت السفراء فيها بين الإمام عليه السلام وبين الخلق قياماً منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص والأعيان»الي أن يقول:«يخرج علي أيديهم الشفاء من العلم، وعويص الحکم والإجابة علي کل ما يُسأل عنه من المعضلات والمشکلات» [4] .


پاورقي

[1] الطوسي، الغيبة، ص 240.

[2] الصدوق، کمال الدين وتمام النعمة، ص 483 - 469.

[3] الطوسي، الغيبة، ص 223 - 221.

[4] الغيبة للنعماني، ص 91.