جذور الارهاب
وتشير الدراسة اءلي أن محاربة وقتل «الاجنبي» ـ أي غير اليهودي ـ عند بنياءسرائيل تعد من الفضائل حتي اءنهم يسامحون القاتل في هذه الحالة، وقد ورد فيالتلمود کذلک: «أن من يقتل مسيحياً أو وثنياً يکافأ بالخلود في الفردوس الاعلي»،ومن مظاهر الحرب من خلال العهد القديم الزعم بأن شمعون ولاوي ابنا يعقوب«أخذ کل واحد منهما سيفه وأتيا اءلي المدينة بأمن وقتلا کل ذکر بحد السيف» وتبعذلک سلب ونهب المدينة (سفر التکوين: 24/ 25 ـ 29).
ويصور سفر الخروج ـ في مواضع مختلفة ـ أعمال الرب تجاه الامم الاخري فهويقتل کل بکر في أرض مصر من الناس والبهائم (التکوين: 13/ 15) فهو رجلالحرب (التکوين: 15/3)، ويطرد الامم الاخري دون حل وسط من أمثال الکنعانيين الحثيين (التکوين: 23/2) تمهيداً لاءحلال بني اءسرائيل محلهم.
وترجع الدراسة أصول وجذور الاءرهاب لدي بني اءسرائيل وسفک الدماء اءلي ماورد في سفر العدد من وصف للشعب اليهودي «هو ذا شعب يقوم کلبؤة، ويرتفعکأسد لا ينام حتي يأکل فريسة، ويشرب دم قتلي» (22/24)، کما يصور سفرالتثنية الاءرهاب الفظيع للغاية لدي اليهود، فهو موجه لا للاءنسانية فحسب، بل لکلما هو علي وجه الارض: «اءلهکم يجعل خشيتکم ورعبکم علي کل الارض»(11/25).
وتلفت اءلي ما تميزت به حروب اليهود من أعمال عنف واءرهاب بشعة بقسوتهاووحشيتها في تاريخ البشرية جمعاء في مختلف العهود، منذ النصف الاول من القرنالثاني قبل الميلاد مع الاستعانة بما أورده المؤرخ اليهودي الشهير «فلافيوسيوسفوس» وهو اقدم مؤرخ يهودي عاش في القرن الميلادي الاول.
وترصد الدراسة طبيعة الحرب في عقيدة بني اءسرائيل ـ قديما وحديثا ـ فالحربعندهم عمل مقدس وقائد هذه الحرب في زعمهم هو «رب اءسرائيل» فهو «رجلحرب» و«رب الجنود» في حين آخر، و«اءله سلام» فکيف يتم التوفيق بين هذه المتناقضات!
وعلي عکس منهج اليهود في الحرب ـ استنادا اءلي العهد القديم المحرف ـ والذييقوم علي القسوة والهمجية والظلم أوردت الدراسة منهج الحرب في القرآن ـ وعمادهالعدل والرحمة ـ موضحة مفهوم الحرب وحکمة مشروعيتها وأنواعها وفرضيةالحرب، وتدرج التشريع في الحرب وشروط المحارب في الاءسلام في دراسة مقارنة بماجاء في العهد القديم.
کما القت الدراسة الضوء علي تعريف الغنيمة وبيان دليل مشروعيتها وکيفيةتقسيم الغنيمة وحکم أربعة اخماس الغنيمة وتقسيمها، وأحکام معاملة الاسري منحيث حکم قتل الاسري وحکم استرقاقهم والمن والفداء، وبيان المدي البعيد للشريعة الراحمة للاءسلام حتي في المعارک الحربية، وذلک علي عکس الطبيعةالعدوانية لبني اءسرائيل من خلال العهد القديم واستخدامهم لابشع وأفظع الوسائلالوحشية من العنف والاءرهاب المتأصل في دمائهم منذ أن وجدوا علي مسرح التاريخوحقدهم المتجذر دينياً وتاريخياً علي الفلسطينيين بصفة خاصة، وبقية الشعوبالاخري بوجه عام عن طريق الاحتلال والتوسع والسيطرة والاستيطان، أو سياسةالاعتماد علي الغير ـ اليونان والرومان قديماً وبريطانياً وأمريکا حديثا ـ والحربالجماعية أو الامة المسلحة، مع تحقيق الافکار التي يحتويها العهد القديم وبيان الحقائقالتي يکشفها القرآن الکريم علي ضوء مصداقيته الحقة تجاه ما يتصل بهذا الموضوعمن مصادر يهودية وخاصة التوراة والتلمود وبروتوکولات حکماء صهيون،وتکوين فکرة شاملة عميقة عن تأثير التعاليم الدينية اليهودية التوراتية والتلموديةفي تکوين العقيدة العسکرية الصهيونية.
واءذا کانت الدراسة قد اثبتت الجذور «النظرية» للاءرهاب الصهيوني من خلالنصوص التوراة ـ المحرفة ـ والتلمود فاءن الممارسة «العملية» لليهود علي مر التاريخوخاصة في العصر الحديث تنسجم مع معتقداتهم وتصوراتهم الشائهة، حيث يعتبرالعنف والارهاب رکيزة من اهم رکائز الفکر الصهيوني وأحد مقومات الايديولوجيةالصهيونية، فمنذ أن بدأت أفواج المهاجرين اليهود بالزحف اءلي فلسطين بدأ الصهاينةفي ممارسة الاءرهاب بشکل منظم ومدروس، فمارسوا القتل والتدمير ضد الشعبالفلسطيني لطرده من دياره واءحلال المهاجرين اليهود مکانه.
وقد مارس اليهود الارهاب من خلال منظمات اءرهابية مثل: «الهاجانا شتيرن،والارغون»، وغيرها ثم مارس الصهاينة بعد قيام «الکيان الصهيوني» کدولة منخلال أجهزة مخابرات الصهيونية المختلفة مثل: «الموساد، والشين بيت»، وغيرهابالاءضافة اءلي عمل المنظمات الصهيونية المتطرفة، والمستوطنين، فالصهاينة يجدون فيجميع صنوف الاءرهاب عملاً مشروعاً ـ استناداً اءلي کتبهم ـ لتحقيق أهدافهم، فيحين يعتبرون مقاومة الشعب الفلسطيني لهم والتي اقرتها کل الشرائع والمواثيقالدولية «اءرهاباً» يجب محاربته والقضاء عليه.
وبعد قيام الکيان الصهيوني عام 1948 أصبح الاءرهاب والقتل الجماعي «حرفةيهودية» يقوم بها عبدة «العجل» وقتلة الانبياء، فتم تنظيم هدم المنازل وتدمير القريوتشريد السکان ومصادرة أراضيهم لاءقامة المستوطنات الجديدة لليهود القادمينوأصبح هذا سياسة عامة للحکومة والجيش الصهيوني الذي ضم جميع العصاباتالصهيونية الاءجرامية التي ارتکبت أعمال القتل والتدمير والنهب قبل قيام الکيانالصهيوني وتحت حماية قوات الانتداب البريطاني.
وقد ارتکب الصهاينة خلال الحقبة ما بين 1948 ـ 1967 عدداً کبيراً منالاعمال الاءرهابية زاد عددها ـ في هذه الفترة فقط ـ عن 21 الف حادثة اءرهابيةحسب سجلات الامم المتحدة، أي بمعدل أکثر من ألف حادثة سنوياً أي نحو ثلاثحوادث يومياً.
ومن أخطر الاعمال الارهابية التي ارتکبها الصهاينة سواء أيام الانتدابالبريطاني أو بعد قيام الدولة الصهيونية في فلسطين هي المجازر والمذابح الجماعية ضدالمدنيين العزل لبث الرعب والخوف في نفوس السکان لاءجبارهم علي ترک أوطانهم،ويلاحظ أن هذا الاسلوب لم يتغير منذ ارتکاب أول مجزرة کبيرة في دير ياسين في6 /4/ 1948 تلک البلدة الواقعة علي مشارف «القدس الشريف»، والتي راحضحيتها 254 فلسطينياً معظمهم من النساء والاطفال والشيوخ، مروراً بمذبحة«صبرا وشاتيلا» في المخيمات الفلسطينية بجنوب لبنان حيث تم اءطلاق نيران المدافعالرشاشة الثقيلة والقذائف والقنابل وجري قصف مئات المنازل واستمرت المجزرة عليمدي أربعين ساعة متواصلة.
وقدر عدد الضحايا الذين سقطوا في أيام 16 و17 و18 من «ايلول» عام1982م بأکثر من 2000 ضحية انتهاءاً ـ وليس نهاية ـ بمذبحة الحرم الاءبراهيمي عام1994 حيث استشهد اکثر من 60 مصلياً في ساحة المسجد ومذبحة «قانا» بجنوبلبنان في نيسان / أبريل أيضاً عام 1996.
وأخيراً ـ وليس آخراً ـ السلسلة المتواصلة للمذابح الصهيونية ضد الشعبالفلسطيني الصابر في انتفاضته المبارکة الحالية والتي راح ضحيتها اکثر من 400 شهيدـ وما زالت قوافل الشهداء تتري ـ وعشرة آلاف مصاب ومعوق باستخدام قذائفالمدفعية والدبابات والطائرات کل هذا ضد المدنيين العزل، وصدق الله تعالي اءذايقول: (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ)[المائدة: 13].
هذه هي اسرائيل التي ظهرت ککائن تلمودي مخيف مثقل بعقد نفسية تجعلهمسخاً منسلخاً عن الطبيعة الانسانية وقيمها الاخلاقية النبيلة.