الشخصية الصهيونية
لعل أوضح وأعمق ما کتب عن الصهيونية قد جاء في المادة 22 من الميثاقالوطني الفلسطيني الذي يقول:
«ان الصهيونيَّة حرکة سياسية مرتبطة عضوياً بالامبريالية العالمية، ومعاديةلکلِّ الحرکات التحررية والتقدمية في العالم، وهذه الحرکة ذات ترکيبة عنصريةمتعصبة وأهداف عدوانيّة وتوسعية واستعمارية وأساليب فاشية ونازية.
اءن اسرائيل يد الحرکة الصهيونيّة وذراعها، وقاعدة بشرية وجغرافية
للامبرياليّة العالميَّة، ومحل تمرکز وانطلاق لها في قلب الوطن العربي، يستهدف القضاءعلي تطلعات الامة العربية في الحرية والوحدة والتقدم.
ان اسرائيل مصدر دائم لتهديد السلام في الشرق الاوسط والعالم برمّته، ولماکان تحرير فلسطين ينهي الوجود الصهيونيَّ والامبرياليّ، ويساهم في اءحلال السلامفي الشرق الاوسط، لذا فان الشعب الفلسطيني يتوقَّع من کل قوي التقدم والسلامويطلب اليها أن تقدّم ـ دون النظر الي القومية والمعتقدات ـ کلّ انواع العون والاسنادللکفاح العادل الذي يخوضه هذا الشعب من أجل تحرير وطنه).
يکفي أن نعرف أن اسرائيل بدأت نشاطها الذري بعيد الاعلان عن قيامهاوبدأت عزمها في انتاج القنبلة الذرية وها هي الان تمتلک أکثر من 300 رأس نوويموجهة الي نقاط محددة.
ان الوهم الصهيوني باقامة اسرائيل الکبري من «دلتا النيل الي نهر الفرات»يوجه الخطط الاسرائيلية کما ان انتخاب شارون لرئاسة الحکومة يکشف عن المخزونالدموي الفظيع لهذه الحرکة الهدّامة.
واليهودي التلمودي يعيش عقدة التفوق ويري نفسه وحده الجدير بالحياة فيالارض، ويبرر التلمود هذه الافضلية بقوله ان الله تجول في کل القري وعرض عليالشعوب التوراة فرفضها الا قوم اسرائيل.
والتلمود يردد اکثر من مرّة هذه المقولة: «کما ان العالم لا يمکن أن يعيش بلاهواء، فانه لا يمکن أن يعيش بدون اسرائيل».
وهذا يتضمن نزعة عنصرية موغلة وعقدة لا يمکن الخلاص منها.
فهم ابناء الله وهم شعب الله المختار فهم «عام عولام» أو الشعب الازلي و«عامنيصح» أو الشعب الابدي.
وفي تعبيراتهم الشعرية يرون ان الرب قد اتخذ امتهم عشيقة له، بل انه تزوجهازواجا أبديا، حتي انها اذا خانته ودنست شرف العلاقة التي بينها وبينه لم يطلقها کمايفعل أحقر مخلوق من البشر، ولکنه يکتفي بأن يغضب ثم يرضي، وان يعاقب ثميصفح. فهي الامة الحبيبة المعشوقة المدللة، التي تعلم مقدما ان الرب لن يجرؤ يوماما علي قتلها مهما أجرمت.
ويصف نبي اليهود هوشع هذا الموقف بقوله علي لسان الرب: «سأکشف الانعورتها علي مرأي من عشاقها، ولن ينقذها أحد من يدي. فأبطل کل افراحهاوأعيادها وغرر شهورها وسبوتها وکل حفلاتها، وأدمر کرمها وتينها؛ اذ قالت هوأجري جعله لي عشاقي، فأصيّر ذلک أجمة يأکلها وحش الصحرا، وأحاسبها عليايام الاصنام التي بخرت لها، وتزينت بأقراطها وحليها وانطلقت وراء عشاقهاونسيتني، يقول الرب. ثم انني اتملقها وآتي بها الي البرية، وأخاطب قلبها، وأعطيهاکرومها من هناک، مع وادي عکور، بابا للامل. فتغني هناک کما في أيام صباها، وفييوم صعودها من أرض مصر». (هوشع 2: 10 ـ 15). وتکثر في مثل هذا المعنيأقوال الانبياء والکهنة والشعراء والحالمين والصوفية علي مدي أجيال اسرائيل. ومنهنا لا يتردد اليهود في تسمية أنفسهم «شعب الله المختار». ويفسرون هذا الاختيارالالهي بأنه تفضيل للاقوي والاصلح، ويردونه الي ليلة المصارعة العجيبة التي أديفيها جدهم يعقوب ـ اسرائيل ـ امتحان القوة والصبر علي المکاره بنجاح باهر،ويرون ان هذا الاختيار قد تختفي دلائله عندما يضعف اليهود ويذلون، ولکنهميعودون الي الجبروت والسطوة من جديد»، لان الرب سيرحم يعقوب، ويعودفيصطفي اسرائيل، ويريحهم في أرضهم، وينضم الغريب اليهم، ويتصل ببيتيعقوب. وتأخذهم الشعوب وتحضرهم الي مکانهم فيمتلکهم بيت اسرائيل في أرضالرب عبيدا وجواري، فيأسرون الذين أسروهم، ويستولون علي من سخروهم».(اشعيا 14: 1، 2).
وواضح من مثل تلک النصوص ان اعتقاد اليهود في اختيار الرب لهم ليس مجردمفخرة يتشدقون بها، بل هو برنامج؛ فبهم يعاقب الله الامم الاخري، وهم الذينيبقون وحدهم في آخر الزمان، متسلطين علي رقاب العالم، وهم باختصار الذينيلعبون دور البطولة علي هذا المسرح الهائل، مسرح التاريخ، والامم الاخري ليستالا اشخاصا ثانوية خلقها الله لتکملة مشاهد هذه المسرحية الطويلة وحوادثها، علينحو تظل فيه البطولة لاسرائيل. ومن هنا تبرز خطورة النفسية الاسرائيلية علي أممالعالم، ويتضح مدي احتياجها لعلاج ناجع ـ لا بد أن يکون مرا ـ حتي تصحو منغرورها لتندمج في امم العالم.
والداء الذي نشير اليه مزمن عند القوم. ففي مصطلحاتهم نجدهم يسمونأنفسهم ايضا «الشعب الازلي ـ بالعبرية: عام عولام ـ کما يسمون أنفسهم «الشعبالابدي» بالعبرية: عام نيصح ـ وهکذا تطاولوا علي الرب ـ ولو مجازا ـ فتخيلوا انهميشارکونه في أزليته وأبديته، وانهم مثله لا أول لهم ولا آخر، ولا بداية ولا نهاية.وهو قول کبير، أحسّ بعض مفکريهم بفداحته، ففسروه علي أنهم من أقدم شعوبالعالم، وهو المقصود بالازلية، ومن أدوم شعوب العالم، وهو المقصود بالابدية. وهيدعوي خرافية حتي بعد هذا التخفيف الشديد، فاليهود کما يعلم الجميع ليسوا اقدممن الفراعنة، ولا من سومر وبابل وآشور، ولا من الهنود أو الصينيين، ولا منالعرب. وهم أيضا ليسوا أطول دواما من کثير من تلک الامم. وهم وراء ذلک کله:أمة لا حضارة لها.
ويطول بناء الحديث لو أننا اردنا تتبع کل آثار هذا الادب الفنائي عند اليهود.فأکثر سفر النبي حزقيال من قبيل هذه الرؤي النهائية الحتمية، تشب فيها حروب،تبدأ بتطهير المجتمع اليهودي نفسه من الدنس الذي کان قد غرق فيه الي الاذقان.وهو تطهير يتم بالحرب والحصار والموت. يسلط فيه الله غضبه علي اورشليموساکنيها «ثلث يموت بالوباء وبالجوع يهلکون في وسط المدينة، وثلث يسقطبالسيف من حولهم، وثلث يذريه الرب في کل ريح، ويرفع من ورائهم سيفا مسلولا»ـ (انظر حزقيال، الاصحاح الخمس). وبعد هذا التطهير يکون الشعب المختار ـ اومن بقي منه ـ قد اصبح جديرا بخوض المعرکة النهائية التي ينتصر فيها علي العالمويخضعه لارادته.
ويکمن الخطر في تلک الاوهام التي تتخذ شکل النبوءات وقد عشنا جميعاً دويالکتاب الذي ترجمه محمد خليفة التونسي «برتوکولات حکماء صهيون» والذيکشف عن وجود حکومة سرّية. هدفها السيطرة علي العالم وتسخيره للاطماعوالاوهام اليهودية المريضة وما تنطوي عليه من خطط تفوح برائحة الدم.
«من ذا، وماذا يستطيع ان يخلع قوة خفية عن عرشها؟ هذا هو بالضبط ماعليه حکومتنا الان. ان المحفل الماسوني المنتشر في کل انحاء العالم لا يعمل في غفلةکقناع لاغراضنا. ولکن الفائدة التي نحن دائبون علي تحقيقها من هذه القوة في خطةعملنا، وفي مرکز قيادتنا، ما تزال علي الدوام غير معروفة للعالم کثيرا.
يمکن الا يکون للحرية ضرر، وان تقوم في الحکومات والبلدان من غير انتکون ضارة بسعادة الناس، لو ان الحرية کانت مؤسسة علي العقيدة وخشية الله،وعلي الاخوة والانسانية، نقية من افکار المساواة التي هي مناقضة مباشرة لقوانينالخلق، والتي فرضت التسليم. ان الناس ـ محکومين بمثل هذا الايمان ـ سيکونونموضوعين تحت حماية کنائسهم (هيئاتهم الدينية)، وسيعيشون في هدوء واطمئنانوثقة، تحت ارشاد ائمتهم الروحيين، وسيخضعون لمشيئة الله علي الارض. وهذا هوالسبب الذي يحتم علينا أن ننتزع فکرة الله ذاتها من عقول المسيحيين، وأن نضع
مکانها عمليات حسابية وضرورية مادية. ثم، لکي نحول عقول المسيحيين عنسياستنا، سيکون حتما علينا أن نبقيهم منهمکين في الصناعة والتجارة، وهکذاستنصرف کل الامم الي مصالحها، ولن تفطن، في هذا الصراع العالمي، الي عدوهاالمشترک. ولکن لکي تزلزل الحرية حياة «الجوييم» الاجتماعية زلزالا، وتدمرهاتدميرا، يجب علينا أن نضع التجارة علي أساس المضاربة. وستکون نتيجة هذا أنخيرات الارض المستخلصة الاستثمار، لن تستقر في أيدي الامميين (غير اليهود)، بلستعبر خلال المضاربات الي خزائننا.
ان الصراع من أجل التفوق، والمضاربة في عالم الاعمال، سيخلقان مجتمعاأنانياً، غليظ القلب، منحل الاخلاق. هذا المجتمع سيصير منحلاً کل الانحلال،ومبغضا أيضاً للدين والسياسة، وستکون شهوة الذهب رائده الوحيد، وسيکافح هذا المجتمع من أجل الذهب، متخذاً اللذات المادية التي يستطيع أن يمده بها الذهب،مذهباً أصيلاً. وحينئذ ستنضم الينا الطبقات الوضيعة، ضد منافسينا الذين همالممتازون من الامميين، دون احتجاج بدافع نبيل، ولا رغبة في الثورات أيضاً، بلتنفيسا عن کراهيتهم المحضة للطبقات العليا.
بهذا ينتهي البروتوکول الرابع الذي يصف فن اليهود في انتهاز کل الفرص:الحرية والاستبداد، السلم والحرب، المادية والروحية، التقوي والالحاد، الاغنياءوالفقراء. کل ذلک يستغلونه لمصلحتهم هم بوصفهم شعب الله المختار، وبفضلحکومة سرية في أيام الشتات، قد لا تکون دائما الماسونية، أو قد تکون بجانبهاقوي رهيبة ظاهرة أو باطنة مثل القهيلة، أو السنهدرين، أو الرأسمالية اليهودية، أوالشيوعية اليهودية أيضاً، أو دولة الصحافة والاعلام والملاهي ـ وبخاصة السينما ـوکذلک الکتب التي تمجها المطابع بغزارة، لا للتثقيف ولکن لقتل الوقت والهابالنفوس بانفعالات مدمرة: جنسية وخرافية واجرامية، وما الي ذلک.