بازگشت

الانتظار السلبي


ليس هناک شک في أن مسألة غيبة الامام المهدي تفرز في بعض الظروف حالة

من الانتظار السلبي، وهذه الحالة لا ترتبط بجوهر المسألة وانما تحددها ظروف بيئيةوثقافية تفضي عادة الي الانتظار الذي يسلب الانسان ارادته وحقه في التغيير وبذلکيتعطل دور الايات القرآنية التي تخاطب الانسان وتطالبه بأداء دوره العبادي فيالارض، ومن التعسّف ان نعلّق حالة الانتظارالسلبي علي ظاهرة الانتظار بشکل لايترک قدراً من المسؤولية الاخلاقية للانسان نفسه.

ومن المؤسف أن نجعل هذه الحالة وليدة الايمان بالامام الغائب الذي يجعل المرءفي حالة انتظار سلبية ريثما يظهر الغائب.

ومع أن هذه الحالة قد ترکت آثاراً تاريخية طبعت مسار المؤمنين بالامام الغائببطابعها، وعطلت دورهم الاجتماعي والسياسي، ولکن هذه الظاهرة يجب أن تناقشفي اطار الفهم البشري الذي يخطيء ويصيب وينمو وينحسر متأثراً بالظروف العامة.

ومع أن نصوص الانتظار لا تحمل في طيّاتها هذا الاتجاه في التفسير السلبي.

کما ينطوي بعضها علي حالة اخبارية أي التنبوء بفشل واخفاق الحرکاتالتغييرية التي تسبق ظهور الامام الغائب، وهذا لا يعني بالضرورة ادانتها فأي ادانةمثلاً في هذا النص: «والله لا يخرج أحد منّا قبل خروج القائم، الاّ کان مثَله مثل فرخطار من وکره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به» فکم من النظرياتمن حلق في سماء الفکر والسياسة والادارة ثم هوي علي الارض صريعاً؟!

وهناک مساحة للعمل التغييري في اتجاه التمهيد لعملية التغيير الکبري المنتظرة

ونموذجاً علي ذلک ما قام به الامام الشهيد محمد باقر الصدر الذي ألّف في مسألةالمهدي بحثه الرائد، لم يفهم من الانتظار الجانب السلبي منه واقدم علي خطوةاستشهادية مستلهماً فيها ثقافة عاشوراء التي تخطط للاجيال والمستقبل.

وتزامنت خطوته مع ثورة الامام الخميني الذي يؤمن بالمهدي أعمق الايمان فلمتکن ولاية الفقيه سوي نيابة عن الامام الغائب في قيادة العمل التغييري نحو الامامباتجاه التکامل الانساني.

ومن هنا فان مسألة الانتظار في جوهرها تنطوي علي اشعاع أخلاقي ودوراجتماعي ايجابي يرشّد العمل التغييري ويدفعه باتجاه الهدف المنشود.