في ظروف سياسية وفکرية عاصفة منذ مصرع الخليفة المتوکل سنة 247 وحتيسنة 329ه وهي السنة التي شهدت فيها بغداد انقضاض الشهب منذ المساء وحتيمطلع الفجر واجتياح دجلة في فيضان مدمّر منازل بغداد التي اتسمت بالفوضيوغياب الاستقرار نجد حرکة هادئة تتسم بالثبات والتوازن والعمق هي حرکة المهديالتي مرّت بمراحل عديدة فقد کانت منذ تاريخ الرسالة المحمدية بشارة بشر بها النبيأمته، وظل الائمة من أهل البحث يتوارثون هذه البشارة حتي عصر الامام الهاديالذي أضاف الي البشارة اءجراءات عملية أشرنا اليها في ممارسته الاتصال من وراءحجاب (عبر الوکلاء) ومنحهم دوراً أکبر وتعزيز ثقة الناس بهم، وأيضاً شراء دارفخمة توفر أرضية مناسبة لاختفاء وحماية حفيده، وشراءه جارية تتوفر فيهامواصفات محددة ولتکون زوجة لنجله الحسن عليه السلام ثم دخلت حرکة المهدي مرحلةأخري من خلال ولادته في ظروف خطيرة ودخوله ضمير کثير من الافراد الواعينکحقيقة ساطعة، ثم مرحلة السفارة.

ونحن لا ننکر ظاهرة الحيرة التي وقعت للشيعة ابان وفاة الامام الحسن، ولکنمن يقرأ تفاصيل تلک الحقبة ينتهي الي تصوّر أن الحيرة کانت بمثابة سحابة صيفعابرة وأن حرکة المهدي واصلت مسارها بشکل هاديء رغم تقلبات الظروفوهناک بعدان رافقا حرکة المهدي في مراحلها کافة هي غيبته الطويلة وعالميته وهذاما يجعلنا نتفهم أسرار الغياب الطويل، فالعالم يتحرک نحو العالمية بخطي واسعة وهوأمر لم يکن مفهوماً آنذاک لکننا نجد حديث الارض التي تملا عدلاً وقسطاً بعد أن تملاظلماً وجوراً من أبرز الاحاديث التي ترتبط بالامام المهدي وتسمه بميسم ثابت.

ان حرکة أهل البيت بشکل عام هي حرکة مستقرّة في عمق التغيرّات الانسانيةبعيداً عن انفعالات السطح، فالعالم اشبه بالبحر المتلاطم الامواج فيما مياه الاعماقهادئة دائماً تغمرها سکينة وجلال.

ولعل في صمت الامام علي مدّة ربع قرن أکبر دليل علي هذه الحرکة الهادئة التيتنظر الي المديات البعيدة حيث يتطلع الانبياء.

فعلي بن أبي طالب هو من نهض بمسؤوليته مذ کان صبياً في العاشرة وخاضغمار الحروب والمقاومة حتي أصبحت للاسلام دولة فکان بطل الاسلام وسيفه الذيلا يقهر، لکننا نراه يلوذ بالصمت التام عندما ذرّت الاطماع رؤوسها والنفوسأطماعها في حطام الدنيا.