بازگشت

دار الامام


ونعبر هذا الحوار الي أول معلومة هامّة وردت في التاريخ حول الدار التي قطنهاالامام في سامراء.

فقد أورد الخطيب البغدادي في تاريخه وفي ترجمته لحياة الامام الهادي «أنهاشتراها من دليل بن يعقوب النصراني» ولم ينتقل منها وتوفي فيها ودفن.

ويورد التاريخ معلومة أخري هي أنه دفن في وسط الدار ودفن الي جانبه فيما بعدنجله الحسن ثم نرجس وحکيمة وزوجته التي هي جدّة الامام المهدي.

ومن المفيد أن نورد نصاً من کتاب رحلات السيد محسن الامين العاملي ما يعيننافي تصوّر عام لدار الامام:

«.. وسميت في أول الامر (سر من رأي) ثم خففت فقيل سامراء وتسمي أيضاً«العسکر» لاقامة عسکر المعتصم فيها، وفيها قبر الامام علي بن محمد الهادي وابنهالحسن بن علي العسکري. کان استدعاهما ملوک بني العباس اليها واجبراهما عليالاقامة فيها خوفاً منهما أن ينازعاهم في الخلافة لاعتقاد جمع من الناس بامامتهماوميل جميع الناس اليهما فماتا بها ودفنا في دارهما. وفيها قبرا حليمة أخت علي الهاديونرجس زوجة الحسن العسکري وأم المهدي وعلي الجميع قبة عظيمة کسيتبالذهب الاءيريز کأنها الجبل الشاهق. وفيها السرداب المسمي بسرداب الغيبة وهوسرداب الدار التي سکنها العسکريان عليهماالسلام وذلک ان اتخاذ السراديب أمر متعارف فيالعراق، يتقي به الائمة الحرّ في وقت الظهيرة ويقيمون فيه ذلک الوقت.

وکان له طريق تحت الارض من دار الاءمامين التي هي محل دفنهما وبقي هذاالطريق بعد دفنهما فيها فکان الزوار يخرجون من الحفرة الشريفة في ذلک الطريق حتييصلوا الي باب السرداب فيدخلوه، کما تدلّ علي ذلک بعض کتب المزارات، سدّ ذلکالطريق وفتح للسرداب باب ملاصق له، وصار يمشي اليه من الحضرة الشريفة عليوجه الارض.

والسرداب اظنه لفظ مرکب من «سرد» وهي بالفارسية بمعني بارد و «آب»بمعني ماء أي مبرد الماء».

فالمصادر التاريخة والجغرافية تؤکد أن قبور أهل الدار کانت في حجرة في الداروأن السرداب جزء من مرافق الدار.

وأنه بدأ الاهتمام بالدار کأثر مقدس بعد وفاة المعتضد (279 ـ 289) بل أنالاخير ورد اسمه في مدونات الامامية باعتباره الخليفة الوحيد الذي نظم حملتينللقبض علي الامام المهدي أو اغتياله.

وما يهمنا أن نعرف أن المسافة بين السرداب وضريح الامامين تقدّر (80 ـ90)م والمسافة يمکن قياسها بدقة.

وبناء علي فرضية أن السرداب أيضاً لا يوجد في الطرف القصي بل أن خرائطالقصور السامرائية تجعله في مکان علي محور وسط الدار.

وهنا نذکّر بالمعلومة التي وردت في کتب التاريخ حول «دليل بن يعقوب» الذياسند اليه المتوکل مشروعه الجبار في شق نهر من دجلة لمدينة المتوکلية شمال سامراءعلي مسافة أربعة أميال عربية (8 کم) تقريباً.

کما أن شق القنوات الجوفية (الکهاريز) من دجلة لتغذية القصور والمساجدبالمياه أمر يتفق عليه الجميع.

ونتصوّر من خلال دراسة بعض الروايات التي تصوّر الحفلات الصيفية التي تقامفي القصر السامرائي بهذه الهيئة.

ان الباب الرئيسة تفضي الي رواق وبهو واسع والي ستائر وحجرات فيمنعطفات موزعة بعدها يأتي مدرج يهبط الي باحة الدار حيث الحديقة وربما برکةمياه ومصطبة صخرية يجلس عليها أهل الدار.

وتکون الحديقة بمستوي أرضية السرداب تقريباً والسرداب يجهز في الغالب ب«کهريز» (خاص بالقصور الکبيرة) ولان صاحب دار الامام الاصلي هو دليل ابنيعقوب فمن المنطقي جداً وجود کهريز يدخل السرداب من خلال سدّاد متحکّم ثميفضي الماء بعد ذلک الي الحديقة.

ونحن نجد في ترجمة الامام الهادي أنه عنّف غلاماً لانه دفأ له ماء الوضوءوالرواية تورد في طياتها صعوبة في احضار الماء.

کما نجد في ترجمة معز الدولة البويهي انه استکمل بناء الحمداني ناصر الدولة فيعمارة القبة والسرداب وملا البئر التي کان العسکري يتوضأ بها أحياناً.

ومن المحتمل أن يکون البئر حوضاً صغيراً داخل السرداب يستمد مياهه منالقناة الجوفية.

فتقديرات أولية لمساحة الدار قد تصل به الي أکثر من 000/ 15م2.

ومع أن هذه الدار تعدّ من القصور ولکن السيرة الذاتية للامام والتي تؤکد زهدهوتسجل أحياناً خلو الحجرات حتي من البُسط والسجّاد تکاد تصرّح بأن الامام انمااشتري هذه الدار الفخمة جداً لاهداف تختلف تماماً عن غايات سکان القصور فماهي أهداف الامام؟

ولنسجل في هذه المناسبة ثلاث علامات تعزز الفکرة هي:

أولاً: أن الامام لم يتحول عنها برغبة منه أو استجابة لضغوط أخري، وما تزالکما هي الان باسم الامام بعد أن استحالت الي قباب ومنائر وآثار خالدة.

ثانياً: ان الامام قاوم بشکل يلفت النظر ضغوط المتوکل وتهديداته باخلاء الداروالانتقال الي المتوکلية، بل أن الامام لم يشرع ببناء داره الجديدة في المتوکلية بالرغممن تهديدات المتوکل التي توعدته بالقتل ومن المحتمل أن يکون تاريخ ذلک بين 245 ـ247ه أي منذ انتقال المتوکل الي قصره الجديد «الجعفري» والي مصرعه في الخامسمن شوال 247ه.

ثالثاً: أن الامام قاوم وبشدّة أيضاً ضغوط أحمد بن الخصيب رئيس الوزراء فيحکومة المستعين.

وقد قام الاتراک بطرده من رئاسة الوزراء ونفيه الي جزيرة کريت في البحرالابيض المتوسط واسناد المنصب الي ضابط ترکي هو «أوتامش» وذلک في سنة248ه وقبل أيام فقط من اقدام الخصيب علي تنفيذ تهديداته بشأن الدار واجبارالامام علي بيعها.

ونشير هنا الي أن مثل هکذا دار کبيرة ستکون جاهزة لاستحداث ممرات تحتالارض وانفاق.

وسنري الطبري عندما يؤرخ سنة 255ه وهي السنة التي شهدت الانقلابالعسکري علي الخليفة المعتز وهو ابن المتوکل من زوجته اليونانية «قبيحة» وعندماحوصرت قصور الخلافة وبالتحديد القصر التي تقطنه هذه المرأة الغامضة بغية القاءالقبض عليها ومصادرة کنوزها الاسطورية أنها افلتت من قبضة الجنود الاتراک عبرنفق تحت الارض يبدأ من غرفة نومها الي مکان خارج اسوار القصر بعيد عنالعيون.

وسوف نتوقف أيضاً لدي هذه النقطة عندما نستعرض بعض النقاط في حياةالامام الحسن العسکري.