کلمة المرکز
بين يديک ـ قارئي العزيز ـ کتاب الامام المهدي نظرة في التاريخ ورؤية للمستقبل وهو ـ کما بيدو من عنوانه ـ محاوله لدراسة موضوعة المهدي الموعود والاشارة اليموقعه علي خريطة الوجود الانساني.. وقد سعي الکاتب خلال فصول الکتاب، ونجحفي ذلک الي لفت نظر القاريء ألي أهمية المصلح الموعود الذي تنتظره البشرية، ليملاالارض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً مرجعاً في ذلک جذور التفکير المهدويالي عمق التاريخ البشري من خلال البشارات الاولي بظهور المصلح في الکتب السماويةالسابقة حيث عقد الکاتب فصلاً کاملاً للحديث عن هذا الموضوع وتطرق بالتفصيل لماورد في التوراة والانجيل من الاشارات والرموز المتعلقة بأهل البيت: وظهور الامامالمهدي. ويعتبر هذا التناول امتيازاً يسجل للکاتب أذ أبرز اهتماماً خاصاً بالنصوصالعبرية التي اعتبرها تتحدث عن شخص الامام محمد بن الحسن العسکري بوصفهالمهدي الموعود الذي سيظهر آخر الزمان وقرن بين العديد من هذه النصوص وما وردمن الاشارات في القرآن الکريم التي رأي فيها الکاتب أيضاً اشارة الي ظهور المهدي وقداقتطع للتدليل علي وجهة نظره نصوصاً کثيرة من الکتب السماوية السابقة بلغتهاالاصلية مع ترجماتها العربية.
کما سلط الکاتب الضوء علي الظروف السياسية والاجتماعية والعقائدية التيرافقت ولادة الامام المهدي في زمن الدولة العباسية وکذلک التطورات التي حصلت فيالدولة الرومانية وعلاقاتها مع الدولة العباسية تلک الفترة وقد رمي الکاتب من خلال ذلک الي الربط بين الاوضاع المضطربة التي عاشتها الدولة العباسية بسبب النزاعاتالتي أثارها القادة الاتراک المتنفذون وبين الظروف الصعبة التي أحاطت بالولادةالمبارکة للامام المهدي (عج) واضطراره عليه السلام الي الاختفأ والغيبة عن الانظار. کما أنهقصد من الحديث عن الدولة الرومانية وما عاشته من الاحداث الداخلية ابان تلک الفترة الي تقرير حقيقة تاريخية اشارت أليها الروايات والاخبار وهي ان السيدة نرجس والدةالامام المهدي کانت تنحدر في نسبها من الاسرة العمورية النبيلة الحاکمة في الدولةالرومانية انذاک. وقد وفق الکاتب الي حد بعيد في رسم صورة دقيقة وأمينة عن الظروف المحيطة بعصر الولادة والغيبة وما تخلل ذلک من ارهاصات وتداعيات جعلتمن ولادة الامام الحجة وتسنمه قيادة الامة الروحية ومن ثم غيبته امراً طبيعياً محتماًلا يمکن تجنبه أو انکاره.
ولا يملک القاريء وهو يتابع أحداث التاريخ الاسلامي وتحليل المؤلف لوقائع هذا التاريخ ومفرداته ألاّ أن يبدي اعجابه البالغ بالاسلوب الادبي المتدفق والحس الانسانيالرفيع الذي تنطق به عبارات الکتاب وکلماته ولا غرو فالکاتب روائي اسلامي معروفطالما رسم بريشته الصادقة احداث هذا التاريخ وصور بقلمه الامين سيرة شخصياتناالاسلامية الرائدة وما جري عليها من الاحداث ونهضت به من الادوار. ويلاحظ أن المؤلف حاول طيلة فصول الکتاب مخاطبة الحس الوجداني والفني لدي القاريءلاستيعاب الحقيقة المهدوية ولم يقصر کتابه علي المناقشات العقلية وحدها لتقريرهذه الحقيقة.
لقد مزج الکاتب بين المنهجين بنجاح يدعو للاعجاب في الفصل الاخير من الکتاب والمعنون بـ «عالم الغد» حيث عرض تحليله للظروف الاستثنائية التي تعيشها البشريةاليوم مشيراً الي الظلم الذي تمارسه القوي المهيمنة علي مقدرات الانسانية والدورالقذر الذي تقوم به الصهيونية لتکريس السيادة اليهودية علي العالم والتحکم بمصيرالانسان في الارض.
ليخلص بعد هذا کله الي النتيجة التي قصدها من بحوث الکتاب وهي انه لابد للعالم من مصلح يطفيء ظمأ البشرية المحرق للعدالة ويجسد کلمة الله سبحانه(وَلَقَدْ کَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّکْرِ أَنَّ الاْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).
مرکز الغدير للدراسات الاسلامية