بازگشت

موقف الناس من الإمام


هل کل المؤمنين بالإمام المهدي عليه السلام في هذا اليوم سيؤمنون به حين خروجه؟

قد يکون هذا السؤال غريباً، فکيف لا يؤمن بالإمام من کان بانتظار ظهوره وخروجه؟.

والجواب: إذا طالعنا الروايات التي تتحدث عن نهضة الإمام نجد أنها تتحدث عن خروج مجموعة کبيرة ممن يعتبرون أنفسهم من الموالين التابعين لمنهج الرسول وآله الأطهار، علي الإمام المهدي عليه السلام حين قيامه وخروجه حيث يتهمونه بالکذب والسحر، ويقولون له: يابن فاطمة ارجع من حيث أتيت فلا حاجة لنا فيک. فيجرد الإمام سيفه ويحمل عليهم ويبيدهم عن بکرة أبيهم.

کما وأن هناک طائفة من الروايات تتحدث عن خروج بعض أدعياء العلم علي الإمام، حيث يکونون من ألدّ أعدائه ويفتون بقتله والبراءة منه، فيقفون في وجه الإمام رغم مشاهدتهم لمعاجزه وکراماته وبيِّنات إمامته فيفترون عليه ويکذبونه فيبدأ الإمام بهم أولاً قبل الآخرين کما تقول الأخبار: - يبدأ بقريش فلا يعطيهم إلاّ السيف ولا يأخذ منهم إلاّ السيف-.

وهنا نتساءل لماذا هذه الحملات العشوائية علي الإمام، فهل هناک عداوات قديمة أم هناک أهواء وأطماع ومصالح أضحوا محرومين منها بسبب خروج الإمام مما يدفع بهم إلي القيام ضد الإمام وتکذيبه؟

ليس الأمر واضحاً، إلا أن هذا لا يعني أن کل المنتظرين للإمام يقفون ضده عليه السلام بل هناک قسم کبير من السادة والعلماء والفقهاء وعدد غفير من الموالين والمحبين يساندون الإمام عليه السلام ويدعمون موقفه ويکونون من أفضل أنصاره وأتباعه ومن أحسن المجاهدين بين يديه في قبال تلک المجموعة التي تدعي محبة أهل البيت والولاء لهم ولکنهم يقفون ضده ويؤذونه بشدة بحيث يلاقي الإمام منهم ومن غيرهم الأذي أکثر مما لقي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من قومه حين الإعلان عن رسالته السماوية وذلک بما يؤولون علي الإمام أمر الله وکتابه.

ولکن نتساءل هل يعقل أن يحدث ذلک؟

أجل إذا راجعنا التأريخ إبّان الدعوة المحمدية، نلاحظ أن قريش کانت ترفع راية العداء والمخاصمة ضد الرسول الأکرم، في حين کان من المفروض أن يکونوا أول المؤمنين به لأن الرسول کان منهم ومن نفس العشيرة إلا أنهم کفروا به وکذبوه بل کانوا من أشد المستهزئين به والمنکرين لدعوته والمفترين عليه بالکذب والسحر، وکان ما کان من أمر أحد أقرباء الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، حيث نزلت في تقبيح أفعاله سورة کاملة بقول الله تعالي: (تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَي عَنْهُ مَالُهُ وَمَا کَسَبَ سَيَصْلَي نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) .

وإذا تصفحنا أوراق التاريخ لشاهدنا أن بعض الذين خرجوا لقتال الإمام الحسين عليه السلام في کربلاء کانوا من المتجاهرين بمحبته ومن الذين أرسلوا الرسائل إلي الإمام قائلين له أقبل إلينا يابن فاطمة فإنما تقدم لک علي جنود مجنّدة.

وکأن التأريخ يعيد نفسه من جديد وهذه المرة مع الإمام الحجة فالبعض ممن يکفرون بالإمام حين خروجه هم ممن کانوا ينتظرون قدومه من الذين کان متوقعاً أن يکونوا أول المدافعين عنه إلا أنهم يکونون أول المستهزئين به حين يدعوهم إلي الإيمان. ومما يحز في النفس أن يجد المرء هذا الموقف المخزي من هؤلاء ضد الإمام عليه السلام، بينما تجد أن من الناس الذين لا يعرف عنهم اليوم انهم من الموالين والمنتظرين يؤمنون به ومن عبدة الشمس والقمر يُسلِمون له حيث تصرح الروايات قائلة عن أبي عبد الله عليه السلام يقول - إذا خرج القائم عليه السلام خرج من هذا الأمر من کان يُري أنه من أهله ودخل فيه شبه عبدة الشمس والقمر-.

أجل فکما آمن بالرسول أهل المدينة ودافعوا عنه ونصروه رغم أنهم لم يکونوا من أقربائه کذلک يؤمن بالإمام المهدي شبه عبدة الشمس والقمر.

ومثلما آمن بالإمام الحسين عليه السلام زهير بن القين وکان عثماني المذهب، ووهب وکان نصرانياً، والحر وکان من قادة الجيش المعادي، ودافعوا عنه حتي الشهادة. کذلک يؤمن بالإمام المهدي أناس من طوائف شتي بل وحتي ممن هم اليوم من الکفار والمشرکين والمثل المعروف يقول: (ما عشت أراک الدهر عجباً).

إن هذا لا يعني بالطبع أن کل المنتظرين لا يؤمنون بالإمام المهدي(عج) وإنما تکون هناک مجموعات وفئات يدّعون الولاء لأهل البيت ولکنهم أبعد ما يکونون من الرسول وأهل بيته، فإن التظاهر بالولاء ليس دليلاً علي حقيقة الإيمان بالرسول وأهل بيته، وإنما يجب أن يترجم إلي واقع عملي ليکون مصداقاً واقعياً في الإيمان بالرسول وأهل بيته وإلا فهو نفاق وفسوق وکثير من الناس تظهر حقائقهم عند مجيئ الإمام الحجة حيث انه أکبر امتحان للمدّعين بالانتظار والولاء لأهل

البيت عليهما السلام.

وقد يکون قسم کبير من هؤلاء هم ذراري بني أمية وأبناء أبي سفيان وآل زياد وآل مروان وهؤلاء في الحقيقة من أعداء الإمام الحجة حين خروجه ولذلک تبرز وتظهر مکامن حقائقهم فيعادون الإمام فيحاربهم الإمام الحجة ويبدأ بقتلهم والانتقام منهم ولا يشفع لهم التستر والتظاهر بالولاء لأهل البيت لأن الإمام الحجة عجّل الله فروجه يتعامل معهم وفق واقعهم وحقائقهم لا حسب إدعاءاتهم. وقد يکون کثير من أبناء بني أمية لا يعرفون نسبهم بسبب إخفاء آبائهم لنسبهم لأبي سفيان وبني أمية خوفاً من الانتقام منهم لما ارتکبوه من جرائم وحشية بحق آل الرسول الأکرم ولذا عشعشوا وتکاثروا في المجتمع دون أن تعرف أنسابهم الحقيقية ولکن روح المنابذة والمخالفة لآل الرسول الأکرم يعشعش في قلوبهم وضمائرهم وتبرز هذه الأحقاد والضغائن فيهم عندما ينهض الإمام الحجة عليه السلام فيکفرون به تحت عناوين کاذبة وهم قد کفروا أول مرة به في عالم الذر ولذا فإن الموالين المنتظرين حين خروج الإمام يميزون وينقسمون فمن سبقت له العناية الإلهية من قبل يؤمن بالإمام عليه السلام ومن کان في قلبه ذرة من الحقد والحسد والکبر يکون من الکافرين به وإن ادعي الولاء لآل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم.

يقول الإمام الصادق عليه السلام: -... وکذلک القائم فإنّه تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ويصفو الإيمان من الکدر بارتداد کل من کانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشي عليهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف والتمکين والأمر المنتشر في عهد

القائم عليه السلام -.

إذن فليس کل من ادعي الولاء والانتظار بخير، کما لا يمکن لأحد أن يجزم بأن کل طائفة من البشر أو أي فرد لا يعرف عنه اليوم الإيمان والولاء وادعاء الانتظار سيختم لهم بسوء المصير عند خروج القائم عجل الله فرجه، وساعة الخروج للإمام المهدي هي ساعة الامتحان الحقيقي للناس فمنهم من يؤمن ومنهم من يکفر ومن کفر فإنما يکفر بقيمه ومبادئه ومن ضل فإنما يضل علي نفسه، وقديماً قيل: عند الامتحان يکرم المرء أو يهان.