بازگشت

الامام والعودة إلي الأصالة


بماذا يدعو الإمام؟

هل يدعو إلي دين الإسلام، أم إلي دين آخر؟

وما هو الأمر الجديد عند الإمام، وما هي رسالته للعالمية؟ وهل يدعو عند قيامه بدين غير دين جده المصطفي؟

لا شک أنه عجل الله فرجه لا يدعو إلاّ إلي الإسلام، وهو هادٍ أمين في دعوته للعمل بالقرآن والسنة النبوية وتطبيقها بشکل کامل، والله سبحانه يقول: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) ، وإذا کانت دعوته إلي الإسلام، فلماذا إذن جاء في بعض أحاديث أهل البيت عليهما السلام أن القائم عجل الله فرجه يدعو إلي أمر جديد، وسنّة جديدة وقضاء جديد، وکتاب جديد وسلطان جديد؟

وهذا ما تصرح به الروايات والأحاديث التي نذکر بعضاً منها کالتالي:

1- عن الإمام الباقر عليه السلام: - إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلي أمر جديد کما دعا إليه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً کما بدأ فطوبي للغرباء-.

2- وعنه أيضاً عليه السلام: - يهدم ما قبله کما صنع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ويستأنف الإسلام جديداً-.

3- وعنه أيضاً عليه السلام: -... فو الله لکأني أنظر إليه بين الرکن والمقام يبايع الناس بأمرٍ جديد، وکتاب جديد، وسلطان جديد من السماء...-.

4- وعنه أيضاً عليه السلام: -... إذا خرج يقوم بأمرٍ جديد وکتاب جديد وسنّة جديدة وقضاء جديد...-.

5- وعن الإمام الصادق عليه السلام: - إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلي الإسلام جديداً وهداهم إلي أمر قد دُثِرَ فَضُلَّ عنه الجمهور...-.

6- وعنه أيضاً عليه السلام: - الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً کما بدأ... يستأنف الداعي منّا دعاءاً جديداً کما دعا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم -.

إن هذه الروايات وأمثالها، تثير سؤالاً هاماً ألا وهو: هل إن الدين الذي يدعو إليه الإمام المهدي عجل الله فرجه ويطبقه، يختلف عن الإسلام المعروف لدينا والموجود حالياً في أيدينا؟ فإذا لم يکن يختلف عنه فإن دعوته إذاً ليست دعوة جديدة، وليست أمراً جديداً، ودعاءً جديداً، واستئنافاً جديداً، وکتاباً جديداً... کما تشير إليه الأحاديث السابقة.

مما لا شک فيه ولا ريب إن الإمام المهدي عليه السلام يدعو إلي الإسلام والقرآن والسنة المحمدية السامية، ولکن دعوته إلي الإسلام الحقيقي والقرآن والسنة الصحيحة، بيد أن هذا الأمر يثير السؤال الثاني: هل الدين المتداول عند الناس في الوقت الراهن هو نفس الدين الإسلامي الذي جاء به الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم؟

إن الجواب يتضح جلياً علي ضوء الأحاديث السالفة عن أهل البيت عليهما السلام إن الدين الإسلامي المعروف عندنا قد شوهت الکثير من معالمه طوال القرون الماضية بأفکار وآراء واجتهادات العلماء وبنظريات الفلاسفة والمتکلمين والمناطقة، بل إن الدين أضحي خليطاً بالأستحسانات والظنون، وأجري البعض الآخر القياسات فيه والمصالح المرسلة والذرائع وأدخل البعض آرائه وأفکاره و...، لدرجة اختلط معها الحابل بالنابل، والحق بالباطل والغث بالسمين، وامتزجت الأفکار والآراء بدساتير السماء، والبلية الأعظم من هذا کله حينما بدأ التلاعب بهذا الدين من قبل المنافقين المتربصين وعلماء السوء من وعاظ السلاطين وحواشيهم.. ففسروا الدين السماوي بما اقتضت مصالحهم وفق مطامعهم وأهوائهم، وشکَّلوا فرق التزوير والکذب والاحتيال والتأويل، لوضع الأحاديث عن لسان الرسول الأمين، وحرّفوا الکلم عن مواضعه وبدلوا الحقائق بالأباطيل والنصوص بالأقاويل، وأقاموا البدع وأماتوا الکتاب والسنّة بعطفهم الهدي علي الهوي والقرآن علي الرأي، فأخرجوا للناس ديناً محرفاً باسم الإسلام.

لذا، فحينما يقوم الإمام المهدي عجل الله فرجه فإنه يأتي بالإسلام المحمدي الأصيل الخالي من الشوائب والدخائل... يهدم ما قبله من التقاليد والممارسات ويدعو إلي أمر جديد تماماً کجده الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم،وأنه يهدم ما کان قبله من العادات الدخيلة علي الدين ويستأنف الإسلام جديداً ويکون بذلک کأنّه قد أتي بدين جديد يختلف کثيراً عما هو اليوم في أيدي الناس، ولعل الإشارات في بعض الأحاديث الشريفة تعطينا ملامح واضحة عن هذا الأمر وترفع الغموض واللبس وتبين هذه الحقيقة.

7- عن الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم: - سيأتي علي أمتي زمان لا يبقي من القرآن إلاّ رسمه ولا من الإسلام إلاّ اسمه، يُسمّون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدي، فقهاء ذلک الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود-.

8- وعن الإمام الصادق عليه السلام: -... ولو قد قام قائمنا وتکلم متکلمنا ثم استأنف بکم تعليم القرآن وشرائع الدين والأحکام والفرائض کما أنزله الله علي محمد صلي الله عليه و آله و سلم لأنکر أهل البصائر فيکم ذلک اليوم إنکاراً شديداً ثم لم تستقيموا علي دين الله وطريقه إلاّ من تحت حدّ السيف فوق رقابکم..-.

9- عن أمير المؤمنين عليه السلام: - کأني أنظر إلي شعيتنا بمسجد الکوفة قد ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن کما أُنزل. أما إن قائمنا إذا قام کسره وسوّي قبلته-.

ولعل ذلک يکون في تبيان التفسير الحقيقي لآيات القرآن وأحکامه وتعاليمه غير ما هو متداول الآن في أيدينا، خاصة وأن الأحاديث توضح إن الإمام المهدي عليه السلام يعطف الرأي علي القرآن بخلاف ما يفعل اليوم الکثيرون من عطفهم القرآن علي الرأي، کما بينه الحديث الشريف. فالإمام يقوم بعملية تصحيح للمفاهيم والأفکار بحيث لو طرحت اليوم للناس لأعتبروها أنها خاطئة وغير شرعية، لکنها في الحقيقة هي عين السنّة الصحيحة ولکن الناس لم يألفوها لأن السنّة قد أميتت وعُمل بالبدع علي مدي العصور الماضية.

10- ولأن الابتعاد عن الإسلام الحقيقي، ولبسه بالآراء والأهواء أماتة للکتاب والسنة، فان جهود الإمام عليه السلام تنصبّ علي إزالة البدعة وإحياء الکتاب والسنّة، وهو يلاقي بذلک أذيً شديداً في الجاهلية الثانية في العصر الراهن أکثر مما لاقي جده المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم في الجاهلية الأولي، حيث قال صلي الله عليه و آله و سلم: - بعثت بين جاهليتين لأخراهما شرٌ من أولاهما-.

11- عن الإمام الباقر عليه السلام: - إن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، وأکثر-.

12- وعنه أيضاً عليه السلام: -... إن الدنيا لا تذهب حتي يبعث الله عز وجل رجلاً منّا أهل البيت يعمل بکتاب الله لا يري فيکم منکراً إلاّ أنکره-.

13- عن الإمام الباقر عليه السلام قال في سيرة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم: -... أبطل ما کان في الجاهلية واستقبل الناس بالعدل، وکذلک القائم عليه السلام إذا قام يُبطل ما کان في الهدنة مما کان في أيدي الناس ويستقبل بهم العدل-.

14- عن الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم: -... يقاتل علي سنتي کما قاتلت انا علي الوحي-.

15- عن الإمام الباقر عليه السلام: - إن العلم بکتاب الله عز وجل وسنّة نبيّه صلي الله عليه و آله و سلم، لتنبت في قلب مهدينا کما ينبت الزرع علي أحسن نباته...-.

16- عن أمير المؤمنين عليه السلام: - يعطف الهوي علي الهدي إذا عطفوا الهدي علي الهوي ويعطف الرأي علي القرآن إذا عطفوا القرآن علي الرأي...حتي تقوم الحرب بکم علي ساق بادياً نواجذها مملوءة أخلافها حلواً رضاعها علقماً عاقبتها ألا وفي غدٍ -وسيأتي غد بما لا تعرفون- يأخذ الوالي من غيرها عمالها علي مساوئ أعمالها وتخرج له الأرض أفاليذ کبدها وتلقي إليه سلماً مقاليدها، فيريکم کيف السيرة ويحيي ميت الکتاب والسنّة-. فأحکام القرآن ودساتيره وقيم القرآن ومفاهيمه التي تُرکت وأضحت ميتة بين الناس وهکذا السنة النبوية التي تغيرت أو تُرکت وأضمحلت بين البدع والأهواء يأتي الإمام ليحييها من جديد لأن الهدي هو اتباع أمر الله لا أمر الهوي والرأي،کما قال الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم: -... يا علي إن الهدي هو اتباع أمر الله دون الهوي والرأي، وکأنک بقوم قد تأولوا القرآن وأخذوا بالشبهات واستحلوا الخمر بالنبيذ والبَخَس بالزکاة والسحت بالهدية... هم أهل فتنة يعمهون فيها حتي يدرکهم العدل. فقلت: يا رسول الله العدل منّا أم من غيرنا؟ فقال: بل منّا، بنا يفتح الله وبنا يختم الله...-.

وکذلک يبين أمير المؤمنين عليه السلام، أيضاً ما هي السنّة الصحيحة قائلاً: -...وأما أهل السنّة فالمتمسکون بما سنّه الله ورسوله، لا العاملون برأيهم وأهوائهم وإن کثروا-.

لذا فعندما يدعو الإمام المهدي عجل الله فرجه إلي کتاب الله وسنّة رسوله ويبدأ بتعليم القرآن وشرائع الدين والأحکام والفرائض کما أنزلها الله، فإنه يُواجَه بالإنکار والمعارضة الشديدة، وخاصة من علماء السوء وأتباعهم ممن يخلطون الباطل بالحق والرأي بالقرآن والهوي بالهدي، لذلک لا يروق لهم دعوة الإمام إلي الإسلام الأصيل، حيث تکون هذه الدعوة أمراً جديداً، وکتاباً جديداً، واستئنافاً جديداً للإسلام کما قال أهل البيت عليهما السلام. وهذه الدعوة الأصيلة الناصعة تخالف في جوانب کثيرة مظاهر الإسلام الفارغة من محتواه الذي عليه الناس في الوقت الراهن الذي لا يتفق مع روح الإسلام الأصيل الذي قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فيما سبق أنه لا يبقي منه إلاّ اسمه، وذلک القرآن الذي لا يبقي منه إلاّ رسمه.

17- عن الإمام الصادق عليه السلام: -... ولوقد قام قائمنا وتکلم متکلمنا ثم استأنف بکم تعليم القرآن وشرائع الدين والأحکام والفرائض کما أنزله الله علي محمد صلي الله عليه و آله و سلم، لأنکر أهل البصائر فيکم ذلک اليوم إنکاراً شديداً، ثم لم تستقيموا علي دين الله وطريقه إلاّ من تحت حدّ السيف فوق رقابکم. ان الناس بعد نبي الله عليه السلام رَکِبَ الله به (بهم) سنّة من کان قبلکم فغيروا وبدّلوا وحرّفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه، فما من شيء عليه الناس اليوم إلاّ وهو منحرف عمّا نزل به الوحي من عند الله، فأجب رحمک الله من حيث تدعي إلي حيث تُدعي حتي يأتي من يستأنف بکم دين الله استينافاً...-.

وقد يکون السبب الحقيقي کما تشير الأحاديث من أن علماء السوء وأتباعهم الذين لا يروق لهم هذا الدين الإسلامي الأصيل فيعارضون الإمام عليه السلام أشد المعارضة فيتأوّلون عليه کتاب الله، وکأنهم أعلم من الإمام عليه السلام بالقرآن. فالناس (کلهم يتأول عليه کتاب الله يحتج عليه به)! وذلک لأنهم يعتبرون الإمام المهدي عليه السلام شخصاً لا علم له بالتأويل وتفسير القرآن، جاهلاً بما عندهم من أفکار فلسفية دخيلة وقياسات المناطقة وآراء وعقليات علمائهم الأقدمون الذين نسجوا من أفکارهم وآرائهم مفاهيم ونظريات حملّوها علي القرآن الحکيم وروايات الرسول الأکرم وأهل بيته الطاهرين، وعطفوا الهدي علي أهوائهم فسقطوا في حبائل هذه الأفکار وقياسات هذه المفاهيم حتي آخر لحظة من حياتهم، فلم يستطيعوا الخروج منها إلي روح الإيمان واليقين والمعرفة والتسليم، فماتوا خنقاً بنسيج أفکارهم تماماً کما تموت دودة القز بنسيج خيوطها.

وهکذا لم يتمکن هؤلاء من الخروج من قوقعة القياسات المنطقية الزائفة التي اعتبرت عقلية بزعمهم، وکسر طوق القدسية لآراء وأفکار علمائهم السالفين فأولوا القرآن بآرائهم وساروا بسنّة السالفين منهم بدلاً من سنّة الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم وأهل بيته الأطهار، حتي أصبح الإسلام الحقيقي الأصيل غريباً ودين الله وحيداً فريداً والقرآن مهجوراً، إلي درجة أصبح بنظرهم -ومع الأسف الشديد- المفسر للقرآن والمتدبر فيه رجلاً سطحياً بينما يُعدّ باحث آراء وأفکار الأصوليين والفلاسفة عالماً نحريراً ومحققاً کبيراً في معرفة وقائع العلوم وکشف حقائق الأمور. ومن هنا أضحي الإسلام والقرآن غريباً کما وصف رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذلک قائلاً: - بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً کما بدأ فطوبي للغرباء-. ولمّا سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن معني ذلک قال: - إذا قام القائم عليه السلام استأنف دعاءً جديداً کما دعا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم -.

فالإسلام عند هؤلاء المتأولين علي القائم عجل الله فرجه، هو الذي يحمل في طياته أفکار وعقائد الفلاسفة، أو آراء واجتهادات السلف، لذا فليس غريباً أن يهب الکثير منهم ضد الإمام المهدي عليه السلام عندما يأتي بدين الله الأصيل، ويدعو مجدداً للإسلام الناصع کما أُنزل علي قلب جده المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم. بيد إن ما يواجه الإمام عجل الله فرجه من هذه الفئات المفتونة التي أحدثت البدع والضلالات وأبعدت الأمة عن روح الإيمان والإسلام أکثر وأشد مما واجه رسول الله من جهال الجاهلية الأولي بصريح کلام الإمام. هذه الرواية في منتهي الخطورة في التصريح عن الانحراف الذي حدث في دين الإسلام منذ عهد الإمام الصادق عليه السلام فکيف يکون حال هذا الدين منذ ذلک العهد إلي هذا اليوم وقد لعبت به الاجتهادات والآراء حتي انکفأ الإسلام کما ينکفأ الإناء؟

18- عن الإمام الصادق عليه السلام: حيث قال: - إن قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشد ممّا استقبله رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من جهّال الجاهلية... إن رسول الله صلي عليه وآله أتي النّاس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخُشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتي الناس وکلهم يتأول عليه کتاب الله يحتج عليه به. أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم کما يدخل الحرّ والقرّ- وفي رواية أخري: -.. وإن القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه کتاب الله ويقاتلونه عليه-.

وأمام هذه الفئات الضالة کيف يتصرف الإمام، هل يسکت ويقف متفرجاً أم يجب عليه ان يهدي الناس ويقيم الحق والعدل وإن توقف الأمر علي أن يقاتلهم ويواجههم بقوة الحق والسيف؟

19- عن الإمام الباقر عليه السلام: -... إن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سار في أمته بالمن، کان يتألف الناس والقائم يسير بالقتل، بذلک أمر في الکتاب الذي معه أن يسير بالقتل، ولا يستتيب أحداً، ويل لمن ناواه-.

20- عن الإمام الباقر عليه السلام: - لو قد قام قائمنا بدأ بالذين ينتحلون حبّنا فيضرب أعناقهم-.

21- وعن الإمام الصادق عليه السلام: - لو قام قائمنا بدأ بکذابي الشيعة فقتلهم-.

إذن سيقوم الإمام المهدي عليه السلام بالدعوة إلي أمر جديد ويستأنف دعاءً جديداً - مثلما تذکر الروايات الشريفة- مثلما دعا جده الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم أي أنه عجل الله فرجه سيدعو إلي الإسلام جديداً وکأنه يعيد الإسلام الحقيقي إلي الحياة ثانية، هذا الإسلامي الذي لم يبق لدينا منه إلاّ اسمه، ويحيي ميت الکتاب والسنّة، ويزيل الفتنة والبدعة التي حلت محلهما عبر الأجيال والعصور وهو بذلک عليه السلام يهدي الناس إلي أمر مخبوء تحت تراکمات القرون والسنين ويزيل البدع والآراء والأهواء ويبين التحريف والتضليل الذي جري علي الدين الإسلامي، فضل الناس عن تلک الجوهرة المدثورة وهي جوهرة الإسلام النقي الأصيل کما أنزل علي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم.

22- عن الإمام الصادق عليه السلام: - إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلي الإسلام جديداً وهداهم إلي أمر قد دُثِر فضلّ عنه الجمهور، وإنما سمي القائم مهدياً لأنه يهدي إلي أمر مضلول عنه، وسمي القائم لقيامه بالحق-.

علي ضوء هذه الأحاديث والبيانات الصادرة عن أهل البيت يتضح واجبنا في ذلک العصر، فليس لنا إلاّ اتباع منهج الإمام عليه السلام، ودعوته حين قيامه ونهضته ونترک ما تعودنا عليه إذا خالفنا فيه الإمام عليه السلام، لأن الهدي معه والحق مع أقواله وأفعاله يدور معه حيثما دار، فهو الهادي والمرشد إلي الدين الحقيقي الذي أنزل علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فأهل البيت أدري بما في البيت وأعلم بحدود الله من غيرهم. ولابد من ضرب کل الآراء الخاطئة التي اعتبرناها إسلامية وهي ليست کذلک، لابد من ضربها عرض الحائط والتمسک بالدين الإسلامي الأصيل الذي يأتي به الإمام المهدي المنتظر عليه السلام من قبل رب العالمين.

أما التشبث بالأفکار والرؤي الخاطئة عن الإسلام في قبال دعوة الإمام الحجة عليه السلام فهو عين الضلال، بل هو التمادي في الجهالة والضلالة، وهو الخسران المبين في الدين والآخرة.

فهل نکون مسلمين حقاً بما أنزل علي قلب النبي المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم وأن کانت مخالفة لمعتقداتنا أم نکون کجهلة الجاهلية الأولي حينما: (قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَي أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَي آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (الزخرف،22)