بازگشت

کيف إذا ينتصر الإمام؟


لاشک إن کل هذه الحوادث تقع إبان نهضته المبارکة، بل الإمام حينما يخرج مع مجموعة قليلة من أنصاره يواجه أعداء کثيرون من المسلمين والکفار فأهل المشرق والمغرب تلعن رايته المبارکة والروايات تذکر هذه الحقيقة بمرارة فعن أبان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد يقول: إذا ظهرت راية الحق لعنها أهل المشرق والمغرب، أتدري لم ذاک؟ قلت: لا. قال: للذي يلقي الناس من أهل بيته قبل خروجه.

يبدو أن خروج الإمام يکون مع هذه القلة من الأنصار الذين لا يتجاوز أعدادهم في بداية نهضته خمسة عشر ألف شخص، وهذا العدد يعتبر في العصر الراهن عدداً ضئيلاً في حساب الجيوش ومع ذلک يخوض الإمام معارک ضارية ضد الأعداء في جولات عديدة وأماکن مختلفة من بدء حرکته من الشرق إلي أن يصل إلي النجف الأشرف وحينما يسيطر علي هذه المنطقة يعلن للعالم رسالته الکونية التي جاء لأجلها ويراه أهل الشرق والغرب في آن واحد، لا يُدري أيکون ذلک عبر الأثير وأجهزة التلفاز أم عبر وسائل أخري. غير إن الإمام يبقي أمامه طريق طويل لتنفيذ رسالته فالأعداء يتربصون به من کل حدب وصوب حيث يواجه هجمات شرسة من قبل جنود الکفر والشرک ولابد من إرسال کتائب من جنوده وأنصاره لمواجهتم وقمع الظالمين والقضاء علي المجرمين حيث يحتدم الصراع المرير بينه وبين قوي الکفر في أرض الشام فينتصر بإذن الله ويرسل جنوده إلي أرض الجزيرة العربية لفتحها وتخليص المؤمنين من براثن الطغمة الحاکمة فيکون النصر حليف الإمام بما أمده الله بملائکة مسومين وجنود من الأجنة الصالحين وبأبطال من المؤمنين المجاهدين.

وفي هذا الصدد تجتمع قوي الظلم والشرک لتشکيل قوة متحدَّة ضد الإمام

المهدي عليه السلام وتکون أعدادها کبيرة جداً تذکرنا بقوي الأحزاب التي اجتمعت ضد الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم وليس ببعيد من أن يکونوا من أبناء أولئک الکفرة من بني أمية وأبي سفيان ليقفو أمام ابن الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم کما وقف آباؤهم ضد النبي الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم ولکن الله ينصره کما نصر رسوله في يوم الأحزاب بعلي بن أبي طالب عليه السلام وبإرساله ريح صرصرٍ عاتية فرقت کلمتهم ومزقت جمعهم فانهزموا وولوا الدبر.

کذلک ينصر الله أيضاً الإمام المهدي عليه السلام بالروح الأمين جبرائيل عليه السلام فيهلک الجيش الجرار بخسف البيداء ويکون ذلک أکبر انتصار للإمام المهدي عليه السلام وتنفتح أمامه أرض الجزيرة العربية کلها بعد معارک متواصلة تستمر ثمانية أشهر إلاّ أن معسکر الشرک يبقي موجوداً علي أرض الشام ويحاول جمع الجنود من مختلف أنحاء دول الغرب وبأعداد کبيرة جداً في محاولة للقيام بهجمة واحدة للقضاء النهائي علي جنود الإمام الذين يتخذون أرض الغوطة بالشام مقراً لهم بعد أن يخوض جيش الإمام معارک دامية ضد قوي الشرک في ترکيا ويفتحوا أرض القسطنطينية (اسطنبول) بانتصار عظيم غير أنه يکون بثمن باهظ جداً حيث يقتل في ذلک قرابة ثلث جيش الإمام إلاّ أن هذه الانتصارات المتلاحقة رغم خسائرها الفادحة تشجع قوافل الإيمان بالالتحاق بجيش الإمام الذي يبدأ إعداد نفسه لمواجهة قوي الشرک وفي هذا الوقت يکون عدد جيش الإمام کبيراً جداً حيث يستعد لخوض المعرکة المصيرية بکل ما أوتي من قوة وبينما يکون وقوع المعرکة قاب قوسين أو أدني تنزل الرحمة الإلهية بنزول النبي عيسي عليه السلام من السماء الرابعة إلي الأرض متکئاً علي ملکين عظيمين ليقوم بدور المصالحة بين المعسکرين بهداية الغرب إلي إمامة المهدي عليه السلام حيث يؤدي النبي عيسي عليه السلام صلاة الجماعة بإمامة المهدي المنتظر عليه السلام في المسجد الأقصي معلناً بذلک اعترافه بإمامة الإمام عليه السلام وبهذا الموقف العظيم من نبي الله عيسي عليه السلام يهتز جيش الشرک وتحدث البلبلة فيهم فتضطر قيادة الجيش بعقد هدنة مع الإمام المهدي ويقوم الإمام والنبي عيسي بهداية المشرکين إلي الإسلام هذا الدين الإلهي المتکامل فتستجيب الشعوب لدعوة نبيها وهداية إمامها وتعلن الإسلام طواعية ويدخلون في دين الله أفواجاً أفواجاً وتستمر هذه الحالة مدة معينة إلا أن أصحاب النفوس المريضة والقلوب الحاقدة لا يروق لهم ذلک فيعلنون تمردهم وکفرهم بقيادة الدجّال.

وهنا تبدأ مرحلة جديدة من القتال ضد الدجال ولکن هذه المرة تکون بقيادة النبي عيسي عليه السلام ويکون الانتصار حليف الجيش الإسلامي الذي يقوده السيد المسيح وتستمر المعارک الواحدة تلو الأخري ضد الشرک في کل بقاع العالم حتي يحکم الإسلام ربوع الکرة الأرضية کلها ويکون الدين کله لله وترتفع المآذن في کل بقاع الأرض لتعلن الشهادتين (أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله).

ولا يبقي هناک دين غير الإسلام الذي وعد الله رسوله ليظهره علي الدين کله ومن قبل وعد الأنبياء والمرسلين باستقرار حکومة الإسلام ليکون الدين کله لله عز وجل کما جاء في کتابه المجيد (وَلَقَدْ کَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّکْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء:105).

وهکذا ينتصر الإمام الحجة المهدي المنتظر عليه السلام ويحکم العالم بأمر الله عز وجل بعد معارک مريرة وبعد التضحيات الجسيمة ويبدأ العالم يتنفس الصعداء في أجواء العدل والحق والعلم والإيمان والأمن والرفاه بعد أن خنقه الظلم والطغيان فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما کانت ترزح تحت نير الکفر والفساد والظلم والعدوان.