بازگشت

کيف ينتصر الإمام؟


هل ينتصر الإمام علي الأعداء بمجرد إعلان ثورته المبارکة؟

وهل الناس يتسابقون إلي طاعته لحظة سماعهم بقيامه؟

وهل العالم يخضع لحکومته حينما يعلم بمجيء المصلح العالمي؟..

من السذاجة جداً أن نعتقد أن الإمام المهدي عليه السلام حينما يظهر تلبي الأمم دعوته وتتسابق إلي طاعته، ومن البساطة في التفکير أن نؤمن أن الإمام الحجة عليه السلام ينتصر في أول مواجهة عسکرية علي الأعداء دون أن يقدم التضحيات والشهداء. فکما حدث للنبي الأعظم انتصارات وانتکاسات في حروبه ومعارکه کذلک يحدث للإمام عليه السلام.

فالإمام المهدي عليه السلام ليس بأعظم مکانة عند الله من الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم بل الإمام الحجة عليه السلام يتحرک أولاً ضمن القوانين والموازين الربانية والسنن الکونية وثانياً إن الإمام المهدي عجل الله تعالي فرجه لم يأتِ إلي العالم ليلغي الامتحان الإلهي للناس ويحکمها بقوة الاجبار والاکراه بشکل دائم، بل الإمام إنما يقوم بإذن الله ليؤدي دوره ضمن السنن الإلهية للکون في إصلاح العالم وفق قوانين الاختيار البشري في انتخاب الدين الإلهي أو رفضه فهو مطيع لأمر الله عز وجل وقد قال تعالي: (لا إِکْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَکْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَکَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَي لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:256).

أجل إن الإمام لا يرضي ببقاء الأديان في قبال الإسلام بل يجعل الدين الإسلامي هو الدين العالمي لجميع الناس کما تقوله الآية الکريمة (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85).)هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ) (التوبة:33).

ولکن تعلقت إرادة الله تعالي في أمر الإمام المهدي أن الله ينصره علي الأعداء في نهاية المطاف ويعطيه القوي الغيبية، والإذن في استخدامها ضد الأعداء الظالمين ويمدّه بالملائکة ويدعمه بنجباء الجن في تخويف الأعداء حيث ينصره الله تعالي بالرعب والملائکة والجن المؤمنين وأصحابه المخلصين، کما جاء في العديد من الأحاديث عن أهل البيت عليهما السلام، منها علي سبيل المثال:

1- عن الإمام الباقر عليه السلام: -... وإنه ينصر بالسيف والرعب وانه لا ترد له راية-.

2- وجاء في حديث المفضل بن عمر مع الإمام الصادق عليه السلام حول الإمام الحجة عجل الله فرجه: -... يا سيدي وتظهر الملائکة والجن للناس؟ قال أي والله ما مفضل يخاطبونهم کما يکون الرجل مع حاشيته... يا مفضل ولينزلن أرض الهجرة ما بين الکوفة والنجف وعدد أصحابه حينئذ ستة وأربعون ألفاً من الملائکة وستة آلاف من الجن وفي رواية أخري: ومثلها من الجن بهم ينصره الله ويفتح علي يديه.. قال المفضل: يا سيدي يقيم بمکة؟ قال لا يا مفضل بل يستخلف منها رجلاً من أهله فإذا سار منها وثبوا عليه فيقتلونه فيرجع إليهم فيبايعونه مهطعين مقنعي رؤوسهم يبکون ويتضرعون، ويقولون: يا مهدي آل محمد التوبة التوبة فيعظهم وينذرهم ويحذرهم ويستخلف عليهم منهم خليفة ويسير فيثبون عليه بعده فيقتلونه، فيرد إليهم أنصاره من الجن والنقباء ويقول لهم: ارجعوا فلا تبقوا منهم بشراً إلاّ من آمن...- وفي مقطع آخر يقول الإمام الصادق عليه السلام للمفضل: -... ثم يسير المهدي عليه السلام إلي الکوفة وينزل ما بين الکوفة والنجف وعنده أصحابه في ذلک اليوم ستة وأربعون ألفاً من الملائکة وستة آلاف من الجن، والنقباء ثلاثمائة وثلاثة عشر نفساً-.

3- ومما روي عن الإمام الباقر عليه السلام - کأني بالقائم عليه السلام علي نجف الکوفة وقد سار إليها من مکة بخمسة آلاف من الملائکة: جبرائيل عن يمينه وميکائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد-.

4- وعن مبايعته عجل الله فرجه الشريف روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: -... فيکون أول من يقبل يده جبرئيل عليه السلام، ثم يبايعه وتبايعه الملائکة ونجباء الجن ثم النقباء-.

وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: -.. أول من يبايعه جبرئيل ثم الثلاث مائة والثلاثة عشر..-

5- وعنه عليه السلام: - القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر..-.

6- عن الإمام الباقر عليه السلام: - لو قد خرج قائم آل محمد عليهما السلام لنصره الله بالملائکة المسومين والمردفين والمنزلين والکروبيين يکون جبرائيل أمامه وميکائيل عن يمينه وإسرافيل عن يساره والرعب مسيرة شهر أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله والملائکة المقربون حذاه...-.

7- ومما روي عن الإمام الرضا عليه السلام في بحار الأنوار، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم في أحد أحاديث المعراج، عن الله سبحانه وتعالي: -... ولأطهرن الأرض بآخِرِهم من أعدائي ولأملکنه مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخرن له الرياح ولأذللن له السحاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب ولأنصرنه بجندي ولأمدّنّه بملائکتي حتي يعلن دعوتي ويجمع الخلق علي توحيدي ثم لأديمن ملکه ولأداولنّ الأيام بين أوليائي إلي يوم القيامة-.

بيد أن هذا لا يعني أن الإمام عجل الله تعالي فرجه لا يحارب، ولا يعني هذا أن جيش الإمام ينتصر من دون تضحيات، کما لا يعني أنه عجل الله تعالي فرجه لا يتلقي الأذي من أحد، فحال الإمام المهدي عليه السلام ليس بأحسن من حال جده الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم إن لم يکن وضعه في بعض الحالات أصعب وأشد منه، فالأذي الذي يلاقيه من الأعداء والخصوم أشد مما لقي الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم کما يقول الحديث الشريف عن أهل البيت عليهما السلام - إن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وأکثر-.

وکما قال الإمام الصادق عليه السلام: - إن قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشد مما استقبله رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من جهال الجاهلية. قلت: وکيف ذلک؟ قال: إن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوته، وإن قائمنا إذا قام أتي الناس وکلهم يتأول عليه کتاب الله، يحتج عليه به. ثم قال: أما والله ليدخُلن عليهم عدله جوف بيوتهم کما يدخل الحر والقر-.

ان مصائب الأنبياء السابقين تنصبّ علي الإمام قبل خروجه وظهوره، کما أن التمرد عليه ولو لفترة قصيرة من المقربين له من أفراد جيشه عليه أيام خروجه کتمرّد الخوارج علي الإمام علي عليه السلام أمر وارد في مسيرة حياته کما بينته الروايات.

يقول الإمام الصادق عليه السلام: - کأني أنظر إلي القائم عليه السلام علي منبر الکوفة وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية وهم حکام الله في أرضه علي خلقه، حتي يستخرج من قبائه کتاباً مختوماً بخاتم من ذهب، عهد معهود من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيجفلون منه إجفال النعم البکم، فلا يبقي إلاّ الوزير وأحد عشر نقيباً، کما بقوا مع موسي بن عمران عليه السلام فيجولون في الأرض ولا يجدون عنه مذهبا، فيرجعون إليه، والله إني لأعرف الکلام الذي يقوله لهم فيکفرون-.

بل جاء في أحاديث کثيرة عن أهل البيت عليهما السلام إن الإمام يلقي الأذي والتهم من قبل بعض علماء السوء إلي درجة أنه لولا مشاهدتهم لقدراته وقوته لأفتوا بقتله (فلولا السيف بيده لأفتي اولئک الفقهاء بقتله) ومن هذه الروايات يبدو بوضوح مقدار ما يلاقيه القائم عجل الله تعالي فرجه من المعاناة والعداء والأذي من قبل علماء السوء وذوي الشأن والمصالح في المجتمع، وبالتالي من قبل الناس الذين هم تبع لأولئک الأسياد والمتنفذين في حياة الأمة، بل وحتي من قبل بعض مؤيديه عجل الله تعالي فرجه وذلک راجع کما يبدو لشدة ترسخ الأفکار والمفاهيم الباطلة في نفوسهم وعقولهم، والتي يحسبون أنها هي الحق والصواب، خاصة إذا کانت صادرة ممن يعتبرهم الناس حراس الشريعة وحماة الدين ومع شديد الأسف يقف الکثير منهم ضده عند إعلان ثورته ودعوته للإصلاح.

فالإمام عليه السلام يدعو إلي الدين الإسلامي الحقيقي الأصيل، ويزيل عنه التزييف والتضليل الذي جري عليه طيلة القرون المتمادية وهو بذلک يضرب مصالح الکثيرين من المخادعين، والمتکبرين الذين أخذتهم العزة بالإثم، کما سيقوم بإجراءات ويحکم بأحکام، تخالف ما أَلِفوه من أحکام ومعتقدات إلي درجة يخرجون عليه بالسيف کما يقول الإمام الباقر عليه السلام: - فبينا صاحب هذا الأمر قد حکم ببعض الأحکام وتکلم ببعض السنن، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه... وهي آخر خارجة تخرج علي قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم -.

وقال الإمام الباقر أيضاً عليه السلام: -... وإنه أول قائم يقوم منّا أهل البيت يحدثکم بحديث لا تحتملونه فتخرجون عليه برميلة الدسکرة فتقاتلونه فيقاتلکم، فيقتلکم، وهي أخر خارجه تکون-.

وجاء في بيان الأئمة ج3 ص99،.. - إذا خرج الإمام المهدي فليس له عدو مبين إلاّ الفقهاء خاصة، ولولا السيف بيده لأفتي الفقهاء بقتله-، وجاء في (يوم الخلاص ص279): - أعداءه الفقهاء المقلَّدون يدخلون تحت حکمه خوفاً من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه-.

وقال الإمام الباقر عليه السلام: - إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلي أمرٍ جديد کما دعا إليه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً کما بدأ، فطوبي للغرباء-.

وعن الإمام الباقر أيضاً عليه السلام قال: - يصنع کما صنع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، يهدم ما کان قبله، کما هدم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أمر الجاهلية، ويستأنف الإسلام جديداً-.

وعنه أيضاً عليه السلام قال: -.. ثم يحدث حدثاً (أي يقوم بتغيير أو يأمر بأمر ما)، فإذا فعل ذلک قالت قريش: أخرجوا بنا إلي هذه الطاغية، فو الله لو کان محمدياً ما فعل، ولو کان علوياً ما فعل ولو کان فاطمياً ما فعل، فيمنحه الله أکتافهم، فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية ثم ينطلق حتي ينزل الشقرة فيبلغه أنهم قد قتلوا عاملة فيرجع إليهم فيقتلهم مقتلة ليس قتل الحرّة إليها بشيء ثم ينطلق يدعو الناس إلي کتاب الله وسنة نبيه والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السلام والبراءة من عدوه، حتي إذا بلغ الثعلبية قام إليه رجل من صلب أبيه وهو أشد الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر، فيقول: يا هذا ما تصنع؟ فو الله إنک لتجفل الناس إجفال النعم، أفبعهدٍ من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أم بماذا؟..-.

وعن الباقر عليه السلام أيضاً، قال: -.. وإن القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه کتاب الله ويقاتلونه عليه-.