بازگشت

يوم الخروج القيامة الصغري


هل يعلن العالم البشري إسلامه حين قيام الإمام المهدي عليه السلام؟

وهل يرضخ الجميع لحکومته الربانية يوم نهضته الکبري؟

من السذاجة جداً أن يعتقد البعض أنه بمجرد أن يخرج الإمام المهدي عليه السلام ويعلن ثورته المبارکة يخضع الجميع له طواعية ويسلم الناس زمام أمورهم إليه، وينقلب الکفار مؤمنين والمشرکون موحدين بين عشية وضحاها وتنثر الورود وتفرش الرياحين أمام جيشه وعسکرة فلا حرب ولا إرهاب ولا عنف ولا قتال بل تسليم وإسلام وسلام.

فيا ليت أن يکون الأمر هکذا، ويا ليت أن يخضع الناس للإمام ويضع الکفار أسلحتهم علي الأرض ويأتوا للإمام مذعنين طائعين مسلمين أو مستسلمين، ويا ليت ان المشرکين ينزعون من أدمغتهم فکرة التثليث والشرک، ويطهر المنافقون قلوبهم من أدران النفاق والضغائن والأحقاد، ويرتدع الفساق عن فسقهم وفجورهم ويرجعوا إلي الإيمان والالتزام بمنهج الإسلام الحنيف، ويا ليت ان الظالمين والغاصبين يکفون أيديهم عن الظلم والاعتداء ويردَّون حقوق المظلومين من غير تعنت ومن غير هضم وتنقيص.

ويا ليت ان المجرمين يتوبون إلي الله ويرضون ضحاياهم بما شاءوا وأرادوا، و يا ليت الحکام والطواغيت الجبابرة الذين طالما حکموا الناس بقوة الحديد والنار يتنازلون عن مناصبهم ويذهبون إلي الکهوف والجبال مستغفرين تائبين إلي الله مما ارتکبوا من الجرائم بحق شعوبهم.. ويا ليت ان السرَّاق والناهبين يُعيدوا الأموال المسروقة إلي أصحابها الشرعيين..ويا ليت ويا ليت..

ولکن تبقي هذه الأمنيات ولا تجد لها مصاديق خارجية وقد قال الله تعالي في کتابه المجيد (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَي آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَکَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَکِنْ کَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا کَانُوا يَکْسِبُونَ) (الأعراف:96) هيهات هيهات أن يستجيب الظالمون لنداء الحق، وهيهات هيهات أن يتنازل الحکام الجبابرة عن مناصبهم وعروشهم لأصحابها الشرعيين.

وهيهات هيهات أن يکف الظالمون عن ظلمهم ويعطوا حقوق المظلومين، بل الظلم -مع الأسف الشديد- يزاد يوماً بعد يوم وينتشر الفسق والفجور في العالم ويخيم علي الناس الخوف والرعب من جراء تسلط الطواغيت والجبابرة. فالحروب تحصد النفوس والأرواح والدماء تسيل في الشوارع والأزقة، والأعراض تهتک علناً، والأموال تسرق سراً وجهراً والجرائم ترتکب بحق الأبرياء أمام الملأ من دون رادع. واليوم إذا دخلت مدينة أو قرية أو منزلاً فلا تشاهد إلا اثار الظلم والاعتداء موجودة في کل مکان، فالظلم والفجور والاعتداء قد دخل في کل مدينة ودار, والعالم يَئنُّ من وطئة ظلم الظالمين والفجار ومن حکم الجبابرة والطغاة, وصرخات الاستغاثة تملأ الفضاء من دون مغيث وناصر, ومصانع الأسلحة المدمرة تعمل ليلاً ونهاراً في خدمة المجرمين و الحکام, وآلاف المليارات تصرف لتطوير الأسلحة الفتاکة في الوقت الذي يموت مئات الألوف من الناس من الجوع والفقر.هذا في العالم الغربي والشرقي.

وأما في البلدان الإسلامية فالوضع إن لم يکن بأسوء من غيرها فهي ليست بأحسن حالاً منها. فالفقر والعوز يفتک بالناس, والظلم والفسوق يمارس في کل مکان, والأوضاع الاقتصادية المتردية تخيم علي الجميع، وحتي الأطفال والنساء يباعون في أسواق الرقيق, و الوحوش البشرية تجول في المدن والقري والأرياف. وهي تفترس الأبرياء وتمتص دمائهم وأموالهم بقوة الحديد والنار, ووعاظ السلاطين يبررون جرائم الطغاة ويضفون عليها الشرعية, والناس صامتون يتفرجون علي المذابح والجرائم يقتلهم الخوف والفزع.. فإلي من الملجأ اليوم وإلي أين الفرار؟ فمن يجيب صرخات المستضعفين, ومن يقطع أيادي السارقين, ويردع الظالمين ويرفع الظلم عن الجماهير, ومن يأخذ بحق الفقراء والمساکين, ومن يرد الحقوق المغتصبة إلي أهلها الشرعيين؟

ومن يقتل الطغاة والمجرمين وينتقم من الحکام الجبارين؟!, ومن يضرب أعناق المحتالين؟ ومن يکشف زيف المتلبسين بالدين ويفضح وعاظ السلاطين؟

فالإنسانية تعيش حالة الاحتضارٌ واليأس يلف الجميع من إمکانية تغير الأوضاع فيوماً بعد يوم الأمور إلي الأسوء بل الکل اليوم يشاهد الأوضاع تسير بسرعة فائقة نحو الإنحطاط يتدهور والعالم نحو الهاوية والجحيم, فهل لهذه المأساة من نهاية...وهل للعالم من مخلص ومنقذ؟ وهل لصرخات المستغيثين من مجيب، وهل لقطع دابر الظالمين من رجل عادل؟

أجل لقد ادخر الله سبحانه لعالم اليوم شخصية عظيمة من نسل الرسول الأکرم ليقوم بمهمة الإنقاذ واستخلاص البشرية من براثن الظلم والفقر والفساد و يطهر الأرض من الطغاة والظالمين ويقتل الجبابرة والمفسدين بلا رحمة کما لم يرحموا أحداً من العالمين.

إذن أين هذه الشخصية المنقذة ومتي يظهر؟

أين قاطع دابر المتکبرين؟

أين هادم أبنية الشرک والنفاق؟

أين مبيد أهل الفسوق والعصيان والطغيان؟

أين قاطع حبائل الکذب والافتراء؟

أين محيي معالم الدين وأهله؟

أين قاصم شوکة المعتدين؟

أين السبب المتصل بين الأرض والسماء؟

أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدي؟

أين مؤلف شمل الصلاح والرضي؟

أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء؟

أين الطالب بدم المقتول بکربلاء؟

أين ابن النبي المصطفي وابن علي المرتضي و ابن خديجة الکبري وابن فاطمة الزهراء؟..

أجل ها هو الإمام العادل ينتظر بفارغ الصبر الإذن الإلهي بالخروج، فالأمر قريب وقريب جداً. إنها الساعة التي لا تأتيهم إلاّ بغتة فتبهتهم، وفي ذلک الوقت لا تقبل توبة أحد من الظالمين والمجرمين، لأن فترة التوبة قد انتهت ومدّة العودة قد انقضت.

فالإمام المهدي المنتظر القائم بالسيف لا يأتي من دون برنامج سماوي منظم بل عنده عهد مکتوب من رسول الإسلام أن لا يقبل توبة أحد إنما التوبة للذين يعملون السيئات ثم يتوبون من قريب ويستغفرون ويعودون إلي رشدهم قبل أن تأتيهم ساعة الصفر من قبل الباري أَلا وهو الموت أو قيام الحجة. فإذا انتهت المدة وجاء الأجل قضي الأمر وارتفعت مهلة الاستغفار فيجري فيهم الإمام حکم الله ويقضي علي الظالمين الطغاة قضاء کاملاً ويبيدهم عن بکرة أبيهم و لا تأخذه في الله لومة لائم، ولذا جاء في الأحاديث الشريفة أن خروج الإمام الحجة هو الساعة التي تأتي بغتة وهي تشبه إلي حد کبير ساعة القيامة. ولذا اشتبه علي بعض المؤلفين في معرفة حقيقة المراد من الساعة المذکورة في بعض الآيات والروايات، هل تقصد ساعة الخروج أم ساعة القيامة. ولهؤلاء الحق في هذا الاشتباه والارتباک لأن کلمة الساعة تنطبق علي ساعة الخروج وساعة القيامة معاً لأن المفاجئة والمباغتة موجودة في کلا الساعتين من جهة، وعدم قبول التوبة من الظالمين والمجرمين من جهة أخري. فالساعة عبارة عن انتهاء المهلة للظالمين وهي ساعة الصفر لبدء الانتقام ولذا فُسرت بعض الآيات الکريمة التي تتحدث عن الساعة بساعة قيام الإمام المهدي عليه السلام (حَتَّي إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَي مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَي ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ) (الأنعام:31). ولم تکن اعتباطاُ حينما أولت تلک الأحاديث التي تتحدث عن اليوم الموعود لقيام الإمام المهدي علي أنه إنتهاء مهلة إبليس اللعين، بل هي الحقيقة والواقع فالروايات التي تتحدث عن الانتقام الإلهي من الظالمين والمنافقين والقاسطين ساعة خروج الإمام المهدي کثيرة نتطرق إلي بعضها کما يلي:

1- عن الحسين بن حمدان عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسني عن أبي شعيب (و) محمد بن نصر عن عمر ابن الفرات عن محمد بن المفضل عن المفضل بن عمر قال سألت سيدي الصادق عليه السلام هل للمأمور المنتظر المهدي عليه السلام من وقت موقت يعلمه الناس؟ فقال: حاش لله أن يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا. قلت: يا سيدي ولم ذلک؟ قال: لأنه هو الساعة التي قال الله تعالي ( يَسْئَلُونَکَ عَنِ السَّاعَةِ اَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماوَاتِ وَالاَرْض) (الاعراف:187) وهو الساعة التي قال الله تعالي: (يَسْئَلُونَکَ عَنِ السَّاعَةِ اَيَّانَ مُرْسَاهَا) ) وقال (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (الزخرف:85) ولم يقل إنها عند أحد، وقال: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) (محمد:18) وقال (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) (القمَر:1) وقال: (وَمَا يُدْرِيکَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ - يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيد) (الشوري:17-18)...

2- وروي السيد علي بن عبد الحميد في کتاب الأنوار المضيئة بإسناده إلي أحمد بن محمّد الأيادي يرفعه إلي إسحاق بن عمّار قال: سألته - يعني زين العابدين عليه السلام - عن إنظار الله تعالي إبليس وقتاً معلوماً ذکره في کتابه، قال: (قَالَ فَإِنَّکَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ - إِلَي يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (الحجر:37-38). قال: الوقت المعلوم يوم قيام القائم، فإذا بعثه الله کان في مسجد الکوفة وجاء إبليس حتّي يجثو علي رکبتيه، فيقول: يا ويلاه من هذا اليوم...

3- ذکر السيد ابن طاووس في کتاب (سعد السعود): - إني وجدت في صحف إدريس النبي عليه السلام عند ذکر سؤال إبليس وجواب الله له، قال ربي فأنظرني إلي يوم يبعثون. قال: لا ولکنک من المنظرين إلي يوم الوقت المعلوم، فإنه يوم قضيت وحتمت أن أطهر الأرض ذلک اليوم من الکفر والشرک والمعاصي، وانتخبت لذلک الوقت عباداً لي امتحنت قلوبهم للإيمان وحشوتها بالورع والإخلاص... ذلک وقت حجبته في علم غيبي ولابد أنه واقع، أبيدک يومئذ وخيلک ورجلک وجنودک أجمعين فأذهب فإنک من المنظرين إلي يوم الوقت المعلوم-.

4- روي محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (الصدوق) في المجلس الذي جري له مع رکن الدولة قال: روي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: ومثل القائم من ولدي مثل الساعة قال الله تعالي: (يَسْأَلونَکَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إنما عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيکُمْ إلا بَغْتَةً) (الأعراف:187)

5- وروي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: - مَثَلهُ مثلُ الساعة لا يجليها لوقتها إلاّ الله عز وجل لا تأتيکم إلاّ بغتة-.

6- عن دعبل الخزاعي عن الإمام الرضا عليه السلام: حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهما السلام أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قيل له: يا رسول الله متي يخرج القائم من ذريتک؟ فقال عليه السلام: - مثله مثل الساعة التي لا يجليها لوقتها إلاّ هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيکم إلاّ بغتة-.

7- عن الإمام الصادق عليه السلام، في قوله تعالي (هَلْ أَتَاکَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) قال: يغشاهم القائم بالسيف (تَصْلَي نَارًا حَامِيَةً) قال تصلي نار الحرب في الدنيا علي عهد القائم وفي الآخرة نار جهنم-.

8- وعن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالي: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الأَدْنَي دُونَ الْعَذَابِ الأَکْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال: - إن الأدني القحط والجدب، والأکبر خروج القائم المهدي عليه السلام بالسيف في آخر الزمان-.

9- وجاء في إلزام الناصب عن أمير المؤمنين عليه السلام: - إن في قائمنا أهل البيت کفاية للمستبصرين وعبرة للمعتبرين ومحنة للمتکبرين لقوله تعالي (وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ) هو ظهور قائمنا المغيب لأنه عذاب علي الکافرين وشفاء ورحمة للمؤمنين-.

10- عن الإمام الصادق عليه السلام: -... إذا قام قائمنا انتقم لله ورسوله ولنا أجمعين-.

11- عن الإمام الباقر عليه السلام: -... وأما شبهه من جده المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم فتجريده السيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله والجبارين والطواغيت، وأنه ينصر بالسيف وبالرعب وأنه لا ترد له راية-.

12- عن أمير المؤمنين عليه السلام: -... ثم يفرجها الله عنکم کتفريج الأديم بمن يسومهم خسفاً ويسوقهم عنفاً ويسقيهم بکأس مصبّرة لا يعطيهم إلاّ السيف ولا يحلسهم إلاّ الخوف... ويتوجه إلي الآفاق فلا تبقي مدينة وطئها ذو القرنين إلاّ حلّها وأصلحها ولا يبقي کافر إلاّ هلک علي يديه ويشفي الله قلوب أهل الإسلام-.

13- عن الإمام الباقر عليه السلام: - يقتل القائم بين کربلاء والکوفة ستة عشر ألف فقيه فيقول الناس هذا ليس من نسل فاطمة-.

14- ويقول الإمام الصادق عليه السلام للمفضل بن عمرو بعد ذکره خبر نزول القائم عليه السلام في الکوفة وإعطائه بعض المعاجز التي يطلبها منه الحسني وأصحابه: -... فيبايعه (الحسني) ويبايع سائر العسکر الذي مع الحسني إلاّ أربعين ألفاً أصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية، فأنهم يقولون: ما هذا إلاّ سحر عظيم. فيختلط العسکران فيقبل المهدي عليه السلام علي الطائفة المنحرفة، فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام، فلا يزدادون إلاّ طغياناً وکفراً، فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعاً. ثم يقول لأصحابه: لا تأخذوا المصاحف، ودعوها تکون عليهم حسرة کما بدلوها وغيروها وحرفوها ولم يعملوا بما فيها-.

والأحاديث حول وجود من ينکره ويعارضه ويتأول عليه القرآن من المتلبسين بالدين کثيرة، نقدم ما أوردناه في مبحث سابق عن الإمام الباقر عليه السلام من أنه يخرج علي الإمام من ظهر الکوفة بضعة عشر ألفاً يدّعون التبرئة منه ويقولون له ارجع من حيث أتيت فلا حاجة لنا في بني فاطمة فيقتلهم جميعاً، ويقتل کل مرتاب في الکوفة، کما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام، أن القائم عليه السلام لا يلبث قليلاً حتي تخرج عليه خارجة من الموالي برميلة الدسکرة، وفي رواية أن عددهم عشرة آلاف، ويقتلهم جميعاً، وفي رواية أن القائم يحدّثکم حديثاً لا تحتملونه فتخرجون عليه برميلة الدسکرة فتقاتلونه فيقتلکم وهي آخر خارجة تکون، وفي رواية أخري أن صاحب الأمر حينما يحکم ببعض الأحکام ويتکلم ببعض السنن تخرج عليه خارجة من المسجد فيلحق بهم أصحابه في التمّارين ويأتون بهم أسري فيذبحون-.

15- کما ورد في الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام: -... ثم يحدث حدثاً فإذا فعل قالت قريش أخرجوا بنا إلي هذا الطاغية فو الله لو کان محمدياً ما فعل ولو کان علوياً ما فعل ولو کان فاطمياً ما فعل، فيمنحه الله أکتافهم فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية-.

16- عن الإمام الصادق عليه السلام، في تفسير قوله تعالي (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ) (التوبة:33) قال: - والله ما نزل تأويلها بعد ولا ينزل تأويلها حتي يخرج القائم عليه السلام فإذا خرج القائم لم يبق کافر بالله العظيم ولا مشرک بالإمام إلاّ کره خروجه حتي لو کان کافر أو مشرک في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني کافر فأکسرني فاقتله-.

17- عن الإمام الباقر عليه السلام: - لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحبّ أکثرهم ألاّ يروه مما يقتل من الناس أما أنه لا يبدأ إلاّ بقريش فلا يأخذ منها إلاّ السيف ولا يعطيها إلاّ السيف حتي يقول کثير من الناس ليس هذا من آل محمد ولو کان من آل محمد لرحم-.

18- عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، في أحد أحاديث المعراج عن الله تعالي: -... وهذا القائم يُحلّ حلالي ويحرِّم حرامي وينتقم من أعدائي يا محمد أحببُهُ وأحببُ من يحبُّهُ-.

20- عن الإمام الباقر عليه السلام: - إذا قام القائم عليه السلام ذهبت دولة الباطل-.

21- وعنه أيضاً عليه السلام: - إذا قام قائم أهل البيت قسّم بالسوية وعدل في الرعية فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصي الله...-.

22- قال الإمام الصادق عليه السلام - يا مفضل؛ ليس للمهدي وقت لأنه کالساعة إنما علمها عند ربي، إلي أن قال: لا يوقت لمهدينا وقت إلا من شارک الله في علمه وادعي أنه أظهره علي سره-.

لم تدع هذه الروايات الواضحة والصريحة لأحد شکاً في أخذ الإمام بالثأر الإلهي من جميع الظالمين والمجرمين ومن المتلبسين بالدين الذين أعطوا الشرعية لجرائم الطغاة والذين سکتوا عن الظلم والفساد وذهبوا في ترتيب أوضاعهم المالية والاقتصادية بأموال المسلمين من دون أن يقوموا بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر في الوقت الذي أخذ الله علي العلماء أن لا يقارُّوا علي کظة ظالم ولا سغب مظلوم کما قال مولانا أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام). ولکن نتساءل: هل الإمام الحجة عليه السلام حين قيامه بثورته الإصلاحية والقضاء علي الطغاة يغض الطرف عن علماء السوء لأنهم من قريش أو من الحسب والنسب الکذائي، أم يبدأ بهم أولاً قبل الآخرين ليکونوا درساً لغيرهم وعبرة للناس بأن الإمام لا يتهاون ولا يساوم مع أحد في إجراء العدالة الإلهية ولو کانوا من أقربائه وعشيرته؟.

لاشک إن الإمام وکما قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: - يکون من الله علي حذر لا يغتر بقرابته ولا يضع حجراً علي حجر ولا يقرع أحداً في ولايته بسوط إلاّ في حدّ، ليمحوا الله به البدع کلها ويميت الفتن کلها-. فالإمام لا يظلم أحداً ولا يعتدي علي أحدٍ ولا يقوم إلا بالحق فکل ما يقوم به من إبادة للظالمين وقتل المجرمين وتطهير الأرض من الفساد والمفسدين فهو بأمر من الله عز وجل وبعهد من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ولا تمنعه من إجراء العدالة المحسوبيات أو القرابة ولذا فهو يبدأ بقريش فلا يعطيهم إلا السيف ولا يأخذ منهم إلا السيف ولا تأخذه في الله لومة لائم، فهو کمولانا أمير المؤمنين يري القوي عنده ضعيفاً حتي يأخذ الحق منه والضعيف عنده قوياً حتي يأخذ الحق له. و الإمام المهدي ليس مهمته الوعظ والإرشاد لأن زمن الموعظة والإرشاد قد انتهي, فمن کان يريد لنفسه الخير والصلاح لأصلح نفسه بآيات الذکر الحکيم وأحاديث الرسول الکريم وتوجيهات آله الطيبين الطاهرين.

بل إن مهمته الأساسية تطبيق الإسلام بحذافيره وبحدوده وقوانينه وإجراء القصاص والعقوبات بکل صرامة واجراء أحکام العدالة، فلا رحمة علي الطغاة ولا شفقة علي المجرمين ولا عفو عن السارقين و لا تغافل عن المعتدين، بل المقياس عند الإمام هو الحق والحقيقة بکل أبعادها والعدالة الکاملة بکل جوانبها إنما الرحمة في ذلک اليوم للفقراء والمساکين، والشفقة والعطف علي المستضعفين والمحرومين إذا لم يکونوا متعاونين مع المجرمين، وکما روي عن الإمام الصادق عليه السلام، وعن جدّه المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم، فإن: - المهدي سمح بالمال، شديد علي العمال، رحيم بالمساکين- و- المهدي کأنما يُلعق المساکين الزّبدَ- و- يبلغ من رد المهدي المظالم حتي لو کان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتي يرده-. فالإمام هو المنقذ الحقيقي للبشرية من براثن الظلم والطغيان ومطبق للشريعة الحقة. فالإمام حينما ينهض لا يرفع راية اللاّعنف وراية المحبة والسلام لأعداء الله وأعداء الرسول، إنما يعمل بالآيات القرآنية التي تدعو إلي قتال المشرکين کافة حتي لا تکون فتنة، وليجدوا في الإمام وأصحابه غلظة وشدة ويکون الإمام وأصحابه أشداء علي الکفار رحماء بينهم. وإذا کانت هناک روايات وأحاديث تتحدث عن الإمام المهدي وأنه يسير بسيرة مولانا أمير المؤمنين بالمن والکف، فإن لهذه الروايات تطبيقات بعد الانتصار الساحق علي الأعداء وبعد أن تضع الحرب أوزارها کما فعله أمير المؤمنين عليه السلام، أما في فترة القتال ومدة الحرب التي تستغرق ثمانية أشهر فضرب الأعناق وقتل الأعداء قائم علي قدم وساق، وهذا ما تؤکده الأحاديث الواردة عن أهل البيت التي تتحدث عن القتال ووضع الإمام السيف علي عاتقه لمدة ثمانية أشهر کما قال أمير المؤمنين عليه السلام: - يفرّجُ الله الفتنَ برجلٍ منّا، يسومُهم خسفاً، لا يُعطيهم إلاّ السيف، يضعُ السيفَ علي عاتقهِ ثمانية أشهرٍ هرجاً، حتي يقولوا: والله، ما هذا من ولد فاطمة ولو کان من ولد فاطمة لرحمنا. يغريه الله ببني العباس وبني أُميَّة-.

وکما قال الإمام الباقر عليه السلام وولده الإمام الصادق عليه السلام فان الإمام(عج): -... يجرد السيف علي عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجاً حتي يرضي الله-.

هذا بالإضافة إلي أن سيرة أمير المؤمنين مع القاسطين والمارقين والناکثين لم تکن إلاّ بالسيف والقتال. فالمعارک الضارية والدامية التي جرت بين الإمام ومعاوية وبين الإمام والناکثين وعلي رأسهم طلحة والزبير وعائشة, وبين الإمام والمارقين (الخوارج) تشهد لها صفحات التاريخ علي کثرة الضحايا والمقتولين. أجل سار بالمن والکف بعد الانتصار الساحق الذي حققه الإمام ضد أعداء الله. وهکذا تکون سيرة الإمام المهدي عليه السلام.

فهو بعد أخذ الثائر من الظالمين وإراقة دماء الفجار والمجرمين وبعد تطهير الأرض من أئمة الکفر وأتباعهم يعفو عن بقية الناس المغفلين والجاهلين ويسير فيهم بالمن والکف بعد أن يضع الله الرحمة في قلبه عليه السلام کما سار سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام بأهل البصرة. هذا إذا سلکنا مسلک التوفيق بين رواية المن والکفّ والروايات التي تتحدث عن قيام الإمام بالسيف وقتل الظالمين بلا هوادة، أما إذا لم نرتضِ إلاّ برواية المن والکف في سيرة الإمام في الحروب فلابد من إلغاء الروايات الکثيرة المتواترة التي تصرح بسيرة الإمام بقتال المجرمين والظالمين وعدم المسامحة مع الطغاة والأخذ بثأر المظلومين وقتل الأعداء المحاربين. ومن الطبيعي عدم استطاعة رواية المن والکف مقاومة الروايات المتواترة بأخذ الإمام بثارات المظلومين والمضطهدين والشهداء، وعدم إمکانية تطهير الأرض من براثن الشرک والکفر والنفاق ما دامت تلک العناصر الضالة والمجاميع المنحرفة الحاقدة في المجتمع حيةٍ تسعي في ضرب الأهداف المقدسة للإمام عليه السلام وبذلک تتلاشي أهداف ثورته المبارکة، بل لا يمکن لها من تحقيق طموحاتها السامية من إجراء العدالة الشاملة، هذا بالإضافة إلي ما يسبب حالة المن والکف إبقاء الحکومات الظالمة لسيطرتها الغاشمة علي الشعوب المستضعفة لأن علي الإمام إما أن يحارب الظلم والظالمين أو يعفو عنهم مناً وکفاً عن القتال وهذا مخالف للأهداف الربانية التي قام الإمام بثورته المبارکة لأجلها بل نستطيع القول إن سياسة المنّ حتي لو استطاعت الإطاحة بالحکومات الفاسدة فهي لا تستطيع توفير الأمن والاستقرار للناس إذا ترک عناصرها المجرمة تسرح وتمرح في الأرض لأن هؤلاء المجرمين يلجؤون إلي التخريب والتفجير لزعزعة الأمن والاستقرار ولهذا فنحن نري أن الروايات التي تتحدث عن قتل المجرمين والظالمين والانتقام من المفسدين، هي الأصح والأقرب إلي تحقيق أهداف الإمام في استقرار الأمن والطمأنينة والسعادة للناس خصوصاً وأن هذه الروايات تذکر العلّة في سبب القضاء علي الظالمين فالخير کل الخير تحت ظلال السيوف و الخير کل الخير في بقية السيف کما جاء في الأحاديث الشريفة، والخير کل الخير تحت ظل العدالة الإلهية والخير کل الخير في حکومة الإمام المهدي عليه السلام. فالسعادة تعمر القلوب والنفوس ابتهاجاً بعدالة الإمام وبمساواته بين الناس تطبيقاَ لحديث الرسول الأکرم - إن الناس من عهد آدم إلي يومنا هذا مثل أسنان المشط، لا فضل للعربي علي العجمي، ولا للأحمر علي الأسود إلا بالتقوي-. فالناس کلهم سواسية کأسنان المشط لا تمايز ولا تفاضل في الأنساب ولا بين القوميات والعرقيات. فخروج الإمام عليه السلام هو في الحقيقة القيامة الصغري. فکما أن في القيامة الکبري حساب وکتاب وموازين وعدالة ولا تأجيل للحساب ولا توبة بل ثواب و عقاب، کذلک في خروج الإمام القيامة الصغري لا توبة ولا تأجيل بل عدالة وکتاب وحساب وعقاب وثواب. فالمجرم يلاقي جزاءه والمحسن ينال أجره. المظلوم يأخذ حقه من ظالمه أينما کان. ويبدو أن المشيئة الإلهية اقتضت أن تکون هناک قيامة مصغّرة علي وجه البسيطة قبل القيامة الکبري التي يجمع الله فيها الناس، ولکن القيامة الصغري يقيمها الله حين يأذن للإمام المهدي عليه السلام بالخروج والقضاء علي المجرمين وإعطاء حقوق المظلومين وتحقيق العدالة الشاملة علي الکرة الأرضية لإرساء قواعد الأمن والسعادة للبشرية جمعاء. فالعالم اليوم بانتظار صاحب العدالة والسعادة والمساواة، وإلي ذلک اليوم (يوم الخروج) الذي قال الله تعالي: (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَکَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِکَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) (ق:42)

الجميع بانتظاره، بانتظار تطبيق العدالة في العالمين، يوم يکون فيه توفير السعادة والرفاه لکل المستضعفين ولجميع الناس علي حدّ سواء، ذلک يوم الحق، فهل نحن من المنتظرين لخروجه حقاً؟