الامام المهدي والرايات السود
ما هي العلاقة والرابطة بين الإمام والرايات السود؟
لقد تعدّد ذکر الرايات السود في کتب الحديث وفي مصادر الفريقين علي حدّ التواتر، بيد أن الأحاديث والروايات التي ورد فيها ذکر الرايات السود فيها نوع من الغموض خاصة في مسألة العلاقة بين الإمام وهذه الرايات وزمان خروجها، فهل هي تخرج قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام أم أن قيام الإمام يکون متزامناً مع خروج هذه الرايات؟
وهل هذه الرايات مهمتها تمهيد الطريق لخروج الإمام، أم أنها هي طلائع جيش الإمام عجل الله فرجه؟
يعتقد الکثيرون أن هذه الرايات هي عبارة عن مجموعات محاربة تدخل ساحات القتال من أجل التمهيد لخروج الإمام المهدي عليه السلام إلاّ أن الظاهر من نصوص الروايات والتعابير المدونة في الأحاديث أن هذه الرايات هي طلائع جيش الإمام عليه السلام بل هي العناصر المتقدمة في معسکر الإمام عليه السلام.
وأن هذه الرايات لا تدخل في أي معرکة إلاّ بتوجيه مباشر من الإمام الحجة عجل الله فرجه، بل الذي يظهر من الأحاديث أن الإمام هو القائد الميداني المباشر لأصحاب هذه الرايات بدليل الروايات النبوية التي تحرض المسلمين علي الإنضمام إليها ومساندتها والقتال معها ضد أعدائها وذلک لأن الإمام المهدي في طليعة هذا الجيش کما جاء في النصوص التالية:
1- عن الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم: - يقتتل عند کنزکم نفر ثلاثة کلهم ابن خليفة، ثم لا يصير الملک إلي أحد منهم، ثم تقبل الرايات السود من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً علي الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي-.
2- عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهما السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام عن الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم: - لا تقوم الساعة حتي يقوم قائم للحق منّا وذلک حين يأذن الله عز وجل له، ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلک. الله الله عباد الله فأتوه ولو علي الثلج فإنه خليفة الله عز وجل وخليفتي-.
3- وعنه أيضاً صلي الله عليه و آله و سلم: - يقتتل عند کنزکم ثلاثة کلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلي وأحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق... فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً علي الثلج فإنه خليفة الله المهدي-.
4- وجاء الحديث أعلاه في ملاحم ابن المنادي بصيغة أخري: - ليُقتلنَّ عند البيت مالکم هذا ثلاثة أبناء ملوک لا ينال أحدهم ما طلب، ثم يقتتلون حتي تکون بينهم الدماء ثم تأتي الرايات السود من المشرق فمن ادرکهم فليأتهم ولو حبواً علي رکبته ولو أن يخوض الثلج فإن المهدي والنصر معهم-.
5- واخرج الداني الحديث ذاته بتفاوت في سنده ومتنه، وفيه: -... ثم تقبل الرايات السود من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً علي الرکب فإن فيها خليفة الله المهدي-
6- وعنه أيضاً صلي الله عليه و آله و سلم: -... حتي ترتفع رايات سود من قبل المشرق فيسألون الحق فلا يُعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه فيقاتلون فيُنصرون فمن أدرکه منکم أو من أعقابکم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبواً علي الثلج...-.
7- وعنه أيضاً صلي الله عليه و آله و سلم: -... حتي يفتح الله لهم راية من قبل المشرق فيها رجل منيّ اسمه کاسمي وخلقه کخلقي يؤوب الناس إليه...-.
وهناک روايات قد تشير إلي عکس هذا، وإن الرايات السود تخرج قبل خروج الإمام عليه السلام وأنها تکون ممهدة وموطئة له عجل الله فرجه وتبايعه وتکون تحت إمرته.
8- عن الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله و سلم: - يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي-.
9- وعنه أيضاً صلي الله عليه و آله و سلم: - ذکر بلاءً يلقاه أهل بيته حتي يبعث الله راية من المشرق سوداء من نصرها نصره الله ومن خذلها خذله الله حتي يأتوا رجلاً اسمه کاسمي فيوليه (فيولونه) أمرهم فيؤيده الله وينصره-.
10- وحتي لا يلتبس علي أحد أمر الرايات السود الصغار للإمام المهدي عليه السلام مع تلک الرايات السود لبني العباس والتي خرجت بقيادة أبي مسلم الخراساني جاء التصريح النبوي موضحاً ذلک في هذه الرواية: - تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس ثم يمکثون ما شاء الله ثم تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلاً من ولد أبي سفيان وأصحابه، من قبل المشرق يؤدون الطاعة إلي المهدي-.
11- وعنه صلي الله عليه و آله و سلم: - يخرج بالرّي رجل ربعة أسمر مولي لبني تميم، کوسج يقال له شعيب بن صالح في أربعة آلاف ثيابهم بيض وراياتهم سود، يکون علي (مقدمته) المهدي، لا يلقاه أحد إلاّ فلّه-.
12- وعنه أيضاً صلي الله عليه و آله و سلم: -... ثم يقبل الرجل التميمي شعيب بن صالح، سقي الله بلاد شعيب، بالراية السوداء المهدية بنصر الله وکلمته حتي يبايع المهدي بين الرکن والمقام-.
13- عن أمير المؤمنين عليه السلام: - إذا خرجت خيل السفياني إلي الکوفة بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود علي مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب اصطخر فتکون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني فعند ذلک يتمني الناس المهدي ويطلبونه-.
14- وعنه أيضاً عليه السلام: - والذي نفسي بيده لا يذهب الليل والنهار حتي تجيء الرايات السود من قبل خراسان حتي يوثقوا خيولهم بنخلات نيسان والفرات-.
15- عن الإمام الصادق عليه السلام: - يخرج شاب من بني هاشم بکفّه اليمني خال، من خراسان برايات سود بين يديه شعيب بن صالح يقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم-.
16- وعنه أيضاً عليه السلام: - تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلي الکوفة فإذا ظهر المهدي بعثت إليه بالبيعة-.
17- وعن أمير المؤمنين عليه السلام: - إذا هَزَمت الرايات السود خيل السفياني، التي فيها شعيب بن صالح تمني الناس المهدي فيطلبونه...-.
18- أخرج الحسن بن سفيان, وأبو يقم عن ثوبان قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - تجئ الرايات السود من قبل المشرق کأن قلوبهم زبر الحديد, فمن سمع بهم فليأتهم فيبايعهم ولو حبواً علي الثلج-.
19- أخرج تقسيم ابن حماد عن علي عليه السلام قال: - تخرج رايات سود تقاتل السفياني فيهم شاب من بني هاشم, في کتفه اليسري خال وعلي مقدمته رجل من بني تميم يدعي شعيب بن صالح، فيهزم أصحابه-.
20- وفي إسعاف الراغبين بهامش ص127, نور الأبصار قال: وجاء في روايات أنه عليه السلام عند ظهوره ينادي فوق رأسه ملک هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه فتذعن له الناس ويشربون حبه, وأنه عليه السلام يملک الأرض شرقها وغربها وأن الذين يبايعونه أولاً بين الرکن والمقام بعدد أهل بدر, ثم يأتيه أبدال الشام, و نجباء مصر وعصائب أهل المشرق وأشباههم و يبعث الله إليه جيشاً من خراسان برايات سود, ثم يتوجه إلي الشام وفي رواية إلي الکوفة والجمع ممکن, وأن الله تعالي يمده بثلاثة الآلاف من الملائکة وأن أهل الکهف من أعوانه (ثم قال) ابن الصبيان, وأن علي مقدمة جيشه رجلاً من تميم خفيف اللحية يقال له شعيب بن صالح وأن جبرائيل علي مقدمة جيشه وميکائيل علي ساقته.
21- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شئ حتي تنصب بأيليا-.
علي ضوء هذه الروايات التي تنص علي حضور الإمام في هذه الرايات کمثل هذه العبارات: فان فيها خليفة الله المهدي... فإنه خليفة الله... فليأت إمام أهل البيت... فيها رجل مني اسمه کاسمي وخلقه کخلقي... فيهم شاب من بني هاشم في کتفه اليسري خال.. علي ضوء ذلک يتضح جلياً أن الرايات السود هي طلائع جيشه وان الإمام هو القائد الفعلي لها.
إذن الأمر المؤکد الذي لا شک فيه هو أن الإمام المهدي عجل الله فرجه يسند هذه الرايات إما مساندة حضورية وفعلية وإما مساندة غير مباشرة، وتأييداً معنوياً وشرعياً.
ولذا جاء في أحاديث کثيرة عن الرسول الأکرم بوجوب مساندة هذه الرايات ودعمها والدفاع عنها مهما کانت الظروف صعبة وقاسية، لدرجة أن الواجب الشرعي يُلزم الالتحاق بها ولو حبواً علي الثلج، لأن هذه الرايات رايات هدي تساند الإمام عليه السلام وتدعم موقفه وتؤدي الطاعة والبيعة له وتقوي دعائم حکومته العالمية.
والسؤال الکبير الذي يطرح نفسه هنا هو: متي يکون خروج هذه الرايات السوداء؟ ومتي يکون الفرج لأهل بيت الرسول الأکرم، ولمحبيهم ومواليهم، وللمسلمين، بل وللعالم أجمع؟!
هذا ما تکشفه الأيام وتحکيه الأحداث المقبلة، ولابد أن يکون الجميع علي الاستعداد لمعرفة تلک الأيام ووقوع تلک الأحداث، حتي يبذلوا ما بوسعهم لنصرة الرايات السود والالتحاق بها وأداء الطاعة والبيعة للقائم عجل الله فرجه والجهاد والاستشهاد تحت لوائه المبارک إن شاء الله تعالي.