بازگشت

المهدي في الآيات القرآنية


هل تحدث القرآن الکريم عن الإمام المهدي عجل الله فرجه؟

وهل هناک آيات تطرقت إلي قضية الإصلاح العالمي، للمجتمع البشري؟ وهل تحدث القرآن عن مستقبل الرسالة الإسلامية، وما سيؤول إليه مستقبل الإنسانية علي وجه الکرة الأرضية؟ هذه الأسئلة وأمثالها تراود الکثيرين، فهل من إجابة قرآنية أو روايات نبوية واضحة؟

لا شک أن کتاب الله تعالي هو تبيان لکل شيء، والرسول الأکرم وأهل البيت الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) هم المفسرون لهذا القرآن الکريم، فهل يمکن في مثل هذه القضية العظيمة، التي تهم البشرية جمعاء وليس المسلمين وحسب، أن لا يتحدث عنها بشيء وهو کتاب هداية وإرشاد وکتاب فکر ونور، بل هو معجزة الرسول الأکرم وأعظم دليل وسند علي نبوّته؟ فکيف يمکن أن يسدل الستار علي الإمام المهدي عليه السلام ولا يتحدث عن مصير البشرية وعن أعظم شخصية أدّخرها الله سبحانه وتعالي لإنقاذها من السقوط في الهاوية، هذه الشخصية التي بشر بها الأنبياء والمرسلون أممهم والذي انتظرته طوال تاريخها بمختلف أديانها ومعتقداتها ومشاربها وألوانها.. فهل يعقل أن يختار الرسول صلي الله عليه و آله و سلم الصمت والسکوت عن مستقبل رسالته وأمته بل عن مستقبل الإنسانية کلها؟

أم أن الله أخفي هذا الأمر عن نبيه الکريم؟ حاشا لله سبحانه أن يخفي هذا الأمر عن رسوله الأکرم، وحاشا للرسول وأهل بيته الأطهار أن لا يبينوا ويبلغوا عن هذه الشخصية الربانية العظيمة ودورها الرسالي الکبير في آخر الزمان.

أجل لقد تحدث القرآن الکريم، وبيّن الرسول الأمين، وأهل بيته الأطهار بکل إسهاب عن قضية الإمام المهدي عليه السلام، وعن مستقبل الرسالة المحمدية وانتشارها وأتساعها لتعم العالم کله وتسود الکرة الأرضية الهداية والسعادة والثقافة السماوية القائمة علي العدل والحق والتوحيد الخالص لله سبحانه، وهذه الآيات القرآنية التي بينها وفسرها الرسول والأئمة الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين في العديد من أحاديثهم التي بلغت حد التواتر تعطي صورة واضحة عن هذه الشخصية الفريدة وظهورها في آخر الزمان وإقامتها لدولة التوحيد والعدل والکرامة علي سطح المعمورة. نتطرق إلي جانب من تلک الروايات المفسّرة والمؤولة باعتبار أحد المصاديق للآية المبارکة وهي کما يلي:

1- عن الإمام الکاظم عليه السلام قال: - سألت أبي عن قول الله عز وجل: (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَي) (طه:135) قال: الصراط السوي هو القائم عليه السلام، والهدي من اهتدي إلي طاعته..-.

2- وعنه أيضاً عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل سُئل فيه أمير المؤمنين عليه السلام عن أقسام النور في القرآن، فقال عليه السلام في قوله تعالي: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ کَمِشْکَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ) (النور:35). فقال عليه السلام: -... فالمشکاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم والمصباح الوصي والأوصياء عليهما السلام والزجاجة فاطمة والشجرة المبارکة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم والکوکب الدّري القائم المنتظر عليه السلام يملأ الأرض عدلاً-.

3- قال الإمام الباقر عليه السلام: - هو والله المضطر في کتاب الله، وهو قول الله: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَکْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُکُمْ خُلَفَاءَ الاَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَکَّرُونَ).

4- وعنه أيضاً عليه السلام قال: - هذه نزلت في القائم عليه السلام، إذا خرج تعمَّمَ وصلي عند المقام وتضرع إلي ربّه فلا تُرد له راية أبداً-.

5- وعن الآية ذاتها أيضاً يقول الإمام الصادق عليه السلام: - نزلت في القائم من آل محمد عليهما السلام، هو والله المضطر إذا صلي في المقام رکعتين ودعا الله فأجابه، ويکشف السوء ويجعله خليفة في الأرض -.

6- وفي قوله تعالي: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) (الزخرف:66). قال الإمام الباقر عليه السلام: - هي ساعة القائم عليه السلام تأتيهم بغتة-.

وهذا التفسير لا ينافي التفسير بيوم القيامة، فکلا الأمرين يأتي بغتة وکلا التفسيرين والتأويلين صحيح وهما من مفردات الساعة المباغتة.

7- وفي قوله تعالي: (إِذَا تُتْلَي عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) (القلم:15) قال الإمام الصادق عليه السلام: - يعني تکذيبه بالقائم عليه السلام إذ يقول له: لسنا نعرفک ولست من ولد فاطمة عليهاالسلام کما قال المشرکون لمحمد صلي الله عليه و آله و سلم -.

8- وفي قوله تعالي في سورة الشمس: (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا) (الشمس:3) قال الإمام الحسين عليه السلام: - ذلک القائم من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً-.

9- وعن معني کلمة العصر في قوله تعالي في سورة العصر: (وَالْعَصْرِ - إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر: 1-2) يقول الإمام الصادق عليه السلام: - العصر: عصر خروج القائم عليه السلام..-.

إذن فالقرآن الکريم تطرق إلي قضية الإمام المهدي -عجل الله فرجه- في آيات عديدة ذکرنا بعضها وقد قام أهل بيت النبي الأکرم بتفسير وتأويل تلک الآيات بأوضح تعبير وأجمل تفسير وهم الذين آتاهم الله علم الکتاب فجعلهم (الراسخون في العلم) وهم المطهرون الذين باشروا روح الإيمان والعلم واليقين ولا يستطيع أحد غيرهم أن يستوعب جميع معاني الآيات القرآنية غيرهم کما قال عزّ من قائل: (إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ کَرِيمٌ - فِي کِتَابٍ مَکْنُونٍ - لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) (الواقِعة:77-79).

ولقد نطق أهل البيت عليهما السلام بالحق في تفسير عشرات من الآيات الکريمة التي تتحدث عن الإمام المهدي عليه السلام، بإسهاب ليس عن شخص الإمام -عجل الله فرجه- فحسب، بل أيضاً عن سيرته وأحواله وما يقوم به من إنقاذه للعالم والبشرية من الظلم والطغيان، وانتقامه من أعداء الله والرسول وأعداء أهل بيته الأطهار وإقامته للحق والعدل علي ربوع الکرة الأرضية وإظهار دين الله الحق ليعم العالم کله الخير والفضيلة والسعادة، بل وتحدثت الآيات عن أصحابه، وعن الفتن قبل ظهوره، وفتوحاته وانتصاراته، وغير ذلک الکثير مما يتعلق بقضية هذا المنقذ العالمي الأمل الموعود، ولا يسعنا هنا إلاّ أن نشير إلي جانب مما جاء في القرآن الکريم بهذا الخصوص حيث ذکرت: