الحجة من آل محمد
من هو الحجة من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم؟ وما هو اسمه المبارک؟ ولماذا حدث الاختلاف بين المسلمين في تحديد اسمه الشريف؟ وکيف نعرف الحقيقة؟
مثل هذه الأسئلة تحوم عادة حول کل شخصية تاريخية بارزة، حيث يقع الاختلاف في ولادتها واسمها وشخصيتها. خصوصاً إذا کان هناک تعمد واضح في إخفاء اسمه وشخصيته العظيمة حفاظاً علي حياته ووجوده من کيد الأعداء، بالإضافة إلي وجود اختلاف کبير وتضارب شديد في الأحاديث التي تطرقت إلي اسم الإمام عليه السلام.
في الحقيقة إذا تصفحنا الکتب الروائية التي تحدثت عن الاسم نجدها قد انقسمت علي نفسها مما سبب الاختلاف الکبير بين المسلمين في تحديد اسمه المبارک هل هو محمد بن الحسن العسکري، أم هو أحمد بن عبد الله، أم له اسم آخر يختلف عما هو شائع بين المسلمين؟! هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوة علي بساط البحث، حيث استدل کل فريق بأدلته الروائية وقدّم کل طائفة أدلتها الخاصة والمعتبرة عندها. وهذا الاختلاف أمر طبيعي لأنه يحدث لکل شخصية عظيمة تاريخية من اختلاف بين الناس في ولادتها ونشأتها وفي سيرتها وحياتها, من هنا وقع هذا الاختلاف في اسم الإمام عليه السلام. ولکن السؤال، هل الحقيقة تنحصر في الشخصية العظيمة بما تحمل من اسم؟ّ أم تتحدد وفق معالمها الروحية وطهارتها النفسية, وعظمتها الفکرية وبمبادئها السامية وجهادها ونضالها المستميت، وأهم من ذلک کله الاصطفاء الرباني الذي يصطفيها ويختارها؟؟
لذا فنحن لا نستطيع أن نعطي أهمية کبيرة للاسم وحده بقدر اهتمامنا بعظمة الشخصية الربانية المصطفاة التي تم تحديد معالمها من قبل الرسول الأکرم وأهل بيته الأطهار، والاختلاف الذي حدث بين المسلمين حول الاسم يعتبر اختلافاً لفظياً يجب أن لا يمس جوهر الحقيقة ولا يکون الاسم المعتقد به عند کل طائفة حاجزاً أمام الإيمان بالشخصية الحقيقية الربانية التي تظهر وتبرز عند الاذن الإلهي له بالخروج وإن کان حاملاً لاسم غير شائع عند الناس مادام عنده الکرامات والمعاجز الإلهية ونترک هذا الاختلاف ليحکم فيه الواقع الخارجي حين قيام الإمام المهدي عليه السلام الذي بشر به الرسول صلي الله عليه و آله و سلم وأهل بيته الأطهار عليهما السلام وعلي ضوء هذه الرؤية نستعرض عدداً من الأحاديث والروايات المختلفة التي تتحدث عن الاسم المبارک للإمام، وهي کالتالي:
1- عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم: - المهدي من ولدي اسمه کاسمي وکنيته ککنيتي أشبه الناس بي خلقاً وخُلقاً تکون له غيبة وحيرة يضل فيها الأمم يقبل کالشهاب الثاقب يملؤها عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً-.
2- عن العلاء بن عقبة عن الحسن، إن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذکر بلاء يلقاه أهل بيته حتي يبعث الله راية من المشرق سوداء , من نصرها نصره الله , ومن خذلها خذله الله , حتي يأتوا رجلاً اسمه کاسمي فيولوه أمرهم فيؤيده الله وينصره.
3- يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي, اسمه کاسمي وکنيته ککنيتي, يملأ الأرض عدلاً کما ملئت جوراً-.
4- عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملک رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي-.
5- عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - لا تقوم الساعة حتي يملک رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملأها قسطاً وعدلاً-.
6- عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي فيملأها قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً-.
7- عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - لا تقوم الساعة حتي يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي-.
8- عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - المهدي يواطئ اسمه اسمي, واسم أبيه اسم أبي-.
9- عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: المهدي الموعود عجل الله تعالي فرجه الشريف مولده بالمدينة من أهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم واسمه اسم نبي مهاجره بيت المقدس کث اللحية اکحل العين براق الثنايا في وجهه خال في کتفه علامة النبي يخرج براية النبي صلي الله عليه و آله و سلم ولا تنشر حتي يخرج الإمام المهدي عليه السلام يمده الله بثلاثة آلاف من الملائکة يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم يبعث وهو ما بين الثلاثين إلي الأربعين....
10- عن أبي الجارود عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام أنه قال: إن الشريد الطريد الفريد الوحيد المفرد من أهله، الموتور بوالده، المکني بعمه، هو صاحب الرايات، واسمه اسم نبي.
11- الحديث المروي في (دلائل الإمامة) بسند ينتهي إلي أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم , أنه قال: - رأيت ليلة أسري بي إلي السماء قصوراً من ياقوت أحمر... , لشيعة أخيک علي عليه السلام... , ولشيعة ابنه الحسن عليه السلام من بعده... , لشيعة ابنه الحسن بن علي من بعده , ولشيعة ابنه محمد المهدي من بعده...- الحديث.
12- وفي حديث بسند ينتهي إلي أمير المؤمنين علي عليه السلام , أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: -... فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين و... و(م ح م د) بن الحسن القائم في وسطهم...- الحديث.
وقد جاء في کتاب تذکرة الأمة في بيان أو لاد أبي محمد الحسن العسکري قال: منهم محمد الإمام هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، وکنيته أبو عبد الله وأبو القاسم وهو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم والمنتظر والتالي وهو آخر الأئمة.انتهي.
13- ما روي عن الإمام علي عليه السلام في حديث مناشدته الناس علي المنبر وفيه: فقال الإمام عليه السلام: - أنشدکم الله، أتعلمون أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قام خطيباً - ولم يخطب بعدها- وقال: يا أيها الناس..., قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال: يا رسول الله، أکل أهل بيتک؟ فقال لا ولکن أوصيائي، أخي منهم, ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي کل مؤمن بعدي وأحد عشر من ولده، هذا أولهم وخيرهم ثم ابناي هذان - وأشار بيده إلي الحسن والحسين – ثم وصي...، ثم الحسن بن علي، ثم محمد بن الحسن مهدي الأمة، اسمه کاسمي..-.
14- روي من طريق البزار عن الطبراني عن قرة المزني أنه قال رسول
الله صلي الله عليه و آله و سلم: - لتملأن الأرض ظلماً وجوراً کما ملئت قسطاً وعدلاً حتي يبعث الله رجلاً مني اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملؤها قسطاً وعدلاً...-.
15- عن حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، في حديث ذکر فيه قضية السفياني وما يفعله من الفجور والقتل، قال: - فعند ذلک ينادي من السماء مناد: يا أيها الناس أن الله عز وجل قطع عنکم مدة الجبارين والمنافقين وأشياعهم وأتباعهم، وولاکم خير أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم فألحقوه بمکة فإنه المهدي واسمه أحمد بن عبد الله... -. الحديث.
16- لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتي يملک العرب رجل من أهل بيتي, اسمه يواطئ اسمي-.
17- حدثنا سفيان بن عيينة عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: - لا تقوم الساعة حتي يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي-.
18- عن زر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - يخرج رجل من أمتي يواطي اسمه اسمي وخلقه خلقي , فيملؤها عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً-
19- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه کاسمي وکنيته ککنيتي، يملأ الأرض عدلاً کما ملئت وجوراً.
20- حدثنا عبد الجبار بن علاء العطار , أخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم , عن زر , عن عبد الله, عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: - يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي-.
21- روي الشيخ الصدوق بسنده عن الحسن بن المنذر عن حمزة ابن أبي الفتح قال: جاءني يوماً فقال لي: البشارة! ولد البارحة لأبي محمدً عليه السلام وأمر بکتمانه, وأمر أن يعق عنه ثلاثمائة شاة.
قلت: وما اسمه؟
قال: سمي بمحمد , وکني بجعفر.
22- عن تميم الداري قال: قلت: يا رسول الله r ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها: انطاکية , وما رأيت أکثر مطراً منها. فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: نعم وذلک أن فيها التوراة وعصي موسي ورضراض الألواح ومائدة سليمان في غار... (إلي أن قال): ولا تذهب الأيام ولا الليالي حتي يسکنها رجل من عترتي, اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي, يشبه خلقه خلقي, وخلقه خلقي يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً.
23- عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: لا تذهب الأيام والليالي حتي يملک رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً-.
24- قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: - لا تذهب الدنيا حتي يبعث الله رجلاً من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي, واسم أبيه اسم أبي-.
25- عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: لا تذهب الدنيا أو لا تنقضي الدنيا حتي يملک العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.
هذا بعض ما ورد حول اسم الإمام المهدي عليه السلام، حيث نلاحظ أن بعضها ذکرت الاسم صريحاً بينما امتنعت عن ذکره البعض الآخر واستخدمت کاف التشبيه مرة وکلمة المواطأة مرة أخري واسم أبيه، بيد أن هناک طائفة من الروايات تتحدت بخلاف ذلک حيث ورد عن أهل البيت عليهما السلام التأکيد علي إخفاء الاسم المبارک, وعدم جواز التصريح باسم الإمام القائم عليه السلام والاکتفاء بذکر الألقاب والصفات وأحاديث أهل البيت الأطهار بهذا الخصوص کثيرة نذکر بعضاً منها کالتالي:
26- عن الإمام الصادق عليه السلام: - صاحب هذا الأمر لا يسميه باسمه إلا کافر-.
27- وعن الإمام الباقر عليه السلام: وقد سأله أبو خالد الکابلي عن اسم الإمام المهدي عليه السلام فقال الإمام الباقر عليه السلام: - سألتني والله عن سؤال مجهد ولقد سألتني عن أمر ما کنت محدثاً به أحداً، ولو کنت محدثاً به أحداً لحدثتک, ولقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا علي أن يقطعوه بضعة بضعة-.
28- وعن الإمام الهادي عليه السلام قال: الخلف من بعدي الحسن، فکيف بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداک؟ قال: إنکم لا ترون شخصه ولا يحل لکم ذکره باسمه. فقلت: کيف نذکره؟ فقال: قولوا الحجة من آل محمد عليهما السلام.
29- حدثنا أبي ومحمد بن الحسن قالا: حدثنا سعد بن عبد الله , عن محمد عيسي بن عبيد, عن إسماعيل بن إبان, عن عمرو بن شمر, عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: - سأل عمر أمير المؤمنين عليه السلام عن المهدي فقال: يا ابن أبي طالب أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ قال: أما اسمه فلا , إن حبيبي وخليلي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتي يبعثه الله عز وجل, وهو مما استودع الله عز وجل رسوله في علمه-.
هذا التعبير من المولي أمير المؤمنين أبيةٌ عن التخصيص ولا يمکن للرواية النافلة للأسم أن تفتح لنفسها مجالاً من باب أنتهاء زمان النقية لأن عبارة الإمام قوية وصريحة علي أن الأسم لا يمکن التصريح به إلي زمان خروجه وبعثه وهذا سر لا يجوز أداعته لأنه من الأسرار المودعة عند الرسول الأکرم فکيف يبح الإمام هذا السّر، أضف إلي ذلک أن الروايات الواردة في يوم النداء لا نذکر أسم الإمام عليه السلام بل تکتفي بالقول - فلان ابن فلان- وکان المناسب جداً أن تذکر اسمه المبارک خصوصاً في هذه الفترة الزمنية العصيبة حتي لا يقع الخلاف بين الناس لولا أن أهل البيت عليهما السلام حرصوا أشد الحرص في المحافظة علي حياة الإمام حتي لکي لا يعرف شخصه الکريم قبل الخروج وذلک بالإمتناع عن ذکر اسمه لأن الأسم يدل علي المسمي لذا أمتنعوا عن التلويح بأسمه هذا بعض ما جاء من الأحاديث عن اسم الإمام المهدي عليه السلام، وهي کما تري بعضها تصرح باسمه, وبعضها تحرم ذکر اسمه بل وتجعل من يسميه کافراً وبعضها توجب علي الناس الاکتفاء بالقول الحجة من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم، فما هو الحلّ هل نبوح باسمه المبارک إذا توصلنا لمعرفته حقاً، أم نکتمه ونذکر ألقابه وصفاته، أو نخوض في جدل عقيم؟
في الحقيقة إن الحل الأسلم هو العمل بما أمرنا به أهل البيت عليهما السلام حيث الاکتفاء بالقول: الحجة من آل محمد هو الحل المناسب في الخروج من زوبعة الأقاويل المتضاربة. خصوصاً بعد أن عرفنا وجود روايات متناقضة مذکورة عن الأئمة الأطهار حتي عن لسان شخصية واحدة من أهل البيت عليهما السلام وعلي سبيل المثال تلک الرواية السابقة المنقولة عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام التي تصرّح بذکر اسم الإمام المهدي أمام الجمهور في الوقت الذي تذکر الرواية الأخري من امتناع الإمام علي عليه السلام عن التصريح باسمه حتي يبعثه الله عز وجل فأي منهما هو الصحيح وأي منهما مفتري؟! خصوصاً وأن أهل البيت عليهما السلام يعتبرون کل من يسمي الإمام بالاسم هو کافر فکيف نري روايات منقولة عن أهل البيت تصرح بأسم الإمام وهذا أمر غريب ولذلک فنحن لا نستطيع الجزم بأحداها ما دام أهل البيت نصبوا لنا حلاً بضرورة الاکتفاء في ذکر اسمه بالقول (الحجة من آل محمد).