بازگشت

المقدمة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي خاتم المرسلين وآله المعصومين، ولاسيما إمام زماننا خاتم الوصيّين، ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين أبد الآبدين.

أما بعد، فيقول غريق الآمال والأماني (محمد تقي بن عبد الرزاق الموسوي الاصفهاني) - عفي الله عنهما - لإخوانه في الإيمان:

لقد جمعت في هذا الکتاب المختصر جملة من الأعمال بعنوانها وظيفة المؤمنين في زمان غيبة صاحب الزمان صلوات الله عليه أي حضرة الحجة ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

وهي أربع وخمسون أمراً يليق بالمؤمنين المواظبة عليها والعمل بها.

وسمّيته بـ (وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام).

ومن الله التوفيق.

الأوّل: الإغتمام لفراقه (ع) ولمظلوميته.

فقد ورد في (الکافي) عن الصادق(ع) أنّه قال:

«نفس المهموم لنا، المغتمّ لظلمنا تسبيح». [1] .

الثاني: إنتظار فرجه وظهوره (ع).

فقد ورد في (کمال الدين) عن الإمام محمد التقي (ع) أنه قال:

«إن القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي... إلي آخر الحديث». [2] .

وورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال:

«أفضل العبادة الصبر وانتظار الفرج». [3] .

وفي حديث آخر عن الصادق (ع) أنه قال:

«من مات منکم وهو منتظر لهذا الأمر کمن هو مع القائم في فسطاطه». [4] .

ولقد ذکرت هذا الموضوع مفصّلاً إضافة إلي بقية الوظائف في کتاب (مکيال المکارم). [5] .

الثالث: البکاء علي فراقه ومصيبته (ع).

فقد ورد في (کمال الدين) عن الصادق (ع) أنه قال:

«والله ليغيبنّ إمامکم سنيناً من دهرکم، ولتمحصنّ حتي يقال: مات أو هلک، بأيّ واد سلک، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين». [6] .

وروي عن الرضا (ع) أنه قال:

«من تذکّر مصابنا، وبکي لما ارتکب منّا، کان معنا في درجتنا يوم القيامة». [7] .

الرابع: التسليم والانقياد، وترک الاستعجال في ظهوره (ع).

يعني ترک قول (لم، ولأي شيء) في أمر ظهوره (ع)، بل يسلّم بصحة ما يصل إليه من ناحيته (ع) وأنه عين الحکمة.

فقد ورد في (کمال الدين) عن الإمام محمد التقي (ع) أنه قال:

«إنّ الإمام بعدي أبني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه، وقوله قوله أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سکت، فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟ فبکي (ع) بکاءاً شديداً، ثم قال: إن من بعد الحسن إبنه القائم بالحق المنتظر. فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمّي القائم؟ قال: لأنّه يقوم بعد موت ذکره وارتداد أکثر القائلين بإمامته، فقلت له: ولم سمّي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة يکثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينکره المرتابون، ويستهزيء بذکره الجاحدون، ويکذب بها الوقاتون، ويهلک فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلّمون». [8] .

الخامس: أن نصله (ع) بأموالنا. يعني: يهدي إليه (ع).

فقد ورد في (الکافي) عن الصادق (ع) أنه قال:

«ما من شيء أحبّ إلي الله من إخراج الدراهم إلي الإمام، وإنّ الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل أحد»، ثم قال: «إنّ الله تعالي يقول في کتابه: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً کَثِيرَةً). [9] .

قال: هو والله في صلة الإمام خاصة» [10] .

أما في هذا الزمان حيث أنّ الإمام (ع) غائب، يصرف المؤمن ذلک المال الذي جعله صلة وهدية له (ع) في موارد فيها رضاه، کأن ينفقها علي الصالحين الموالين له (ع)، فقد ورد في (البحار) نقلاً عن (کامل الزيارات) أنّ الإمام موسي بن جعفر (ع) قال:

«من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي موالينا يکتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر علي صلتنا فليصل صالحي موالينا يکتب له ثواب صلتنا». [11] .

السادس: التصدّق عنه (ع) بقصد سلامته.

کما ورد ذلک في کتاب (النجم الثاقب) مفصّلاً. [12] .

السابع: معرفة صفاته، والعزم علي نصرته في أي حال کان، والبکاء والتألم لفراقه (ع).

کما ورد ذلک أيضاً في کتاب (النجم الثاقب) مفصلاً. [13] .

الثامن: طلب معرفته (ع) من الله عز وجل.

فيقرأ هذا الدعاء المروي عن الصادق (ع) في (الکافي) و(کمال الدين) وغيره:

اللّهم عرّفني نَفْسَکَ، فَإنَّکَ اِن لَم تُعرّفْني نَفْسَکَ لَم اَعرِفْ نَبِيّيک.

اللهمَّ عَرّفْني رَسولَکَ، فإنَّکَ اِن لَم تُعرّفْني رَسولَکَ لَمْ اَعرفْ حُجَتَک.

اللّهمَّ عَرِّفْني حُجّتَکَ، فإنَّکَ اِن لَمْ تُعرّفْني حُجّتَکَ ضَلَلْتُ عَن ديْني. [14] .

التاسع: المداومة علي قراءة هذا الدعاء المروي عن الصادق (ع) کما ورد في (کمال الدين) وهو:

يا أللهُ يا رَحْمنُ يا رَحيم يا مُقلِّبَ القلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبي علي ديْنِک. [15] .

العاشر: إعطاء القرابين نيابة عنه (ع) بقدر الاستطاعة.

کما ورد ذلک في (النجم الثاقب). [16] .

الحادي عشر: عدم ذکر اسمه، وهو نفس اسم رسول الله صلي الله عليه وآله، وتسميته بألقاب، مثل: القائم، المنتظر، الحجّة، المهدي، الإمام، الغائب، وغيرها.

فقد ورد في أخبار کثيرة أن تسمية اسمه في عصر الغيبة حرام. [17] .

الثاني عشر: القيام احتراماً عند ذکر اسمه وخصوصاً لقب (القائم).

کما ورد ذلک في (النجم الثاقب). [18] .

الثالث عشر: إعداد السلاح للجهاد بين يديه.

فقد ورد في (البحار) عن (غيبة النعماني) أنّ الصادق (ع) قال:

(ليعدَّنَّ أحدکم لخروج القائم ولو سهماً، فإنّ الله تعالي إذا علم ذلک من نيّته رجوت لأن ينسيء في عمره حتي يدرکه). [19] .

الرابع عشر: التوسّل به (ع) في المهمّات، وإرسال رسائل الإستغاثة له (ع) کما ورد نصّها في (البحار). [20] .

الخامس عشر: القسم علي الله تعالي به (ع) في الدعاء، وجعله شفيعاً في قضاء الحوائج، کما ورد في کمال الدين. [21] .

السادس عشر: الثبات علي الدين القويم، وعدم اتباع الدعوات الباطلة المزخرفة.

وذلک لأنّ الظهور لا يکون قبل خروج السفياني والصيحة في السماء، فقد ورد في أخبار کثيرة:

«اسکن ما سکنت السماء من النداء، والأرض من الخسف بالجيش». [22] .

وورد في (البحار) عن (غيبة الطوسي) أنّ الإمام الرضا (ع) قال:

«ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء، صوتاً منها: ألا لعنة الله علي القوم الظالمين، والصوت الثاني: أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين.

والصوت الثالث: - يرون بدناً بارزاً نحو عين الشمس - هذا أمير المؤمنين قد کرّ في هلاک الظالمين». [23] .

وورد في حديث آخر:

أن جبرئيل ينادي في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان نداء يسمعه جميع الخلائق: (أن الحق مع علي وشيعته)، وفي آخر النهار ينادي إبليس: (أن الحق مع عثمان وشيعته)، فعند ذلک يرتاب المبطلون. [24] .

وفي حديث آخر ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض:

«ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه». [25] .

وورد في (کمال الدين) عن الصادق (ع):

«أوَّل من يبايع القائم (ع) جبرئيل ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه، ثم يضع رجلاً علي بيت الله الحرام ورجلاً علي بيت المقدس، ثم ينادي بصوت طلق تسمعه الخلائق: (أَتي أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ)

وفي حديث آخر:

«فيبعث الله تبارک وتعالي ريحاً فتنادي بکلّ واد: هذا المهدي، يقضي بقضاء داود وسليمان عليهما السلام لا يريد عليه بيّنة» [26] .

السابع عشر: العزلة عن عموم الناس.

فقد ورد في (کمال الدين) عن الإمام الباقر (ع) أنّه قال: «يأتي علي الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبي للثابتين علي أمرنا في ذلک الزمان، إنّ أدني ما يکون لهم من الثواب أن يناديهم الباري جل جلاله فيقول: عبادي وإمائي، آمنتم بسرّي وصدقتم بغيـبي، فابشروا بحسن الثواب منّي، فأنتم عبادي وإمائي حقاً، منکم أتقبّل، وعنکم أعفو، ولکم أغفر، وبکم أسقي عبادي الغيث وأدفع عنهم البلاء، ولولاکم لأنزلت عليهم عذابي.

قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلک الزمان؟ قال: حفظ اللسان ولزوم البيت». [27] .

أي يبتعد عن معاشرة الناس إلاّ في الضرورات، فإنّهم يُنسونه ذکر إمامه.

الثامن عشر: الصلاة عليه، عجّل الله تعالي فرجه. وسيأتي ذکر بعض الصلوات المروية إن شاء الله تعالي.

التاسع عشر: ذکر فضائله ومناقبه سلام الله عليه. وذلک لأنّه وليّ النعمة وسبب کل النعم الإلهية الواصلة إلينا کما أوضحت ذلک في کتاب (مکيال المکارم)، [28] فأحد أنواع الشکر لولي النعمة هو ذکر فضائله وکمالاته وإحسانه، کما ورد في (مکارم الاخلاق) [29] عن سيد الساجدين (ع) في حق ذي المعروف علينا من رسالة الحقوق.

العشرون: إظهار الشوق لرؤية جماله المبارک حقيقة.

کما ورد عن أمير المؤمنين (ع) عندما أشار إلي صدره وتأوّه شوقاً إلي لقائه [30] (وهو لم يولد بعد).

الحادي والعشرون: دعوة الناس لمعرفته وخدمته وخدمة آبائه الطاهرين.

فقد ورد في (الکافي) عن سليمان بن خالد أنّه قال للصادق (ع): إن لي أهل بيت وهم يسمعون منّي، أفأدعوهم إلي هذا الأمر؟ فقال (ع): نعم إنّ الله عز وجل يقول في کتابه:

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَکُمْ وَأَهْلِيکُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) [31] .

الثاني والعشرون: الصبر علي المصاعب وعلي تکذيب وأذي ولوم أعدائه في زمان غيبته (ع).

فقد ورد في (کمال الدين) عن سيّد الشهداء (ع) أنّه قال: «أما إن الصابر في غيبته علي الأذي والتکذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (ع)». [32] .

الثالث والعشرون: إهداء ثواب الأعمال الصالحة کقراءة القرآن وغيرها إليه، سلام الله عليه.

الرابع والعشرون: زيارته (ع).

وهذين العملين الأخيرين غير مختصّين به (ع)، بل وردا بشأن جميع الأئمة عليهم السلام.

الخامس والعشرون: الدعاء لتعجيل ظهوره، وطلب الفتح والنصر له (ع) من الله تعالي.

ولهذا العمل فوائد وثمار کثيرة جداً، وقد جمعتها نقلاً عن أخبار الأئمة الأطهار وذکرتها في کتاب (أبواب الجنّات آداب الجمعات) باللغة الفارسية، وفي کتاب (مکيال المکارم في فوائد الدعاء للقائم (ع)) وهو باللغة العربية.

وقد ورد في التوقيع الشريف المروي في (الاحتجاج) عنه (ع):

«وأکثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلک فرجکم» [33] .

وروي عن الإمام الحسن العسکري (ع) أنّه قال:

«والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلکة إلاّ من ثبّته الله عز وجل علي القول بإمامته ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه» [34] .


پاورقي

[1] الکافي: 2/ 226ح 16.

[2] کمال الدين: 2/ 377 ح 1، وعنه في البحار: 51/ 156 ح 1.

[3] تحف العقول: 201.

[4] البحار: 52/ 126 ح 18.

[5] مکيال المکارم: 2/ 141.

[6] کمال الدين: 2/ 347 ح 35.

[7] أمالي الصدوق: 68/ المجلس 17 ح 4 وعنه في البحار: 44/ 278 ح 1.

[8] کمال الدين: 2/ 378 ح 3 کفاية الأثر: 279 وعنه في البحار: 51/ 157 ح 5.

[9] سورة البقرة: 2/ 246.

[10] الکافي: 1/ 451 ح 2.

[11] البحار: 102/ 295 ح 1 عن کامل الزيارة: 319.

[12] النجم الثاقب: 442.

[13] النجم الثاقب: 424.

[14] الکافي: 1/ 272 ح5، کمال الدين: 2/ 342 ح 24 وعنه في البحار 52 / 146ح 70.

[15] کمال الدين: 2/ 352 ح 49.

[16] النجم الثاقب: 444.

[17] الکافي: 1/ 332.

[18] النجم الثاقب: 444.

[19] البحار: 52/ 366 ح 146، عن غيبة النعماني: 320 ح 10.

[20] البحار: 94/ 29.

[21] کمال الدين: 493، ح 18.

[22] أمالي الطوسي، ومعاني الاخبار: 266، وعنهما في البحار: 52/ 189 ح 16، 17.

[23] غيبة الطوسي: 268، وعنه في البحار: 52/ 289ح 28.

[24] الإرشاد: 2 / 371.

[25] کمال الدين: 372، ح 5.

[26] کمال الدين: 2/ 671 ح 19.

[27] کمال الدين: 1/ 330 ح 15.

[28] مکيال المکارم: 1/ 36.

[29] مکارم الاخلاق: 459.

[30] غيبة النعماني: 214 وعنه في البحار: 51/ 115 ح 14.

[31] الکافي: 2/ 211 ح 1، والآية من سورة التحريم: 6.

[32] کمال الدين: 1/ 317 ح 3.

[33] الاحتجاج: 2/ 284.

[34] کمال الدين: 2/ 348 ضمن ح1.