بازگشت

مقدمة المرکز


الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطاهرين.

الاعتقاد بالمهدي المنتظر (ع) من الأمور المجمع عليها بين المسلمين، بل من الضروريّات التي لا يشوبها شک. [1] .

وقد جاءت الأخبار الصحيحة المتواترة عن الرسول الأکرم صلي الله عليه وآله أنّ الله تعالي سيبعث في آخر الزمان رجلاً من أهل البيت عليهم السلام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً، وجاء أنّ ظهوره من المحتوم الذي لا يتخلّف، حتّي لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عزّ وجل ذلک اليوم حتّي يظهر.

وکيف وأنّي يتخلّف وعد الله عزّ وجل في إظهار دينه علي الدين کلّه ولو کره المشرکون؟ وکيف لا يحقّق - تعالي - وعده للمستضعفين المؤمنين باستخلافهم في الأرض وبتمکين دينهم الذي ارتضي لهم، وإبدالهم من بعد خوفهم أمناً، ليعبدوه - تعالي - لا يشرکون به شيئاً.

وقد أجمع المسلمون علي أنّ المهديّ المنتظر (ع) من أهل البيت عليهم السلام، وأنّه من ولد فاطمة عليها السلام. وأجمع الإماميّة - ومعهم عدد کبير من علماء السنّة - أنّه من ولد الإمام الحسين (ع)، وأجمعوا - ومعهم عدد من علماء السنة - أنّه (ع) من ولد الإمام الحسن العسکري (ع)، فأثبتوا اسمه ونعته وهويته الکاملة.

هکذا فقد اعتقد الإمامية - ومعهم بعض علماء السنّة - أنّ المهدي المنتظر قد ولد فعلاً، وأنّه حيّ يرزق، لکنّه غائب مستور، وماذا تنکر هذه الأمّة أن يستر الله عزّ وجل حجّته في وقت من الأوقات؟ وماذا تنکر أن يفعل الله تعالي بحجّته کما فعل بيوسف (ع)، أن يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه، حتّي بأذن الله عزّ وجل له أن يعرّفهم بنفسه کما أذن ليوسف (قالُوا أَإِنَّکَ لأََنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي). [2] .

أو لم يخلّف رسول الله صلي الله عليه وآله في أمتّه الثقلين: کتاب الله وعترته، وأخبر بأنّهما لن يفترقا حتّي يردا عليه الحوض؟ أو لم يخبر صلي الله عليه وآله أنّه سيکون بعده اثنا عشر خليفة کلّهم من قريش، وأنّ عدد خلفائه عدد نقباء موسي (ع)؟ وإذا کان الله تعالي لم يترک جوارح الإنسان حتّي أقام لها القلب إماماً لتردّ عليه ما شکّت فيه، فيقرّ به اليقين ويبطل الشکّ، فکيف يترک هذا الخلق کلّهم في حيرتهم وشکّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شکّهم وحيرتهم. [3] وحقّاً (لا تَعْمَي الأَْبْصارُ وَلکِنْ تَعْمَي الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ). [4] .

ولا ريب أنّ للعقيدة الشيعيّة في المهدي المنتظر (ع) - وهي عقيدة قائمة علي الأدلّة القويمة العقليّة والنقليّة - رجحاناً کبيراً علي عقيدة من يري أنّ المهدي المنتظر لم يولد بعد، يقرّ بذلک کلّ من ألقي السمع وهو شهيد إلي قول الصادق المصدّق صلي الله عليه وآله: من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتةً جاهليّة. [5] .

ناهيک عن أنّ من معطيات الاعتقاد بالإمام الحيّ أنّها تمنح المذهب غناءً وحيويّة لا تخفي علي من له تأمّل وبصيرة. [6] .

ولا ريب أنّ إحساس الفرد المؤمن أنّ إمامه معه يعاني کما يعاني، وينتظر الفرج کما ينتظر، سيمنحه ثباتاً وصلابة مضاعفة، ويستدعي منه الجهد الدائب في تزکية نفسه وتهيئتها ودعوتها إلي الصبر والمصابرة والمرابطة، ليکون في عداد المنتظرين الحقيقيين لظهور مهديّ آل محمد عليه وعليهم السلام، خاصّة وأنّه يعلم أنّ اليمن بلقاء الإمام لن يتأخرّ عن شيعته لو أنّ قلوبهم اجتمعت علي الوفاء بالعهد، وأنّه لا يحبسهم عن إمامهم إلاّ ما يتّصل به ممّا يکرهه ولا يؤثره منهم. [7] .

ولا يماري أحد في فضل الإمام المستور الغائب - غيبة العنوان لا غيبة المعنون - في تثبيت شيعته وقواعده الشعبية المؤمنة وحراستها، کما لا يماري في فائدة الشمس وضرورتها وإن سترها السحاب. کيف، ولولا مراعاته ودعائه (ع) لاصطلمها الأعداء ونزل بها اللأواء، لا يشکل أحد من الشيعة أنّ إمامه أمان لأهل الأرض کما أنّ النجوم أمان لأهل السماء. [8] .

وقد وردت روايات متکاثرة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام تنصبّ في مجال ربط الشيعة بإمامهم المنتظر (ع)، وجاء في بعضها أنه (ع) يحضر الموسم فيري الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه، [9] وأنّه (ع) يدخل عليهم ويطأ بسطهم، [10] کما وردت روايات جمّة في فضل الإنتظار، وفي فضل إکثار الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ فيه فرج الشيعة.

وقد عني مرکز الدراسات التخصّصيّة في الإمام المهديّ عجّل الله تعالي فرجه الشريف بالاهتمام بکلّ ما يرتبط بهذا الإمام الهمام (ع)، سواءً بطباعة ونشر الکتب المختصّة به (ع)، أو إقامة الندوات العلميّة التخصصيّة في الإمام عجل الله فرجه ونشرها في کتيبات أو من خلال شبکة الانترنيت ومن جملة نشاطات هذا المرکز نشر سلسلة التراث المهدويّ، ويتضمّن تحقيق ونشر الکتب المؤلّفة في الإمام المهديّ عجل الله فرجه، من أجل إغناء الثقافة المهدويّة، ورفداً للمکتبة الإسلاميّة الشيعيّة، نسأله - عزّ من مسؤول - أن يأخذ بأيدينا، وأن يبارک في جهودنا ومساعينا، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الکريم، والحمد لله رب العالمين.

والکتاب الماثل بين يديک عزيزي القارئ لمؤلف کبير ألا وهو الحاج محمد تقي الموسوي، وقد إعتمدنا في هذه الطبعة علي تعريب وتحقيق مدرسة الإمام المهدي للسيد الأبطحي مع بعض الإضافات والتخريجات التي رأيناها ضرورية لإکمال العمل.

ومن الله التوفيق


پاورقي

[1] روي عن النبيّ صلي الله عليه وآله أنّه قال: من أنکر خروج المهدي فقد کفر بما أنزل علي محمد. انظر عقد الدرر: 230، عرف المهدي 2: 83، الفتاوي الحديثيّة: 27، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: 175، ف 12.

[2] يوسف: 9، والاستدلال منتزع من الکافي 1: 337.

[3] انظر محاججة مؤمن الطاق مع عمرو بن عبيد. کمال الدين 1: 207 - 209 / ح 23.

[4] الحجّ: 46.

[5] حديث مشهور تناقله علماء الطرفين في مجاميعهم الحديثية بتعابير تتّفق في مضمونها - انظر - علي سبيل المثال - مسند أحمد 3: 446 و4: 96، المعجم الکبير للطبراني 12: 337، و19: 335 و338، و20: 86، کبقات ابن سعد 5: 144، مصنّف ابن أبي شيبة 8: 598 / ح 42. وانظر تفاسير الطرفين، في تفسير آية (يَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) أي بإمام زمانهم. انظر الفردوس للديلمي 5: 528 / ح 8982.

[6] انظر کلام المستشرق الفرنسي الفيلسوف هنري کاربون في مناقشاته مع العلاّمة الطباطبائي في کتاب «الشمس الساطعة».

[7] انظر: الاحتجاج للطبرسي 2: 325، بحار الأنوار 53: 177.

[8] قال صلي الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض. انظر علل الشرايع 1: 123، کمال الدين 1: 205 / ح 17 - 19.

[9] وسائل الشيعة 11: 135، بحار الأنوار 52: 152.

[10] الکافي للکليني 1: 337 / ح 4.