بازگشت

خاتمة المطاف


العدل الخلقي والاجتماعي نتيجة طبيعية للدين الإسلامي الحنيف إذا عمل المسلمون بقواعد هذا الدين، وطبقوا تعاليمه علي ما يعملون وما يعتقدون، وکان من المحتم أن يصل المسلمون إلي هذه الغاية منذ يومهم الأول لو أحسنوا الإتباع واجتهدوا في التطبيق، ولکن تزاحم الغايات يبعد عن المراد.

لم يصل المسلمون إلي الغاية التي نهج إليها الدين حين ترکوا اللباب من هذه التعاليم واکتفوا بالظاهر، ونظرة الدين إلي الباطن سابقة علي نظرته إلي الظاهر، ولذلک فهو يبدأ بالعقيدة قبل العمل.

(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي) [1] و(إن الله يأمرکم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حکتم أن تحکموا بالعدل) [2] (وأمرت لأعدل بينکم) [3] وما أکثر الآيات الدالة علي أن غاية الدين الأولي هي تحقيق العدل بجميع معانيه.

وإذا کان الإسلام هو الدين الذي شرعه الله ليکون دين البشر العام، فإن غايته لا بد ان تکون هي تحقيق العدل العام الذي يملأ الأرض.

هذا ما أراد الله للبشر حين شرع لهم الدين؛ وهذا ما تفاءلت به الأديان حين أخبرت بالعدل المنظر.

والبشر الذي يسير إلي الکمال في العلم المادي بسرعة البرق، وبقوة الذرة لا يمتنع عليه أن يسير إلي الکمال في العدل الخلقي بسرعة القدم.

سيصل البشر إلي هذه الغاية من دون ريب حين يدرکون سموّ العدل، وحين يفهمهم المصلح أن هذا العدل لا يتحقق إلا بدين الإسلام.

هذه الفکرة هي التي تقول بها الشيعة في المهدي، وتقول: إن المهدي الذي يفهم الناس بهذه الضرورة هو آخر رجال العترة الذين خلفهم النبي في الأمة، وبقية ذوي القربي الذين أوجب الله مودتهم في الکتاب، وهذه خلاصة رأي الشيعة في المهدي.

والشيعة ترحب بکل نقد نزيه يتعلق بمذهبها، علي أن يکون التفاهم للحق وحده، وإذا کان المقصد هو الحق صغرت الوسيلة لعظم الغاية.

وعلي الناقد أن يتأکد من الرأي قبل أن يتسرع في النقد فيدل من نفسه علي ما لا يحمد؛ فإن في السکوت إذا لم تتضح للناطق مواضع النطق، ورحم الله مؤيد الدين الطغرائي الذي يقول:



غالي بنفسي عرفاني بقيمتها

فصنتها عن رخيص القدر مبتذل



وأنا حين أودع سعادة الدکتور أحمد أمين، فإني أکبر منه جهاده المتواصل وتآليفه التي خدم بها الأدب، وأرجو أن تکون صلتنا للحق وحده، کما يريد هو وکما أريد أنا، وله خالص التحيات من صديقه الجديد.


پاورقي

[1] سورة النحل آية 90.

[2] النساء آية 58.

[3] سورة الشوري آية15.