بازگشت

المهدوية في التاريخ


أراني أمام حقيقة لاذعة، يسوقني إليها البحث في هذا الموضوع، وأراني مضطرا إلي الجهر بها وإن أساءت للدکتور حفظه الله، وأساءت کثيرا من أصدقائه المخلصين وفي مقدمتهم صديقه الجديد محمد أمين زين الدين.

لست أکشف مستورا ولکني أکره أن أحرر کل شيء، ولکن ما الحيلة إذا ألجأني الأستاذ أن أقول، وماذا أصنع إذا اضطرني الحق أن أجهر، وهل بإمکاني أن أغضب الحق لرضي أحمد أمين أو محمد أمين، أو أسکت عن الحق فأکون شيطانا أخرس کما يقول الحديث، وکما يقول العقل أيضاً.

ليس بإمکاني ذلک ولا بإمکان کل کاتب يتحري الحقائق وإذن فلأقل ما شاء لي الحق أن أقول، وليغضب من يغضب، وليرض من يرضي.

علم کل باحث في المِلل والنحل أن الشيعة تشتمل علي فرق متکثرة تتباين في العقيدة وتختلف في المذاهب والآراء وإن اجتمعت علي تقديم عليّ علي غيره من الخلفاء، وأضاف المفترون إليها فرقا خيالية موهومة لم يعرف لها الواقع اسما ولم يعين لها الزمان مسمي. ولکن کتب المِلل والنحل تذکر هذه الفِرق، وتدوّن لها آراء ومعتقدات، وتعيّن لها زعماء ومؤسسين، ولد بعضهم الخيال ولم يلده التاريخ، وسواء أصح هذا أم لم يصح؛ فقد أصبحت الشيعة عند هؤلاء فرقا کثيرة العدد ولأقوال وعلم کل باحث في المذاهب هذه الکثرة في فرق الشيعة، وهذا التباين بين معتقداتها، ولکن سعادة الدکتور

يأبي له تتبعه إلا أن يجمع الشيعة علي صعيد واحد ويخاطبهم بلسان واحد، فکل عقيدة ثبتت لبعضهم فقد ثبتت للجميع وکل عمل يصدره بعضهم فقد أصدره الجميع، وکل تصرّف وقع من بعضهم فقد وقع من الجميع، ولذلک فالشيعة عنده متناقضون في عقائدهم وأعمالهم، والشيعة مؤاخذون عنده بما ترتکبه أيّة فِرقة من فِرقهم، وإن خرجت هذه الفرقة من خبر

کان ودخلت في خبر ليس کما يقولون.

و إلا فأي شخص من المتعلمين يجهل أن الکيسانية غير الزيدية، وإن الإسماعيليين غير البابيين، وإن جميع هذه الطوائف غير الإمامية الإثني عشرية.

وأي شخص من المتعلمين يجهل أن هذه الفِرق تتباين في عقائدها، وتختلف في مسالکها، وإن کل واحدة من هذه الفِرق تتميز بعقيدة لا يصح لنا أن ننسبها إلي فِرقة أخري، أي شخص يجهل ذلک.

وهل يصح لعاقل أن يقول: أن بعض المصريين يرتکب القبائح فيجب أن يکون جميع المصريين أو جميع العرب والمسلمين يرتکبون تلک الآثام، أو يقول: أن بعض الغربيين يجهلون القراءة والکتابة فلا بد أن يکون جميع الغربيين أميين لا يقرأ ون ولا يکتبون.

لا أعتقد أن الدکتور يقول بهذا مطلقا، وإن کان يقول به حين ما يکتب علي الشيعة وعن أئمة الشيعة.

من الحرج عل مؤلف کبير يکتب لملايين من البشر أن يعمل لنتائجه أقيِسة هي أحط من أقيسة الأطفال، ثم يقدمها للناس علي أنها حقائق علمية.

أئمة أهل البيت يرتکبون الإثم في الخلفاء، لأن الإسماعيليين يرتکبون الإثم علانية، والإمام لا يمکن أن يکون معصوما، لأن الفاطميين کانوا ظلمة مستهترين.

وفکرة المهدي باطلة، لأن من نجح من دعاة المهدوية لم يحقق عدلا ولم يرفع ظلما؛ والشيعة يعتقدون بالحلول، لأن البابية والحلاج يعتقدون ذلک.

وهو يقولون برجعة الأئمة بطريق التناسخ لأن الشلمغاني يقول بذلک، ويقولون إن المهدي في جبل رضوي عنده عينان نضاختان فيهما عسل وماء لأن الکيسانيين يقولون بهذا، ونظمها کثير عزة في شعره.

فهل يريد القارئ مني أن أنقل له کتاب المهدي والمهدوية کله شاهدا علي هذه الدعوي.

من الحرج علي مؤلف کبير أن يعمل هذه الأقيسة ليلقي نتائجها دروسا علي مئات من المثقفين الجامعيين، ثم يحررها کتبا لملايين من القرّاء، علي أنها حقائق علمية من الحرج عليه أن يکتب مثل هذا ثم يعتذر بقلة المصادر وکيف يسوغ لباحث أن يلج موضوعا ص خطرا مع قلة إحاطة وعدم تتبع، والخيال والتاريخ لا ينفعان الکاتب في جميع الأشياء.

يذکر الأستاذ لفکرة المهدي تأريخا مشوها في الإسلام ويقول إن هذا التاريخ دليل علي بطلان الفکرة؛ ولو أردنا أن نجمع تاريخ النبوات الکاذبة، والأرباب المزيفة، لوجدنا تأريخا ص عجيبا هو أشد تشويها من هذا التأريخ الذي وضعه الأستاذ لفکرة

المهدي، فهل يصح لأحد أن يستدل علي کذب النبوات کلها، وإنکار الإله الحق بهذا التأريخ المشوه الذي وضعناه للکاذبين، لا أعتقد أن الدکتور يصحح ذلک الدليل وإن کان يقول بصحته حين ما يکتب عن فکرة المهدي.

وبعد فإن الدکتور ينظر إلي المسلمين عامة نظرة سوداء فيها کثير من الاحتقار وکثير من الإزدراء، لأن الشيعة في رأيه جمعية سرية ترتب أمورها بدقة وتسيرها بإتقان، وقد تمکنت بفضل هذه الدقة أن تدس في أحاديث المسلمين ما تشاء، وإن تلوّن تأريخ المسلمين کيف تريد، وأن تدخل في العلوم والفنون ما تختار، ورؤساء المسلمين وقياداتهم في غفلة عن هذا التصرف الذريع، فأحاديث المسلمين وتأريخهم وتفسيرهم وعلومهم ألعوبة بأيدي هذه الفئة الدساسة، ولعل أيدي هؤلاء امتدت علي أشياء أخري يحذر الأستاذ من الجهر بها.

والأدب... والأدب، کيف لونه الشيعة القرمطيون بطابع الدم والثورة والحيرة والاضطراب، ولا تعجب من هذه النسبة فهي عبارة واحدة عند الأستاذ لأنه يقول عن المتنبي أنه تعلم في بعض مکاتب الشيعة، ومن هؤلاء الشيعة کانت القرامطة، ولذلک فالمتنبي شيعي قرمطي، وکل شيعي قرمطي، کما أن کل شيعي إسماعيلي، وکل أديب باک أو متحير فهو شيعي قرمطي وإن کان في تسنن جرير، وفي نصب مروان بن أبي حفصة؛ وکل شعر دموي فشاعره شيعي قرمطي وإن کان من الجاهليين أو من المخضرمين.

أنا لا أنکر ما للأدب الشيعي من الروعة، وما فيه من الجمال، لأن هذه الظاهرة في الأدب الشيعي واضحة يجدها کل قارئ يتذوق الأدب.

أدب الشيعة صديًً لعواطف ملتهبة، أخمد الزمان لهبها أن يظهر، وأطلق الأدب دخانها أن يثور، ففاح کما يفوح الند حين يحترق، وماء الورد حين يتصاعد، وفي الأدب الشيعي رقة الدمع، ورهبة الدم، والحزن للقلوب والکئيبة کالنار حين تنفي خبث الحديد، وتنقي الذهب الإبريز ويستطيع الأديب الشيعي أن يبکي في ثورته، ,وأن يثور في بکائه، وأن يسيطر علي الموقف في کلتا الحالتين، لأنه يقلي من شظايا فؤاده.

لم تستطع الشيعة أن تعمل، ولکنها استطاعت أن تقول، والکبت حين يشتد يتصل بأعماق النفس ليمزج العقيدة بالعاطفة، ثم يتصعد مع الزفرات أدبا يلهب ويلتهب ويبکي ويستبکي، وفي أنّة الحزين معان لا تستطيع أن تعبر عنها أنّة المعافي، وإن تشابهتا في التوقيع.

هذا ما يجعل أدب الشيعة في القمة من أدب المسلمين، وفي الذروة من أدب العروبة، وهذا بعض ما استفادته الشيعة من يوم الحسين، وأيام العترة في التأريخ، وأيامهم في التأريخ دموع ودماء.

والشيعة حين تکبر يوم الحسين فإنها تريد أن تعترف بالفضل لهذا المنقذ، لأنه استطاع أن يمزج العقيدة الإسلامية بلحومها ودمائها، وأن تؤدي للرسول الأعظم أجر الرسالة بالولاء الصحيح، والولاء الصحيح مشارکة في الأحزان والأفراح، وإذا لم يستطع التأريخ أن يحفظ للعترة يوم فرح فقد حفظ لها أيام الحزن. [1] .

أنا أعترف للأدب الشيعي بجميع ذلک، ولکني أنکر أن يکون کل أديب باک شيعياً، وکل شاعر ثائر قرمطيا، لأن أکثر الشعر بکاء، وأکثر الشعراء ثائرون، وهل بإمکان الأديب أن يبکي وأن لا يثور، وهو يصور الحياة، وأکثر ما في الحياة آلام.

ولست أعتقد أن الدکتور لم يثر ولم يبک في يوم من الأيام، وإذن فالدکتور أحمد أمين شيعي قرمطي لأنه بکي وثار في أدبه، ولعله أبکي واستثار.

ويعجبني کثيرا هذا التحقيق التأريخي لنقل کلمة المهدي الذي يذکره الدکتور ص(10)

وأن المختار ابن أبي عبيد الثقفي نقل کلمة المهدي إلي معني آخر لزمها إلي اليوم، وهو أن المهدي لم يمت، وإنما هو وأصحابه يقيمون في جبل رضوي وهو في الحجاز علي سبع مراحل من المدينة، وإنه وأصحابه أحياء يرزقون».

عذرتکم أيها الإخوان، فإن للحب مجالي يجهلها غير العاشقين الشيعة متيمون بنبيهم، متيمون بأئمتهم، ويرون في هذا الحب أشد أنواع الإتباع.

ينشأ الطفل الإثنا عشري، وعقيدة التوحيد والرسالة ملؤ إدراکه ومدارکه، وملؤ سمعه وقلبه، واسم الحسين مع هذه العقيدة في سمو معناها وسمو أهدافها، يمدها من مصرعه بالدم فيحيل العقيدة عاطفة، وتمد هي مصرعه بالعظمة فينعکس عليه جلالها، وترتسم عليه أضواؤها.

لست أريد أن أرثي الحسين، ولکني أريد أن أصور عقيدة الشيعة في الحسين وفي الأئمة من آله، تقول الشيعة: أن النبي بکي في يوم حمزة، وقال: ولکن حمزة لا بواکي عليه، وبکي في يوم جعفر وزيد بن حارثة، وبکي لأحياء آخرين، والحسين أقرب هؤلاء إلي قلبه وأشدهم صلة بروحه، وتروي الشيعة عن أئمتها أحاديث في فضل البکاء عليه.

وبعد فلماذا يعد الحزن لأهل البيت بدعة، بعد أن کان محل خلاف بين المسلمين، وبعد أن أدي اجتهاد علماء الشيعة إلي جوازه ورجحانه.

لم يستطع الناقدون أن يقولوا: حب أهل البيت بدعة، فقالوا: البکاء لمصابهم بدعة، ولم يظهروا: أن يوم الحسين عيد للأمة، ولکنهم جعلوا عيد الهجرة في شهر محرم.

نغمات قديمة وقعها ابن کثير في تاريخه وتبعه آخرون.

ومن أحدث هذه النغمات ما رأيته في مجلة لواء الإسلام في عدد المحرم من سنة 1371.

تقول المجلة عن حديث التوسعة علي العيال في يوم عاشوراء هو من الأحاديث المکذوبة، لأن رواية أهل الکوفة وأهل الکوفة طائفتان: رافضة يظهرون موالاة أهل البيت، وهم في الباطل إما ملاحدة زنادقة؛ وإما جهال وأصحاب هوي، وطائفة ناصبة تبغض عليا وأصحابه، ولما قتل الحسين بن علي يوم عاشوراء صارت طائفة الروافض تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، ولما رأت طائفة النواصب ذلک قابلت الفاسد بالفاسد والکذب بالکذب، فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور والتوسعة.

أرأيت کيف يعدون الحزن لأهل البيت من الکذب ومن العمل الفاسد، أرأيتهم کيف يحکمون علي الشيعة بالإلحاد والزندقة وهل تعلم دليلهم علي هذا الحکم.

دليلهم عليه أن الشيعة تحب أهل البيت و إلا فأي دليل يقوم علي أن من يظهر الولاء لهل البيت فهو ملحد في الباطن أو مبتدع، وأي تأريخ يقول: أن النبي هاجر في شهر المحرم.

لم يهاجر النبي في شهر المحرم، ولکن الحسين قتل في هذا الشهر، ولم يبتدع الشيعة شيئا، ولکنهم يحبون أهل البيت.

تأمل بربک تأمل، هل تصح هذه العبارة من المختار إلا حين يعتقد الناس الآخرون أن إمامه قد مات، والمؤرخون مجمعون علي أن المختار قتل في السنة السابعة والستين للهجرة وأن محمدا ابن الحنفية مات بعده بخمس سنين علي أقل التقادير. [2] .

وهذا الجدول التأريخي الطويل الذي حشد فيه الدکتور کثيرا من وقائع الدهر، وجعله فهرسا لنتائج فکرة المهدي أو للأحداث المتصلة بها کما يقول، کأن الدکتور قد لاحظ فيه أن کل حرکة قام بها شيعي أو کانت ضد حرکة شيعية، وکل ثورة قام دعاتها باسم العدل، فجميع هذه الحرکات والثورات من الأحداث المتصلة بفکرة المهدي و إلا فأي علاقة لخلافة علي، ومقتل الحسين، وثورة المختار وبعض ثورات العلويين، وسيف الدولة الحمداني، و.و.و.أي علاقة لهذه الأشياء بفکرة المهدي، لو لم تکن هذه الحرکات شيعية، أو لم يکن تأسيسها باسم العدل، ورفع الظلم؛ ولهذا کان الواجب أن يضيف إلي هذه القائمة کل ثورة نهض زعماؤها باسم العدل، وإن لم تکن في الشرق أو لم تکن عند المسلمين.

لا يشک أحدٌ أن مصدر ابتلاء الشيعة بهذه التهم هو اختفاؤها بعقائدها أيام التقية والخوف.

وماذا يصنع الشيعة إذا ألجأهم البرهان العلمي إلي الاعتقاد، واضطرتهم الحکومات القائمة إلي الاستتار، وماذا يصنع الدکتور نفسه إذا ابتلي بمثل ذلک، فهل يترک عقيدته التي حتما عليه البرهان، أو يخاطر بدمه الذي عصمه القرآن علي غير جدوي في هذه المخاطرة.

لست أشک في أن الدکتور يختار ما اختارته الشيعة إذا ابتلي بمثل بلائها، يسر العقيدة ويساير الجمهور، وهذه نتيجة لا بد منها إذا فرضها الزمن.

کان من المحتم علي الشيعة أن يختفوا؛ وکان هذا الاختفاء مصدر ابتلائهم بهذه التهم الکاذبة التي لا تتصل بهم ولا تشبه قواعد مذهبهم.

من الضروري لکل شخص يقوم بحرکة انقلابية ضد حکومة رسمية قائمة أن تکون دعوته سرية في بدايتها وأن يستخدم بعض الفکر الصحيحة لتحقيق غايته، کفکرة المهدي وما يشبهها، وأن يُموّه علي المغفلين ممن اعتنق هذه الفکرة ليساعدوه علي ما يريد، لا بد له من ذلک، وفي هذا ما يوهم المؤرخين والحکومات القائمة أن الحرکة شيعية، وفي الحق أن

الشيعة منها براء، والدليل علي ذلک تبرّء الشيعة وأئمة الشيعة من هذه الحرکات، ومن زعمائها، وأحبار الأئمة في التنديد بهؤلاء الثائرين؛ محفوظة في کتب الشيعة المعتمدة ولکن المؤرخين مصرون علي أن هذه الحرکات شيعية وأن زعماءَها شيعيون.

تتبرأ الشيعة وأئمة الشيعة من الحلول والتجسيم؛ وتکفّر من يقول بهما، ويأبي المؤرخون إلا أن يکون الحلاج والشلمغاني شيعيين، وأن تکون ثورة القرامطة ثورة شيعية، وارتکاباتهم أعمالا شيعية مهدوية.

وتحکم الشيعة وأئمة الشيعة بنجاسة من يدعي النبوة بعد نبي الإسلام وتبطل کل دين يظهر بعد دين الإسلام، ويقول المؤرخون ومنهم الدکتور أحمد أمين أن نهضة البابليين والقاديانية نهضتان شيعيتان مهدويتان.

وتحکم الشيعة بکفر القائلين بوحدة الوجود، وتنزه الله عن عوارض المکان والإمکان؛ وتقول أن شريعة الإسلام کافية لتهذيب الظاهر والبطن، ويقول العلامة ابن خلدون والدکتور أحمد أمين إن المتصرفة أخذت مذاهبها من عقائد الشيعة، أرأيت أعجب من هذا.

نظير ما ينقلون في نوادر الأذکياء أن رجلا بلغه موت أحد أصدقائه في السفر فحزن عليه حزنا شديدا وجزع لفقدهن واتفق أن صديقه عاد من سفره سالما، فلقيه يوما في الطريق، فسلم عليه وهو يبکي، ويقول: عظم الله أجورنا فيک أيها الأخ العزيز فلقد شق علينا موتک، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

فضحک صديقه وقال: وها أنا بحمد الله رجعت سالما فقال: إن الذي أخبرني بموتک أصدق منک أيها الأخ.

تبرّأ الشيعة من هذه الآراء ومن معتقديها، ويقول المؤرخون أنها آراء شيعية وإن المعتقدين بها شيعيون، لأن الذي يخبرنا بذلک هو التأريخ، وکتب الملل والنحل وهما شاهدان عادلان.

أنظروا کتب الشيعة مشحونة بالرد علي هذه الأهواء لعلکم تصدقون أن هذه الأهواء غير شيعية وأنها تباين قواعد المذهب الجعفري، ولعل من کتب في رد هذه الأهواء من الشيعة أکثر من زعم غيرهم، أنظروا کتب الشيعة لعلکم تصدقون معي أن التأريخ لم يکتب للتاريخ وإنما کتب للعقيدة، وإذا قلت المصادر عن المذهب الإسماعيلي فإن مصادر الإثني عشرية غير قليلة، إقرأوا کتب الشيعة ثم انقدوا عن کنتم ناقدين، وستعلمون من دون ريب أن الشيعة لا تناصر فلسفة ولا تصوفا وإنما تناصر الحق وتساند الدليل.

ستعلمون أن الشيعة لا تقول أن في القرآن أدبا رمزيا يؤول بمشتهيات النفوس ولکنها کما يقول القرآن: منه آيات محکمات هنّ أمّ الکتاب وأخَر متشابهات، وتقول إن المتشابهات يجب ردها علي السنة النبوية الصحيحة، وإلي ما يقول العترة الذين جعلهم النبي قرناء الکتاب.


پاورقي

[1] رعي الله إخواننا من المسلمين، وتجاوز عنهم فيما يصنعون أنهم يأخذون علي المحزون أن لا يئن، ويحکمون علي المصدور أن لا يتزفّر، يؤاخذون الشيعة حين تبکي لآلامها، وحين تحزن لأوليائها، ويقولونک إن مواساة النبي في أحزانه بدعة، وإن التوجع لآلام أهل البيت ضلال.

[2] أنظر تاريخ الطبري في حوادث سنة67، ووفيات الأعيان في ترجمة محمد ابن الحنفية.