و يظهر من هذه الرواية جملة من النقاط تعزز ما تقدم
الاُولي: أنّ ظاهر دعوة الحسني ليس متمحّضة في الدعوة إلي المهدي عجل الله فرجه، بل شعاره عامّ في رفع الظلم، ومن ثمّ يشاهد جملة من قاعدته وأتباعه من الزيديّة، والمراد منهم ـ کما مرّ ـ المعني النعتي الوصفي لا العلمي، أي من يري أنّ الإمامة هي بالتصدّي العلني لتدبير الاُمور السياسيّة الاجتماعيّة وتغييرها.
الثانية: أنّه مع کون الشعار والمنهاج المعلن للحسني ليس بتلک الدرجة من الاستقامة، إلاّ أنّ ذلک بسبب الأجواء والوسط الذي يقوم فيه، ومع ذلک فلا تغيب البصيرة بتمامها عن الحسني في الانقياد والاتّباع للإمام عجل الله فرجه.
وإلي ذلک تشير رواية النعماني في الغيبة، بإسناده عن أبي خالد الکابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «کأنّي بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحقّ فلا يعطونه، ثمّ يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلک وضعوا سيوفهم علي عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّي يقوموا، ولا يدفعونها إلاّ إلي صاحبکم، قتلاهم شهداء، أما أنّي لو أدرکت ذلک لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر». [1] .
فإرشاده إلي التحفّظ علي النفس حتّي يظهر الحجّة عجل الله فرجه، وادّخار النفس لنصرته مؤشّر عامّ علي اتّخاذ الحيطة في التيارات والرايات التي تظهر قبيل المهدي عجل الله فرجه في سنة ظهوره، وعدم خلوص تلک الجماعات عن شوب الاختلاط في الأوراق والبصيرة، کما أنّه دالّ علي أرجحيّة ادّخار النفس والنصرة إلي خروج المهدي عجل الله فرجه من مکّة علي الالتحاق براية اليماني، فضلاً عن غيرها من الرايات.
وفي رواية اُخري للنعماني في الغيبة بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث في الظهور، ومجيء جيش السفياني إلي الکوفة وقتله لأهل الکوفة وتنکيله بهم، قال: «فبينا هم کذلک إذ أقبلت رايات من قِبل خراسان تطوي المنازل طيّاً حثيثاًَ، ومعهم نفر من أصحاب القائم، ثمّ يخرج...». [2] .
ويظهر منها وجود بعض ذوي البصائر في جيش الخراساني في حين وجود جماعات اُخري غير متوفّرة علي بصيرة مستقيمة.
والحاصل: أنّ أهمّ ما ورد في اليماني لا يرقي إلي إثبات نيابته الخاصّة عن الحجّة، وکونه سفيراً لناحيته المقدّسة، بل غاية الأمر کون دعوته هي إلي الحقّ، وهو منهاج أهل البيت عليهم السلام وولايتهم وولاية المهدي عجل الله فرجه، ولا يدعو إلي برنامج إصلاحي يترأّس هو فيه، ويعيّن فيه نفسه للقيادة. هذا مع کون علامات خروجه هو في سنة ظهور الحجّة (عليه السلام)، أي مواکباً للصيحة السماوية، واستيلاء السفياني علي الشام، والخسف لجيش السفياني بالبيداء حوالي المدينة المنوّرة في الطريق باتّجاه مکّة المکرّمة. وأنّ خروجه من اليمن باتّجاه الکوفة، وأنّ من کان في معرض لقياه ومسيره فلا يسعي لمعارضته وإضعافه بعد التحقّق من العلامات الآنفة، والتأکّد من توفّر العلامات فيه، ووضوح برنامج دعوته إلي ولاية أهل البيت عليهم السلام، والبراءة من أعدائهم، والولاية لإمامة المهدي عجل الله فرجه، وأمّا مناصرته والالتحاق به فهو وإن کان بلحاظ انطباق ميزان وضابطة الحقّ والصواب في دعوته من منهاج أهل البيت عليهم السلام وولايتهم وولاية الإمام المنتظر، إلاّ أنّه يظهر من روايات اُخري ـ واحدة منها سبق الإشارة إليها، وسيأتي الباقي ـ أنّ الدعوة العامّة الشاملة اللازمة علي جميع شيعة أهل البيت عليهم السلام هو النفر إلي مکّة المکرمة للانخراط في بيعة المهدي عجل الله فرجه وفي جيشه.
هذا کلّه في اليماني فضلاً عمّا ورد في الحسني الخراساني الذي يخرج من خراسان، فإنّه قد مرّ ورود التعريض برايته من حيث شعارها وبرنامجها ووسط القاعدة الشعبيّة الذي يتشکّل منه جيشه، وإن انضمّ ذلک إلي مديح لبعض الفئات المشارکة في نهضته ولشخصه عندما يسلّم الأمر إلي المهدي عجل الله فرجه، وباعتبار مقاومته للظالمين، ولکن ليس فيها إعطاء أيّة صفة رسميّة للحسني لا کنائب خاصّ، ولا کسفير للناحية المقدّسة.
هذا مع تحديد الروايات لخروجه بنفس سنة الظهور وعلاماتها الحتميّة من الصيحة السماويّة، واستيلاء السفياني علي بلاد الشام، وخسف فرقة من جيشه ببيداء المدينة المنوّرة.
الثالث والرابع والخامس: ذو النفس الزکيّة، وشعيب بن صالح وغيرهما
ورد التعبير به عن شخصيّتين: إحداهما ـ وهي الأقلّ وروداً في الروايات ـ علي شخصيّة يقتل بظهر الکوفة، وثانيها: الذي يُقتل بين الرکن والمقام، بل في بعض روايات الأدعية [3] الواردة عنهم إطلاق النفس الزکيّة علي المهدي عجل الله فرجه.
وقد روي الشيخ المفيد في الإرشاد في علامات الظهور ممّا قد جاءت به الآثار: «وقتل نفس زکيّة بظهر الکوفة في سبعين من الصالحين، وذبح رجل هاشمي بين الرکن والمقام». [4] .
فذکر کلّ منهما، ولکنّ الثاني أکثر وروداً في الروايات، وفي جملة منها أنّ قتله بين الرکن والمقام من العلامات الحتميّة، وانّ اسمه محمّد بن الحسن، وأنّه من ذرّيّة الحسين (عليه السلام)، وأنّه من خواص أصحاب المهدي عجل الله فرجه، لکنّ خروجه في مکّة مرتبط بفاصل أيّام وبينه وبين ظهور الحجّة عجل الله فرجه للبيعة عند الرکن خمسة عشرة ليلة، ففي صحيح عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزکيّة، واليماني»، فقلت: جعلت فداک، إن خرج أحد من أهل بيتک قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: «لا»، فلمّا کان من الغد تلوت هذه الآية: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)، [5] فقلت له: أهي الصيحة؟ فقال: «أما لو کانت خضعت أعناق أعداء الله عزّ وجلّ»، [6] فيظهر من الصيحة أنّ قتل النفس الزکية، والمراد به الذي يقتل في الکعبة بين الرکن والمقام، من العلامات الحتميّة للظهور، کما أنّ في الصيحة تحذيراً أکيداً، وتنبيهاً بالغاً علي عدم الانخداع وراء أدعياء أسماء الظهور قبل تحقّق العلامات الحتميّة من الصيحة والسفياني والخسف لجيشه في صحراء المدينة المنوّرة، وإنّ من أهمّ علامات الظهور الصيحة والنداء من السماء.
وروي النعماني بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداک، متي خروج القائم (عليه السلام)؟ فقال: «يا أبا محمّد، إنّا أهل البيت لا نوقّت، وقد قال محمّد (عليه السلام): کذب الوقّاتون يا أبا محمّد، إنّ قدّام هذا الأمر خمس علامات، أوّلهنّ: النداء في شهر رمضان، وخروج السفياني، وخروج الخراساني، وقتل النفس الزکيّة، وخسف بالبيداء» الحديث. [7] .
وروي الصدوق في إکمال الدين بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «القائم منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوي له الأرض...»، فقلت له: يا بن رسول الله، متي يخرج قائمکم؟ قال: «إذا... وخرج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد صلي الله عليه وآله بين الرکن والمقام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزکيّة، وجاءت الصيحة من السماء بان الحقّ فيه وفي شيعته، فعند ذلک خروج قائمنا» [8] ـ الحديث.
وروي الصدوق أيضاً في إکمال الدين، بإسناده عن صالح مولي بني العذارء، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: «ليس بين قيام آل محمّد وبين قتل النفس الزکيّة إلاّ خمس عشرة ليلة». [9] .
ورواه الشيخ في الغيبة، والمفيد في الإرشاد.
وفي رواية الشيخ الطوسي في الغيبة بإسناده عن عمّار بن ياسر أنّه قال: «إنّ دولة أهل بيت نبيّکم في آخر الزمان، ولها أمارات، فإذا رأيتم فالزموا الأرض، وکفّوا حتّي تجيئ أماراتها،... ثمّ يسير ـ أي السفياني بعد استيلاءه علي الشام ـ إلي الکوفة، فيقتل أعوان آل محمّد صلي الله عليه وآله، ويقتل رجلاً من مسمّيهم، ثمّ يخرج المهدي علي لوائه شعيب بن صالح، فإذا رأي أهل الشام قد اجتمع أمرها علي ابن أبي سفيان التحقوا بمکّة، فعند ذلک يقتل النفس الزکيّة وأخوه بمکّة ضيعة، فينادي منادي من السماء: أيّها النّاس، إنّ أميرکم فلان، وذلک هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً». [10] .
ويظهر من هذه الرواية أنّ النفس الزکيّة يقتل مع أخيه، وأنّ شعيب بن صالح من رؤساء وقوّاد جيش المهدي، وعلامته ظهوره في جيشه معه.
وفي رواية العيّاشي عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث الظهور: «...ثمّ يخرج من مکّة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الرکن والمقام، معه عهد نبيّ الله صلي الله عليه وآله ورايته وسلاحه ووزيره معه، فينادي المنادي بمکّة باسمه وأمره من السماء، حتّي يسمعه أهل الأرض کلّهم، اسمه اسم نبيّ، ما أشکل عليکم فلم يشکل عليکم عهد نبيّ الله صلي الله عليه وآله ورايته وسلاحه، والنفس الزکيّة من ولد الحسين، فإن أشکل عليکم هذا فلا يشکل عليکم الصوت من السماء باسمه وأمره، وإيّاک وشذاذ من آل محمّد عليهم السلام، فإنّ لآل محمّد وعليّ راية، ولغيرهم رايات، فالزم الأرض ولا تتّبع منهم رجلاً أبداً، حتّي تري رجلاً من ولد الحسين معه عهد نبيّ الله ورايته وسلاحه، فإن عهد نبيّ الله صار عند عليّ بن الحسين، ثمّ صار عند محمّد بن عليّ، ويفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء أبداً. وإيّاک ومن ذکرت لک، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، ومعه راية رسول الله صلي الله عليه وآله عامداً علي المدينة...» ـ الحديث. [11] .
ومفاد الرواية أنّ قتل النفس الزکيّة في المسجد الحرام من العلامات البارزة الجليّة الظهور، کما تؤکّد الرواية ـ کما مرّ في غيرها ـ علي الحذر الشديد، واليقظة البالغة من الانجرار والانجراف وراء أدعياء رايات الظهور، وشعارات الإصلاح، وقد جعل العلامات الفاصلة بين الملتبس المشتبه وبين الظهور الحقيقي هو الصيحة السماويّة.
وروي السيّد عليّ بن عبد الحميد يرفعه إلي أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: «يقول القائم (عليه السلام) لأصحابه: يا قوم، إنّ أهل مکّة لا يريدونني، ولکنّي مرسل إليهم لأحتجّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجّ عليهم، فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: امض إلي أهل مکّة فقل: يا أهل مکّة، أنا رسول فلان إليکم، وهو يقول لکم: إنّا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرّيّة محمّد، وسلالة النبيّين، وإنّا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتزّ منّا حقّنا منذ قبض نبيّنا إلي يومنا هذا، فنحن نستنصرکم فانصرونا، فإذا تکلّم هذا الفتي بهذا الکلام أتوا إليه فذبحوه بين الرکن والمقام، وهي النفس الزکيّة، فإذا بلغ ذلک الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتکم أنّ أهل مکّة لا يريدوننا فلا يدعونه حتّي يخرج فيهبط من عقبة طوي في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً...». [12] .
ويظهر من هذه الرواية أنّ ذا النفس الزکيّة (محمّد بن الحسن) الحسيني له نيابة خاصّة من الحجّة عجل الله فرجه لإبلاغ رسالته إلي أهل مکّة، ولکنّ ذلک بعد الصيحة السماويّة، أي في الظهور الأوّل الأصغر الذي يبتدأ بعد الصيحة السماويّة في رجب، أو في شهر رمضان بحسب تعدّد لسان الروايات. وأمّا الظهور الأکبر فهو يبتدأ عندما يسند ظهره الشريف إلي الرکن من الکعبة لأخذ البيعة في ابتداء دولته العالميّة.
وروي الطوسي في الغيبة عن حذلم بن بشير، قال: قلت لعليّ بن الحسين: صف لي خروج المهدي، وعرّفني دلائله وعلاماته؟ فقال: «يکون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويکون مأواه تکريت، وقتله بمسجد دمشق، ثمّ يکون خروج شعيب بن صالح من سمرقند، ثمّ يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس». [13] .
ويظهر من هذه الرواية أنّ بدء طلوع اسم شعيب بن صالح هو من مدينة سمرقند. وأمّا عوف السلمي فيحتمل من الرواية أنّه من غير الموالين لأهل البيت عليهم السلام، حيث يکون مأواه تکريت وساحة حرکته في المدن غير الموالية.
وروي النعماني في الغيبة معتبرة البزنطي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنّه قال: «قبل هذا الأمر السفياني واليماني والمرواني وشعيب بن صالح، فکيف يقول هذا هذا». [14] .
ويشير (عليه السلام) إلي مَن خرج في زمانه وادّعي أنّه القائم. وهذه الرواية تعضد مفاد الرواية السابقة من أنّ شأن شعيب بن صالح الخروج بحرکة قبل حرکة المهدي عجل الله فرجه من مکّة المکرمة حيث يکون شعيب أحد قوّاد جيشه حينئذٍ.
وروي في مختصر بصائر الدرجات في حديث الظهور عن الحسين بن حمدان بإسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عند ذکره لخروج الحسني الفتي الصبيح من الديلم، وأنّه تجيبه کنوز الله بالطالقان، وهي الرجال کزبر الحديد، وفيه: «لکأنّي أنظر إليهم علي البراذين الشهب، بأيديهم الحراب، يتعاوون شوقاً إلي الحرب کما تتعاوي الذئاب، أميرهم رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح... ثمّ يسير ـ أي الحسني ـ بتلک الرايات کلّها حتّي يرد الکوفة، وقد جمع بها أکثر أهل الأرض يجعلها له معقلاً...» الحديث. [15] .
وهذه الرواية ترسم أن حرکة شعيب بن صالح من سمرقند ونهضته حينما تقبل إلي شمال إيران (الديلم) تلتحم بحرکة الحسني ويکون شعيب بن صالح أميراً لجيش الحسني، ولا بدّ أنّ شعيب بن صالح لا يبقي طويلاً مع الحسني بعدما تقع الصيحة السماويّة ونحوها من العلامات الحتميّة، بل يلتحق بمکّة المکرّمة للالتحاق بجيش المهدي عجل الله فرجه جمعاً مع رواية عمّار بن ياسر المتقدّمة، وعلي أي تقدير، فالرواية هذه تفصح عن نسب شعيب بن صالح أنّه من بني تميم، ولعلّه من مواليد الديلم حيث يکون بدأ حرکته منها، کما هو الحال في الحسني، لعلّه من مواليد سمرقند بعد کون بدأ حرکته من الديلم، وهي شمال ايران هذا، ولعلّ شعيب بن صالح الذي يکون علي لواء جيش المهدي يغاير الذي يخرج من سمرقند، ويکون أميراً لجيش الحسني، کما احتمل ذلک الراوندي في (الخرائج والجرائح)، حيث روي عن ابن بابويه بإسناده عن الحسين (عليه السلام)، قال: دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وآله وعنده أُبي بن کعب، فقال لي رسول الله صلي الله عليه وآله: «مرحباً بک يا أبا عبد الله، يا زين السماوات والأرض...»، ثمّ ذکر المهدي من ولده وخروجه: «يخرج وجبرئيل عن يمينه، وميکائيل عن يساره، وشعيب بن صالح علي مقدّمته». [16] .
وقال قطب الدين الراوندي في ذيل الحديث: «وأمّا شعيب بن صالح فقد ذکر ابن بابويه في کتاب النبوّة بإسناده عن سهيل بن سعيد، ثمّ ذکر رواية أمر هشام بن عبد الملک لحفر بئر في الرصافة، وأنّه بدت لهم جمجمة رجل عليه ثياب بيض، وفي ثوبه مکتوب أنا شعيب بن صالح رسول رسول الله شعيب النبيّ (عليه السلام)، إلي قومه، فضربوني وأضرّوا بي وطرحوني في هذا الجبّ». [17] .
وقد روي الراوندي قبل هذه الرواية أيضاً عن عبد الله بن يقطر رضيع الحسين (عليه السلام) شعراً في المهدي عجل الله فرجه أربعة أبيات منها:
يهزّون أطراف القنا والصفائح
من المنـزل الأقصي شعيب بن صالح [18] .
وقام بنو ليث بنصر ابن أحمد
تعرفتهم شعث النواصي يقودها
وهذه الرواية ـ لو صحّت ـ فلا موجب لحمل اسم شعيب بن صالح الذي علي مقدّمة جيش الإمام المنتظر عجل الله فرجه علي إرادته، کما لا موجب لحمل اسمه علي الذي يخرج من سمرقند، ويکون أميراً علي جيش الحسني عند خروجه، فلعلّه شعيب بن صالح النبيّ (عليه السلام) المذکور في القرآن، حيث إنّه يخرج مع المهدي الخضر وإلياس، کما قد تشير إليه بعض الروايات، کما ينـزل عيسي بن مريم ويصلّي خلفه، وعلي أي تقدير، فالروايات الواردة في شعيب بن صالح ليس فيها إشارة إلي صفة تمثيل رسمي له عن الحجّة (عليه السلام) قبل خروج المهدي عجل الله فرجه. هذا مع أنّ خروجه هو في نفس سنة الظهور المشتملة علي العلامات الحتميّة، وأمّا ذو النفس الزکية فهو وإن کان له تمثيل رسمي عن الحجّة عجل الله فرجه إلاّ أنّه بحسب الروايات في خصوص أيّام لا تعدو الخمسة عشر قل أخذ الإمام المهدي (عليه السلام) البيعة عند الرکن في البيت في تلک المهمّة المذکورة في الروايات.
وقد مرّ استعراض جملة من بعض الروايات المحذّرة والناهية عن الاغترار بأدعياء الظهور، والمدّعين لتقمّص الأسماء اللامعة لسنة الظهور، کاليماني والحسني وذي النفس الزکيّة، ونحوهم، بل وقد وقعت هذه الادّعاءات والانتحالات في زمن الأئمّة السابقين عليهم السلام، بادّعا اسم النفس الزکيّة، کما وقع من بعض الحرکات الثوريّة التي قام بها بعض بني الحسن (السادة الحسنيّين)، وهو: محمّد بن عبد الله، کما وقع انتحال اسم اليماني أيضاً، کما تشير إليه رواية الطوسي عن هشام، عن الصادق [19] (عليه السلام)، التي مرّ نقلها.
پاورقي
[1] الغيبة/ النعماني: 273، باب 14، ح 50، بحار الأنوار: 52/243.
[2] الغيبة/ النعماني: 280، باب 14، ح 67، بحار الأنوار: 52/238.
[3] مهج الدعوات: 58. بحار الأنوار: 98/371.
[4] الإرشاد: 2/371، بحار الأنوار: 52/220.
[5] سورة الشعراء: الآية 4.
[6] الکافي: 8/310.
[7] الغيبة/ النعماني: 290، باب 16، ح 6، بحار الأنوار: 52/119.
[8] کمال الدين/ الصدوق: 331، باب 32، ح 16، بحار الأنوار: 52/191.
[9] کمال الدين/ الصدوق: 649، باب 57، ح 2، بحار الأنوار: 52/203.
[10] الغيبة/ الطوسي: 463، ح 479، بحار الأنوار: 52/207 و208.
[11] تفسير العياشي: 1/ 117، بحار الأنوار: 52/222 ـ 224.
[12] بحار الأنوار: 52/307.
[13] الغيبة/ الطوسي: 444/ 437، بحار الأنوار: 52/213.
[14] الغيبة/ النعماني: 253، باب 14، ح 12، بحار الأنوار: 52/233.
[15] مختصر بصائر الدرجات/ الحلي: 177 ـ 192، بحار الأنوار: 53/35.
[16] الخرائج والجرائح: 2/551، ح 11.
[17] الخرائج والجرائح: 2/552، ح 12.
[18] الخرائج والجرائح: 2/ 552، ح 10.
[19] الأمالي/ الطوسي: 661/ ح 1375/ 19، بحار الأنوار: 52/275.