بازگشت

و في الرواية جملة نقاط


الأولي: أنّها تحدّد علامة اليماني بعلامة الظهور الحتميّة، وهي الصيحة السماوية، وقد ذکر في أوصاف تلک الصيحة، والتي هي نداء جبرئيل من السماء أنّه يسمعه أهل الأرض، کلّ أهل لغة بلغتهم، [1] واستيلاء السفياني علي الشام، وهکذا التحديد للخراساني الذي قد يعبّر عنه في روايات اُخري بالحسني.

وهذا التحديد يقطع الطريق علي أدعياء هذين الاسمين قبل الصيحة والنداء من السماء، وقبل استيلاء السفياني علي الشام.

وبعبارة اُخري: التحديد لهما هو بسنة الظهور وعلاماتها من الصيحة والخسف بالبيداء وخروج السفياني.

الثانية: أنّ مقتضي تعليل الرواية لراية اليماني بأنّها راية هدي؛ لأنّه يدعو إلي صاحبکم، هو إبداء التحفّظ علي راية الحسني، وعدم خلوص دعوته إلي المهدي عجل الله فرجه، ويظهر من روايات اُخري أنّ ذلک لتضمّن جيشه جماعة تقول إنّ الإمام والإمامة هي لمن يتصدّي علناً بقيادة اُمور المسلمين وإصلاحها لا أنّها بالنصّ الإلهي، وقد اصطلحت الروايات عليهم بالزيديّة، والمراد باللفظة المعني النعتي والإشارة إلي ذلک المقال والمعتقد لا المسمّين بالزيديّة کاسم علم.

وبعبارة اُخري: أنّ الحسني والخراساني يتبنّي الإمامة بالتصدّي للاُمور والإصلاح العلني، بينما يتبنّي اليماني أنّ الإمامة بالنصّ الإلهي علي الاثني عشر آخرهم المهدي عجل الله فرجه.

الثالثة: أنّ الرواية تعلّل حرمة الالتواء علي اليماني بأنّه يدعو إلي الحق والصراط المستقيم وإلي المهدي عجل الله فرجه، فالمدار في مناصرته علي توفّر الميزان والحدود الشرعيّة.

وبعبارة أدقّ: الرواية تدلّ علي حرمة العمل المضادّ لحرکته لإفشالها، ففرق بين التعبير بالإلتواء عليه والالتواء عنه، فکلمة «عليه» تفيد السعي المضاد لحرکته لا صرف المتارکة لحرکته بخلاف کلمة «عنه»، فإنّها تفيد الانصراف والابتعاد عن حرکته. نعم الأمر بالنهوض إليه يفيد المناصرة، والظاهر أنّ مورده لمن کان في معرض اللقاء به والمصادفة لمسيره؛ إذ سيأتي استعراض طوائف من الروايات تحثّ علي النهوض والتوجّه إلي مکّة المکرّمة للانخراط في الإعداد لبيعة الحجّة في المسجد الحرام.

وبعبارة اُخري: أنّ الرواية کما تحدّد استعلام علامته بأنّه يدعو إلي المهدي عجل الله فرجه بنحو واضح وشفّاف، أي أنّ برنامجه الذي يدعو إليه متمحّض في إعلاء ذکر الإمام المنتظر والنداء باسمه والدعوة إلي ولاية المهدي (عليه السلام)، والالتزام بمنهاج أهل البيت عليهم السلام، کما أنّ هناک علامة اُخري تشير إليها الرواية، وهي کون خروجه من بلاد اليمن، وهو وجه تسميته باليماني، کما أنّ استعمال الروايات لليمن بنحو يشمل کلّ تهامة من بلاد الحجاز، أي بنحو شامل لمکّة دون المدينة المنوّرة، لکن في بعض الروايات الإشارة إلي خروجه من صنعاء، کما سيأتي. ويتحصّل أنّ الرواية لا يستفاد منها أنّ اليماني من النوّاب الخاصّين والسفراء للإمام المنتظر عجل الله فرجه، ولا تشير إلي ذلک من قريب ولا بعيد، ولا دلالة لها علي وجود ارتباط واتّصال له مع الحجّة (عليه السلام)، وإنّما تجعل المدار علي کون البرنامج الذي يدعو هو علي الميزان الحقّ لأهل البيت عليهم السلام، وأنّه لا ينادي إلي تشکيل دولة هو يترأّسها، بل يواکب خروجه زمان الصيحة والنداء من السماء الذي يدعو إلي نصرة المهدي عجل الله فرجه، فيکون خروج اليماني علي ضوء برنامج الصيحة السماويّة ونداء جبرئيل.

کما أنّ ظاهر الرواية دالّ علي کون خروج الخراساني من خراسان، وهو وجه تسميته تارة بالخراساني، واُخري بالحسني، کما في هذه الرواية قبيل القطعة التي نقلناها: «حتّي يخرج عليهم الخراساني والسفياني، هذا من المشرق وهذا من الغرب، يستبقان إلي الکوفة کفرسي رهان: هذا من هنا وهذا من هنا حتّي يکون هلاک بني فلان علي أيديهما». [2] .

وروي الشيخ في الغيبة بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «تنـزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلي الکوفة، فإذا ظهر المهدي بعث إليه بالبيعة». [3] .

وقد روي الصدوق في إکمال الدين بسنده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث عن القائم عجل الله فرجه، وأنّه منصور بالرعب، وعلامات ظهوره القريبة: «وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد صلي الله عليه وآله بين الرکن والمقام...»، [4] وهي صريحة في خروج اليماني من اليمن.

وکذلک روي النعماني بسنده عن عبيد بن زرارة، قال: ذکر عند أبي عبد الله (عليه السلام) السفياني فقال: «أنّي يخرج ذلک ولم يخرج کاسر عينه بصنعاء». [5] .

وروي الشيخ الطوسي في أماليه بإسناده عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لمّا خرج طالب الحقّ قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): ترجو أن يکون هذا اليماني؟ فقال: «لا، اليماني يتوالي عليّاً، وهذا يبرأ منه»، [6] ومفاد الرواية هو ما سبق من التزام اليماني ولاية أهل البيت عليهم السلام، ومنهاجهم. کما قد يظهر منها أنّ في زمنهم عليهم السلام حصلت حرکات قام بها أدعياء بأسماء مسرح الظهور، کتقمّص اسم اليماني، کما حفل التاريخ الإسلامي بالمنتحلين للمهدويّة.

ومنها: ما أخرجه في بحار الأنوار عن بعض مؤلّفات الإماميّة بسنده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث الظهور ـ «ثمّ يخرج الحسني الفتي الصبيح الذي نحو الديلم! يصيح بصوت له فصيح: يا آل أحمد، أجيبوا الملهوف والمنادي من حول الضريح، فتجيبه کنوز الله بالطالقان، کنوز وأي کنوز، ليست من فضّة ولا ذهب، بل هي رجال کزبر الحديد، علي البراذين الشهب، بأيديهم الحراب، ولم يزل يقتل الظلمة حَتّي يرد الکوفة وقد صفا أکثر الأرض، فيجعلها له معقلاً، فيتّصل به وبأصحابه خبر المهدي (عليه السلام)، ويقولون: يا بن رسول الله، مَن هذا الذي قد نزل بساحتنا؟ فيقول: اخرجوا بنا إليه حتّي ننظر مَن هو؟ وما يريد؟ وهو والله يعلم أنّه المهدي، وأنّه ليعرفه، ولم يرد بذلک الأمر إلاّ ليعرّف أصحابه من هو، فيخرج الحسني فيقول: إن کنت مهدي آل محمّد فأين هراوة جدّک رسول الله صلي الله عليه وآله، وخاتمه، وبردته، ودرعه الفاضل، وعمامته السحاب، وفرسه اليربوع، وناقته العضباء، وبغلته الدلدل، وحماره اليعفور، ونجيبه البراق، ومصحف أمير المؤمنين؟ فيخرج له ذلک، ثمّ يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق، ولم يرد ذلک إلاّ أن يري أصحابه فضل المهدي (عليه السلام) حتّي يبايعوه. فيقول الحسني: الله أکبر، مدّ يدک يا بن رسول الله حتّي نبايعک فيمدّ يده فيبايعه ويبايعه سائر العسکر الذي مع الحسني إلاّ أربعين ألفاً أصحاب المصاحف المعروفون بالزيديّة، فإنّهم يقولون: ما هذا إلاّ سحر عظيم. فيختلط العسکر فيقبل المهدي (عليه السلام) علي الطائفة المنحرفة، فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيّام، فلا يزدادون إلاّ طغياناً وکفراً، فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعاً، ثمّ يقول لأصحابه: «لا تأخذوا المصاحف ودعوها تکون عليهم حسرة کما بدّلوها وغيّروها وحرّفوها ولم يعملوا بما فيها». [7] .


پاورقي

[1] بحار الأنوار: 52/ 221.

[2] بحار الأنوار: 52/192.

[3] الغيبة/ الطوسي: 425، ح 457.

[4] کمال الدين/ الصدوق: 331، باب 32، ح 16.

[5] الغيبة/ النعماني: 277، باب 14، ح 60، بحار الأنوار: 52/245.

[6] الأمالي/ الطوسي: 661، ح 1375/ 19، بحار الأنوار: 52/275.

[7] بحار الأنوار: 53/15.