بازگشت

مقدمة المرکز


الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي خير خلقه محمد وآله الطاهرين.

الحديث عن العقيدة المهدوية ومعطياتها وآثارها علي المستوي الفردي والاجتماعي حديث يضم بين طياته الکثير من الابعاد المعرفية والعقدية والنفسية والروحية لدي الجنس البشري بجميع أطيافه، باعتباره يمثل عصارة طموح البشرية ومنتهي أمل الانسانية علي هذه الأرض، إذ هو ليس سرداً تاريخياً لا يمت إلي الواقع الإنساني ـ بحاضره ومستقبله ـ بصلة، وليس هو مجرد ترف فکري لا علاقة له بوجدان الامة وتطلعاتها، ولا هو حديث عن الخيال العلمي في عالم المستقبل، فقد أثبتت المطالعات المعرفية والاحصاءات الميدانية العد التصاعدي لتجذر العقيدة المهدوية والايمان بها في ضمير الامة والوجدان الاممي لها بمقدار تزايد المحن والصعوبات التي واجهتها وتواجهها البشرية في العصور الماضية وعصرنا الراهن، وهذا ما يعبر عنه في الأدبيات التراثية بمبشرات الظهور الأصغر حيث أصبحت الأمة أشدّ انجذاباً إلي ذلک التغيير العالمي وانقلبت من أمة قابلة ـ إن لم نقل رافضة ـ للتحول الذي سوف يحصل في المستقبل إلي أمة فاعلة، وهذا التحول بحد ذاته يمثل خطوة عظيمة انجزتها عقيدة الانتظار لبناء جسور الارتباط مع عصر النهضة العالمية.

وبالرغم من الجهود المتظافرة لابناء الامة بعلمائها ومثقفيها من خلال أقلامهم الشريفة ومنابرهم القيمة، وتجارها بانفاقهم وتبرعاتهم في هذا المجال والشريحة العامة من اتباع الطائفة الحقة بتفاعلها والتزامها فکراً وعملاً بهذه العقيدة.

أقول بالرغم من کل هذه الجهود والمساعي لبناء صرح العقيدة واستيعاب مفرداتها إلا أنه مازالت هناک جوانب لم تسلط عليها الاضواء بالشکل الکافي وبصورة مستقلة مع ارتباطها الصميمي بالعقيدة المهدوية، بل تعتبر من الاجزاء المقومة لمفهوم وعقيدة الانتظار ومن هذه البحوث التي سعي مرکز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عليه السلام) إلي تناولها بشکل مستقل وتسليط الأضواء عليها هو البحث عن الشخصيات ذات الدور الفاعل في عصر الظهور والتي تلقي بظلالها علي الحرکة العالمية المظفرة بقائدها العالمي الحجة بن الحسن عجل الله فرجه سواء کانت هذه الآثار والتداعيات علي المستوي الايجابي لحرکة الإمام (عليه السلام) أو الجانب السلبي، وبعبارة أخري سواء کانت هذه الشخصيات ـ ومن وراءها الحرکات التي تمثلها ـ داعمة ومؤيدة للإمام (عليه السلام) والسائرة في رکابه وتحت إمرته أو التي لها موقف آخر وفي الجانب الثاني لحرکة الإمام، أي انها تعتبر من المعوقات للنهضة العالمية المنتظرة.

ويمثل الجانب والمحور الأول شخصيات مثل اليماني والخراساني والحسني کما يتشخص الطرف الآخر بنماذج مثل الدجال والسفياني وآخرين، إذن لابد من التعمق في دراسة هذه الشخصيات ومشخصاتها ومعرفة هويتها بصورة أکثر تفصيلاً لما قلنا من أن لها الدور المهم في عصر الظهور أولاً مضافاً إلي سدّ المنافذ أمام من ينتحل أحد هذه الشخصيات طلباً لحطام الدنيا ورکضاً وراء الاهواء.

ومن هنا جاءت هذه الدراسة لسماحة العلامة الشيخ محمد السند دامت برکاته لبيان الرؤية العامة وإعطاء الضابطة الکلية لمثل هذه الشخصيات وتمييز المحق من المبطل الذي يتصيد بالماء العکر.

وذلک من خلال بحث أصيل يعتمد علي الأسس العلمية والقواعد السندية في فقه الحديث ودرايته.

وإذ يتقدم المرکز بالشکر الجزيل للمجهود العلمي القيم الذي بذله سماحة المؤلف فان من دواعي سروره واعتزازه أن يقدم للقراء وللمکتبة العقائدية الاسلامية هذا الکتاب ضمن سلسلة «شخصيات عصر الظهور» ليکون بمثابة الاساس العلمي والمقدمة الکلية المعتمدة لدي دراستنا لتلک الشخصيات في إطارها العام ليسهل بعد ذلک تناول کل مفردة بحدِّ ذاتها ودراستها بصورة منفصلة وبشکل مستقل مع الأخذ بنظر الاعتبار هذه المقدمة في کل من هذه الشخصيات.

ومن الله التوفيق

السيد محمد القبانجي