بازگشت

عقيدة المسلمين في المهدي


مِنَ الخطأ أنْ يظنَّ البعض: بأنَّ فکرة الاِمام المنتظر، وانتظار الفرج في آخر الزمان مِنْ خصائص ـ الشيعة ـ، بل وأنَّ انتظار مصلح عالمي يحکم بالعدل، ويحطِّم أرکان الجبابرة مطلب عام يوَمن به کثير مِنَ المجتمعات البشرية، سيّما أصحاب الاَديان السماوية.

فاليهود يعتقدون: بخروج مصلح في آخر الزمان، ويسمُّونه: «ايليا»، ويعتقد النصاري: بخروج ـ عيسي بن مريم ـ.

وجاء عَنِ الکتب الدينية للهندوس: في أواخر الجک الرابع ـ أي الدورة الرابعة ـ يتَّجه أهل الاَرض إلي الفساد، ويکفر أکثرهم، ويرتکبون المعاصي الکبيرة، ويحکمهم الاَرذلون، والنَّاس يومئذ أشبه بالذئاب يأکل بعضهم بعضاً، وينهب بعضهم بعضاً، ويفسد الکهنة ورجال الدين، والحقُّ يکون مَعَ اللصوص، ويحتقر المتَّقون الزاهدون.

هنالک يأتي «برهمن کلا» ـ أي رجل الدِّين الشجاع ـ فيطهِّر الاَرض بسيفه



[ صفحه 10]



القاطع مِنَ المفسدين والاَرجاس، ويحفظ الطيبين والاَطهار [1] .

ويعتقد البوذيون: أنَّ في کلِّ زمان تظهر شخصيات کاملة ليعلِّموا أتباعهم المحبَّة والصبر والتضحيَّة، ويعلمونهم تعاليم «بوذا»، وهوَلاء بدورهم يرشدون النَّاس.

ويعتقد المجوس: أنَّ في آخر الزمان يظهر شخص اسمه: «اشيزريکا»، ويظهر معه شخص آخر اسمه «پتياره» ـ أي الدَّجال ـ، فيفسد في الاَرض عشرين عاماً، ثم يحکم الاَرض «اشيزريکا» فيحيي العدل، ويبيد الظلم، ويخضع له الحکام والسلاطين، فترحل الفتن والمصائب إلي الاَبد، ليحلَّ محلّها الراحة والاَمان.

وبالاِيجاز، فإنَّ التبشير بخروج هذا المصلح وانتظار قيامه، مذکور في صحف الاَنبياء، والعهد القديم والجديد، وفي زبور داود، وکتاب دانيال، وإنجيل متي ويوحنّا، وفي عقائد الهندوس والبوذيين، وَمَن أرادَ ذلک فليراجع الکتب المفصَّلة.

أمَّا المسلمون باختلاف عقائدهم ومذاهبهم، يعتقدون بظهور الحجَّة تحتَ اسم ـ المهدي ـ حتّي أنَّ بعض الانتهازيين استغل هذه العقيدة الراسخة في قلوب عامة المسلمين، فادَّعي المهدوية في إيران، وکثيرون في السودان والمغرب العربي.

وقد ذکر الشيخ عبد المحسن العباد ـ في «مجلة الجامعة الاِسلامية»: العدد 3 ـ أسماء العلماء والحفَّاظ الذين ذکروا أحاديث المهدي المنتظر في کتبهم، نذکر منهم:



[ صفحه 11]



1ـ أبو داود في «سننه».

2ـ الترمذي في «جامعه».

3ـ ابن ماجة في «سننه».

4ـ أحمد في «مسنده».

5ـ الحاکم في «المستدرک».

6ـ النسائي في «الخصائص الکبري».

7ـ الطبراني في «الکبير» و «الاَوسط» و «الصغير».

8ـ نعيم بن حمَّـاد في کتاب «الفتن».

9ـ الدارقطني في «الاَفراد».

10ـ البارودي في «معرفة الصحابة».

11ـ الخطيب في «تلخيص المتشابه» وفي «المتَّفق والمفترق».

12ـ ابن عساکر في «تاريخه».

13ـ ابن جرير في «تهذيب الآثار».

14ـ أبو بکر بن المقري في «معجمه».

15ـ أبو عمرو الداني في «سننه».

16ـ البيهقي في «دلائل النبوة».

17ـ ابن الجوزي في «تاريخه».

18ـ يحيي الحماني في «مسنده».

19ـ الروياني في «مسنده».

20ـ ابن سعد في «الطبقات» [2] .



[ صفحه 12]



وقد اعترف الدکتور أحمد أمين بذلک، فقال: إنَّه من أشراط الساعة، وأنَّه لابدَّ في آخر الزمان مِنْ ظهور رَجُلٍ من أهلِ البيت: يُوَيِّد الدِّين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي علي الممالک الاِسلامية، ويسمَّي: «المهدي» [3] .

ويقول الدکتور عبد الحليم النجار في مقدَّمته لکتاب «المهدويَّةُ في الاِسلام»: إنَّ علماء الحديث يرون أنَّ ـ فکرة المهديِّ ـ بلغت مبلغ التواتر المعنوي. [4] .

ويقول الشيخ منصور علي ناصف: اشتهر بين العلماء سلفاً وخلفاً: أنَّه في آخر الزمان لابدَّ مِنْ ظُهور رَجُلٍ مِن أهْلِ البيت، يُسمَّي: «المهدي»، يستولي علي الممالک الاِسلامية، ويتبعه المسلمون، ويعدل بينهم، ويوَيِّد الدِّين.

وقد روي أحاديث ـ المهدي ـ جماعة مِنْ خيار الصحابة، وأخرجها أکابر المحدِّثين: کأبي داود، والترمذي، وابن ماجة، والطبراني، وأبي يُعلي، والبزاز، والاِمام أحمد، والحاکم (رضي اللّه عنهم أجمعين)، ولقد أَخطأ مَنْ ضَعَّفَ أحاديث ـ المهدي ـ کلَّها: کابن خلدون وغيره [5] .

وهذا الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رئيس الجامعة الاِسلامية في المدينة المنورة ـ، يقول: إنَّ أمْرَ ـ المهدي ـ أمْرٌ معلومٌ، والاَحاديث فيه مستفيضة، بل متواترة متعاضدة... فهي بحقّ ٍتدلُّ علي أنَّ هذا الشخص الموعود به: أمرهُ ثابتٌ وخروجه حقٌّ. [6] .

وجاء في مقال للشيخ صفاء الدين آل شيخ الحلقة ـ مِنْ علماء السنَّة في



[ صفحه 13]



العراق ـ: وأمَّا ـ المهدي المنتظر ـ فقد بلغت الاَحاديث الواردة فيه حدَّاً مِنَ الکثرة يورث الطمأنينة: بأنَّ هذا کائن في آخر الزمان، فيعيد للاِسلام سلامته، وللاِيمان قوَّته، وللدين نضارته، وهي متواترة بلا شک ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر علي ما دونها علي جميع الاصطلاحات المحرَّرة في الاَُصول.

أمَّا الآثار عن الصَّحابة المصرَّحة ـ بالمهدي ـ فهي کثيرة، لها حکم الرفع، فإنَّ ما أورده: البرزنجي في «الاِشاعة لاَشراط الساعة»، والآلوسي في «تفسيره»؛ والترمذي؛ وأبو داود؛ وابن ماجة؛ والحاکم؛ وأبو يعلي؛ والطبراني؛ وعبد الرزاق؛ وابن حبنل؛ ومسلم؛ وأبو نعيم؛ وابن عساکر؛ والبيهقي؛ والخطيب في «تاريخه»؛ والدارقطني؛ والردياني؛ ونعيم بن حمَّاد في «الفتن»؛ کذا ابن أبي شيبة؛ وأبو نعيم الکوفي؛ والبزاز؛ والدَّيمي؛ وعبد الجبار الخولاني في «تاريخه»؛ والجويني؛ وابن حبَّان؛ وأبو عمرو الدَّاني في «سننه».

ففي ذلک کفاية... فالاِيمان بخروجه واجبٌ، واعتقاد ظهوره تصديق لاَحاديث الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) [7] .

وإليک هذا الاستفتاء من رابطة العالم الاِسلامي في مکَّة:

يستفسر شخص اسمه: الکرم أبو محمَّد مِنْ کينيا، عن ـ المهدي المنتظرـ وموعد ظهوره، فيجيبه أمين عام الرابطة ـ السيِّد محمّد صالح القزاز ـ موضحاً أنَّ ـ ابن تيمية ـ موَسس المذهب الوهابي، قد قَبِلَ الاَحاديث الدالة علي ـ ظهور المهدي ـ، ضمن رسالة مختصرة أعدَّها خمسة مِنْ رجال الدين في الحجاز.



[ صفحه 14]




پاورقي

[1] ما للهند: 321.

[2] المهدي المنتظر: للشيخ محمَّد حسن آل ياسين: 55.

[3] المهدي والمهدوية: 110.

[4] أدب الشيعة: 101.

[5] التاج الجامع للاَُصول: 5: 310.

[6] مجلة الجامعة الاِسلامية: 161 ـ العدد 3.

[7] المهدي المنتظر: الشيخ محمّد حسن آل ياسين.