بازگشت

المهدي في نهج البلاغة


«المهديُّ في نهجِ البلاغةِ»

1ـ «الحمْدُ للّهِ الاَوَّلِ قَبْلَ کُلِّ أَوِّلٍ، والآخِرِ بَعْدَ کُلِّ آخِرٍ، وَبِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لا أَوَّلَ لَهُ، وَبِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لا آخِرَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللّهُ شَهادَةً يُوافِقُ فِيهَا السِّـرُّ الاِعْلاَنَ، والْقَلْبُ اللِّسَانَ.

أَيُّهَا النَّاسُ، لا يَجْرِمَنَّکُمْ شِقَاقي، وَلاَ يَسْتَهوِيَنِّکُمْ عِصْيَانِـي، وَلاَ تَتَرامَوْا بِالاَبْصَـارِ عِنْدَمَا تَسْمَعُونَهُ مِنَّي، فَوَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّ الَّذِي أُنْبِئُکُمْ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ الاَُمِّيِّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، مَا کَذَبَ المُبلِّغُ، وَلاَ جَهِلَ السَّامِعُ، لَکَأَنِّي أَنْظُرُ إلي ضِلِّيلٍ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ، وَفَحَصَ بِرايَاتِهِ في ضَوَاحِي کُوفَانَ، فَإِذا فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ، وَاشْتَدَّتْ شَکِيمَتُهُ، وَثَقُلَتْ في الاَرْضِ وَطْأَتُهُ، عَضَّتِ الفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْيابِها، وَمَاجَتْ الحَرْبُ بِأَمْواجِهَا، وَبَدا مِنَ الاَيَّامِ کُلُوحُهَا، وَمِنَ اللَّيالي کُدُوحُهَا، فَإِذَا أَيْنَعَ زَرْعُهُ، وَقَامَ عَلَـي يَنْعِهِ، وَهَدَرَتْ شَقَاشِقُهُ، وَبَرَقَتْ بَوَارِقُهُ، عُقِدَتْ رَايَاتُ الفِتَنِ المُعْضِلَةِ، وَأقْبَلْنَ کَاللَّيلِ المُظْلِمِ، والبَحْرِ المُلْتَطِمِ، هَذَا، وَکَمْ يَخْرِقُ الکُوفَةَ مِنْ قاصِفٍ وَيَمُرُّ عَلَيْهَا مِنْ عَاصِفٍ! وَعَنْ قَلِيلٍ تَلتَفُّ القُرُونُ بِالقُرُونِ، وَيُحْصَدُ القَائِمُ، وَيُحْطَمُ المَحْصُودُ» [1] .

2ـ «الحَمْدُ للّهِ الناشِرِ في الخَلْقِ فَضلَهُ، والباسِطِ (فيها) بِالجُودِ يَدَهُ، نَحْمَدُهُ في



[ صفحه 180]



جميع أُمورِه، وَنَسْتَعِينُهُ علي رِعايَةِ حُقُوقِهِ، وَنَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ غيرُهُ، وأنَّ محمَّداً عبْدُهُ ورَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِأَمْرِهِ صَادِعاً وبِذِکْرِهِ نَاطِقاً، فَأَدّي أَمِيناً وَمَضي رَشِيداً، وَخَلَّفَ فينا رَايَةَ الحَقِّ مَنْ تَقَدَّمَها مَرَقَ وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْها زَهَقَ وَمَنْ لَزِمَها لَحِقَ، دَليلُها مَکيثُ الکَلامِ بَطِيءُ القيامِ سَـريعٌ إِذا قَامَ، فَإِذَا أَنْتُمْ أَلَنْتُمْ لَهُ رِقَابَکُمْ، وَأَشْـرتُمْ إِلَيْهِ بِأَصَابِعِکُمْ جاءَهُ المَوْتُ فَذَهَبَ بِهِ، فَلَبِثْتُمْ بَعْْدَهُ ما شَاءَ اللّهُ حَتَّي يُطْلِعَ اللّهُ لَکُمْ مَنْ يَجْمَعُکُمْ وَيَضُمُّ نَشْـرَکُمْ، فَلا تَطْمَعُوا في غَيْـرِ مُقْبِلٍ ولا تَيْأَسُوا مِنْ مُدْبِرٍ، فَإِنَّ المُدْبِرَ عَسَـي أنْ تَزِلَّ بِهِ إِحْدَي قائِمَتَيْهِ وَتَثْبُتَ الاَُخْري، فَتَرْجِعَا حَتَّي تَثْبُتَا جَمِيعاً.

ألا إنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ (صلي الله عليه وآله وسلم) کَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَـاءِ إِذَا خَوَي نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَکَأنَّکُمْ قَدْ تَکامَلَتْ مِنَ اللّهِ فِيکُمُ الصَّنائِعُ، وَأَرَاکُمْ مَا کُنْتُمْ تَأمَلُونَ» [2] .



[ صفحه 181]



3ـ «يَعْطِفُ الهَوَي عَلي الهُدَي، إِذَا عَطَفُوا الهُدَي عَلَي الهَوَي، وَيَعْطِفُ الرَّأيَ عَلَـي القُرآنِ إِذَا عَطَفُوا القُرآنَ عَلَـي الرَّأيِ... حَتَّي تَقُومَ الحَرْبُ بِکُمْ عَلَـي ساقٍ، بَادِياً نواجِذُها، مَمْلوءَةً أَخْلافُها، حُلواً رَضَـاعُها، عَلْقَماً عاقِبَتُها، أَلا وفي غَدٍ ـ وَسَيأْتي غَدٌ بِمَا لا تَعْرِفُونَ ـ يَأْخُذُ الوالي مِنْ غَيْـرِها عُمَّـالها علي مَسَاوِيءِ أَعْمالِها، وَتُخْرِجُ لَهُ الاَرْضُ أَفالِيذَ کَبِدهَا، وَتُلْقِي إِلَيْهِ سِلماً مَقَالِيدَهَا، فَيُـرِيکُمْ کَيْفَ عَدْلُ السِّيرَةِ، وَيُحْيي مَيِّتَ الکِتَابِ والسُّنَّةِ» [3] .



[ صفحه 182]



4ـ «أينَ تََذْهَبُ بِکُمُ المَذاهِبُ، وَتَتِيهُ بِکُمُ الغَياهِبُ وَتَخْدَعُکُمُ الکَواذِبُ؟ وَمنْ أَيْنَ تُوَتَوْنَ، وَأَنَّي تُوَفَکُونَ؟ فِلِکُلِّ أَجَلٍ کتابٌ، وَلِکُلِّ غَيْبَةٍ إيابٌ، فاسْتَمِعُوا مِنْ رَبّانِيکُمْ وَأَحْضِـرُوهُ قُلُوبَکُمْ، وَاسْتَيْقظُوا إنْ هَتَفَ بِکُمْ، وَلْيَصْدُقْ رائِدٌ أَهْلَهُ، وَلْيَجْمَعْ شَمْلَهُ، وَلْيُحْضِـرْ ذِهْنَهُ، فَلَقَدْ فَلَقَ لَکُمْ الاَمْرَ فَلْقَ الخَرزَةِ وَقَرَفَهُ قَرْفَ الصَّمْغَةِ، فَعِنْدَ ذَلِکَ أخَذَ الباطِل مأخِذَهُ، وَرَکِبَ الجَهْلُ مَراکِبَهُ وَعَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ، وَقَلَّتِ الدَّاعِيةُ، وَصالَ الدَّهرُ صِيالَ السَّبعُ العقُور، وَهَدَرَ فَنيقُ الباطِلِ بَعْدَ کُظُومٍ، وَتَواخي النَّاسُ عَلَـي الفُجُورِ، وَتَهاجَرُوا علي الدِّينِ، وَتَحابَّوا علي الکَذِبِ، وَتَباغَضوا علي الصِّدْقِ، فَإِذا کانَ ذَلِکَ کانَ الوَلَدُ غَيْظاً، والمَطَرُ قَيْظاً، وَتَفيضُ اللِّئامُ فيضاً، وتَغيضُ الکِرامُ غَيْضاً، وَکَانَ أَهلُ ذَلِکَ الزَّمانَ ذِئاباً، وسلاطينهُ سباعاً، وأَوسْاطُهُ أُکَّالاً، وَفُقراوَُهُ أَمْواتاً، وَغارَ الصِّدْقُ، وفَاضَ الکَذِبُ واسْتُعْمِلَتِ المَوَدَّةُ باللِّسانِ، وَتَشَـاجَرَ النَّاسُ بالقُلُوبِ، وصارَ الفُسُوقُ نَسَباً، والعَفَافُ عَجَباً، وَلُبِِسَ الاِسْلامُ لُبْسَ الفَرْوِ مَقْلُوباً» [4] .

5ـ قال عليٌّ (عليه السلام): «فِتَنٌ کَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، لا تَقُومُ لَهَا قائِمَةٌ [5] ولا ترّدَ لَهَا رايَةٌ [6] تَأْتِيکُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً [7] يَحْفِزُها [8] قَائِدُها، وَيجهدها راکِبُها.

أَهْلُها قَوْمٌ شَدِيدٌ کَلَبُهُمْ، قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ [9] يُجاهِدُهُمْ في سَبيلِ اللّهِ قَوْمٌ أَذِلّةٌ عند المُتَکَبِّـرينَ، في الاَرْضِ مَجْهولُونَ، وفي السَّمـاءِ مَعْرُوفُونَ.



[ صفحه 183]



فَوْيلٌ لَکِ يا بَصْـرَةُ عِنْدَ ذلِکَ، مِنْ جَيْشٍ مِنْ نِقَمِ اللّهِ، لا رَهَجَ لَهُ ولا حِسَّ، وَسَيُبْتَلَـي أَهْلُکِ بِالمَوْتِ الاَحْمرِ، والجُوعِ الاَغْبَـرِ» [10] .

6ـ ومن خطبة له (عليه السلام): «ألا بأبي وَأُمّي، هُمْ مِنْ عِدَّةٍ أَسْمَـاوَُهُمْ في السَّمـاءِ مَعْرُوفةٌ، وفي الاَرْضِ مجْهولَةٌ، ألا فَتَوَقَّعُوا ما يَکُونُ مِنْ إدْبارِ أُمورِکُمْ، وانْقِطاعِ وَصْلِکُمْ، واسْتِعْمالِ صِغارِکُمْ، ذاکَ حَيْثُ تَکُونُ ضَرْبَةُ السَّيْفِ عَلَـي المُوَْمِنِ أهْونَ مِنَ الدِّرْهَمِ مِنْ حِلِّهِ.

ذَاکَ حَيثُ يَکُونُ المُعْطي أَعْظَمَ أجْراً مِنَ المُعْطي، ذَاکَ حَيْثُ تَسْکُرونَ مِنْ غَيْـرِ شَرابٍ، بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ وَالنَّعِيمِ، وَتـَحْلِفُونَ مِنْ غَيْـرِ اضْطِرَارٍ، وَتَکْذِبُونَ مِنْ غَيـرِ إحْرَاجٍ.

ذَاکَ إِذا عَضَّکُمُ البَلاءُ، کَمَـا يَعَضُّ القَتَبُ غَارِبَ البَعِيرِ، مَا أَطوَلَ هذا العَنَاءَ، وَأَبْعَدَ هَذا الرَّجَاءَ» [11] .

7ـ «وَأَخَذُوا يَميناً وشِمالاً، ضَعْناً في مَسَالِکَ الغَيِّ، وَتَرْکاً لِمَذاهِبِ الرُّشْدِ، فَلا تَسْتَعْجِلُوا ما هُوَ کائِنٌ مُرصَدٌ [12] وَتَستَبْطئوا مَا يَجيَ بِهِ الغَدُ.

فَکَمْ مِنْ مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إنْ أَدْرَکَهُ، وَدَّ أنَّهُ لَمْ يُدْرِکْهُ، وَمَا أَقْرَبَ اليَوْمَ مِنْ تَبَاشِيرِ غَدٍ. [13] .



[ صفحه 184]



يا قَوْمِ! هَذَا أَبَانُ [14] وُرُوُدِ کُلِّ مَوْعُودٍ،وَدُنُوٍ مِنْ طَلْعَةِ مَا لا تعرِفُونَ.

ألا إنَّ مَنْ أدْرَکَها مِنَّا، يَسْـري [15] فيها بِسِرَاجٍ مُنيرٍ، وَيَحْذُو فِيها عَلَي مِثَالاِلصَّالِحينَ، لِيَحلَّ فِيها رِبْقاً، وَيعْتِقَ فيها رِبْقاً [16] وَيَصْدَعَ شَعْباً، وَيَشْعَبَ صَدْعاً، في سترةٍ عَنِ النّاسِ، لا يُبْصِـرُ القائِفُ [17] أَثَرَهُ وَلَو تابَعَ نَظَرهُ [18] .

ثُمَّ لَيشحذنَّ [19] فيها قَوْمٌ شَحْذَ القَيْـنِ النَّصْل [20] تُجْلَي بالتَّنْزيلِ [21] أَبْصَارُهُمْ، وَيُرْمَي بالتفسِيرِ في مَسَامِعِهمْ، وَيَغْبقُونَ [22] کَأسَ الحِکْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوحِ». [23] .

8 ـ قال (عليه السلام) في بعض خطبه: «قَدْ لَبِسَ لِلْحِکْمَةِ جُنَّتَها، وأَخَذَهَا بِجَمِيعِ أَدَبِهَا، مِنَ الاِقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالمَعْرِفَةِ بِهَا، والتَّفرُّغِ لَهَا، فَهِيَ عِنْدَ نَفْسِهِ ضَالَّتُهُ الَّتِـي يَطْلُبُها، وَحَاجَتُهُ التَّي يَسْأَلُ عَنْهَا.

فَهُو مُغْتَـرِبٌ إِذَا اغْتَـرَبَ الاِسْلامُ، وَضَـرَبَ بِعَسيبِ ذَنَبِهِ، وَأَلْصَقَ الاَرْضَ



[ صفحه 185]



بِجِرانِهِ، بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِهِ، خَلِيفَةٌ مِنْ خَلائِفِ أَنْبيائِهِ» [24] .

9ـ قال أمير الموَمنين (عليه السلام): لتعطفنَّ الدُّنيا علَيْنا بعد شماسها عطفَ الضروس علي ولدها، وتلک عقيب ذلک: - ونريد أن نمّن علي الّذين اسْتُضعِفُوا في الاَرضِ ونَجْعَلَهُمْ أئمّة ونجعلهم الوارثين-. [25] .



[ صفحه 189]




پاورقي

[1] شرح ابن أبي الحديد: 7: 96 ـ 100، نهج البلاغة: 146ـ 147، خطبة (101)، شرح ابن ميثم: 3: 9 و 12.

[2] البحار: 51: 120، منهاج البراعة: 7: 156، شرح ابن ميثم: 3: 6 خطبة (97)، وقال: «وهذا الفصل يشتمل علي إعلامهم بما يکون بعده من أمر الاَئمّة وتعليمهم ما ينبغي أن يفعل الناس معهم، ويمنّيهم بظهور إمام من آل محمّد عقيب آخر، ووعدهم بتکامل صنايع اللّه فيهم بما يأملونه من ظهور إمام منتظر... إشارة إلي منّة اللّه عليهم بظهور الاِمام المنتظر وإصلاح أحوالهم بوجوده، وَوَجَدْتُ له (عليه السلام) في أثناء بعض خطبه في اقتصاص ما يکون بعده فصلاً يجري مجري الشرح لهذا الوعد، وهو أن قال: «يا قَوْمِ اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أنَّ الّذي يَسْتَقْبِلُ قَائِمُنا مِنْ أَمْرِ جاهِلِيَّتِکُمْ لَيْسَ بدون ما اسْتَقْبَلَ الرَّسُولُ مِنْ أَمْرِ جَاهِلِيَّتِکُمْ، وَذَلِکَ أَنَّ الاَُمَّة کُلَّها يَوْمَئِذٍ جَاهِليَّةٌ إلاّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ، فلا تعْجَلُوا فَيَعْجَلَ الخُرْقُ بِکُمْ، وَاعْلَمُوا أنَّ الرِّفْقَ يُمْنٌ، وفي الاَنَاةِ بَقَاءٌ وَرَاحَةٌ والاِمامُ أَعْلَمُ بِمَا يُنْکِرُ، وَلَعَمْري لَيَنْزِعَنَّ عَنْکُمْ قُضَاةَ السُّوءِ، وَلَيَقْبِضنَّ عَنْکُمْ المُرَاضِينَ (کذا) وَلَيَعْزِلَنَّ عَنْکُمْ أُمَراءَ الجَوْرِ، وَلَيُطَهّرَنَّ الاَرْضَ مِنْ کُلِّ غَاشٍّ، وَلَيَعْمَلَنَّ فِيکُمْ بِالعَدْلِ، وَلَيَقُومَنَّ فِيکُمْ بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ، وَلَيَتَمَنَأنَّ (کذا) أَحْيَاوَُکُمْ لاَمْوَاتِکُمْ رَجْعَة الکَرَّةِ عَمَّـا قَلِيلٍ فَيَعِيشُوا إِذَنْ فَإنَّ ذَلِکَ کَائِنٌ»، شرح ابن أبي الحديد: 7: 84، وفي: 7: 94: «... ثُمَّ يُطْلِعُ اللّهُ لَهُمْ مَنْ يَجمَعُهُمْ وَيَضُمُّهُمْ، يَعني مِنْ أهل البيت (عليه السلام)، وهذا إشارة إلي المهدي الذي يظهر في آخر الوقت، وعند أصحابنا أنّه غير موجود الآن وسيوجد، وعند الاِمامية أنّه موجود الآن، قوله (عليه السلام): فَلاَ تَطْمَعُوا في غَيْـرِ مُقْبِلٍ، ولا تَيْأَسُوا مِنْ مُدْبِرٍ، ظاهر هذا الکلام متناقض، وتأويله أنّه نهاهم عن أن يطمعوا في صلاح أمورهم علي يد رئيس غير مستأنف الرياسة، وهو معني مقبل أي قادم، تقول: سوف أفعل کذا في الشهر المقبل وفي السنة المقبلة، أي القادمة، يقول: کل الرئاسات التي تشاهدونها فلا تطمعوا في صلاح أُمورکم بشيء منها، وإنّما تنصلح أُمورکم علي يد رئيس يقدم عليکم، مستأنف الرئاسة خامل الذکر، ليس أبوه بخليفة، ولا کان هو ولا أبوه مشهورين بينکم برئاسة، بل يتبع ويعلو أمره، ولم يکن قبل معروفاً هو ولا أهله الادنون، وهذه صفة المهدي الموعود به. ومعني قوله: ولا تيأسوا من مدبر، أي وإذا مات هذا المهدي وخلفه بنوه بعده، فاضطرب أمر أحدهم فلا تيأسوا وتتشککوا، وتقولوا لعلنا أخطأنا في اتّباع هوَلاء، فإنّ المضطرب الاَمر منّا تستثبت دعائمه، وتنتظم أُموره، وإذا زلّت إحدي رجليه ثبتت الاَُخري فثبتت الاَُولي أيضاً. ويروي: فَلا تَطْعَنُوا في عَيْـنِ مُقْبلٍ أي لا تحاربوا أحداً منّا ولا تيأسوا من إقبال من يدبر أمره منّا، ثم ذکر (عليه السلام) أنّهم کنجوم السماء، کُلَّمـا خَوي نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ. خوي: مال للمغيب. ثم وعدهم بقرب الفرج فقال: أنّ تَکامَلَ صنائِعُ اللّهِ عِندَکُمْ، وَروَيَةِ ما تَأمَلُونَهُ أَمرٌ قَدْ قَرُبَ وَقْتُهُ، وَکَأَنَّکُمْ بِهِ وَقَدْ حَضَـرَ وَکَانَ، وهذا علي نَمَطِ المواعيد الاِلهيّة بقيام الساعة فإنّ الکتب المنزلة کلها صرّحت بقربها، وإن کانت بعيدة عندنا، لاَنّ البعيد في معلوم اللّه قريب، وقد قال سبحانه: (إنَّهم يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً).

وأنت ـ أيُّها القاريَ الکريم ـ حکّم وجدانک فيما يقوله ابن أبي الحديد فراراً عن المعني الواضح، فأمير الموَمنين (عليه السلام) تحدَّث عن مرحلة الانحراف في الاَُمّة، وظهور العدل بقيام القائم، لا عن موت القائم وملک أولاده بعده وانحرافهم.

[3] ابن أبي الحديد: 9: 40ـ41، منتخب الاَثر: 297 ـ عن نهج البلاغة، ينابيع المودّة: 437ـ عن نهج البلاغة، وفيه: «المهدِيُّ يَعْطِفُ»، غرر الحکم: 363 ـ أوله ـ مرسلاً، شرح ابن ميثم البحراني: 3: 168 ـ عن نهج البلاغة، وقال: الاِشارة في هذا الفصل إلي وصف الاِمام المنتظر في آخر الزمان الموعود به الخبر والاَثر، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 195ـ 196 خطبة (138)، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 2: 21.

[4] منتخب الاَثر: 436 ـ عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 157 خطبة (108)، ابن أبي الحديد: 7: 189ـ عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 1: 208 خطبة (104)، شرح ابن ميثم البحراني: 3: 41.

[5] «لا تقوم لها قائمة» ـ أي لا تنهض بحربها فئة ناهضة، أو قائمة من قوائم الخيل ـ أي لا سبيل إلي قتال أهلها، أو قلعة أو بنيّة قائمة تنهدم.

[6] «ولا تردّ لها راية» ـ أي لا تنهزم أصحاب راية من رايات تلک الفئة.

[7] قوله (عليه السلام): «مزمومة مرحولة» ـ أي عليها زمام ورحل، أي تامّة الاَدوات.

[8] «يحفزها» ـ أي يدفعها قائدها.

[9] «قليل سلبهم» ـ أي نقمتهم القتل، لا السلب.

[10] البحار: 41: 331ـ332، ح (52)، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 148 خطبة (102)، ينابيع المودّة: 437، شرح النهج الحديدي: 7: 102 خطبة (101) وفيه: «... يُجَاهِدُهُمْ في اللّهِ...»، وقال: وهذا إنذار بملحمة تجري في آخر الزمان، وقد أخبر النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بنحو ذلک، نهج البلاغة لمحمد عبدة: 196 خطبة (98) وفيه: «...يَجِدُّهَا رَاکِبُها...».

[11] شرح النهج الحديدي: 13: 95، منتخب الاَثر: 314، نهج البلاغة لمحمّد عبدة: 2: 126، ينابيع المودّة: 437، شرح ابن ميثم البحراني: 4: 182، منهاج البراعة: 11: 141ـ142، في ظلال نهج البلاغة: 3: 79ـ80، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 277 خطبة (187).

[12] «مرصد» ـ أي مترقّب ما يجييَ به الغد من الفتن والوقائع.

[13] «من تباشير غد» ـ أي أوائله أو من البشري به.

[14] و «الاَبّان» ـ الوقت والزمان.

[15] «يسري» ـ من السَّـري، السير بالليل.

[16] و «الربق» ـ الخيط.

[17] و «القائف» ـ الّذي يتتبّع الآثار.

[18] «ولو تابع نظره» ـ أي ولو استقصي في الطّلب، وتابع النظر والتأمّل.

[19] و «شحذت السکين» حددته، أي ليحرّضنَّ في هذه الملاحم قوم عل الحرب، ويشحذ عزائمهم في قتل أهل الضلال، کما يشحذ الحداد.

[20] «النصل» ـ کالسيف وغيره.

[21] قوله (عليه السلام): «يجلي بالتنزيل» ـ أي يکشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن، وإلهامهم تفسيره، ومعرفة أسراره.

[22] و «الغبوق» ـ الشرب بالعشيِّ مقابل الصبوح.

[23] البحار: 51: 117، وفيه «طعناً بدل ضَعْناً»، منتخب الاَثر: 270، ينابيع المودّة: 437، وفيه: «مِنّا المهدِيُّ يَسْرِي في الدُّنيا»، کلّهم عن نهج البلاغة، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 208 خطبة (150).

[24] البحار: 51: 114، شرح النهج الحديدي: 10: 95، وقال: هذا الکلام فسّـره کلُّ طائفة علي حسب اعتقادها، فالشيعة الاِمامية تزعم أنَّ المراد به المهدي المنتظر عندهم... وليس يبعد عندي أن يريد به القائم من آل محمّد (صلي الله عليه وآله وسلم) في آخر الوقت، منتخب الاَثر: 150، ينابيع المودّة: 437، وقال: وَبِقَوْلِهِ فَهُوَ أي المهديُّ مُغْتَربٌ، شرح ابن ميثم البحراني: 3: 391، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 263 خطبة (182).

بيان: قال ابن أبي الحديد: قالت الاِمامية: إنّ المراد به القائم (عليه السلام) المنتظر، والصوفيّة يزعمون: أنَّه وليُّ اللّه، وعندهم: أنَّ الدُّنيا لا تخلو عن الاَبدال وهم أربعون، وعن الاَوتاد وهم سبعة، وعن القطب وهو واحد.

والفلاسفة يزعمون: أنَّ المراد به العارف، وعند أهل السنّة: هو المهدي الذي سَيُخلق.

وقد وقع اتّفاق الفرق من المسلمين: علي أنَّ الدُّنيا والتکليف لا ينقضي إلاّ علي المهديِّ.

قوله (عليه السلام): «فهو مغترب» ـ أي هذا الشخص يخفي نفسه إذا ظهر الفسق والفجور، و«اغترب الاِسلام» ـ باغتراب العدل والصلاح، وهذا يدلُّ علي ماذهبت إليه الاِماميّة، و «العسيب» ـ عظم الذَّنب أو منبت الشعر منه، و «إلصاق الاَرض بجرانه» ـ کناية عن ضعفه وقلّة نفعه، فإنَّ البعير أقلّ ما يکون نفعه حال بروکه.

[25] بيان: عطفت عليه: أي شفقت، وشمس الفرس شماساً: أي منع ظهره، ورجل شموس: صعب الخلق، وناقة ضروس: سيئة الخلق يعضّ حالبها ليبقي لبنها لولدها.