المهدي من الائمة الاثني عشر
«المهديُّ من الاَئمّة الاثني عشر»
1ـ ومن کتاب «سليم بن قيس»: ما رواه أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، ومحمّد بن همّام بن سهيل، وعبد العزيز، وعبد الواحد ـ ابنا عبد اللّه بن يونس الموصلي ـ، عن رجالهم، عن عبد الرزَّاق بن همّام، عن معمر بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، وأخبرنا به في غير هذه الطرق هارون بن محمَّد، قال: حدَّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلّي الهمداني، قال: حدَّثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الکندي، قال: حدَّثنا عبد اللّه بن المبارک ـ شيخ لنا کوفي ثقة ـ، قال: حدَّثنا عبد الرزاق بن همّام [1] قال: حدَّثنا معمّرُ بن راشدٍ [2] عن أبان بن أبي عيّاش،
[ صفحه 108]
عن سليم بن قيس الهلالي [3] قال: «لما أقبلنا من صفّين مع أمير الموَمنين (عليه السلام) نزل قريباً من دير نصرانيّ [4] إذ خرج علينا شيخ من الديرِ جميل الوجه، حسن الهيئة والسَّمت [5] معه کتاب حتي أتي أمير الموَمنين فسلَّم عليه، ثم قال: إِنِّـي من نسل حواريّ عيسي بن مريم، وکان أفضل حواريِّ عيسي ـ الاثني عشرـ وأحبّهم إليه وآثرهم عنده [6] وأنَّ عيسي أوصي إليه ودفع إليهِ کُتبه وعلَّمَهُ حِکمَتَهُ [7] فلم يزل أهل هذا البيت علي دينه متمسّکين بملَّتهِ [8] لم يکفروا ولم يرتدّوا ولم يُغيِّروا وتلک الکتب عندي إملاء عيسي بن مريم وخطّ أبينا بيدهِ، فيها کل شيء يَفعلُ النّاس من بعده، واسم ملکٍ ملکٍ [من بعده] منهم، وأنَّ اللّه تبارکَ وتعالي يَبْعَثُ رَجُلاً مِنَ العَرَبِ مِنْ وُلْدِ [إسماعيل ابن] إبراهيم خليل اللّهِ من أرضٍ [يقال لها: ] تهامَةُ، من قريةٍ يقال لها: مکَّة، يُقال لهُ: أحمَدُ، لهُ اثنا عشر اسماً، وذکر مبعثه ومولدِهِ ومهاجرتِه، ومن يُقاتِلُهُ، وَمَن يَنْصُـرُوهُ، وَمَن يُعاديه، وما يعيشُ، وما تلقي أُمّته بعده إلي أن ينزلَ عيسي بن مريم من السَّماءِ، وفي ذلک الکتاب ثلاثة عشر رجلاً من وُلِد إسماعيل بن إبراهيم خليل اللّه من خير خلقِ اللّهِ، ومن أحبِّ خلقِ اللّهِ إليهِ، واللّه وليٌّ لِمَن والاهم، وعدوّ لمن عاداهم، مَنْ أطاعهم اهتدي، ومن عصاهم ضلَّ، طاعَتُهم للّه طاعة، ومَعصيتهم للّه معصية، مکتوبة أسماءهم وأنسابهم ونعوتهم، وکم يعيش کل رجلٍ منهم واحدٍ بعد واحدٍ، وکم رجلٍ منهم يستتر بدينه
[ صفحه 109]
ويکتمه من قومهِ، ومن الذي يظهر منهم وينقاد له الناس حتي ينزل عيسي بن مريم (عليه السلام) علي آخرهم فيصلّـي عيسي خلفه ويقول: إنَّکم لاَئمّة لا ينبغي لاَحدٍ أن يتقدَّمکم، فيتقدَّم فيصلّـي بالنّاس وعيسي خلفه في الصفّ، أوَّلهم وخيرهم وأفضلهم ـ وله مثل أُجورهم وأُجورِ مَن أطاعَهُمْ واهتدي بهِم ـ رَسُول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) اسمُهُ: مُحَمَّدٌ وعبداللّه ويس والفتّاح والخاتِمُ والحاشِـرُ والعاقبُ والماحي والقائد ونبي اللّه وصفيّ اللّه وحبيب اللّه [9] وأنَّه يذکرُ إذا ذُکرَ، من أکْرَمِ خَلْقِ اللّه عَلَي اللّهِ [10] وأحبّهم إلي اللّهِ، لم يخلق اللّهُ مَلکاً مُکَرَّماً، [11] ولا نبيَّاً مُرسَلاً من آدم فمن سواه خيراً عند اللّه ولا أحبَّ إلي اللّه منه، يُقْعِدهُ يَوْمَ القيامة علي عَرشِهِ، ويُشفِّعُهُ في کلِّ من يَشفَعُ فيهِ [12] باسمِه جري القَلَم [13] في اللَّوح المحفوظ محمَّدٍ رسول اللّه. وبصحاب اللواء يوم الحشر الاَکبر أخيه ووصيِّه ووزيره وخليفته في أُمّته. ومِنْ أحبِّ خلق اللّهِ إلي اللّهِ بعده عليٌّ ابن عمِّهِ لاَُمِّه وأبيهِ، ووليُّ کل موَمنٍ بعدَهُ، ثُمَّ أحَدَ عَشَـرَ رَجُلاً من وُلْدِ محمَّد وولده، أوَّلهم يُسَمّي باسم ابني هارون شبَّـر وشبَّير و تسعة من ولد أصغرهما واحد بعد واحدٍ، آخرهم الذي يُصلّـي عيسي بن مريم خلفَهُ ـ وذکر باقي الحديث بطولِهِ» [14] .
2ـ عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال: «أقبل أمير الموَمنين (عليه السلام) ومعه الحسن بن عليٍّ (عليه السلام) وهو متّکيَ علي يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس إذ
[ صفحه 110]
أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلّم علي أمير الموَمنين (عليه السلام) فردَّ عليه السلام فجلس.
ثمَّ قال: يا أمير الموَمنين! أسألک عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهنَّ علمت أنَّ القوم رکبوا من أمرک ما قضي عليهم، وإن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم، وإن تکن الاَُخري علمت أنّک وهم شرعٌ سواء.
فقال له أمير الموَمنين (عليه السلام): سلني عمّـا بدا لک؟
قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل کيف يذکر وينسي؟ وعن الرجل کيف يشبه ولده الاَعمام والاَخوال؟
فالتفت أمير الموَمنين (عليه السلام) إلي الحسن (عليه السلام) فقال: يا أبا محمّد! أجبه، قال: فأجابه الحسن (عليه السلام).
فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنَّ محمَّداً رسول اللّه ولم أزل أشهد بذلک، وأشهد أنّک وصيُّ رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم والقائم بحجته (وأشار إلي أمير الموَمنين) ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنَّک وصيّه والقائم بحجته (وأشار إلي الحسن (عليه السلام)).
وأشهد أنَّ الحسين بن عليٍّ وصيّ أخيه والقائم بحجّته بعده.
وأشهد علي عليٌّ بن الحسين أنَّه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد علي محمّد بن عليّ أنَّه القائم بأمر عليّ بن الحسين، وأشهد علي جعفر بن محمَّد بأنَّه القائم بأمر محمَّد (ابن عليّ نخ) وأشهد علي موسي أنَّه القائم بأمر جعفر بن محمّد، وأشهد علي عليّ بن موسي أنّه القائم بأمر موسي بن جعفر.
وأشهد علي محمّد بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن موسي، وأشهد علي عليّ بن محمّد بأنَّه القائم بأمر محمّد بن عليّ، وأشهد علي الحسن بن عليّ بأنَّه القائم بأمر عليّ بن محمَّد.
وأشهد علي رجل من ولد الحسن لا يکنّي ولا يسمّي، حتي يظهر أمره، فيملوَها
[ صفحه 111]
عدلاً کما ملئت جوراً.
والسلام عليک يا أمير الموَمنين ورحمة اللّه وبرکاته، ثمّ قام فمضي.
فقال أمير الموَمنين (عليه السلام): يا أبا محمّد! اتبعه فانظر أين يقصد؟
فخرج الحسن بن عليّ (عليهما السلام)، فقال: ما کان إلاّ أنْ وضع رجله خارجاً من المسجد، فما دريت أين أخذ من أرض اللّه؟ فرجعت إلي أمير الموَمنين (عليه السلام) فأعلمته.
فقال: يا أبا محمّد أتعرفه؟ قلت: اللّه ورسوله وأمير الموَمنين أعلم.
قال: هو الخضر (عليه السلام)» [15] .
[ صفحه 113]
3ـ ومن کتاب سليم بن قيس الهلالي، ما رواهُ أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة [16] ومحمّد بن همّام بن سهيلٍ، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس الموصلي ـ عن رجالهم ـ عن عبد الرزاق بن همّام، عن معمر بن راشدٍ: عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس.
وأخبرنا بهِ من غير هذه الطرق هارون بن محمدٍ قال: حدَّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلّـي الهمداني، قال: حدَّثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الکندي [17] قال: حدَّثنا عبد اللّه بن المبارک شيخ لنا کوفي ثقة [18] قال: حدَّثنا عبد الرزاق ابن همّام شيخنا، عن معمر، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي، وذکر أبان أنَّه سمعه أيضاً عن عمر بن أبي سلمة، قال معمر: وذکر أبو هارون العبدي أنَّه سمعه أيضاً عن عمر بن أبي سلمة، عن سليم أنَّ معاوية لما دعا أبا الدرداء وأبا هريرة
[ صفحه 114]
ونحن مع أمير الموَمنين علي (عليه السلام) بصفِّين فحمَّلهما الرسالة إلي أمير الموَمنين علي (عليه السلام) وأدَّياه إليه، قال: «قد بلَّغتماني ما أرسلکما بهِ معاوية فاستمعا منِّي وأبلغاه عنِّي کما بلّغتماني، قالا: نعم، فأجابه عليُّ (عليه السلام) الجواب بطوله حتّي إذا انتهي إلي ذکر نصب رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) إيّاه بغدير خمٍّ بأمرِ اللّهِ تعالي قال: لما نزل عليه: - إِنَّما وليُّکُمُ اللّهُ ورسولُهُ والَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمون الصَّلوةَ ويوَتُونَ الزَّکوةَ وهُمْ راکِعُونَ- [19] فقال الناس: يا رسول اللّه أخاصّة لبعض الموَمنين أم عامَّة لجميعهم؟ فأمر اللّه تعالي نبيَّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم أن يعلمهم ولاية من أمرهم اللّه بولايته [20] وأن يفسِّـر لهم من الولاية ما فسَّـر لهم من صلاتهم وزکاتهم وصومهم وحجِّهم، قال علي (عليه السلام): فنصبَني رسول اللّه بغدير خم وقال: إنَّ اللّهَ عزَّ وجلَّ أرْسَلَني برسالةٍ ضاقَ بها صدري وظننت أنَّ الناس مُکذّبوني، فأوعدني لاَُبَلّغنَّها أو لَيُعَذِّبنِّي قُم يا عليُّ، ثُمَّ نادي بأعلي صوته بعد أن أمرَ أن يُنادي بالصَّلاةَ جامعة، فصلّـي بهم الظهر، ثم قال: يا أيّها النّاسُ إِنَّ اللّه مولاي، وأنا مولي الموَمنين، وأنا أولي بهم منهم بأنفسهم، من کُنتُ مولاه فعلي مولاه، اللَّهم والِ مَن والاه، وعادِ من عاداه [21] فقام إليه سلمان الفارسي فقال: يا رسول اللّه ولاءُ ماذا؟ [22] فقال: من کنت أولي به من نفسه فعليٌّ أولي به من نفسه، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ - اليومَ أکملت لکم دينکم وأتمت عليکم نعمتي ورضيتُ لَکُمُ الاِسلام ديناً- [23] فقال له سلمان: يا رسول اللّه أَنَزَلَتْ هذه الآيات في عليٍّ خاصَّةً؟ قال: بل فيه وفي أوصيائي إلي يوم القيامة، فقال: يا رسول اللّه بيِّنهم لي [24] قال عليٌّ أخي ووصيِّي ووارثي [25] وخليفتي في أُمَّتي ووليُّ کلِّ
[ صفحه 115]
موَمن بعدي وأحدَ عَشَـرَ إماماً من ولدهِ، أوَّلهم ابني حسن، ثمَّ ابني حسين، ثمَّ تسعة من ولد الحسين واحداً بعد واحدٍ، هم مع القرآن، والقُرانُ معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتي يردوا عليَّ الحوض.
فقام اثنا عشرَ رَجلاً من البدريّين فقالوا: نشهد أنّا سمعنا ذلک من رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) کما قلت يا أمير الموَمنين سواء لَم تَزِدْ ولم تُنقِص، وقال بقيّة البدريّين [26] الذين شهدوا مع علي صفِّين: قد حفظنا جلّ ما قلت، ولم نحفظ کلّه، وهوَلاء الاثنا عشر خيارنا وأفاضلنا، فقال عليٌّ (عليه السلام): صدقتم ليس کلُّ الناس يحفظ، وبعضهم أفضلُ من بعضٍ [27] .
وقام من الاِثني عشر أربعَةُ: أبو الهيثم بن التيهان، وأبو أيُّوب، وعمَّـار وخزيمة ابن ثابت ذو الشَّهادتين [28] فقالوا: نشهد أنَّا قد حفظنا قول رسول اللّه
[ صفحه 116]
(صلي الله عليه وآله وسلم) يومئذٍ، واللّه إنّه لقائم وعليٌّ (عليه السلام) إلي جانبه، وهو يقول: «يا أيُّها النّاس! إنّ اللّه أمرني أن
[ صفحه 117]
أنصب لکم إماماً يکون وصيّي فيکم، وخليفتي في أهل بيتي وفي أُمّتي من بعدي، والذيفرض اللّه طاعته علي الموَمنين في کتابه وأمرکم فيه بولايته، فقلت: يا ربِّ!
[ صفحه 118]
خشيت [29] طعن أهل النفاق وتکذيبهم، فأوعدني لاَُبلّغنّها أو ليعاقبني.
أيّها النّاس! إنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أمرکم في کتابه بالصَّلاة، وقد بيّنتها لکم وسننتها لکم، والزکاة والصوم، فبيّنتهما لکم وفسّـرتهما، وقد أمرکم اللّه في کتابه بالولاية، وإنّـي أُشهدکم أيُّها الناس! إنّها خاصّة لهذا ولاَوصيائي من ولدي وولده، أوّلهم ـ ابني الحسن، ثمَّ الحسين، ثُمَّ تسعة من ولد الحسين، لا يفارقون الکتاب حتّي يردوا عليَّ الحوض.
يا أيُّها الناسُ! إنِّي قد أعلمتکم مفزعکم بعدي، وإمامکم ووليّکم وهاديکم
[ صفحه 119]
بعدي، وهو عليُّ بن أبي طالب أخي وهو فيکم بمنزلتي، فقلّدوه دينکم وأطيعوه في جميع أُمورکم، فإنَّ عنده جميع ما علَّمني اللّه عزَّ وجلَّ، أمرني اللّه عزَّ وجلَّ أن أُعلّمه إيّاه [30] وأن أعلمکم أنّه عنده، فسلوه وتعلّموا منه ومن أوصيائه، ولا تعلّموهم ولا تَتَقدَّموا عليهم، ولا تَتَخلَّفوا عنهم فإنَّهم مع الحقِّ والحقّ معهم، لا يزايلهم ولا يزايلونهُ.
ثمَّ قال عليٍّ ـ صلوات اللّه عليه ـ لاَبي الدرداءِ وأبي هريرة، ومن حوله: يا أيُّها النّاس أتعلمون أنَّ اللّه تبارک وتعالي أنزل في کتابه - إنَّما يُريد اللّهُ ليُذهِبَ عنکم الرّجسَ أهْلَ البيتِ وُيطهِّرکُمْ تَطهيرا- [31] فجمعني رسول اللّه وفاطمة والحسن والحسين في کساءٍ، ثمَّ قال: «اللّهمّ هوَلاء أحبَّتي وعترتي [وثقليج وخاصَّتي [32] وأهل بيتي فاذهب عنهم الرِّجس وطهِّرهم تطهيرا» فقالت أُمّ سلمة: وأنا، فقال (صلي الله عليه وآله وسلم) لها: «وأنتِ إلي خيْـرٍ، إنّما أُنزلت فيّ وفي أخي عليٍّ وفي ابنتي فاطمة وفي ابني الحسن والحسين و[في] تسعة من ولدِ الحسين خاصَّة، ليس فيها معنا أحد غيرنا» فقامَ جلُّ الناس فقالوا: نشهد أنَّ أُمَّ سلمة حدَّثتنا بذلک، فسألنا رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) فحدَّثنا کما حدَّثتنا أُمّ سلمة.
فقال عليُّ (عليه السلام): ألستُم تعلمون أنَّ اللّه عزَّ وجلَّ أنزلَ في سورةِ الحجِّ - يا أيُّها الَّذين آمنوا ارکَعوا واسجدوا واعْبُدُوا رَبَّکم وافْعَلُوا الخيْـرَ لَعَلَّکم تُفْلِحُونَ وَجاهِدُوا في اللّهِ حقَّ جِهادهِ هو اجْتباکُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْکُمْ في الدِّينِ من حَرَجٍ مِلَّةَ أبيکُمْ إِبراهيم هُوَ سمَّـاکُمْ المسْلِمينَ مِنْ قَبلُ وفي هذا [33] لِيَکونَ الرَّسُولُ شَهيداً عَلَيْکُمْ وَتَکُونُوا شُهَداءَ
[ صفحه 120]
علي النَّاسِ- فقام سلمان ـ رضي اللّه عنه ـ عند نزولها فقال: يا رسول اللّه مَنْ هوَلاء الذين أنت شهيدٌ عليهم وهم شهداء علي الناسِ الَّذين اجتباهم اللّهُ ولم يجعل عليهم في الدين من حرجٍ ملَّة أبيهم إبراهيم؟ فقال رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم: «عني اللّهُ تعالي بذلک ثلاثة عشر إنساناً: أنا وأخي عليّاً وأحَدَ عشَـرَ مِنْ ولده»؟ فقالوا: اللَّهمّ نعم قد سمعنا ذلک من رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم.
فقال عليٌّ (عليه السلام): أُنشدکم بِاللّهِ أَتَعْلَمُونَ أنَّ رسُولَ اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم قامَ خَطِيباً ثُمَّ لم يخطب بعد ذلک فقال: «أيُّها الناس إِنّـي قد تَرَکْتُ فيکم أمرين [34] لن تَضِلّوا ما [إِنْ] تَمَسّکْتُمْ بِهِما، کِتابَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَهْلَ بَيْتي، فَإِنَّ اللَّطِيفَ الخبير قَد أَخْبَرَني وَعَهِدَ إِليّ أنَّهما لن يفترقا [35] حتي يرِدا عليَّ الحوضَ»؟ فقالوا: [نعم] اللّهمّ قد شهدنا [36] ذلک کلُّهُ من رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم، فقام اثنا عشر رجلاً من الجماعة فقالوا: نشهدُ أنَّ رسولَ اللّهِ حين خطب في اليوم الذي قُبض فيه قام عمر بن الخطاب شِبه المُغضبِ فقال: يا رسول اللّه لکلِّ أهل بيتک؟ فقال: «لا، ولکن لاَوصيائي منهم: علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أُمّتي ووليّ کل موَمن بعدي، وهو أوَّلهم وخيرهم، ثمَّ وصيّه بعده ابني هذا وأشار إلي الحسن، ثمَّ وصيّه [ابني] هذا وأشار إلي الحسين، ثمَّ وصيّه ابني بعده سميِّ أخي، ثُمَّ وصيِّه بعدهُ سميِّي، ثُمَّ سبعة من ولده واحد بعد واحدٍ حتي يردوا عليَّ الحوض، شُهداء اللّه في أرضه وحُججه علي خلقه، من أطاعهم أطاع اللّه ومن عصاهم عصي اللّه».
فقام السَّبعون البدريّون ونحوهم من المهاجرين فقالوا: ذکرتمونا ما کُنّا نسيناه نشهد أنّا قد کنّا سمعنا ذلک من رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم).
فانطلق أبو الدرداء وأبو هريرة فحدَّثا معاوية بکلِّ ما قال عليٌّ (عليه السلام) وما استشهد عليه، وما ردَّ عليه الناسُ وشهدُوا به» [37] .
[ صفحه 121]
4ـ عِدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم، عن حنان بن السرّاج، عن داود بن سليمان الکسائي، عن أبي الطفيل، قال: شهدت جنازة أبي بکر يوم مات، وشهدت عمر حين بويع وعليٌّ (عليه السلام) جالسٌ ناحية فأقبل غلامٌ يهوديٌ جميل [الوجه] بهيٌّ، عليه ثياب حسان، وهو من ولد هارون حتّي قام علي رأس عمر فقال: يا أمير الموَمنين! أنت أعلم هذه الاَُمّة بکتابهم وأمر نبيّهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إيّاک أعني وأعاد عليه القول، فقال له عمر: لم ذاک؟ قال: إنّـي جئتک مرتاداً لنفسي، شاکاً في ديني، فقال: دونک هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا عليٌّ بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وهذا زوج فاطمة بنت رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم.
فأقبل اليهوديُّ علي عليٍّ (عليه السلام) فقال: أکذاک أنت؟
قال: «نعم».
قال: إنّي أُريدُ أن أسألکَ عن ثلاث وثلاث وواحدة.
قال: فتبسّم أمير الموَمنين (عليه السلام) من غير تبسّم، وقال: «يا هاروني! ما منعک أن تقول سبعاً»؟
قال: أسألک عن ثلاث فإنْ أجبتني سألت عمَّـا بعدهن، وإن لم تعلمهنّ علمتُ أنَّه ليس فيکم عالم.
قال عليٌّ (عليه السلام): «فإنّي أسألک بالاِله الذي تعبده لئن أنا أجبتک في کل ما تريد لتدعنّ دينک ولتدخلنّ في ديني»؟
قال: ما جئت إلاّ لذاک.
قال: «فسل».
قال: أخبرني عن أوّل قطرة دم قطرت علي وجه الاَرض أي قطرة هي؟ وأوَّل عين فاضت علي وجه الاَرض أي عين هي؟ وأوَّل شيء اهتز علي وجه الاَرض أي شيء هو؟
[ صفحه 122]
فأجابه أمير الموَمنين (عليه السلام) فقال له: «أخبرني عن الثلاث الاَُخر، أخبرني عن محمّدکم له من إمام عدل؟ وفي أي جنّة يکون؟ ومن ساکنه (مساکنه) معه في جنّته؟
فقال: «يا هاروني! إنَّ لمحمّد اثني عشر إمام عدل، لا يضرّهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم، وإنَّهم في الدين أرسب (أرسي) من الجبال الرواسي في الاَرض، ومسکن محمد في جنّته معه أُولئک الاِثنا عشر الاِمام العدل».
فقال: صدقت واللّه الذي لا إله إلاّ هو إنّي لاَجدها في کتب أبي هارون، کتبه بيده، وإملاء موسي عمّي (عليهما السلام) [38] .
[ صفحه 123]
5ـ وبإسناده (أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، ومحمد بن همام بن سهيل، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس الموصليِّ، عن رجالهم) عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: (وأخبرنا به من غير هذه الطرق، هارون ابن محمد قال: حدَّثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلّـي الهمداني، قال: حدَّثني
[ صفحه 124]
أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الکندي قال: حدَّثنا عبد اللّه بن المبارک ـ شيخ لنا کوفي ثقة ـ عن عبد الرزاق بن همّام، عن معمر بن راشدٍ، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس، قال: قال عليٌّ بن أبي طالب (عليه السلام): «مررت يوماً برجلٍ ـ سمّـاه لي ـ فقال: ما مثلُ محمّد إلاّ کمثل نخلةٍ نبتتِ في کباةٍ [39] فأتيت رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) فذکرت ذلک لهُ، فغَضِبَ رَسُولُ اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وخَرَجَ مُغضِباً وأتي المنبر ففرِغَت الاَنصار إلي السِّلاح [40] لما رأوا من غَضَبِ رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم)، قال: فما بالُ أقوامٍ يُعَيِّروني بقَرابَتي وَقَد سَمِعُوني أقول فيهم ما أقول من تفضيل اللّهِ تعالي إيّاهم وما اختصّهم بهِ من إذهاب الرِّجسِ عنهم وتطهير اللّهِ إيّاهم؟ وقد سمعوا ما قلته في فضل أهلِ بيتي ووصييِّ وما أکرمه اللّه به وخصَّهُ وفضَّلهُ من سبقه إلي الاِسلام، وبلائهِ فيه، وقرابته منِّي، وأنَّه منِّي بمزلة هارون من موسي، ثُمَّ يَمرُّ بهِ فَزَعَمَ أنَّ مَثَلِي في أهْلِ بَيتي کَمَثَلِ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ في أَصْلِ حُشٍّ؟ [41] ألا إنَّ اللّه خَلَقَ خَلْقَهُ وفَرَّقَهُم فِرْقَتَينِ فَجَعَلَني في خَيْـرِ الفِرْقَتَين، وفَرَّقَ الفِرْقَةَ ثلاث شُعبٍ فَجَعَلَني في خيرها شَعباً وخيْـرها قبيلةً، ثُمَّ جعلهم بيوتاً، فَجَعَلَني في خَيْـرها بَيْتَاً حَتّي خَلَصْتُ في أَهْلِ بَيْتي وَعِترَتي وَبَني أبي [42] أنا وأخي علي بن أبي طالب، نَظَرَ اللّهُ [سُبحانه] إلي أَهلِ الاَرضِ نظرة واختارني منهم، ثُمَّ نَظَرَ نَظْرَةً فاختار علياً أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أُمّتي، وَوَلِيَّ کُلِّ مُوَمنٍ بَعْدي، من والاه فقد والي اللّه، ومن عاداه فقد عادي اللّه [43] ومن أحبَّهُ أحبَّهُ اللّهُ، ومن أبْغَضَهُ أبغَضَهُ اللّهُ، لا يُحِبُّهُ
تتمة
[ صفحه 125]
إلاّ کُلُّ مُوَمِنٍ ولا يُبْغِضُهُ إلاّ کُلُّ کافِرٍ، هُوَ زِرُّ الاَرضِ بعد وسکّها [44] وهو کلمة التَّقوي، وعروة اللّه الوثقي، - يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِم وَيَأبي اللّهُ إلاّ أن يُتِمَّ نُورَهُ- يُرِيدُ أعداءُ اللّهِ أن يُطفِئُوا نُورَ أخي ويأبي اللّه إلاّ أن يُتِمَّ نُورَهُ، أيُّها النَّاس لِيُبَلّغْ مَقالَتي شاهِدُکُمْ غائِبَکُمْ، اللّهمّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ إنّ اللّهَ نَظَرَ نَظْرَةً ثالثةً فاختار أهل بيتي من بعدي وهم خيار أُمّتي: أحدَ عَشَـرَ إماماً بعد أخي واحداً بعد واحدٍ، کُلَّما هَلَکَ واحدٌ قامَ واحد، مَثَلُهُمْ في أُمّتي [45] کَمَثَلِ نُجُومِ السَّماءِ، کُلَّما غابَ نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ، إِنَّهُمْ أئمَّة هداةٌ مهديُّون، لا يَضُـرُّهُمْ کَيْدُ من کادَهُمْ، ولا خِذلانُ مَنْ خَذَلَهُمْ، بَلْ يَضرّ اللّهُ بِذلِکَ مَنْ کادَهُمْ وَخَذَلَهُم، هُمْ حُجَجُ اللّهِ في أَرْضِهِ، وشُهداوَُهُ علي خلقِهِ [46] مَنْ أطاعَهُمْ أَطاعَ اللّهَ، وَمَنْ عصاهُم عَصَـي اللّهَ، هُمْ مَعَ القُُرآنِ، والقُرآنُ مَعَهُمْ لا يُفارِقُهُمْ ولا يُفارِقُونَهُ حَتَّي يَرِدُوا عليَّ حَوضي، وَأوَّلُ الاَئمَّةِ أخي عَليٌّ خَيْـرُهُمْ ثُم ابني حَسَنٌ، ثُمَّ ابني حسينٌ، ثمَّ تسعةٌ من وُلْدِ الحُسَينِ ـ وذکر الحديث بطوله» [47] .
6ـ أبان عن سُلَيْم، قال: قلت: يا أمير الموَمنين إنّـي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن، ومن الرواية عن النبي صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم ثم سمعت منک تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء کثيرة من تفسير القرآن ومن الاَحاديث عن
[ صفحه 126]
النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) تخالف الذي سمعته منکم وأنتم تزعمون أنّ ذلک باطل، أفتري يکذبون علي رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) معتدين ويفسّـرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل عليّ (عليه السلام)، فقال لي:
«يا سُلَيْم قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمِ الجَوابَ، إِنَّ في أيْدي النَّاسِ حَقَّاً وباطِلاً، وَصِدقاً وکذباً، وناسِخاً وَمَنْسوخَاً، وخاصّاً وعامّاً، ومُحْکَماً ومُتشابِهاً، وَحِفظاً وَوَهماً، وقد کُذِبَ علي رَسُولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) عَلَي عَهدِهِ حَتَّي قامَ خطيباً فقال: أيُّها النّاسُ قَد کَثرت عليَّ الکذّابة، فمن کذب عليَّ مُتعمِّداً فليتبوَّأ مقعدَهُ من النّارِ، ثُمَّ کُذِبَ عَلَيهِ من بعدِهِ حينَ تُوفِّي رَحمةُ اللّه علي نبيِّ الرحمة وصَلَّي اللّه عليهِ وآلِه. وإِنَّما يأتيک بالحديث أربعةُ نفرٍ ليس لهم خامس: (رَجُلٌ) منافقٌ مُظْهِرٌ للاِيمان مُتَصَنِّعٌ بالاِسلام، لا يتأثَّم ولا يَتَحَرَّج أن يکذبَ علي رسُولِ اللّهِ مُتَعَمِّداً، فَلَو عَلِمَ المسْلِمُونَ أَنَّهُ مُنافِقٌ کَذَّابٌ لمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، ولَکِنَّهُمْ قالُوا هذا صاحِبُ رَسُّولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) رآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَهُوَ لا يَکْذِبُ ولا يَسْتَحِلُّ الکِذْبَ عَلَي رَسُولِ اللّهِ، وَقَدْ أَخْبَـرَ اللّهُ عن المُنافقينَ بما أَخْبَـرَ وَوَصَفَهُمْ بِما وَصَفَهُمْ فَقَالَ (اللّهُ) عَزَّ وجَلَّ: - وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُکَ أَجْسَامُهُمْ وَإنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ- ثُمَّ بَقُوا بَعْدَهُ وَتَقَرَّبُوا إلي أئمَّة الضَّلالِ والدُّعاة إلي النار بالزورِ والکِذْبِ والبُهْتَانِ، فَوَلَّوهُمْ الاَعمالَ وحَمَلُوهُمْ علي رِقَابِ النَّاسِ، وَأَکَلُوا بهِِمُ الدُّنيا، وإنّما النّاسُ مَعَ الملوکِ (و) الدُّنيا إلاّ مَنْ عَصَمَ اللّهُ، فَهذا أوَّلَ الاَرْبعَةِ. وَرَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ علي وجهِهِ وَوَهِمَ فيهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ کِذْباً، وَهُوَ في يَدِهِ يَرْوِيهِ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيَقُولُ أنا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ، فَلَوْ عَلِمَ المُسْلِمُونَ أنَّه وَهِمَ لم يَقْبَلُوا، وَلَو عَلِمَ هُوَ أنَّهُ وَهمٌ لَرَفَضَهُ. ورَجُلٌ ثَالِثٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ شَيْئاً أَمَرَ بِِهِ، ثُمَّ نَهي عَنْهُ وَهْوَ لا يَعْلَمُ، أو سَمِعَهُ نَهي عَنْ شَيءٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لا يَعْلَمُ، حَفِظَ المَنسُوخَ وَلَمْ يَحفِظَ النّاسِخَ، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسوخٌ لَرَفَضَهُ، وَلَوْ عَلِمَ المُسْلِمُونَ أنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ، وَرَجُلٌ رابِعٌ لَمْ يَکْذِبْ عَلَي اللّهِ وَلا عَلي رَسُولِ اللّهِ، بُغْضاً لِلکذبِ وَتَخَوُّفاً مِنَ اللّهِ وَتَعظيماً لِرَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ ولَمْ يوهمْ، بَلْ حَفِظَ ما سَمِعَ عَلَي وجْهِهِ فَجَاءَ بِهِ کَما سَمِعَهُ وَلَمْ يَزد فِيهِ ولَمْ يَنْقُصْ، وَحَفِظَ النّاسِخَ مِنَ المنسُوخِ فَعَملَ بِالنّاسِخِ وَرَفَضَ المنسُوخَ. وإنَّ أمْرَ رَسُولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) وَنَهْيهُ مِثْلُ القُرْآنِ نَاسِخٌ وَمَنسوخٌ وَعامٌّ وخاصٌّ ومُحکَمٌ
[ صفحه 127]
ومُتَشابه، وَقَدْ کانَ يَکونُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) الکَلامُ لَهُ وَجْهانِ، کَلامٌ خاص وَکَلام عامّ مِثلُ القُرْآنِ يَسْمَعَهُ مَنْ لا يَعْرِف مَا عَنَي اللّهُ وما عَني بهِ رَسُولُ اللّهِ. وَلَيسَ کُلُّ أصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ کانَ يَسْأَلُهُ فَيَفْهَمُ، وَکَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْأَلُهُ ولا يَسْتَفْهِمُ، حَتَّي أن کانُوا يُحِبّونَ أنْ يَجيءَ الطارِيءُ وَالاَعرابيُّ فَيَسألَ رَسُولَ اللّهِ حَتَّي يَسْمَعُوا مِنْهُ، وَکُنْتُ أدْخُلُ عَلي رَسُولِ اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم کُلَّ يَوْمٍ دَخْلَةً وکُلَّ لَيْلَةٍ دَخْلَةً، فَيُخلِينِي فيها أدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ، وَقَدْ عَلِمَ أصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ أنَّهُ لَم يَکُنْ يَصْنَعُ ذَلِکَ بِأََحَدٍ غَيْـرِي، وَرُبَّما کانَ ذلِکَ في منزلي فإذا دَخَلتُ علَيْهِ في بَعْضِ منازِلِه خلا بي وأقامَ نساءَهُ فَلَمْ يَبْقَ غَيْـري وَغَيْـرُهُ، وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تَقُمْ من عِندنا فاطمة ولا أحدٌ من ابنيَّ، إذا أسألُهُ أجابني، وإذا سکتُّ أو نَفِدَتْ مسائِلِي ابْتَدَأَني، فَما نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَةٌ من القُرْآنِ إلاّ أقْرَأَنِيها وأملاها عَلَيَّ فَکَتَبْتُها بِخَطِّي، وَدَعا اللّهَ أنْ يُفْهِمَني إيَّاها وَيُحَفِّظني، فَما نَسِيتُ آيَةً مِنْ کِتابِ اللّهِ مُنْذُ حَفِظتُها، وَعَلَّمَني تَأوِيلَها فَحَفِظْتُهُ وَأمْلاهُ عَلَيَّ فَکَتَبْتُهُ، وَما تَرَکَ شَيْئاً عَلَّمَهُ اللّهُ مِنْ حَلالٍ وَحَرامٍ، أو أمرٍ ونَهْيٍ أو طاعةٍ وَمَعصيَةٍ کانَ أوْ يَکُونُ إلي يوْمِ القيامَةِ إلاّ وقدْ عَلَّمنيه وحَفِظْتُهُ، وَلم أنْسَ مِنْهُ حَرْفاً وَاحِداً، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ علَي صَدْرِي وَدَعَا اللّهَ أن يَمْلاَ قَلْبي عِلْماً وَفهْماً وَفِقهاً وَحکماً ونُوراً، وأنْ يُعَلِّمني فلا أجْهَل، وأنْ يُحَفّظَني فَلا أنْسي، فَقُلْتُ لَهُ ذاتَ يَوْمٍ: يَا نَبِيَّ اللّهِ إِنَّکَ مُنْذُ يَوْمِ دَعَوْتَ اللّهَ لي بما دَعَوْتَ لَـمْ أنْسَ شَيْئاً ممّا عَلَّمْتَني، فَلِمَ تُمْلِيهِ عَلَيَّ وَتَأمُرُني بِکِتابَتِهِ، أَتَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسْيانَ؟ فَقَالَ: يَا أَخِي لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْکَ النِّسْيانَ ولا الجَهْلَ، وَقَدْ أَخْبَـرَنِيَ اللّهُ أنَّهُ قَدْ اسْتَجَابَ لِي فِيکَ، وَفي شُـرَکائِکَ الَّذِينَ يَکُونُونَ مِنْ بَعْدِکَ، قُلْتُ يا نَبِيَّ اللّهِ وَمَنْ شُـرَکائِي؟ قَالَ الَّذِينَ قَرَنهمُ اللّهُ بِنَفْسهِِ وَبي مَعَهُ، الَّذِينَ قَالَ في حَقِّهم: - يا أيُّها الَّذين آمَنُوا أطِيعوا اللّهَ وأطيعُوا الرَّسُولَ وأُولي الاَمْرِ مِنْکُمْ فَإنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرِدُّوهُ إلي اللّهِ والرَّسُولِ- قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللّهِ وَمَنْ هُمْ (هنا سقط) الاَوْصياء إلي أنْ يَرِدُوا عَلَيَّ حوضِي، کُلُّهُمْ هادٍ مهْتَدٍ، لا يَضُـرُّهُمْ کَيْدُ مَنْ کادَهُمْ ولا خِذْلانَ مَنْ خَذَلَهُمْ، هُمْ مَعَ القُرْآنِ وَالقُرآنُ مَعَهُمْ لا يُفَارِقُونَهُ ولا يُفارِقُهُمْ، بِهِمْ يَنْصِـرُ اللّهُ أُمَّتي وَبِهِم يُمْطرُونَ وَيُدْفَعُ عَنْهُمْ بِمُسْتَجابِ دَعْوَتِهمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ سَمِّهمِ لي، فَقالَ: ابني هذا وَوَضَعَ
[ صفحه 128]
يَدَهُ عَلَـي رأسِ الحَسَـنِ، ثُمَّ ابني هذا وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَـي رَأسِ الحُسين، ثُمَّ ابن ابني هذا وَوَضَعَ يَدَهُ علي رَأْسِ الحُسَـينِ، ثُمَّ ابنٌ لَهُ عَلَي اسمِي اسمُهُ مُحَمَّدٌ، باقِرُ عِلْمي وَخازِنُ وَحي اللّهِ، وَسَيُولَد عليٌ في حَياتِکَ يا أَخي فَأقْرأْهُ مِنّي السَّلام، ثُمَّ أقْبَلَ عَلَي الحُسَيْن فَقَالَ سَيُولَدُ لَکَ مُحَمَّدُ بْن عليٍّ في حياتک فَاقرأهُ مِنّي السَّلام، ثُمَّ تَکْمِلَةُ الاثني عَشَـر إِماماً مِنْ وُلْدِکَ يا أخِي. فَقُلْتُ يا نَبيَّ سَمِّهم لي، فَسَمّـاهُمْ لي رَجُلاً رَجُلاً مِنهُمْ واللّهُ ـ يا أخا بَني هلالٍ ـ مهديُّ هذه الاَُمّة الَّذي يملوَ الاَرضَ قِسطاً وعدلاً کما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً.واللّهِ إنّـي لاَعْرِفُ جَمِيعَ مَنْ يُبايِعُهُ بَيْـنَ الرُّکْنِ والمَقامِ وَأعرِفُ أسْماءَ الجَمِيعِ وَقَبائِلَهُمْ» [48] .
[ صفحه 129]
7ـ وأسند عليُّ بن محمّد القميّ، إلي أمير الموَمنين (عليه السلام) قال: «دخلت علي
[ صفحه 130]
رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وقد نزلت آية التطهير، فقال: يا عليُّ هذه نزلت فيک وفي سبطيک والاَئمّة من ولدک، فقلت: فکم الاَئمّة بعدک؟ قال صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم: أنت يا عليُّ ثُمَّ ابناک الحسن والحسين، وبعد الحسين عليٌّ ابنه، وبعد عليّ محمّد ابنه، وبعد محمّد جعفر ابنه، وبعد جعفر موسي ابنه، وبعد موسي عليٌّ ابنه، وبعد عليٍّ محمّد ابنه، وبعد محمّد عليٌّ ابنه، وبعد عليٍّ الحسن ابنه، والحجّة من ولد الحسن، هکذا وجدت أساميهم مکتوبة علي ساق العرش، فسألت اللّه عنهم، قال: هم الاَئمّة بعدک مطهّرون معصومون، وأعداوَهم ملعونون». [49] .
8ـ وأخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثنا حميد بن زيادٍ من کتابه وقرأتُهُ عليه، قال: حدَّثني جعفر بن إسماعيل المنقريُّ [50] عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن إسماعيل بن علي البصري [51] عن أبي أيوب الموَدِّب، عن أبيه ـ وکان موَدِّباً لبعض ولد جعفر بن محمد (عليهما السلام) ـ [قال: ج قال: «لما توفِّي [52] رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) دخل المدينة رجلٌ من ولد داود علي دينِ اليهوديةِ، فرَأي السِّکَکَ خالِيَةٌ فقال لبعض أهل المدينة: ما حالکُمْ؟ فقيلَ: توفِّي رسول اللّه، فقال الدَّاوُديُّ: أما إنَّه توفِّي [في] اليوم الذي هو في کتابنا ثمَّ قال: فأينَ الناسُ؟ فقيلَ لهُ: في المسجِدِ، فأتي المسجِدَ فإذا أبو بکر وعمرُ وعثمانُ وعبد الرحمان بن عوفٍ وأبو عبيدة بن الجرّاح والنّاس، قد غصَّ المسجِدُ بهم، فقال: أوْسِعوا حتَّي أدخُلَ وَأَرْشِدوني إلي الَّذي خَلَّفهُ نَبيُّکُمْ، فأَرشَدُُوه إلي أبي بکرٍ، فقال لهُ: إنَّني من وُلْدِ داوُدَ علي دينِ اليهوديةِ، وقد جئتُ لاَسألَ عن أربعة أحرفٍ فإن خَبَّـرْتَ بها أسْلَمْتُ، فقالُوا لَهُ: انتَظِرْ قَلِيلاً، وَأَقْبَلَ أَمِيرُ الموَْمِنينَ علي بن أبي طالب ـ عليه
[ صفحه 131]
السلام ـ مِنْ بَعْضِ أبواب المَسْجِدِ، فَقالوا لَهُ: عَلَيْکَ بِالفَتي، فَقامَ إِلَيهِ، فَلمَّـا دَنا منْهُ قال لهُ: أنْتَ عليّ بن أبي طالب؟ فقال لَهُ عليٌّ: أنْتَ فلان بن فلان بن داود؟ قال: نعم، فأخَذَ عليٌّ يَدَهُ وجاء به إلي أبي بکرٍ، فقال لهُ اليهوديُّ: إنَّي سألتُ هوَلاء عن أربعة أحرفٍ فأرْشَدوني إليک لاَسألَکَ، قال: اسأل.
قال: ما أوَّل حَرْفٍ کَلَّمَ اللّهُ بهِ نَبِيَّکُمْ لمّا أُسريَ بهِِ وَرَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّه؟ وَخَبِّرني عن المَلَکِ الذي زَحَمَ نَبيَّکُمْ [53] وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَخَبِّـرنِي عن الاَرْبَعَةِ الَّذِين کَشَفَ عَنهُمْ مالِکٌ طَبَقاً مِنَ النارِ وکَلَّموا نَبيَّکُمْ؟ وَخَبِّـرني عَنْ مِنْبَرِ نَبيِّکُم أيُّ موضِعٍ هو من الجنَّةِ؟
قال علي (عليه السلام): أوَّل ما کَلَّمَ اللّهُ بهِِ نَبيِّنا (عليه السلام) قولُ اللّهِ تعالي: - آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزَِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّه- [54] قال: ليس هذا أرْدتُ، قالَ: فَقَولُ رَسُولُ اللّهِ: «والموَمِنُونَ کُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ» قالَ: ليس هذا أردتُ، قالَ: اترِکَ الاَمرَ مَسْتُوراً. قال: لَتُخْبِرُني أَوَلَسْتَ أنْتَ هُوَ، فَقالَ: أَما إِذ أَبَيْتَ فَإِنَّ رَسُولَ اللّهِ صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم لمّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ والحُجُبُ تُرْفَعُ لَهُ قَبْلَ أنْ يَصِيرَ إلي مَوْضِعِ جَبْـرَئيلَ ناداهُ مَلَکٌ: يا أحمدُ، قال: إِنَّ اللّهَ يُقرِيَ عَلَيْکَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَکَ: أَقْرِيَ علي السَّيِّدِ الوَليِّ منَّا السَّلام، فَقالَ رَسُولُ اللّهِ: مَن السَّيِّدُ الوَلِيُّ؟ فَقالَ المَلَکُ: عليٌّ بن أبي طالب، قال اليهوديُّ: صَدَقْتَ واللّهِ إِنَّي لاَجدُ ذَلِکَ في کِتابِ أبي.
فقال عليٌّ (عليه السلام): أَمَّا المَلَکُ الذي زَحَمَ رَسُولُ اللّهِ صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم فَمَلَکُ الموتِ جاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ جَبَّارٍ مِنْ أهْلِ الدُّنيا قَدْ تَکَلَّمَ بِکَلامٍ عَظيم فَغَضِبَ اللّهُ، فَزَحَمَ رَسُولَ اللّهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَقَالَ جَبْـرَئِيلُ: يا مَلَکَ المَوْتِ هذا رَسُولُ اللّهِ أحْمَدُ حَبْيبُ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم)، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَلَصِقَ بِهِ وَاعْتَذَرَ، وَقالَ: يا رَسُولَ اللّهِ إِنَّي أَتَيْتُ مَلِکَاً جَبَّاراً قَدْ تَکَلَّمَ بِکلامٍ عَظيمٍ فَغَضِبْتُ وَلَمْ أَعْرِفْکَ، فَعَذَّرَهُ.
وأمّا الاَربعةُ الذين کشَفَ عنهم مالِکٌ طَبَقاً من النّار فإنَّ رسولَ اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم مرَّ بمالکٍ
[ صفحه 132]
ولم يَضْحَکْ منذ خُلِقَ قطُّ، فقالَ لهُ جبرئيلُ: يا مالِکَ هذا نبِيُّ الرَّحمَةِ مُحمَّدٌ فَتَبَسَّمَ في وَجْههِ وَلمْ يَتَبَسَّم لاَحدٍ غيرهِ، فقال رسُولُ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم): مُرهُ أن يَکْشِفَ طَبَقَاً مِنَ النَّارِ، فَکَشَفَ فَإذا قابِيلُ وَنُمرُودُ وَفِرْعَونُ وهامانُ، فقالوا: يا مُحَمَّد اسأل رَبَّکَ أنْ يَرُدَّنا إلي دارِ الدُّنيا حتي نعمَلَ صالِحاً، فَغَضِبَ جَبْرَئيلُ فَقالَ بِريشَةٍ [55] .
ع مِنْ رِيشِ جَناحِه فَرَدَّ عَلَيْهِم طَبَقَ النّارِ.
وأمّا مِنْبَـرُ رَسُولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) فإنَّ مسْکَنَ رَسُولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) جَنَّةُ عَدْنٍ هي جَنَّةٌ خَلَقَها اللّهُ بيَدِهِ وَمَعَهُ فيها اثنا عَشرَ وَصيّاً، وفَوقَها قُبّةٌ يُقالُ لها: قُبَّةُ الرِّضوانِ، وفوقَ قُبَّةِ الرِّضوانِ منزِلٌ يُقالُ لَهُ الوسيلَةُ، وَلَيسَ في الجَنَّةِ مَنْزِلٌ يُشْبِهُهُ وَهُوَ مِنْبَـرُ رَسُولِ اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم.
قال اليهوديُّ: صدقت واللّه إنَّه لفي کتاب أبي داود يتوارثونه واحدٌ بعد واحدٍ حتي صار إليَّ ثمَّ أخرجَ کتاباً فيه ما ذکره مسطوراً بخط داود، ثمَّ قال: مُدَّ يدکَ فأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّهُ، وأنَّ مُحَمّداً رَسُولُ اللّهِ، وأنَّه الذي بَشَّـرَ بِهِ موسي (عليه السلام) وَأشهدُ أنَّکَ عالِمُ هذه الاَُمّة ووَصيُّ رَسولِ اللّه» [56] قال: فعلَّمه أمير الموَمنين شرائعَ الدين.
[ صفحه 133]
9ـ حدَّثنا المظفر بن جعفر بن المظفّر العلويُّ السمرقنديُّ ـ رضي اللّه عنه ـ قال: حدَّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدَّثنا محمّد بن نصر [57] عن الحسن ابن موسي الخشّاب، قال: حدَّثنا الحکم بن بهلول الاَنصاري [58] عن إسماعيل بن همّام، عن عمران بن قرَّة، عن أبي محمد المدنيّ، عن ابن أُذينة، عن أبان بن أبي عيّاش قال: حدَّثنا سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عليّاً (عليه السلام) يقول: مانزلت علي رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليَّ وکتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها، ومنسوخها، ومحکمها ومتشابهها، ودعا اللّه عزَّ وجلَّ لي أن يعلّمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من کتاب اللّه ولا علماً أملاه عليَّ فکتبته، وما ترک شيئاً علّمه اللّه عزَّ وجلَّ من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي، وما کان أو يکون من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفاً واحداً، ثمَّ وضع يدهُ علي صدري ودعا اللّه عزَّ وجلَّ أن يملاَ قلبي علماً وفهماً وحکمة ونوراً، لم أنس من ذلک شيئاً ولم يفتني شيء لم أکتبه، فقلت: يا رسول اللّه أتتخوَّف عليَّ النسيان فيما بعد؟ فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): لست أتخوَّف عليک نسياناً ولا جهلاً، وقد أخبرني ربّي جلَّ جلاله أنَّه قد استجاب لي فيک وفي شرکائک الذين يکونون من بعدک، فقلت: يا رسول اللّه ومن شرکائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم اللّه عزَّ وجلَّ بنفسه وبي، فقال: - أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول وأُولي الاَمر منکم- الآية، فقلت: يا
[ صفحه 134]
رسول اللّه وَمَنْ هُم؟ قال: الاَوصياء منّي إلي أن يردوا عليَّ الحوض کلّهم هاد مهتد، لا يضرُّهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه، بهم تنصر أُمّتي وبهم يمطرون وبهم يدفع عنهم البلاء ويستجاب دعاوَهم. قلت: يا رسول اللّه: سمّهم لي، فقال: ابني هذا ـ ووضع يده علي رأس الحسن ـ ثمَّ ابني هذا ـ ووضع يده علي رأس الحسين (عليه السلام) ـ ثمَّ ابن له يقال له عليٌّ وسيولد في حياتک فأقرأه منّي السلام، ثمَّ تکمّله اثني عشر، فقلت: بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللّه سمّهم لي [رجُلاً فرَجُلاً] فسمّـاهم رجلاً رجلاً، فيهم واللّه يا أخا بني هلال مهديُّ أُمّتي محمّد الذي يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً، واللّه إنّي لاَعرف من يبايعه بين الرُّکن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم». [59] .
10ـ أسند عليٌّ بن محمّد بن عليّ برجاله، إلي الاَصبغ بن نباتة، إلي عليٍّ (عليه السلام)، قال: «کنت عند النبيِّ (صلي الله عليه وآله وسلم) في بيت ـ أُمّ سلمة ـ فدخل سلمان وأبو ذرّ والمقداد وابن عوف وجماعة، فقال سلمان: يا رسول اللّه إنَّ لکلِّ نبيّ وصيّاً، وسبطين، فمن وصيّک وسبطاک؟ فأطرق، ثمّ قال: إنّ اللّه تعالي بعث أربعة آلاف نبيّ وکان لهم أربعة آلاف وصيّ وثمانية آلاف سبط، والذي نفسي بيده لاَنا خير الاَنبياء، ووصيّي خير الاَوصياء، وسبطاي خير الاَسباط.
إنَّ آدم أوصي إلي ابنه شيت، وشيت إلي سنان، وسنان إلي مجلث، ومجلث إلي محوق، إلي عثميثا، إلي اُخنوخ، إلي ياخور، إلي نوح، إلي سام، إلي عتامر، إلي برعيثاشا، إلي يافث، إلي بره، إلي حفيسة، إلي عمران، إلي إبراهيم، إلي إسماعيل، إلي إسحاق، إلي يعقوب، إلي يوسف، إلي ريثا،إلي شعيب، إلي موسي، إلي يوشع، إلي داود، إلي سليمان، إلي آصف، إلي زکريّا، إلي عيسي، إلي شمعون، إلي يحيي، إلي منذر، إلي سلمه، إلي برده، ودفعها برده إليَّ، وأنا أدفعها إليک يا عليُّ، وأنت تدفعها إلي الحسن، والحسن إلي الحسين، والحسين إلي ابنه عليّ، وعليٌّ إلي ابنه محمّد، ومحمّد إلي ابنه جعفر، وجعفر إلي ابنه موسي،
[ صفحه 135]
وموسي إلي ابنه عليّ، وعليّ إلي ابنه محمّد، ومحمّد إلي ابنه عليّ، وعليٌّ إلي ابنه الحسن، والحسن إلي ابنه القائم، ثم يغيب عنهم إمامهم ما شاء اللّه.
ثم رفع صوته وقال: الحذر الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي، ثمَّيخرج من ـ اليمن ـ من قرية يقال لها: کرعة، ينادي: هذا المهدي خليفة اللّه فاتّبعوه» [60] .
11ـ وأسند الحاجب برجاله، إلي أمير الموَمنين (عليه السلام): «قول النبيِّ (صلي الله عليه وآله وسلم): رأيت ليلة الاسري في السماء قصوراً من ياقوت، ثمَّ وصفها بما فيها من الفرش والثمار، فسألت جبرائيل، لمن هي؟ فقال: لشيعة عليٍّ أخيک وخليفتک علي أُمّتک، وهم قوم يدعون في آخر الزمان باسم يُراد به عيبهم يسمّون «الرافضة» وإنَّما هو زين لهم، لاَنَّهم رفضوا الباطل، وتمسّکوا بالحقّ، ولشيعة ابنه الحسن من بعده، ولشيعة أخيه الحسين من بعده، ولشيعة عليّ بن الحسين من بعده، ولشيعة محمّد بن عليّ من بعده، ولشيعة ابنه جعفر بن محمد من بعده، ولشيعة موسي بن جعفر من بعده، ولشيعة عليٍّ ابنه من بعده، ولشيعة ابنه محمّد بن عليّ من بعده، ولشيعة ابنه عليّ بن محمّد من بعده، ولشيعة ابنه الحسن بن عليٍّ من بعده، ولشيعة ابنه محمّد المهديِّ من بعده.
يا محمّد هوَلاء الاَئمّة من بعدک أعلام الهدي، ومصابيح الدجي، وشيعتهم ومحبّيهم شيعة الحقّ، وموالي اللّه ورسوله، الذين رفضوا الباطل واجتنبوه، وقصدوا الحقَّ واتّبعوه، يتولّونهم في حياتهم، ويزورونهم بعد وفاتهم، متناصرون متعاضدون، علي محبّيهم رحمة اللّه عليهم، رحمة اللّه عليهم، إنَّه غفور رحيم». [61] .
12ـ أسند الشيخ الجليل أبو جعفر بن بابويه، إلي ابن نباتة، قال: خرج علينا عليٌّ (عليه السلام) وفي يده يد ولده الحسن (عليه السلام) وقال: «هکذا خرج النبيُّ (صلي الله عليه وآله وسلم) ويده في
[ صفحه 136]
يدي، وقال: خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا، وهو إمام کلِّ مسلم ومولي کلِّ موَمن، وأنا أقول في ابني هذا مثل قوله، ألا إنّه سيظلم بعدي کما ظُلِمْتُ بعد رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم)، وخير الخلق بعده الحسين الشهيد (عليه السلام)، ومن بعده تسعة من صلبه، خلفاء اللّه في أرضه، وحججه علي عباده، تاسعهم القائم لقد نزل بذلک الوحي.
وسئل النبيُّ (صلي الله عليه وآله وسلم) عنهم وأنا عنده، فقال: - والسماء ذات البروج- [62] ثمَّ إنَّهم کعدد البروج، أوَّلهم هذا، ووضع يده علي رأسي، وآخرهم المهديُّ، مَنْ والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، وهم خلفائي وأئمّة المسلمين بعدي» [63] .
13ـ وأسند الحاجب إلي أمير الموَمنين (عليه السلام): «قول النبي صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم: مَنْ سَـرَّه أن يلقي اللّه وهو عنه راض فليتولّک يا عليّ، ومَنْ أحبّ أن يلقي اللّه مقبلاً عليه فليتولّ ابنک الحسن، وَمَنْ أحبَّ أن يلقي اللّه لا خوف عليه فليتولَّ ابنک الحسين، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه وقد محّص عنه ذنوبه فليتولَّ عليّ بن الحسين، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه وقد رفعت درجاته وبدِّلت بالحسنات سيّئاته فليتولَّ محمّد بن عليّ، وَمَنْ أحبَّ أن يلقي اللّه وهو قرير العين فليتولّ جعفر بن محمّد، وَمَنْ أحبَّ أن يلقي اللّه وهو مطهّر فليتولَّ ابنه موسي، وَمَنْ أحبَّ أن يلقي اللّه وهو ضاحک فليتولَّ ابنه عليّاً الرضا، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه فيعطيه کتابه بيمينه فليتولَّ ابنه محمّداً، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه فيحاسبه حساباً يسيراً ويدخل الجنّة فليتولّ ابنه عليّاً، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه وهو من الفائزين فليتولّ ابنه الحسن، وَمَنْ أحبَّ أن يلقاه وقد کمل إيمانه فليتولّ ابنه محمّداً المنتظر.
فهوَلاء مصابيح الدّجي وأئمّة الهدي، مَنْ تولاّهم کنت ضامناً له علي اللّه الجنَّة». [64] .
[ صفحه 137]
14ـ وأسند أخطب خوارزم برجاله إلي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): «قول النبيِّ (صلي الله عليه وآله وسلم): أنا واردکم علي الحوض، وأنت يا عليُّ الساقي، والحسن الذائد، والحسين الآمر،وعليُُّّ بن الحسين الفارس، ومحمّد بن عليّ الناشر، وجعفر بن محمّد السائق، وموسيبن جعفر محصي المحبيّـن والمبغضين، وقامع المنافقين، وعليُّ بن موسي معين،ومحمّد بن عليّ منزل أهل الجنّة في درجاتهم، وعليُّ بن محمّد خطيب شيعته ومزوِّجهم الحور العين، والحسن بن عليّ سراج أهل الجنّة، والمهديُّ شفيعهم يوم القيامة» [65] .
15ـ وعنه، عن محمّد بن الحسين الکوفي، عن إسماعيل بن موسي، عن محمّد بن سليمان، عن محمّد بن جرير، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن القيس، عن أمير الموَمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حديث طويل قال: «إنّه لعهد عهده إليَّ رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) أنّ هذا الاَمر يملکه اثنا عشر إماماً، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال النبي صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم: لمّا أُسري بي إلي السماء نظرت إلي ساق العرش فإذا فيه مکتوب لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، أيّدته بعلي ونصرته به، ورأيت اثني عشر نوراً فقلت: يا رب أنوار مَنْ هذه؟ فنوديت يا محمّد، هذه أنوار الاَئمّة من ذريتک، قلت: يا رسول اللّه إلا تسمّيهم لي؟ قال: نعم، أنت الاِمام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدک ابناک الحسن والحسين، وبعد الحسين ابنه علي زين العابدين، وبعد علي ابنه محمّد يدعي بالباقر، وبعد محمّد جعفر ابنه يدعي بالصادق، وبعد جعفر ابنه موسي يدعي بالکاظم، وبعد موسي ابنه علي يدعي بالرضا، وبعد علي ابنه محمّد يدعي بالزکي، وبعد محمّد ابنه علي يدعي بالنقي، وبعد علي ابنه الحسن يدعي بالاَمين، والقائم من ولد الحسن سميِّي وأشبه الناس بي، يملاَها قسطاً وعدلاً کما مُلئت جوراً وظلماً» [66] .
[ صفحه 138]
16ـ عليُّ بن الحسن (الحسين نخ) بن مندة، عن محمّد بن الحسين (الحسن نخ) الکوفي المعروف ـ بأبي الحکم ـ عن إسماعيل بن موسي بن إبراهيم، عن (محمّد بن نخ) سليمان بن حبيب، عن شريک، عن حکيم بن جبير، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة ابن قيس، عن أمير الموَمنين (عليه السلام) في الخطبة المعروفة ـ باللوَلوَةـ أنَّه قال بعد ما قال عامر بن کثير: يا أمير الموَمنين! لقد أخبرتنا عن أئمّة الکفر، وخلفاء الباطل، فأخبرنا عن أئمّة الحقِّ، وألسنة الصدق بعدک.
قال (عليه السلام): «نعم، إنَّه لعهد عهده إليَّ رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم: إنَّ هذا الاَمر يملکه اثنا عشر إماماً، تسعة من صلب الحسين، ولقد قال النبيُّ (صلي الله عليه وآله وسلم): لمّا عُرجَ بي إلي السّماء، نظرت إلي ساق العرش، فإذا مکتوب عليه: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، أيّدته بعليٍّ ونصرته بعليٍّ، ورأيت اثني عشر نوراً.
فقلت: يا ربِّ أنوار مَنْ هذه؟ فنوديت: يا محمّد! هذه الاَنوار الاَئمّة من ذُرِّيتک.
قلت: يا رسول اللّه أفلا تسمّيهم لي؟ قال: نعم، أنت الاِمام والخليفة بعدي تقضي ديني وتنجز عداتي، وبعدک ابناک ـ الحسن والحسين ـ وبعد الحسين ابنه عليّ زين العابدين، وبعد عليّ ابنه محمّد يدعي ـ بالباقر ـ وبعد محمّد ابنه جعفر يدعي ـ بالصادق ـ وبعد جعفر ابنه موسي يدعي ـ بالکاظم ـ وبعد موسي ابنه عليّ يدعي ـ بالرضا ـ وبعد عليّ ابنه محمّد يدعي ـ بالزکي ـ وبعد محمّد ابنه عليّ يدعي ـ بالنقيّ ـ وبعد عليّ ابنه الحسن يدعي ـ بالاَمين (بالعسکريّ نخ)ـ وبعده القائم من ولد الحسن سميّي، وأشبه النّاس بي، يملاَها قسطاً وعدلاً کما مْلئت جوراً وظلماً» [67] الحديث.
17ـ (قال سليم): فلمّـا قُتِلَ محمّد بن أبي بکر ـ بمصرـ، وعزَّينا أمير الموَمنين (عليه السلام)، فحدَّثته بما حدَّثني به محمّد، وخبرته: بما خبّرني به عبد الرحمان بن غنم.
قال (عليه السلام): «صدق محمّد ـ رحمه اللّه ـ أما إنَّه شهيدٌ حيٌّ يرزق، (يا سليم)!
[ صفحه 139]
إنَّ أوصيائي أحد عشر رجلاً من ولدي أئمّة کلّهم محدَّثون».
قلت: يا أمير الموَمنين مَنْ هُمْ؟
قال (عليه السلام): «ابني هذا الحسن، ثمَّ ابني هذا الحسين، ثم ابني هذا» وأخذ بيد ابن ابنه عليّ بن الحسين وهو رضيع «ثمَّ ثمانية من ولده واحداً بعد واحد، هم الذين أقسم اللّه بهم، فقال: - ووالد وما ولد- فالوالد رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم، وأنا وما ولد، يعني ـ هوَلاء الاَحد عشر أوصياء».
قلت: يا أمير الموَمنين! فيجتمع إمامان.
قال (عليه السلام): «نعم، إلاّ انّ واحداً صامت، لا ينطق حتّي يهلک الاَوّل». [68] .
18ـ وبهذا الاسناد، عن عبد الرَّزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلاليّ، قال: قلت لعليٍّ (عليه السلام): إنّي سمعت من سلمان ومن المقداد ومن أبي ذرٍّ أشياء من تفسير القرآن ومن الرِّواية عن رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم [غير ما في أيدي الناس] ثمَّ سمعت منک تصديقاً لما سمعتُ منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء کثيرة في تفسير القرآن ومن الاَحاديث عن رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم يخالفونهم فيها ويزعمون أنَّ ذلک [69] کان کلّه باطلاً، أفتري أنّهم يکذبون علي رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) متعمّدين ويفسّـرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل عليٌّ (عليه السلام) وقال: قد سألت فافهم الجواب، إنَّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً، وصدقاً وکذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وخاصّاً وعامّاً، ومحکماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً [70] وقد کُذِبَ علي رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم علي عهده حتي قام خطيباً فقال: «أيّها الناس قد
[ صفحه 140]
کثرت عليَّ الکذابة [71] فمن کذَبَ عليَّ متعمّداً فليتبوَّأ مقعده من النّار [72] ثم کُذِبَ عليه من بعده، وإنّما أتاک بالحديث أربعة ليس لهم خامسٌ: رجلٌ منافق مظهر للاِيمان، مُتصنع للاِسلام باللسان، لا يتأثّم [73] ولا يتحرّج أن يکذب علي رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) متعمّداً، فلو علم الناس [74] أنّه منافق کاذبٌ ما قبلوا منه، ولم يصدِّقوه، ولکنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم وقد رآه وسمع منه [وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله] [75] وقد أخبرک اللّه عن المنافقين بما أخبرک [76] ووصفهم بما وصفهم، فقال عزَّ وجلَّ: - وإذا رأيتهم تعجبک أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم- [77] ثمَّ بقوا بعد رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم)
[ صفحه 141]
وتقرَّبوا إلي أئمّة الضلال والدُّعاة إلي النّار بالزُّور والکذب والبهتان حتّي ولّوهم الاَعمال وحملوهم علي رقاب الناس [78] وأکلوا بهم الدُّنيا، وإنّما الناس مع الملوک والدُّنيا إلاّ من عَصَمَ اللّهُ عزَّ وجلَّ، فهذا أحد الاَربعة.
[ صفحه 142]
ورجلٌ سمع من رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) شيئاً ولم يحفظه علي وجهه فوهِمَ فيه ولم يتعمّد کذِباً فهو في يديه ويقول به ويعمل به ويرويه ويقول: أنا سمعته من رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) فلو علم المسلمون أنّه وهِمَ فيه لم يقبلوا منه، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه.
ورجلٌ ثالثٌ سمع من رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) شيئاً أمر به، ثمَّ نهي عنه، وهو لا يعلم أو سمعه ينهي عن شيء، ثمَّ أمر به، وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه، ولو علم الناس إذا سمعوا منه أنّه منسوخ لرفضوه [79] .
ورجلٌ رابع لم يکذب علي اللّه ولا علي رسوله بغضاً للکذب وخوفاً من اللّه عزَّ وجلَّ، وتعظيماً لرسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) ولم يسهُ [80] بل حفظ الحديث علي وجهه، فجاء به کما
[ صفحه 143]
سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه، وحفظ الناسخ والمنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، وإنَّ أمر رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [81] وعامٌّ وخاصٌّ، ومحکمٌّ ومتشابهٌّ، قد کان يکون من رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) الکلام له وجهان: کلام عامٌّ وکلام خاصٌّ [82] لا مثل القرآن [قال اللّه عزَّ وجلَّ في کتابه - وما آتاکم الرَّسول فخذوه وما نهيکم عنه فانتهوا-] [83] يسمعه من لا يعرف [ولم يدر] [84] ما عني اللّه عزَّ وجلَّ، ولا ما عني به رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم)، وليس کلُّ أصحاب رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) کان يسأله عن الشيء فيفهم، وکان منهم من يسأله ولا يستفهم حتّي أنّهم کانوا ليحبّون أن يجيء الاَعرابيُّ أو الطاريُّ [85] فيسأل رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) حتي يسمعوا، وقد کنت أنا أدخل علي رسول اللّه کلَّ يوم دخلة وکلَّ ليلة دخلة [86] فيخليني فيها [خلوة أدور معه حيث دار] وقد علم أصحاب رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) أنّه لم يکن يصنع ذلک بأحد من الناس غيري، [فربّما کان ذلکج في بيتي، يأتيني رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم أکثر من ذلک في بيتي، وکنت إذا دخلت عليه في بعض منازله أخلاني، وأقام عنّي نساءه فلا يبقي عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من ابنيَّج وکنت إذا ابتدأت أجابني وإذا سکت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني ودعا اللّه أن يحفظني ويفهمني، فما نسيت شيئاً قطٌّ مذ دعا لي، وإنّي قلت لرسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم): يا نبيَّ اللّه إنّک منذ دعوت اللّه لي بما دعوت لم أنس ممّا علَّمتني شيئاً وما تمليه
[ صفحه 144]
عليَّ فلِمَ تأمرني بکتبه أتتخوَّف عليَّ النسيان؟ فقال: يا أخي لست أتخوَّف عليک [87] النسيان ولا الجهل، وقد أخبرني اللّه عزَّ وجلَّ أنّه قد استجاب لي فيک وفي شرکائک الذين يکونون من بعدک، وإنّما تکتبه لهم، قلت: يا رسول اللّه و من شرکائي؟ قال: الذين قرنهم اللّه بنفسه وبي، فقال: - يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرَّسول وأُولي الاَمر منکم - فإن خفتم تنازعاً في شيء فارجعوه إلي اللّه وإلي الرَّسول وإلي أُولي الاَمر منکم [88] فقلت: يا نبيَّ اللّه و من هم؟ قال: الاَوصياء إلي أن يردوا عليَّ حوضي، کلّهم هاد مهتد، لا يضرُّهم خذلان من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم تُنصر أُمّتي ويُمطرون، ويدفع عنهم بعظائم دعواتهم [89] قلت: يا رسول اللّه سمّهم لي، فقال: ابني هذاـ ووضع يده علي رأس الحسن ـ ثمَّ ابني هذا ـ ووضع يده علي رأس الحسين ـ ثمَّ ابنٌ له علي اسمک يا عليُّ، ثمَّ ابن له محمّد بن عليٍّ، ثمَّ أقبل علي الحسين وقال: سيولد محمّد بن عليٍّ في حياتک فأقرئه منّي السلام، ثمَّ تکمّله اثني عشر إماماً، قلت: يا نبيَّ اللّه سمّهم لي، فسمّـاهم رجلاً رجلاً.
منهم واللّه يا أخا بني هلال مهديُّ هذه الاَُمّة [90] الذي يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً».
19ـ حدّثني علي بن الحسن بن مندة قال: حدّثنا محمّد بن الحسين المعروف الکوفي المعروف بأبي الحکم قال: حدثنا إسماعيل بن موسي بن إبراهيم قال: حدثني سليمان بن حبيب قال: حدثني شريک، عن حکيم بن جبير، عن إبراهيم، عن علقمة ابن قيس قال: خطبنا أمير الموَمنين (عليه السلام) علي منبر الکوفة خطبة اللوَلوَة فقال فيما قال في آخرها:
[ صفحه 145]
«ألا وإنِّي ظاعِنٌ عن قريبٍ ومنطلقٌ إلي المغيب، فارتَقِبوا الفِتنَةَ الاَمويَّة والممَلَکَةَ الکِسْـرَويَّةَ وإماتةَ ما أحياهُ اللّهُ وإحياءَ ما أماتهُ اللّهُ، واتَّخذوا صوامِعَکُمْ بُيُوتَکُمْ، وَعَضُّوا علي مِثْلِ جَمْرِ الغَضَـا، فَاذْکْرُوا اللّهَ ذِکراً کثيراً فَذِکْرُهُ أَکْبَرُ لَوْ کُنْتُمْ تعْلَمُونْ.
ثُمَّ قالَ: وَتُبْنَي مَدِيْنَةٌ يُقالُ لَهَا الزَّوراءُ بَيْنَ دِجْلَةَ ودُجَيْلَةَ والفُرْاتِ، فَلَوْ رَأَيْتُمُوها مُشَيَّدةً بِالجُصِّ والآجُر مُزَخْرَفَةً بِالذَّهبِ والفضَّةِ واللاَّزَوَرْدِ المُسْتَسْقَا والمَرْمَرِ وَالرُّخَامِ وَأَبْوابِ العَاجِ والاَبَنْوسِ والخِيَمِ والقُبَابِ والشَّاراتِ وَقَدْ عُلِّيَتْ بِالسَّاجِ والعَرْعَرِ والصَّنوبَر والخشبِ وشُيِّدَتْ بالقُصُـورِ وَتَوالَتْ عَلَيْهَا مُلْکُ (مُلُوکُ) بني الشَّيصبانِ أرْبَعَةٌ وَعِشْـرُونَ مَلِکَاً عَلَي عَدَدِ سِنيِّ المُلْکِ الکَدِيدِ، فيهُمُ السَّفَّاحُ والمقْلاصُ والجَمُوعُ والخَدْوعُُ والمُظفَّرُ والموَنَّثُ والنظَّارُ والکبْشُ والمهْتُورُ والعَشَّارُ والمُصطَلمُ والمُسْتَصْعَبُ والعلاَّمُ والرَهبانيُّ والخَلِيعُ والسَيَّارُ والمُسْرِفُ والکَديدُ والاَکْتَبُ والمُتْرَفُ والاَکْلَبُ والوَشِيمُ والظلاَّمُ والعَيُّوق، وتُعْمَلُ القُبَّةُ الغَبْـرَاءُ ذات القلاةِ الحَمْراءِ في عَقِبها قَائمُ الحقِّ يُسْـفِرُ عنْ وجْهِهِ بَيْـنَ الاَقاليمِ کالقَمَرِ المُضيءِ بَيْـنَ الکَواکِبِ الدُّرِّيَّةِ، ألا وإِنَّ لِخُرُوجِهِ عَلاَمَاتٍ عَشراً: أَوَّلُها طُلُوعُ الکَوْکَبِ ذِي الذَّنَبِ ويُقارِبُ مِنَ الحاوي وَيَقعُ فيهِ هَرجٌ ومَرجٌ وَشَغَبٌ وتِلکَ عَلاماتُ الخَصب، وَمِنَ العَلاَمَةِ إلي العَلامَةِ عَجَبٌ، فَإِذا انْقَضَتِ العَلاماتُ العَشرُ إذ ذَاکَ يَظْهَرُ بِنَا القَمَرُ الاََزْهَرُ وَتَمَّت کَلِمَةُ الاِخْلاصِ للّهِ عَلَي التوْحِيدِ... نَعَمْ إِنَّه لَعَهْدٌ عَهِدَهُ إليَّ رَسُولُ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) أنَّ الاَمرَ يَمْلِکُهُ اثْنا عَشَـرَ إِماماً تِسْعَةٌ مِنْ صُلْب الحُسَيْنِ وَلَقَدْ قَالَ النَّبيُّ صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم: لَمَّا عُرِجَ بي إلي السَّمَـاءِ نَظَرْتُ إلي سَاقِ العَرْشِ فَإِذَا مَکْتُوبٌ عَلَيْهِ: لا إلهِ إلاَّ اللّهُ محمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ أيَّدْتُهُ بِعَليٍّ ونصرتُهُ بِعليٍ ورَأيتُ اثني عشرَ نوراً فقلت: ياربِّ أنوار من هذه؟ فنوديتُ يا مُحمَّدُ هذه الاَنوارُ الاَئمّةُ من ذُريَّتِکَ، قلتُ: يا رَسُولَ اللّهِ أفلا تُسَمِّيهِم لي؟ قال: نعم أنْتَ الاِمامُ والخليفةُ بَعْدي تَقِضِي ديني وتُنجِزُ عِدَاتي، وبعدکَ ابناک الحسنُ والحسينُ وبعد الحسين ابنه عليٌّ زين العابدين وبعد عليٍّ ابنهُ محمدٌ يُدعي الباقِرُ، وبعد محمّدٍ ابنُهُ جعفر يُدْعي بِالصادِق، وبعد جعفر موسي يُدعي بالکاظم، وبعد موسي ابنهُ عليٌّ يُدْعي بالرِّضا، وبعد عليٍّ ابنهُ محمَّدٌ يُدعي بالزَّکيِّ، وبعد
[ صفحه 146]
محمَّد ابنهُ عليٌّ يُدْعي بالنَّقيِّ، وبعدهُ ابنهُ الحسن يُدعي بالاَمين، والقائِمُ من وُلدِ الحسَنِ سميِّي وأشبهُ النّاس بي، يملوَُها قِسطاً وعدلاً کما مُلِئت جوراً وظلماً» [91] .
20ـ عِدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد اللّه بن القاسم، عن حنان بن السرّاج، عن داود بن سليمان الکسائي، عن أبي الطفيل قال: شهدت جنازة أبي بکر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعليٌّ (عليه السلام) جالسٌ ناحية فأقبل غلامٌ يهودي جميل [الوجه] بهيٌّ، عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتي قام علي رأس عمر فقال: يا أمير الموَمنين أنتَ أعلم هذه الاَُمّة بکتابِهِمْ وأمر نبيِّهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: ايَّاک أعني وأعادَ عليه القول، فقال له عمر: لِمَ
[ صفحه 147]
ذاک؟ قال: إنِّي جئتک مُرتاداً لنفسي، شاکّاً في ديني، فقالَ: دونک هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا عليٌّ بن أبي طالب ابن عمِّ رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وهذا زوج فاطمة بنتِ رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم)، فأقْبَلَ اليهودي علي عليٍّ (عليه السلام) فقال: أکذاکَ أنت؟ قال: نعم، قال: إنِّي أُريدُ أن أسْألکَ عن ثلاثٍ وثلاثٍ وواحدةٍ، قال: فتبسَّم أمير الموَمنين (عليه السلام) من غيرِ تَبَسُّمٍ وقال: يا هارونيُّ ما مَنَعَکَ أن تقولَ سَبْعاً؟ قال:
أسْألُکَ عن ثلاثٍ فإنّ أجبتَني سألتُ عمَّـا بعدهُنَّ وإن لمْ تَعْلَمْهُنَّ عَلِمْتُ أنَّهُ لَيْسَ فِيْکُمْ عالِمٌ، قَالَ عَليٌّ (عليه السلام): «فَإِنِّي أسألُکَ بالاِلهِ الذي تَعبُدُهُ لَئِنْ أَنا أَجَبْتُکَ في کُلِّ ما تُرِيدُ لَتَدَعنَّ دينکَ ولَتَدْخُلَنَّ في ديني»؟ قالَ: ما جِئتُ إلاّ لذاکَ، قالَ: أخبرني عن أوّلِ قطرةِ دمٍ قطَرَتْ علي وَجْهِ الاَرْضِ أيُّ قَطْرَةٍ هي؟ وَأَوَّلِ عَيْنٍ فَاضَتْ عَلَـي وَجْهِ الاَرْضِ، أيُّ عَينٍ هي؟ وَأوَّلِ شيءٍ اهتَزَّ عَلَي وَجْهِ الاَرْضِ أيُّ شيءٍ هو؟ فَأَجابَهُ أَمِيرُ الموَْمِنينَ (عليه السلام) فقالَ لَهُ: أَخبِرني عن الثَّلاثِ الاَُخر، أخْبِرْني عن مُحَمَّدٍ کَمْ لَهُ مِنْ إمـامٍ عدلٍ؟ وفي أيِّ جنَّةٍ يکون؟ ومَن ساکِنُهُ (مُساکِنُهُ) مَعَهُ في جَنَّتِهِ؟ فَقَالَ: «يا هارُوني إنَّ لِمُحَمَّدٍ اثني عشر إمامَ عدلٍ، لا يَضُرُّهُم خُذلانُ مَنْ خَذَلَهُمْ ولا يَسْتَوْحِشُونَ بِخِلافِ مَنْ خَالَفَهُمْ وَإِنَّـهُمْ في الدِّينِ أَرْسَبُ (أَرْسَـي) مِنَ الجِبالِ الرَّواسِـي في الاَرضِ، وَمسکَنُ مُحَمَّدٍ في جَنَّتهِ مَعَهُ أُولَئِکَ الاثنا عَشَـرَ الاِمَامَ العَدْلَ»، فَقَالَ: صَدَقْتَ واللّهِ الَّذِي لا إِلهَ إلاّ هُوَ إنِّي لاَجِدُهَا في کُتُبِ أَبي هارُونَ، کَتَبَهُ بِيَدِهِ، وإِملاءُ مُوسي عَمِّي (عليهما السلام) [92] .
[ صفحه 151]
پاورقي
[1] عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري من المشاهير عنونه ابن حجر في «تهذيبه»: 6: 311 وأطال الکلام في ترجمته ونقل عن الصوري، عن عليّ بن هاشم عنه ـ يعني عن عبد الرزاق ـ أنَّه قال: کتبت عن ثلاثة لا أبالي أن لا أکتب عن غيرهم، کتبت عن ابن الشاذکوني وهو من أحفظ الناس، وکتبت عن ابن معين وهو من أعرف الناس بالرجال، وکتبت عن أحمد بن حنبل وهو من أثبت الناس، وبالجملة ـ روي عن أبيه همام وهو من رواة مينا بن أبي مينا الزهري الخزاز الذي ذکره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: تبين علي أحاديثه أنَّه يغلو في التشيّع.
[2] معمر بن راشد الاَزدي مولاهم أبو عروة البصري عنونه ابن حجر في «التقريب» وصفي الخزرجي في «تذهيب الکمال» وقالا: ثقة ثبت صالح فاضل.
[3] کان سليم من أصحاب عليٍّ (عليه السلام)، طلبه الحجاج بن يوسف ليقتله ففرَّ منه وآوي إلي ابان ابن أبي عياش، فبقي مخفياً عنده حتي حضره الوفاة، فلمّا کان عند موته قال لابان: إنَّ لک عليَّ حقَّاً وقد حضرني الموت يا ابن أخي! إنّه کان من الاَمر بعد رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم کيت وکيت، وأعطاه کتاباً، فلم يروه عن سليم أحد من الناس سوي ابان، کما نقله العلاَّمة عن العقيقي.
وکان ابان وسليم من المشاهير تجد ترجمتهما في جميع کتب رجال الشيعة، وجلّ رجال العامّة.
[4] في بعض النسخ: من دير نصاري.
[5] السمت ـ بالفتح ـ: هيئة أهل الخير، والحالة التي يکون عليه الانسان من السکينة والوقار، وحسن السيرة والطريقة واستقامة المنظر.
[6] في منقوله في «البحار»: وأبرهم عنده.
[7] في بعض النسخ: وعلمه وحکمته.
[8] في بعض النسخ: متمسّکين عليه.
[9] في بعض النسخ: وجنب اللّه.
[10] في بعض النسخ: وهو أکرم خلق اللّه عليه.
[11] في بعض النسخ: ملکاً مقرَّباً.
[12] في بعض النسخ: في کل من شفع فيه.
[13] في البحار: صرح القلم.
[14] غيبة النعماني: 74 ـ 75، الباب الرابع، عن کتاب «سليم بن قيس» بتفاوت يسير، سليم بن قيس: 152ـ 154 (أبان عن سليم)، البحار: 15: 236ـ 239، و16: 84ـ 85، و36: 210 ـ 212، و38: 51ـ 54، إثبات الهداة: 1: 179 ـ بعضه، و1: 204ـ205 ـ أوَّله، و 1: 658 ـ البعض الآخر، العوالم: 15: 85ـ 86.
[15] المحاسن: 332 ـ عنه (أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي)، عن أبيه، عن أبي هاشم الجعفري رفع الحديث قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «دخل أمير الموَمنين ـ صلوات اللّه عليه ـ المسجد، ومعه الحسن (عليه السلام) فدخل رجل فسلَّم عليه فردَّ عليه شبيهاً بسلامه، فقال: يا أمير الموَمنين! جئت أسألک، فقال: سل، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تکون روحه؟ وعن المولود الذي يشبه أباه کيف يکون؟ وعن الذکر والنسيان کيف يکونان؟ قال: فنظر أمير الموَمنين (عليه السلام) إلي الحسن (عليه السلام) فقال: أجبه.
فقال الحسن: إنَّ الرجل إذا نامَ فإنَّ روحهُ مُتعلِّقَةٌ بالرِّيح، والرِّيحُ متعلِّقةٌ بالهواء، فَإِذا أرادَ اللّهُ أن يَقْبِضَ رُوحَهُ جَذَبَ الهواءُ الرِّيحَ، وَجَذَبَتِ الرِّيحُ الرُّوحَ، وإِذَا أرَادَ اللّهُ أن يَرُدَّها في مَکَانِهَا جَذَبَتِ الرُّوحُ الرِّيحَ، وَجَذَبَتِ الرِّيحُ الهَواءَ، فَعَادَتْ إلي مَکَانِها.
وأمّا المولود الذي يشبه أباه، فإنّ الرجل إذا واقع أهله بقلب ساکن وبدن غير مضطرب وقعت النطفة في الرحم، فيشبه الولد أباه، وإذا واقعها بقلب شاغل وبدن مضطرب، فوقعت النطفة في الرحم، فإن وقعت علي عرق من عروق أعمامه يُشبه الولدُ أعمامه، وإن وقعت علي عرق من عروق أخواله يُشبه الولد أخواله.
وأمّا الذکر والنسيان، فإنّ القلب في حق والحق مطبق عليه، فإذا أراد اللّه أن يذکر القلب سقط الطبق فذکر.
فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريک له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله، وأشهد أنّ أباک أمير الموَمنين وصيُّ محمدٍ حقاً حقاً، ولم أزل أقوله، وأشهد أنّک وصيّه، وأشهد أنّ الحسين وصيّک، حتي أتي علي آخرهم، فقال: قلت لاَبي عبد اللّه: فمن کان الرجل؟ قال: الخضر (عليه السلام).
النعماني: 58ـ 60 ـ کما في المحاسن بتفاوت وزيادة، بسنده إلي البرقي، وفيه: عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: ، الاحتجاج: 1: 266ـ 267 ـ کما في الکافي بتفاوت وزيادة، مرسلاً عن أبي هاشم الجعفري، عن الجواد (عليه السلام)، القمي: 2: 44ـ کما في المحاسن بتفاوت وتفصيل، مرسلاً عن أبيه، غيبة الطوسي: 98 ـ کما في الکافي بتفاوت يسير، بسنده إلي الکليني، وفيه: الحسين بن عليٍّ وصي أبيه والقائم بحجّته بعدک... علي رجل من ولد الحسين و...ملئت ظلماً وجوراً، عيون أخبار الرضا: 1: 65ـ کما في النعماني بتفاوت وزيادة، بنفس سند کمال الدين، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر، والظاهر أنَّه تصحيف فإنّه «الجواد» لا «الباقر» (عليهما السلام)، کمال الدين: 1: 313ـ 315 ـ کما في النعماني بتفاوت، بسنده إلي البرقي، الاستنصار: 31 ـ کما في الکافي بتفاوت يسير، عن المفيد وبسنده إلي الکليني، وفي سنده: أحمد بن محمّد بن عيسي، عن البرقي، وفيه: الحسين بن عليّ وصي أبيه والقائم بحجته بعدک...حتي يظهر اللّه أمره، دلائل الاِمامة: 68ـ 70 ـ عن أبي جعفر محمّد بن علي الثاني، کما في کمال الدين بتفاوت، علل الشرايع: 96ـ 98ـ کما في النعماني بتفاوت، بسند کمال الدين، عن أبي جعفر الثاني، وقال: عن أحمد بن محمد، عن ابن خالد البرقي، والظاهر أنَّه تصحيف والصحيح ما ذکره في کمال الدين وهو: عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، أي أحمد بن محمّد بن خالد، البحار: 36: 414 ـ عن کمال الدين، والعيون، وأشار إلي مثله في الاحتجاج، والمحاسن، والعلل، وغيبة الطوسي، والنعماني، والقمي، وفي 61: 39ـ عن إثبات الوصية: 136ـ 138ـ کما في النعماني بتفاوت، مرسلاً عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه ـ عليهم السلام ـ قال: ، إثبات الهداة: 1: 452ـ عن الکافي، وأشار إلي مثله في العيون، وکمال الدين، والعلل، وغيبة الطوسي،والاحتجاج، والنعماني، والقمي، منتخب الاَثر: 138ـ 139ـ عن الکافي، حلية الاَبرار: 1: 510ـ کما في کمال الدين، والعيون، عن ابن بابويه، العوالم: 15: 310 ـ عن کمال الدين، والعيون، ثم أشار إلي مثله في غيبة الطوسي، وعلل الشرائع، والاحتجاج، والمحاسن، والنعماني، والقمي.
نقول: ما ثبت عن أئمتنا (عليهم السلام) من حقائق العلوم التي وصل إليها العلم بعد قرون يدل علي عدم إمکان التناقض بين علمهم وبين الحقائق المادية والمعنوية، وإذا ثبتت المنافاة بين ما يروي عنهم (عليهم السلام) وبين الحقائق القطعية في العلوم فلا شک أنَّ الخطأ من الراوي الذي لم يستوعب کلامهم فنقله علي حسب فهمه.
وکان اسم الخضر: خضرويه بن قابيل بن آدم (عليه السلام)، ويقال له: خضرون أيضاً، ويقال له: جعدا، وإنَّه إنَّما سمّي الخضر لاَنّه جلس علي أرض بيضاء فاهتزّت خضراء فسمّي الخضر لذلک وهو أطول الآدميين عمراً، والصحيح أنَّ اسمه «بليا» بن ملکان بن عامر بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وفي معارف ابن قتيبة: بليا بن ملکان بن فالغ بن عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
إنَّ أکثر المخالفين يسلّمون لنا حديث الخضر (عليه السلام) ويعتقدون فيه أنّه حيٌّ غائب عن الاَبصار، وأنّه حيث ذکر حضر، ولا ينکرون طول حياته، ولا يحملون حديثه علي عقولهم، ويدفعون کون القائم (عليه السلام) وطول حياته في غيبته، وعندهم أنَّ قدرة اللّه عزَّ وجلَّ تتناول إبقاءه إلي يوم النفخ في الصور، وإبقاء إبليس مع لعنته إلي يوم الوقت المعلوم في غيبته، وأنّها لا تتناول إبقاء حجّة اللّه علي عباده مدّة طويلة في غيبته، مع ورود الاَخبار الصحيحة بالنصِّ عليه بعينه، واسمه ونسبه عن اللّه تبارک وتعالي، وعن رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وعن الاَئمّة (عليهم السلام).
[16] في بعض النسخ: ممّا رواه أحمد بن محمد بن سعيد.
[17] لم نعثر في کتب الرجال علي عنوان لهوَلاء الثلاثة.
[18] عبد اللّه بن المبارک عنونه ابن حجر في «التهذيب» ونقل عن جماعة من الاَعلام کونه عالماً فقيهاً عابداً زاهداً شيخاً شجاعاً کيساً مثبتاً ثقة، وقال ابن معين: کان عالماً صحيح الحديث وکانت کتبه التي حدّث بها عشرين ألفاً أو احدي وعشرين ألفاً، وعنونه الخطيب في «تاريخ بغداد»: 10: 152، وأطال الکلام في شأنه وقال: کان من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، ومن المذکورين بالزهد، لکن عدّ عبد الرزاق من رواته، ولعله غيره.
[19] المائدة: 54.
[20] في بعض النسخ: أن يعلمهم من أمر اللّه بولايته.
[21] زاد في کتاب سليم: وانصر من نصره، واخذل من خذله.
[22] في کتاب سليم: يا رسول اللّه! ولاوَه کماذا؟ فقال: «ولاوَه کولايتي، من کنت أولي به...».
[23] المائدة: 3.
[24] في بعض النسخ: سمّهم لي، وفي کتاب سليم: بيّنهم لنا.
[25] في بعض النسخ: «وصيي وصنوي ووارثي» وفي بعضها: «ووزيري» مکان «ووارثي».
[26] في بعض النسخ: بقية السبعين.
[27] في کتاب سليم: وبعضهم أحفظ من بعض.
[28] أبو الهيثم بن التيّهان ـ بفتح التاء المثناة من فوق وبعدها ياء مکسورة مشددة مثناة من تحت ثم هاء وبعد الاَلف نون ـ ابن أبي عبيد بن عمر عبد الاَعلم بن عامر البلوي ـ بفتح الباء الموحدة وبفتح اللام وفي آخرها الواو نسبة إلي «بلي» بفتح الباء الموحدة وکسر اللام وتشديد الياء علي فعيل ـ وهو بلي بن عمر بن الحاف بن قضاعة وهو أبو حي من اليمن وهو قضاعة بن مالک بن حميراء بن سبأ واللّه أعلم ـ ثمَّ الاَنصاري حليف بني عبد الاَشهل، وقالت طائفة من أهل العلم: إنَّه من الاَنصار من أنفسهم من الاَوس هو مشهور بکنيته.
کان أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بيعة العقبة الاَُولي والثانية، وکان أحد التسعة الذين لقوا قبل ذلک رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) بالعقبة، وهو أوَّل من بايع رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم ليلة العقبة فيما يزعم بنو عبد الاَشهل، وشهد أبو الهيثم بدراً وأُحداً والمشاهد کلّها، وکان من السابقين الذين رجعوا إلي أمير الموَمنين (عليه السلام) وأنکر تقدم أبي بکر عليه، وشهد معه وقعة الجمل وصفين، فمن شعره يوم الجمل:
قل للزبير، وقل لطلحة: إنّنا
نحن الذين شعارنا الاَنصار
نحن الذين رأت قريش فعلنا
يوم القليب أُولئک الکفّار
کنّا شعار نبيّنا ودثاره
تفديه منّا الروح والاَبصار
إنَّ الوصيَّ إمامنا وولينا
برح الخفاء وباحث الاَسرار
قتل أبو الهيثم (رضي اللّه عنه) مع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بصفّين سنة (37هـ).
وأمّا أبو أيوب خالد بن کليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالک بن النجار وهو يتم ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الاَنصاري من بني النجار، کان من کبار الصحابة شهد العقبة وبدراً وسائر المشاهد، وکان سيّداً معظّماً من سادات الاَنصار، وهو صاحب منزل رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم نزل عنده لمّا خرج من بني عمرو بن عوف حين قدم المدينة مهاجراً من مکّة فلم يزل عنده حتي بني مسجده ومساکنه ثم انتقل إليها.
وکان أبو أيوب (رضي اللّه عنه) من السابقين الذين رجعوا إلي أمير الموَمنين (عليه السلام)، وأنکر علي أبي بکر تقدّمه علي عليٍّ (عليه السلام).
قال ابن عبد البر في کتاب «الاستيعاب»: إنَّ أبا أيوب شهد مع عليٍّ (عليه السلام) مشاهده کلّها، وروي عن الکلبي؛ وابن إسحاق قالا: شهد معه يوم الجمل وصفّين، وکان علي مقدّمته يوم النهروان.
وروي الخطيب في «تاريخ بغداد»: أنَّ علقمة والاَسود أتيا أبا أيوب الاَنصاري عند منصرفه من صفّين، فقالا له: يا أبا أيوب! إنَّ اللّه أکرمک بنزول محمّد (صلي الله عليه وآله وسلم) وبمجييَ ناقته تفضّلاً من اللّه تعالي، وإکراماً لک حتي أناخت ببابک دون الناس جميعاً، ثم جئت بسيفک علي عاتقک تضرب أهل لا إله إلاّ اللّه، فقال: يا هذا! إنَّ الرائد لا يکذب أهله إنَّ رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم أمرنا بقتال ثلاثة مع عليٌّ (عليه السلام): بقتال الناکثين والقاسطين والمارقين.
فأمّا الناکثون فقد قاتلناهم، وهم أهل الجمل ـ طلحة والزبير.
وأمّا القاسطون فهذا منصرفنا عنهم ـ يعني معاوية وعمرو بن العاص.
وأمّا المارقون فهم أهل الطرفاوات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروان، واللّه ما أدري أين هم؟ ولکن لابدّ من قتالهم إن شاء اللّه تعالي.
ثمَّ قال: سمعت رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول لعمار بن ياسر: «تقتلک الفئة الباغية وأنت إذ ذاک علي الحقّ، والحقُّ معک يا عمار! إن رأيت عليّاً سلک وادياً، وسلک الناس کلّهم وادياً، فاسلک مع عليٍّ، فانّه لن يرديک في ردي، ولن يخرجک من هدي.
يا عمّـار! مَنْ تقلّد سيفاً أعان به عليّاً قلّده اللّه يوم القيامة وشاحين من درّ، ومَنْ تقلّد سيفاً أعان به عدو عليٍّ قلّده اللّه وشاحين من النار».
قلنا: يا هذا! حسبک رحمک اللّه.
توفّي أبو أيوب (رضي اللّه عنه) في ـ الصائفة ـ وهي غزوة الروم، ودفن عند سور القسطنطينية، وبني عليه قبة يسرج فيها.
واختلف الموَرخون في السنة التي کانت بها هذه الغزاة ومات فيها أبو أيوب، فقال المسعودي في «مروج الذهب»: کانت سنة (45 هـ) وقال غيره: کانت سنة (50 هـ) وقيل: (51هـ) وقيل: (52هـ) واللّه أعلم.
وأمّا عمّـار بن ياسر، فقد اتفقت الاَقوال علي أنَّه کان عربياً قحطانياً مذحجياً من عنس ـ بالنون ـ في مذحج... ويقوي لدينا في نسبه أنَّ عمّـار بن ياسر بن عامر بن مالک بن کنانة بن قيس بن الحصين بن الوذين ـ أو الوذيم ـ بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر بن بام بن عنس ابن مالک بن أدد بن زيد العنسي المذحجي...، وقال بعضهم: ابن عبس ـ بالباء الموحدة ـ نسبة إلي عبس القبيلة المشهورة، ومنهم من قال: ياسر بن مالک فأسقط عامراً، وقال بعضهم عامر بن عنس فأسقط باماً، والاَوّل هو المشهور عن المحققين.
فهو عربي صميم ولد في مکّة ونشأ فيها بين حلفائه بني مخزوم، ويظهر أنَّه ليس في مکان ولادته خلاف، فقد ولد في مکة، وليس لدينا من النصوص ما نتبيّـن به نشأته والتعرّف عليه واستبطان حقائقه في جاهليته، حتي ولا إلمامات بسيطة نستعين بها علي کشف حاله في ذلک العصر المضطرب الذي اشتدّ فيه التنافس في نعيم الحياة، والتکاثر في المال، والمفاخرة في الاَنساب.
رافق النبيُّ (صلي الله عليه وآله وسلم) في جهاده من غزواته الاَُولي إلي آخر الغزوات، وقد أبلي البلاء الحسن وعرف بمواقفه الصلبة ودفاعه عن النبيِّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، ولمّا انتقل النبيُّ (صلي الله عليه وآله وسلم) إلي الرفيق الاَعلي کان أحد الاَرکان الذين لاذوا بآل الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) واعتصموا بحبلهم، فلم يفارق أمير الموَمنين (عليه السلام) بل لزمه معترفاً أنّ الخلافة له وأنَّه صاحبها الشرعي الموصي له بها وبقي وفياً له ملازماً لطريقه.
وسمع عمّـار بن ياسر (رضي اللّه عنه) يقول عند توجهه إلي صفين تلک المعرکة التي دارت رحاها بين الحقّ والباطل بين الخليفة الشرعي أمير الموَمنين عليّ (عليه السلام) وبين الطاغية معاوية: اللّهمّ! لو أعلم أنَّه أرضي لک أن أرمي بنفسي من فوق هذا الجبل لرميت بها، ولو أعلم أنَّه أرضي لک أن أوقد لنفسي ناراً فأقع فيها لفعلت، وإنّي لا أُقاتل أهل الشام إلاّ وأنا أُريد بذلک بني خطمة ـ بيده يوم الفتح، وکان من السابقين الذين رجعوا إلي أمير الموَمنين (عليه السلام)، وممّن أنکر علي أبي بکر تقدّمه علي عليٍّ (عليه السلام).
قال عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني: ومن غريب ما وقفت عليه من العصبية القبيحة أنَّ أبا حيان التوحيدي قال في کتاب «البصائر»: أنَّ خزيمة بن ثابت المقتول مع عليٍّ (عليه السلام) بصفّين ليس هو ذو الشهادتين، بل آخر من الاَنصار صحابي اسمه ـ خزيمة بن ثابت ـ وهذا خطأ، لاَنّ کتب الحديث والنسب تنطق بأنّه لم يکن في الصحابة من الاَنصار ولا من غير الاَنصار مَنْ اسمه ـ خزيمة بن ثابت ـ إلاّ ذو الشهادتين، وإنّما الهوي لا دواء له، علي أنَّ الطبري صاحب التاريخ قد سبق أبا حيان بهذا القول، ومن کتابه نقل أبو حيان.
والکتب الموضوعة لاَسماء الصحابة تشهد بخلاف ما ذکراه، ثم أي حاجة لناصري أمير الموَمنين (عليه السلام) أن يتکثروا بخزيمة، وأبي الهيثم، وعمّـار وغيرهم لو أنصف الناس هذا، ورأوه بالعين الصحيحة لعلموا أنّه لو کان وحده وحاربه الناس کلّهم أجمعون لکان علي الحق، وکانوا علي الباطل (انتهي کلامه).
وکانت وقعة صفّين في سنة (37هـ)، وقتل خزيمة مع أمير الموَمنين (عليه السلام) في الواقعة المعروفة ـ بوقعة الخميس ـ في الوقائع.
والخطمي ـ بفتح الخاء المعجمة وسکون الطاء المهملة وفي آخرها ميم ـ نسبة إلي بطن من الاَنصار وهم بنو خطمة بن جشم بن مالک بن الاَوس بن حارثة ينسب إليهم جماعة من الصحابة.
[29] کذا والقياس: «أخشي».
[30] في بعض النسخ: «أن أُعلِّمه جميعَ ما عَلَّمني اللّهُ عزَّ وجلَّ».
[31] الاَحزاب: 33.
[32] في بعض النسخ: «وحامتي بدل وخاصتي».
[33] اجتباکم: أي اصطفاکم واختارکم، والحرج: الضيق، وقوله تعالي: (ملّة) ـ نصب علي المصدر لفعل دلَّ عليه مضمون ما قبلها بحذف المضاف، أي وسع دينکم توسعة ملّة إبراهيم، والمراد ـ دينه، فإنّ ملَّة إبراهيم داخلة في دين محمّد (صلي الله عليه وآله وسلم)، وقال تعالي: (أبيکم) لاَنّ أکثر العرب أو الاَئمّة (عليهم السلام) من ذريَّة إبراهيم (عليه السلام)، (هو سمّـاکم) ـ أي اللّه تعالي، أو إبراهيم (عليه السلام) لقوله: (ومن ذريتنا أُمَّة مسلمة لک) وقوله تعالي: (من قبل) ـ يعني في الکتب المتقدِّمة، (وفي هذا) ـ أي في هذا الکتاب.
[34] في بعض النسخ: «فيکم ثقلين».
[35] في بعض النسخ: «لا يفترقان».
[36] في بعض النسخ: «فقالوا: اللّهمّ نعم قد شهدنا».
[37] غيبة النعماني: 68ـ 73، منتخب الاَثر: 79 مختصراً.
[38] الکافي: 1: 529ـ 530، وفي 1: 531ـ532ـ محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن مسعدة ابن زياد، عن أبي عبد اللّه، ومحمّد بن الحسين، عن إبراهيم، عن أبي يحيي المدائني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: کنت حاضراً لمّا هلک أبو بکر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة: أنّه أعلم أهل زمانه، حتي رُْْفع إلي عمر، فقال له: يا عمر! إني جئتک أُريد الاِسلام، فإن أخبرتني عمّـا أسألک عنه فأنت أعلم أصحاب محمّد بالکتاب والسنّة وجميع ما أُريد أن أَسأل عنه.
قال: فقال له عمر: إنّي لست هُناک لکني أُرشدک إلي مَنْ هو أعلم أُمّتنا بالکتاب والسنَّة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاک ـ فأومأ إلي عليّ (عليه السلام) ـ قال: أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة.
فقال له عليٌّ (عليه السلام): «يا يهودي! ولم لم تقل: أخبرني عن سبع»؟
فقال له اليهودي: إنَّک إن أخبرتني بالثلاث، سألتک عن البقية وإلاّ کففت، فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلمُ أهل الاَرض وأفضلهم وأولي الناس بالناس.
فقال له: «سل عما بدا لک يا يهودي».
قال: أخبرني عن أوَّل حجر وضع علي وجه الاَرض؟ وأوَّل شجرة غرست علي وجه الاَرض؟ وأوَّل عين نبعت علي وجه الاَرض؟
فأخبره أمير الموَمنين (عليه السلام)، ثم قال له اليهودي: أخبرني عن هذه الاَُمّة کم لها من إمام هدي؟ وأخبرني عن نبيکم محمّد أين منزله في الجنّة؟ وأخبرني مَنْ معه في الجنَّة؟
فقال له أمير الموَمنين (عليه السلام): «إنّ لهذه الاَُمّة اثني عشر إمام هدي من ذرية نبيّها، وهم منّي، وأمّا منزل نبيّنا في الجنَّة ففي أفضلها وأشرفها جنَّة عدنٍ، وأمّا مَنْ معه في منزله فيها فهوَلاء الاثنا عشر من ذريته، وأُمّهم وجدتهم وأُمّ أُمّهم وذراريهم، لا يشرکهم فيها أحد»، غيبة الطوسي: 97ـ 98 ـ کما في رواية الکافي الثانية بتفاوت يسير، بسنده إلي الکليني ثم بسنده الثاني، إثبات الهداة: 1: 458ـ آخره ـ عن رواية الکافي الثانية، وقال: ورواه الشيخ في کتاب الغيبة، النعماني: 97ـ99 ـ أخبرنا أبو العباس أحمد بن سعيد بن عقدة الکوفي، قال: حدَّثنا محمّد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة الاَشعري من کتابه، قال: حدَّثنا إبراهيم بن مهزم، قال: حدَّثنا خاقان بن سليمان الخزاز، عن إبراهيم بن أبي يحيي المدني، عن أبي هارون العبدي، عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وعن أبي الطفيل عامر بن وائلة قال: قالا: ـ کما في رواية الکافي الثانية بتفاوت، إعلام الوري: 367ـ عن رواية الکافي الثانية، وفي: 367ـ369ـ عن رواية الکافي الاَُولي، وفي سنده: حيّان بدل حنان، کمال الدين: 1: 294ـ296ـ قريباً ممّا في النعماني، بسند آخر عن أبي الطفيل، وفي 297ـ299ـ بمعناه، بسند آخر عن إبراهيم بن يحيي المديني، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، وفي: 299ـ 300، کما في رواية الکافي الاَُولي، بسند آخر عن أبي الطفيل، وفي: 300 ـ مختصراً، کما في إثبات الوصية بتفاوت يسير، بسند آخر عن أبي يحيي المديني، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، وفي: 300ـ 302 ـ کما في النعماني بتفاوت، بسند آخر عن صالح بن عقبة، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، العوالم: 15: 246 ـ عن رواية کمال الدين الثالثة، وفي: 248ـ249 ـ عن غيبة الطوسي، وفي: 251ـ بعضه ـ عن الخصال، والعيون، وأشار إلي مثله عن الاحتجاج، ينابيع المودّة: 2: 443ـ کما في رواية کمال الدين الاَُولي بتفاوت يسير، عن المناقب، إثبات الوصية: 228ـ229 ـ قريباً ممّا في رواية الکافي الاَُولي، بسند آخر عن إبراهيم بن أبي يحيي المزني، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، الاحتجاج: 1: 226ـ227ـ کما في رواية کمال الدين الاَُولي بتفاوت، مرسلاً عن صالح بن عقبة، عن الصادق (عليه السلام)، البحار: 36: 374ـ 381 ـ عن روايات کمال الدين الخامسة والثانية والثالثة والرابعة، وعن روايتي إعلام الوري، وعن غيبة الطوسي، الخصال: 2: 476ـ477ـ کما في رواية کمال الدين الخامسةـ متناً وسنداًـ بتفاوت يسير، منتخب الاَثر: 62 ـ عن ينابيع المودَّة، عيون أخبار الرضا: 1: 52ـ54ـ کما في الخصال ـ سنداً ومتناًـ، کشف الغمّة: 3: 296 ـ عن رواية إعلام الوري الاَُولي.
[39] الکباة: المزبلة والکناسة والتراب الذي يکنس من البيت، قال الزمخشري في «فائقه»: الکبا ـ الکناسة وجمعه أکباء، وساق الکلام إلي أن قال: ومنه الحديث: إنَّ أُناساً من الاَنصار قالوا له: إنّا نسمع من قومک: إنَّما مثل محمَّد کمثل نخلة نبتت في کبا ـ وهي بالکسر والقصرـ: الکناسة.
[40] فرغ إليه: إذا عمد وقصد، ويمکن أن يکون ـ بالزاي المعجمة والعين ـ کما في بعض النسخ وهو أنسب، وفزع إليه: أي استغاث واستنصر به وألجأ إليه.
[41] الحش ـ بالتثليث ـ: البستان، وقيل: النخل، ويکني به عن المخرج لما کان من عادتهم أن يقضوا حاجتهم في البساتين.
[42] يعني به جدِّه عبد المطلب.
[43] في بعض النسخ: «من والاه والاه اللّه، ومن عاداه عاداه اللّه».
[44] قال في «النهاية»: في حديث أبي ذر يصف عليّاً: وإنَّه لعالم الاَرض وزرها الذي تسکن إليه ـ أي قوامها، وأصله من زر القلب وهو عُظيم صغير يکون قوام القلب به، وأخرج الهروي هذا الحديث عن سلمان ـ انتهي.
وزر الاَرض ـ بتقديم المعجمة المکسورة علي المهملة المشددة ـ و«العالم» ـ بکسر اللام ـ فاعل من العلم، وفي خبر آخر عن أبي جعفر (عليه السلام) رواه الشيخ ـ رحمه اللّه ـ في الغيبة: «يا عليُّ! أنتَ رز الاَرض» ـ بتقديم المهملة علي المعجمة، وقال (عليه السلام): «أعني أوتادها وجبالها» ولعلَّ النسخة مصحفة والاَصل: «زر الاَرض» کما هنا، والسک: أن تشدد الباب بالحديد.
[45] في بعض النسخ، وفي البحار: «في أهل بيتي».
[46] في بعض النسخ: «وهم حجج اللّه علي خلقه في أرضه وشهداوَه عليهم».
[47] غيبة النعماني: 83 ـ 84، البحار: 46: 278.
[48] سليم بن قيس: 103ـ 108، (قال سليم): ثم لقيت الحسن والحسين ـ صلوات اللّه عليهماـ بالمدينة بعد ما قتل أمير الموَمنين ـ صلوات اللّه عليه ـ فحدثتهما بهذا الحديث عن أبيهما فقالا: صدقت قد حدّثک أبونا علي بهذا الحديث ونحن جلوس وقد حفظنا ذلک عن رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم کما حدّثک أبونا سواء لم يزد ولم ينقص.
(قال سليم): ثمّ لقيت علي بن الحسين (عليه السلام) وعنده ابنه محمّد بن علي ـ عليهما السلام ـ فحدثته بما سمعت من أبيه وعمه وما سمعت من علي فقال علي بن الحسين: قد أقرأني أمير الموَمنين عن رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو مريض وأنا صبي، ثم قال محمّد: وقد أقرأني جدي الحسين من رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو مريض السلام (قال أبان) فحدثت علي بن الحسين بهذا کلّه عن سليم فقال صدق سليم، وقد جاء جابر بن عبد اللّه الاَنصاري إلي ابني وهو غلام يختلف إلي الکتاب فقبّله وأقرأه من رسول اللّه السلام (قال أبان) حججت فلقيت أبا جعفر محمّد بن علي فحدثته بهذا الحديث کلّه لم أترک منه حرفاً فاغرورقت عيناه ثم قال: صدق سليم قد أتاني بعد قتل جدي الحسين (عليه السلام) وأنا قاعد عند أبي فحدثني بهذا الحديث بعينه، فقال له أبي: صدقت قد حدّثک أبي بهذا الحديث عن أمير الموَمنين ونحن شهود، ثم حدثاه ما هما سمعا من رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم)، البحـار: 2: 228 ـ 230، و36: 273 ـ 276، 92: 98 ـ 100، إثبات الهداة: 1: 664، الاحتجاج: 1: 264، الصافي: 1: 19 ـ بعضه، الاِمتاع والموَانسة للتوحيدي: 3: 197ـ بعضه، نور الثقلين: 1: 504، البرهان: 1: 16، الاستنصار: 10 ـ 13، شرح ابن ميثم البحراني: 4: 19ـ 21، ابن أبي الحديد: 11: 38ـ39، نهج البلاغة لصبحي الصالح: 325 خطبة (210) ـ من قوله: «إنَّ في أيْدِي الناس حقَّاً وباطلاً... إلي قوله: فهذه وجُوه ما عليه النّاس في اختلافهم، وعللِهِمْ في رواياتهِم»، شرح النهج لمحمّد عبدة: 214، تذکرة الخواص، 143، مرسلاً عن کميل ابن زياد، عنه (عليه السلام)، حلية الاَبرار: 2: 81، العياشي: 1: 14، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير الموَمنين (عليه السلام) يقول: مَا نَزَلَتْ آية علي رَسُولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) إلاّ أَقْرَأَنِيها وَأَمْلاها عَلَـيَّ، فَأَکْتُبُها بِخَطِّي، وَعَلَّمَني تَأْوِيلَها وَتَفْسِيرَها وَنَاسِخَها وَمَنْسُوخَهَا وَمُحْکَمَهَا وَمُتَشابِهَهَا، وَدَعا اللّهُ لي أَنْ يُعَلِّمَنِي فَهْمَها وَحِفْظَها، فَمَا نَسِيْتُ آيَةً مِنْ کِتَابِ اللّهِ ولا علماً أَمْلاهُ عليَّ فَکَتَبْتُهُ، مُنْذُ دَعا لي بما دعا وَمَا تَرَکَ شَيْئاً عَلَّمَهُ اللّهُ مِنْ حَلالٍ ولا حَرَامٍ ولا أَمْرٍ ولا نهيٍ کان أو يکونُ مِنْ طَاعَةٍ أو مَعْصِيَةٍ إلاّ عَلَّمْنِيهِ وَحَفِظْتُهُ فَلَمْ أَنْسَ مِنْهُ حَرْفاً واحِداً، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ علي صَدْرِي وَدَعا اللّهَ أن يَمْلاَ قَلْبي عِلْمَاً وَفَهْمَـاً وَحِکْمَةً وَنُوراً (فـ) لَمْ أَنْسَ شَيْئاً وَلَمْ يَفُتْني شَـيْءٌ لَمْ أَکْتُبْهُ، فَقُلْتُ: يا رَسُولُ اللّهِ أَوَ تََخَوَّفْتَ عليَّ النِّسيَانَ فِيمَا بَعْدُ؟ فَقالَ: لَسْتُ أَتَخَوّفُ عَلَيْکَ نِسياناً ولا جَهْلاً، وَقَدْ أَخْبَـرَني رَبِّـي أَنَّهُ قَدْ اسْتَجَابَ لي فِيکَ وفي شُرَکَائِکَ الَّذِينَ يَکُونُونَ مِنْ بَعْدِکَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَنْ شُرَکائي مِنْ بَعْدِي؟ قَالَ: الَّذِينَ قَرَنَهُم اللّهُ بِنَفْسِهِ وَبي فَقَالَ: الاَوْصياءُ منّي إلي أنْ يَرِدُوا عَلَيَّ الحَوْضَ کُلُّهُم هَادٍ مُهْتَدٍ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، هُمْ مَعَ القُرآنِ والقُرْآنُ مَعَهُمْ، لا يُفَارِقُهُمْ وَلا يُفَارِقُونَهُ بِهِمْ تُنْصَرُ أُمَّتِـي وَبِهِم يُمْطَرُونَ، وَبِهِمْ يُدْفَعُ عَنْهُمْ وَبِهِم اسْتَجابَ دُعاءَهمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ سَمِّهِمْ لي، فَقَالَ: ابْنِي هذَا، وَوَضَعَ يَدَهُ علي رَأْسِ الحَسَنِ (عليه السلام) ثُمَّ ابني هذَا وَوَضَعَ يَدَهُ علي رَأْسِ الحُسَيْـنِ (عليه السلام)، ثُمَّ ابنٌ لَهُ يُقالُ لَهُ عليٌّ وَسَيُولَدُ في حَياتِکَ فَأقْرَأْهُ منّي السَّلامَ، ثُمَّ تَکْمِلَةُ اثني عَشَـرَ مِنْ وُلْدِ مُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: بِأَبِـي أَنْتَ [وأُمّي] فَسَمِّهِم لي، الَّذِي يَمْلوَ الاَرضَ قِسْطاً وَعَدْلاً کَمَا مُلِئَتْ جَوْرَاً وَظُلْماً، وَاللّهِ إنّي لاَعْرِفُ مَنْ يُبَايِعُهُ بَيْـنَ الرُّکْنِ وَالمَقامِ وَأََعْرِفُ أَسْمَـاءَ آبائِهِمْ وَقَبَائِلِهمْ»، تحف العقول: 193ـ 196، المسترشد: 29 ـ 31، بتفاوت يسير، إلي قوله: «فَقَدْ أَخْبَرَني اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّهُ اسْتَجَابَ لي فِيکَ» وقال: وهو ما رواه محمّد بن عبد اللّه بن مهران، عن حمّـاد بن عيسي، عن ابن أُذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: ...، غيبة النعماني: 75. وبهذا الاِسناد (أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، ومحمّد بن همام بن سهيل، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد اللّه بن يونس الموصلي، عن رجالهم) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: (وأخبرنا به من غير هذه الطرق، هارون بن محمّد قال: حدثني أحمد بن عبيد اللّه بن جعفر بن المعلي الهمداني، قال حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمروبن حرب الکندي قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارک، شيخ لنا کوفي ثقة، قال: حدَّثنا عبد الرزاق بن همام): ـ کما في المتن بتفاوت يسير، الخصال: 1: 255 ـ بسند آخر عن سليم، کمال الدين: 1: 284 ـ 286، في ظلال نهج البلاغـة: 3: 241 ـ 247 خطبـة (208)، الکافي: 1: 62ـ64ـ علي بـن إبراهيـم بن هاشـم، عن أبيه، عن حماد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لاَمير الموَمنين (عليه السلام) ـ کما في «المتن» بتفاوت يسير... إلي قوله: «لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْکَ النِّسيَانَ وَالجَهْلَ».
[49] البحار: 36: 336 ح 199 عن کفاية الاَثر: 155. هذا الحديث نبوي ولکن ذکر لشدة المناسبة.
[50] عنونه العلاَّمة في القسم الثاني من «الخلاصة» ـ بعنوان «جعفر بن إسماعيل المقريَ» وقال: کوفي، وعنونه النجاشي وقال: له کتاب «النوادر»، وذکر طريقه إليه، وفيه: «المنقري».
[51] لعلَّه أبو عليّ أو أبو عبد اللّه البصري المعنون في «جامع الرواة»، وفي بعض النسخ: «عليّ بن إسماعيل»، فالظاهر هو أبو الحسن الميثمي الذي له کتب في الاِمامة، وهو أوَّل مَنْ تَکَلَّم في الاِمامة علي مذهب الاِمامية.
[52] هذا الخبر مقطوع لم يسنده إلي المعصوم (عليه السلام).
[53] زحمه زحماً وزحاماً: ضايقه ودافعه.
[54] البقرة: 285.
[55] أي أشار، وفي معني القول توسع.
[56] غيبة النعماني: 99ـ 102، وفيه: فَتَأَمَّلوا يا معْشَـرَ الشِّيعَةِ ـ رحمکم اللّه ـ ما نَطَقَ بِهِ کِتابُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَما جاءَ عَن رَسُولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم)، وعن أمير الموَمنين والاَئمّة ـ عليهم السلام ـ واحدٍ بعد واحدٍ في ذکر الاَئمَّة الاثني عشر وفضلهم وعدَّتهم من طرقِ رجِالِ الشيعةِ الموثَّقين عند الاَئمّة.
فَانْظُرُوا إلي اتِّصالِ ذَلِکَ وَوُرُودِه مُتَواتِراً، فَإِنَّ تَأَمُّلَ ذَلِکَ يَجْلُو القُلُوبَ مِنَ العَمي وَيَنْفي الشَّکَّ وَيُزِيلُ الارْتِيابَ عَمَّنْ أَرَادَ اللّهُ بِهِ الخَيْـرَ وَوَفَّقَهُ لِسُلُوکِ طَرِيقِ الحَقِّ، وَلَم يَجْعَل لاِبْلِيسَ علي نَفْسِهِ سَبيلاً بالاِصْغَاءِ إلي زَخَارِفِ المُمَوِّهِينَ وَفِتْنَةِ المَفْتُونِينَ.
وَلَيْسَ بَيْـنَ جَميعِ الشِّيعَةِ مِمَّن حَمَلَ العِلْمَ وَرَواهُ عَنِ الاَئمّةِ (عليهم السلام) خِلافٌ في أنَّ کِتابَ سُلَيم بْنِ قَيْسٍ الهِلاليِّ أَصْلٌ مِنْ أَکْبَـرِ کُتُبِ الاَُصُولِ التي رَواهَا أَهْلُ العِلْمِ مِنْ حَمَلَةِ حَدِيْثِ أَهْلِ البَيْتِ (عليهم السلام) وَأَقْدَمِها لاَنَّ جَميعَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ هَذَا الاَصْلُ إِنَّما هُوَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم وَأَمْيرِ المُوَْمِنينَ (عليه السلام) وَالمِقْداد وَسَلْمانَ الفارسيِّ وأبي ذَرٍّ وَمَنْ جَرَي مَجْراهُمْ مِمَّنَ شَهِدَ رَسُولُ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) وَأَميرَ الموَمنينَ (عليه السلام) وَسَمِعَ منْهُمَا، وَهُوَ مِنَ الاَُصولِ التي تَرْجِعُ الشِّيعَةُ إِلَيْها وَيُعَوِّلُ عَلَيْها، وَإِنَّما أَوْرَدْنا بَعْضَ ما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الکِتابُ وَغَيْـرَهُ مِنْ وَصْفِ رَسُولِ اللّهِ (صلي الله عليه وآله وسلم) الاَئمّة الاثني عَشَـرَ وَدَلالَتِهِ عَلَيْهِمْ وَتَکْرِيره ذِکْرَ عِدَّتِهِمْ، وَقَوْلِهِ «إِنَّ الاَئمَّةَ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْـنِ تِسْعَةٌ تَاسِعُهُمْ قائِمُهُمْ ظاهِرُهُمْ بَاطِنُهُمْ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ، وفي ذَلِکَ قَطْعٌ لِکُلِّ عُذْرٍ، وَزَوالٌ لِکُلِّ شُبْهَةٍ، وَدَفْعٌ لِدَعْوي کُلِّ مُبْطِلٍ، وَزُخْرفِ کُلِّ مُبْتَدِعٍ، وَضَلالَةِ کُلِّ مُمَوِّهٍ، وَدَلِيلٌ واضِحٌ علي صِحّةِ أَمْرِ هذِهِ العِدَّةِ مِنَ الاَئِمَّةِ لايُتَهَيّأُ لاََحَدٍ مِنْ أَهْلِ الدَّعاوي الباطِلَةِ ـ المُنْتَمِينَ إلي الشِّيعَةِ وَهُمْ مِنْهُمْ بِراءٌ ـ أنْ يَأْتُوا عَلَـي صِحَّةِ دَعاوِيهِمْ وَآرائِهِم بِمِثْلِهِ، وَلا يَجِدُونَهُ في شَـيءٍ مِنْ کُتُبِ الاَُصولِ التي تَرْجِعُ إليْها الشِّيعَةُ ولا في الرِّواياتِ الصَّحيحَةِ، وَالحَمْدُ للّهِ رَبِّ العالَمينَ.
هذا الحديث نبوي ولکن ذکر لشدة المناسبة.
[57] في بعض النسخ: «محمّد بن نصير».
[58] في بعض النسخ: «الحسن بن بهلول» ولم نظفر به علي کلا العنوانين.
[59] کمال الدين: 1: 284ـ285، منتخب الاَثر: 34. هذا الحديث نبوي ولکن ذکر لشدة المناسبة.
[60] الصراط المستقيم: 2: 153ـ154. هذا الحديث نبوي ولکن ذکر لشدة المناسبة.
[61] المصدر نفسه: 150ـ151. هذا الحديث نبوي ولکن ذکر لشدة المناسبة.
[62] البروج: 1.
[63] کمال الدين: 150، عنه الصراط المستقيم: 2: 123ـ124.
[64] الصراط المستقيم: 2: 148. هذا الحديث نبوي ولکن ذکر لشدة المناسبة.
[65] الصراط المستقيم: 2: 150، وقال: ورواه أيضاً الشيخ الفاضل محمّد بن أحمد بن شاذان مسنداً إلي عليٍّ (عليه السلام). هذا الحديث نبوي ولکن ذکر لشدة المناسبة.
[66] اثبات الهداة: 3: 554.
[67] کفاية الاَثر.
[68] سليم بن قيس: 327.
[69] في بعض النسخ «ومن الاَحاديث عن رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلک» وفي خصال الصدوق هکذا أيضاً.
[70] قوله «حقاً وباطلاً وصدقاً وکذباً» ذکر الصدق والکذب بعد الحق والباطل من قبيل ذکر الخاص بعد العام، لاَنّ الصدق والکذب من خواص الخبر، والحق والباطل يصدقان علي الاَفعال أيضاً، وقيل: الحق والباطل هنا من خواص الرأي والاعتقاد، والصدق والکذب من خواص النقل والرواية.
وقوله: «محکماً ومتشابهاً» المحکم في اللغة هو المضبوط المتقن، ويطلق في الاصطلاح علي ما اتّضح معناه، وعلي ما کان محفوظاً من النسخ أو التخصيص أو منهما معاً، وعلي ما کان نظمه مستقيماً خالياً عن الخلل، وما لا يحتمل من التأويل إلاّوجهاً واحداً، ويقابله بکل من هذه المعاني المتشابه.
وقوله «وهماً» بفتح الهاء ـ مصدر قولک: وهمت ـ بالکسر ـ أي غلطت وسهوت، وقد روي «وهماً» بالتسکين ـ مصدر وهمت ـ بالفتح ـ إذا ذهب وهمک إلي شيء وأنت تريد غيره، والمعني متقارب ـ کما قاله في البحار.
[71] بکسر الکاف وتخفيف الذال مصدر کذب يکذب أي کثر عليّ کذبة الکذابين.
[72] قوله: «فليتبوّأ» بصيغة الاَمر ومعناه الخبر کقوله تعالي: (من کان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً).
[73] «متصنّع بالاِسلام» أي متکلّف له ومتدلّس به غير متّصف به في نفس الاَمر.
وقوله: «لا يتأثم» أي لا يکف نفسه عن موجب الاثم، أو لا يعد نفسه آثماً بالکذب عليه صلوات اللّه عليه، وکذا قوله: «لا يتحرج» من الحرج بمعني الضيق أي لا يتجنب الاثم.
[74] في بعض النسخ: «فلو علم المسلمون» والمتن موافق للکافي والخصال.
[75] ما بين القوسين کان في بعض النسخ دون بعض ولکنه موجود في الخصال والکافي، وقوله: «وهم لا يعرفون حاله» ذلک لکون ظاهره ظاهراً حسناً، وکلامه کلاماً مزيفاً وذلک يوجب اغترار الناس به وتصديقهم له فيما أخبر به أو نقل عن غيره.
[76] کذا في نهج البلاغة أيضاً، وفي الخصال والکافي «وقد أخبره اللّه عن المنافقين بما أخبره».
[77] المنافقين: 3. ويرشد (عليه السلام) بذلک إلي أنّه سبحانه خاطب نبيه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم بقوله: (وإذا رأيتهم تعجبک أجسامهم) لصباحتهم وحسن منظرهم، (وإن يقولوا تسمع لقولهم) أي تصغي إليهم لذلاقة ألسنتهم.
[78] أي أنّ أئمّة الضلال بسبب وضع الاَخبار أعطوا هوَلاء المفترين الوضّاعين الولايات وسلّطوهم علي رقاب الناس، وقصد المنافقون بجعلهم الاَخبار التقرب إلي الاَُمراء لينالوا من دنياهم، وقد افتعل في أيام خلافة بني أُميّة لا سيما زمان معاوية بن أبي سفيان حديث کثير علي هذا الوجه جداً جلّها في المناقب، أعني: مناقب الخلفاء وولائجهم، وبعضها في الطعن علي أهل الحق الذين تحزبوا عن أهل الباطل ولجأوا إلي الحصن الحصين أمير الموَمنين علي (عليه السلام). ومن مفتعلاتهم ما رواه أبو هريرة الدوسي أو رووا عنه أنّه قال: قال رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم: «لو لم أبعث فيکم لبعث عمر، أيد اللّه عمر بملکين يوفّقانه ويسدّدانه، فإذا أخطأ صرفاه حتي يکون صواباً» وذکره السيوطي في الموضوعات.
وعنه أيضاً قال: «خرج النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) متکئاً علي علي بن أبي طالب فاستقبله أبو بکر وعمر فقال (صلي الله عليه وآله وسلم): يا علي أتحب هذين الشيخين؟ قال: نعم يا رسول اللّه، قال: حبهما تدخل الجنّة» رواه الخطيب في تاريخه وعدّه السيوطي من الموضوعات، ونقل أبو نعيم في الحلية مسنداً عن أبي هريرة مرفوعاً عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) «ما من مولود إلاّ وقد ذر عليه من تراب حفرته [فإذا دنا أجله قبضه اللّه من التربة التي منها خلق وفيها يدفن] وخلقت أنا وأبو بکر وعمر من طينة واحدة وندفن فيها في بقعة واحدة» قال: أبو عاصم ما نجد فضيلة لاَبي بکر وعمر مثل هذه لاَنّ طينتهما من طينة رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم) ومعه دفنا» وذکره السيوطي أيضاً في الموضوعات.
ونص الطبري في تاريخه وغيره أنّ عمر بن الخطاب استعمل أبا هريرة علي البحرين واليمامة. ثمّ عزله بعد عامين لخيانته، واستنقذ منه ما اختلسه من أموال المسلمين وقال له: إني استعملتک علي البحرين وأنت بلا نعلين، ثم بلغني أنّک ابتعت أفراساً بألف دينار وستمائة دينار، وضربه بالدرة حتي أدماه.
فرجع إلي حاله الاَوّل وبقي إلي زمان خلافة عثمان فانضم إليه وأخذ يفتعل الاَحاديث في فضله لينال من دنياه فقال قال رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم): «إنّ لکل نبي رفيقاً في الجنّة ورفيقي فيها عثمان» ذکره الترمذي في صحيحه وقال الذهبي في ميزانه ببطلانه. وقال أيضاً قال رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم): «لکل نبي خليل في أُمّته وإنّ خليلي عثمان بن عفان» ذکره السيوطي في الجامع الصغير. وقال الذهبي في الميزان ببطلانه.
إلي غير ذلک من أمثاله. ومن ذلک ما رواه أبو العباس الزورقي في کتاب شجرة العقل عن عبد اللّه بن الحضرمي ـ عامل عثمان بن عفان علي مکّة ـ أنّه قال: قال رسول اللّه صلَّي اللّه عليه و آله و سلَّم لعمر: «لو لم أُبعث لَبُعِثْتَ» وقد ذکره السيوطي في الموضوعات.
وروي أنّ سمرة بن جندب أعطاه معاوية بن أبي سفيان من بيت المال أربعمائة ألف درهم علي أن يخطب في أهل الشام بأنّ قوله تعالي: (ومن الناس من يعجبک قوله في الحيوة الدنيا ويشهد اللّه علي ما في قلبه وهو ألد الخصام) الآية، أنّها نزلت في علي بن أبي طالب [(عليه السلام) ج وأنّ قوله تعالي: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اللّه) نزل في ابن ملجم أشقي مراد، فقيل: فعل ذلک. واستخلفه زياد علي البصرة فقتل فيها ثمانية آلاف من الناس، کما نص عليه الطبري وغيره.
وقد روي ابن عرفة المعروف بنفطويه الذي کان من أعلام المحدثين في تاريخه نحو ما تقدم ثم.
[79] المنسوخ ما رفع حکمه الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه وإنّما النسخ يکون في الاَحاديث الواردة عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) فحسب دون أوصيائه إذ لا معني لنسخ حکم من الاَحکام بعده (عليه السلام).
[80] في بعض «ولم يتوهم».
[81] خبر ثان لاَن، أو بدل من «مثل» وحينئذ جرهما علي البدلية من القرآن ممکن وقيام البدل مقام المبدل منه غير لازم عند کثير من المحققين کما ذکره شيخنا البهائي ـ قدّس سرّه ـ.
[82] في بعض النسخ «وجهان عام وخاص» وقوله: «قد کان يکون» اسم کان ضمير الشأن و «يکون» تامة وهي مع اسمها الخبر، و «له وجهان» نعت للکلام لاَنّه في حکم النکرة أو حال منه.
[83] الحشر: 7.
[84] کذا وفي الخصال والکافي «فيشتبه علي من لا يعرف ولم يدر».
[85] الطاريَ هو الغريب الذي أتاه عن قريب من غير انس به وبکلامه، وإنّما کانوا يحبون قدومهما أمّا لاستفهامهم وعدم استعظامهم إياه أو لاَنّه (صلي الله عليه وآله وسلم) کان يتکلم علي وفق عقولهم فيوضحه حتي يفهم غيرهم (قاله العلاّمة المجلسي ـ رحمه اللّه ـ).
[86] الدخلة: المرة من الدخول، واخلاه وبه ومعه: اجتمع معه في خلوة.
[87] في الخصال والکافي «لست أخاف عليک».
[88] کذا، وهذا مضمون مأخوذ من الآية لا لفظها.
[89] في بعض النسخ «بمستجابات دعواتهم».
[90] في بعض النسخ «مهدي أُمّة محمّّد».
[91] کفاية الاَثر: 213 ـ 219، مشارق البرسي: 164ـ166، وقال: ومن ذلک ما ورد عنه في خطبة الافتخار، رواها الاَصبغ بن نباتة، قال: خطب أمير الموَمنين (عليه السلام) فقال في خطبته: وفي آخرها «...وإنَّي ظَاعِنٌ عَنْ قَرِيبٍ، فَارْتَقِبُوا... وَالدَّولَةَ الکِسْـرَوِيَّةَ ثُمَّ تُقْبِلُ دَوْلَةُ بَنِي العَبَّاسِ بِالفَرَحِ وَالبَاسِ، وَتُبْنَي... الزَّوْرَاءُ... مَلْعُونٌ مَنْ سَکَنَهَا، مِنْهَا تَخْرِجُ طِينَةُ الجَبَّارِينَ تُعْلي فِيهَا القُصُورُ، وَتُسْبَلُ السُّتُورُ، وَيَتَعَلُّونَ بِالمَکْرِ والفُجُورِ، فَيَتَدَاوَلُها بَنُو العَبَّاسِ 42 مَلِکَاً عَلَـي عَدَدِ سِنِيِّ المُلْکِ، ثُمَّ الفِتْنَةُ الغَبْرَاءُ، والقِلادَةُ الحَمْرَاءُ في عُنُقِهَا قَائِمُ الحَقِّ، ثمَّ أُسْفِرُ عَنْ وَجْهِي بَيْـنَ أَجْنِحَةِ الاَقالِيمِ کَالقَمَرِ المُضِـيءِ بَيْـنَ الکَوَاکِبِ، ألا وإِنَّ لِخُرُوجِي... أَوَّلُهَا تَحْرِيفُ الرَايَاتِ في أَزِقَّةِ الکُوفَةِ، وَتَعْطِيلُ المَسَاجِدِ، وانْقِطَاعُ الحَاجِّ، وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ بِخُراسَانَ، وَطُلُوعُ الکَوْکَبِ المُذَنَّبِ وَاقْتِرَانُ النُّجُومِ، وَهَرجٌ وَمَرْجٌ وَقَتْلٌ وَنَهْبٌ، فَتِلْکَ عَلاَمَاتٌ عَشَـر، وَمِنَ العَلاَمَةِ... فَإِذَا تَمَّت العَلاَماتُ قَامَ قَائِمُنَا، قَائِمُ الحَقِّ»، البحار: 36: 354، 41: 318 و 329، 52: 267ـ 268، إثبات الهداة: 1: 598 ـ بعضه ـ، 2: 442 ـ بعضه الآخر، بشارة الاِسلام: 57، 58 ـ 59، غاية المرام: 57، مناقب ابن شهر آشوب 2: 273 ـ بعضه ـ مرسلاً عنه (عليه السلام)، ملاحم ابن طاووس: 136ـ آخره ـ وقال: ذکر السليلي أنَّه خطب بها قبل خروجه من البصرة بخمسة عشر يوماً، وفيه: «... وتَمَّتِ الفِتْنَةُِ الغَبْرَاءُ والقِلادَةُ الحَمْراءُ وفي عُنُقِها قَائِمُ الحَقِّ ثُمَّ يُسْفِرُ عَنْ وَجْهٍ بَيِّـن، أَصْبَحَتِ الاَقَالِيمُ کَالقَمَرِ المُضيء... علاماتٍ عَشْـراً فَأَوَّلُهُنَّ... المُذَنَّبُ... وَأَيَّ قُرْبٍ ويتبعُ به هرجٌ وشغبٌ فتلکَ أوَّلُ علاماتِ المغيَّبِ...العَشْـرُ فِيهَا القَمَرُ الاَزْهَرُ وَتَمَّتْ کَلِمَةُ الاِخْلاصِ بِاللّهِ رَبِّ العَالَمِينَ» وقال: هذا آخر ما ذکره منها، مدينة المعاجز: 154، العوالم: 15: 199ـ202.
[92] الکافي: 1: 529ـ530، وفي: 1: 531ـ532ـ محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن مسعدة ابن زياد، عن أبي عبد اللّه ومحمّد بن الحسين، عن إبراهيم، عن أبي يحيي المدائني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: کنتُ حاضِـراً لمَّا هَلَکَ أبو بَکر واسْتُخْلِفَ عُمَرُ أَقْبَلَ يَهْودِيٌّ مِنْ عُظَمَاءِ يَهُودِ يَثْرِبَ وَتَزْعُمُ يَهُودُ المَدينَةِ أنَّهُ أعْلَمَ أَهلِ زَمَانِهِ، حَتَّي رُفِعَ إلي عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: يا عُمَرُ إِنَّي جِئْتُکَ أُرْيدُ الاِسلام، فَإِنْ أَخْبَرْتَني عَمَّـا أَسْأَلُکَ عَنْهُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِالکِتابِ والسنَّة وَجَميعِ ما أُريد أنْ أسألَ عَنْهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمرُ: إنِّي لَسْتُ هُناکَ لَکِنّي أُرْشِدُکَ إلي مَنْ هُوْ أَعْلَمُ أُمَّتِنا بِالکِتابِ والسنَّة وَجَمِيعِ ما قَدْ تَسْأَلُ عَنْهُ وَهُوَ ذَاکَ ـ فَأَوْمَا إلي عليٍّ (عليه السلام) قال: أَخْبرني عن ثَلاثٍ وثَلاثٍ وواحِدَةٍ، فَقَالَ لَهُ عليٌّ (عليه السلام): يا يهوديُّ وَلِمَ لَمْ تَقُلْ: أخبرني عن سَبْعٍ، فَقَالَ له اليَهْوديُّ: إنَّکَ إن أخبرتني بالثلاثِ، سَأَلْتُکَ عن البَقيَّةِ وإلاّ کَفَفْتُ، فَإِنْ أنت أَجَبْتَني في هذِهِ السَّبْعِ فَأَنْتَ أَعْلَمُ أَهْلِ الاَرْضِ وأَفْضَلُهُم وَأَولي النَّاسِ بالنَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: سَلْ عَمَّـا بَدا لَکَ يا يَهوديُّ قَال: أَخْبرني عن أَوَّلِ حَجَرٍ وُضِعَ علي وَجِهِ الاَرْضِ؟ وَأَوَّلِ شَجَرَةٍ غُرِسَتْ عَلَـي وَجْهِ الاَرْضِ؟ وَأَوَّلِ عَيْـنٍ نَبَعَتْ عَلَـي وَجْهِ الاَرْضِ؟ فَأَخْبَـرَهُ أَميرُ الموَمنين (عليه السلام)، ثُمَّ قَالَ لَهُ اليهُودِيُّ: أخْبِـرْني عَنْ هذِهِ الاَُمّة کَمْ لَهَا مِنْ إمامِ هُدي؟ وَأَخبِـرْني عَن نَبِيُکُمْ مُحَمَّدٍ أَيْنَ مَنْزِلُهُ في الجَنَّةِ؟ وَأَخْبِـرْني مَنْ مَعَهُ في الجَنَّة؟ فَقَالَ لَهُ أمير الموَمنين (عليه السلام): إنَّ لِهذِهِ الاَُمّةِ اثْنَي عَشَـرَ إمَامَ هُديً مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبيِّها، وَهُمْ مِنّي، وَأَمّا مَنْزِلُ نَبيِّنا في الجَنَّةِ ففي أفضَلِها وأَشْـرَفِها جَنَّةِ عَدْنٍ، وََأمَّا مَنْ مَعَهُ في مَنْزِلِهِ فيها فَهَوَلاءِ الاثنا عشَـرَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وأُمّهُمْ وَجَدَّتُهُمْ وَأُمّ أُمِّهِم وَذَرَارِيهم، لا يَشرُکُهُمْ فيها أحدٌ».
غيبة النعماني: 97ـ 99ـ أخبرنا أبو العبا س أحمد بن سعيد بن عقدة الکوفي قال: حدَّثنا محمّد ابن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمّانة الاَشعري من کتابه قال: حدَّثنا إبراهيم بن مهزم قال: حدَّثنا خاقان بن سليمان الخزاز، عن إبراهيم بن أبي يحيي المدني، عن أبي هارون العبدي، عن عمر ابن أبي سلمة ـ ربيب رسول اللّه (صلي الله عليه وآله وسلم)، وعن أبي الطفيل عامر بن وائلة، قال: قالا: ـ کما في رواية الکافي الثانية ـ بتفاوت ـ، البحار: 36: 374ـ381، الاحتجاج: 1: 226ـ227، الخصال: 2: 476ـ 477، إثبات الهداة: 1: 458 ـ آخره ـ عن رواية الکافي الثانية، وقال: ورواه الشيخ في کتاب الغيبة، منتخب الاَثر: 62، کمال الدين: 1: 294ـ296، و 297ـ299، و 299ـ300 ـ کما في رواية الکافي الاَُولي، بسند آخر عن أبي الطفيل، و300 مختصراً، و300ـ 302، إعلام الوري: 367 ـ کما في رواية الکافي الثانية، وفي: 367ـ369ـ عن رواية الکافي الاَُولي، وفي سنده: حيّان بدل حنان، العوالم: 15: 246، و 248ـ 249، و 251، کشف الغمة: 3: 296، غيبة الطوسي: 97ـ98، کما في رواية الکافي الثانية ـ بتفاوت يسير، بسنده إلي الکليني، ثم بسنده الثاني، ينابيع المودة: 443، عيون أخبار الرضا: 1: 52ـ54.