تشابه الحالات.. تشابه المهام
علي أنّ هناک حالات ظهرت علي الإمام المهدي منذ حمله إلي ولادته تشابه الحالات التي ظهرت لدي عيسي عند ولادته کذلک.
ولعل تشابه الصفات يوحي إلي تشابه المهمة بين الوليدين، فالروايات الصحاح التي رواها الفريقان تؤکد أن ظهور الإمام المهدي عليه السلام يتزامن مع نزول عيسي عليه السلام وسيصلي عيسي خلفه، أي أن الله تعالي ادّخر عيسي لمهمة المهدي الإلهية، وبهذا فإنّ التشابه بينهما سيکون سبباً في التشابه بين المهمتين، فإذا صدقنا ما في عيسي عليه السلام فإنّ ما في المهدي من إعجاز سيکون أمراً مقبولاً، أي أن حالات عيسي عليه السلام الإعجازية حجةً علينا في قبول الحالات الإعجازية لدي الإمام عليه السلام عند ولادته:
1ـ ذکرت الرواية السابقة أن السيدة نرجس عليها السلام لم تعلم بالحمل إلاّ قبيل الولادة بلحظات، وأهل الأخبار ذکروا أن مريم عليه السلام لم تر الحمل إلاّ بسبع أو تسع ساعات، فلم تظهر عليها آثاره.
أخرج ابن عساکر عن الحسن قال: بلغني أن مريم حملت لسبع أو تسع ساعات، ووضعته من يومها. وعن ابن عباس قال: حين حملت وضعت. [1] .
2ـ إنّ السيدة حکيمة حينما قرأت علي السيدة نرجس سورة (إنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) قالت: فکان الجنين يقرأ معي، وکان عيسي عليه السلام في بطن أمه يکلمها.
أخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو نعيم عن مجاهد قال: قالت مريم:
کنت إذا خلوت حدثني عيسي وکلمني وهو في بطني، وإذا کنت مع الناس سبّح في بطني وکبّر وأنا أسمع. [2] .
3ـ ذکرت الرواية أن المهدي عليه السلام عند ولادته أودعه أبوه لدي إحدي الطيور التي کانت علي رأسه وأمر أحدها أن يأخذه ويودعه فطار به إلي جو السماء واتبعه سائر الطير، ثم بيّن الإمام عليه السلام أن هذا روح القدس الموکّل بالأئمة عليه السلام، في حين نري في قصة عيسي عليه السلام وعروجه إلي السماء أن الله کساه ريشاً فطار مع الملائکة.
قال القرطبي في تفسيره: أما المسيح فکساه الله الريش وألبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فطار مع الملائکة. [3] .
4ـ إن غيبة عيسي عليه السلام إذا أذعنّا بها وصدقناها فإنّ غيبة الإمام المهدي عليه السلام ستکون أمراً ممکناً حيال تشابه مهمتي السيدين عليهما من الله السلام التام.
5ـ المعاناة التي لاقتها السيدة نرجس في حملها وإخفاءها لسرّ الوليد الموعود وما جري عليها من رجال السلطة بالتضييق عليها وحبسها ومطالبتها إخبارهم بأمر الوليد ومن ثم ثباتها وصمودها أمام هذه المحن دون أن تحصل السلطة علي أدني اعتراف منها، وبذلک شارکت السيدة نرجس ولدها المهدي في حفظ المهمة الإلهية وإنجاحها، فانّ السيدة مريم عليها السلام کذلک لاقت من بني إسرائيل ما لا تحتمله أية امرأة عفيفة طعنوا فيها واتهموا عفتها وهي لا تزال صامدة أمام حملات هؤلاء الذين وصفهم الإمام الصادق عليه السلام بأن مريم لم تجد من قومها رجلاً رشيداً، کل هذا لم يثنها عن إتمام مهمتها والمحافظه علي رسالة السيد المسيح وإيصالها إلي غايتها المرجوة.
پاورقي
[1] تفسير الدر المنثور: 16/ 497.
[2] تفسير الدر المنثور: 16/497.
[3] تفسير القرطبي:4/ 100.