بازگشت

زوجة نحرير الخادم


ونحرير هو من مساعدي المعتمد العباسي، وکان ظالماً يتولي حبس الإمام الحسن العسکري عليه السلام، وکانت امرأته تري خلاف رأيه في أبي محمد عليه السلام، فحذرته عن مغبّة عمله هذا وأشارت عليه بالکف عن تعرضه للإمام عليه السلام.

قال المجلسي: سلّم أبو محمد عليه السلام إلي نحرير وکان يضيّق عليه ويؤذيه، فقالت له امرأته: اتق الله فإنّک لاتدري من في منزلک؟ وذکرت له صلاحه وعبادته وقالت: إني أخاف عليک منه، فقال: والله لأرمينه بين السباع، ثم استأذن في ذلک فأذن له، فرمي به إليها فلم يشکّوا في أکلها، فنظروا إلي الموضع ليعرفوا الحال، فوجدوه عليه السلام قائماً يصلي وهي حوله، فأمر بإخراجه إلي داره. [1] .

علي أن هذه الظواهر لدي نساء البلاط لا تنحصر في هذه النماذج، فربما کانت هناک نماذج أخري خفية لا يتسني للمؤرخين ذکرها، لخفاء أمرها وشدة تکتمها.

وترکيزنا علي مثل هذه الظواهر للإشارة إلي إمکانية تأثر خاصة البلاط بالأئمة عليهم السلام وإذعانهم بل اعتقادهم في بعض الأحيان، وهي معادلة خطيرة يتوجس منها النظام ويستشعر منها کذلک بالاستصغار وعدم الأهلية للخلافة وأن الحق في أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين (اقتحمت) شهرتهم وحسن سيرتهم حتي نساء البلاط وأذعنّ لهم بالأحقية، وهي ظاهرة تستحق الاهتمام من قبل النظام لخطر حالة الولاء وزحفها حتي إلي خبايا القصر، وتستدعي منا الاهتمام کذلک کونها تشير إلي تأثير الأئمة عليهم السلام بخاصة النظام، ومدي أهمية وجودهم عليهم السلام في التأثير بفصائل الأمة وقطاعاتها فضلاً عن خاصة النظام.

وظاهرة نساء البلاط هذه في اعتقادهنّ بالأئمة عليهم السلام خلافاً للبلاط وتوجهاته، وذلک لکون النساء يعبّرن عن اعتقادهنّ وتعاطفهنّ دون النظر إلي مصالح أخري، خلافاً للرجال الذين يحاولون کتمان الحق حرصاً علي الجاه والمنصب.

علي أن هذه الظاهرة لم تتداولها مصادر التأريخ السنية کما تداولتها المصادر الشيعية ـ بالرغم من ذکر بعضها في مصادرهم ـ وذلک لأن إشاعة هذه الظاهرة تشير إلي أحقية أهل البيت عليه السلام خلافاً لأعدائهم الذين يتعامل معهم بعض المؤرخين أئمةً خلفاء.


پاورقي

[1] بحار الأنوار: 50/ 309.