بازگشت

اذعان رجال الدولة لجلالة الإمام العسکري


..فإني کنت قائماً ذات يوم علي رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس إذ دخل عليه صحبه فقالوا له: إنّ ابن الرضا علي الباب، فقال بصوت عال: ائذنوا له، فدخل رجلٌ أسمرٌ أعينٌ حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن حدث السنّ، له جلالة وهيبة، فلما نظر إليه أبي قام فمشي إليه خطي ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم ولا بالقواد ولا بأولياء العهد، فلما دنا منه عانقه وقبّل وجهه ومنکبيه وأخذ بيده فأجلسه علي مصلاّه الذي کان عليه، وجلس إلي جنبه، مقبلاً عليه بوجهه، وجعل يکلمه ويکنيه، ويفدّيه بنفسه وبأبويه، وأنا متعجب مما أري منه إذ دخل عليه الحجاب فقال: الموفق قد جاء، وکان الموفق إذا جاء ودخل علي أبي تقدّم حجابه وخاصة قواده فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلي أن يدخل ويخرج.

فلم يزل أبي مقبلاً عليه يحدّثه حتي نظر إلي غلمان الخاصة فقال حينئذٍ: إذا شئت فقم جعلني الله فداک يا أبا محمد، ثم قال لغلمانه: خذوا به خلف السماطين لکيلا يراه الأمير ـ يعني الموفق ـ فقام وقام أبي فعانقه وقبّل وجهه ومضي.

فقلت لحجّاب أبي وغلمانه: ويلکم من هذا الذي فعل به أبي هذا الذي فعل؟ فقالوا: هذا رجلٌ من العلوية يقال له: الحسن بن علي يعرف بابن الرضا، فازددت تعجباً.

فلم أزل يومي ذلک قلقاً متفکراً في أمره وأمر أبي ومارأيت منه حتي کان الليل، وکانت عادته أن يصلي العتمة، ثم يجلس فينظر فيما يحتاج إليه من المؤامرات وما يرفعه إلي السلطان..