بازگشت

منهجية البناء الحضاري لجماعة الانتظار


إذا کانت الحضارة هي مجموع ثقافات الأفراد للمجتمع الواحد ومن ثم هي حصيلة ثقافات ذلک المجتمع، وإذا کانت الثقافة بمعناها الأعم هي السلوک (الراقي) الذي يتحقق بطاعته لله تعالي وذلک من خلال انتهاج التعاليم الشرعية المأمور بها الفرد، وهذه بمجموعها تسمي التقوي التي من خلالها تتحقق سمة الالتزام الشرعي لذلک الفرد، ومعلوم أن هذه التقوي التي حث عليها الأئمة الأطهار عليهم السلام إحدي أهم آليات الانتظار.

ففي الکافي بسنده عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر يا بن رسول الله هل تعرف مودتي لکم وانقطاعي إليکم وموالاتي أياکم؟ قال فقال: نعم، قال: فقلت: فأني أسألک مسألة تجيبني فيها فإني مکفوف البصر قليل المشي ولا أستطيع زيارتکم کل حين، قال: هات حاجتک، قلت: أخبرني بدينک الذي تدين الله تعالي به أنت وأهل بيتک لأدين الله تعالي به، قال: إن کنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة، والله لأعطينک ديني ودين آبائي الذي ندين الله تعالي به، شهادة أن لا اله إلّا الله، وأنّ محمداً رسول الله والإقرار بما جاء به من عند الله والولاية لولينا والبراءة من أعدائنا، والتسليم لأمرنا، وانتظار قائمنا والاجتهاد والورع. [1] .

علي أن أئمة أهل البيت عليهم السلام حددوا تکليف أتباعهم وما يجب أن يعملوه إبان غيبة إمامهم، وما هي حدود مسؤولية کل واحدٍ منهم اتجاه نفسه واتجاه الآخرين، أي تحديد التکافل الاجتماعي الذي من خلاله يتاح للمکلف أن يتکامل وللمجتمع الإسلامي أن يرقي إلي درجة الکمال والبناء.

روي المجلسي بسندٍ صحيح عن جابر قال: دخلنا علي أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ونحن جماعة بعدما قضينا نسکنا فودعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن رسول الله، فقال: ليعين قلوبکم ضعيفکم، وليعطف غنيکم علي فقيرکم، ولينصح الرجل أخاه کنصحه لنفسه، واکتموا أسرارنا، ولا تحملوا الناس علي أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءکم عنا، فإن وجدتموه في القرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردوه، وإن اشتبه الأمر عليکم فقفوا عنده، وردوه إلينا حتي نشرح لکم من ذلک ما شرح لنا، فإذا کنتم کما أوصيناکم ولم تعدوا إلي غيره فمات منکم ميّت قبل أن يخرج قائمنا کان شهيداً، ومن أدرک قائمنا فقتل معه کان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدواً لنا کان له أجر عشرين شهيداً. [2] .

و الرواية بذلک تحدد المعالم العامة للسلوکية الشيعية إبان الغيبة ووظيفة المکلف عند الانتظار، فقد حدد الإمام عليه السلام سلوکية المکلف علي المستوي العملي وعلي المستوي العلمي ـ الفکري کذلک.


پاورقي

[1] منتخب الأثر: 498.

[2] بحار الأنوار: 52/ 122.