بازگشت

المقدمة


بالرغم من وضوح مفهوم الغيبة والانتظار، لما حظي هذان المفهومان من رعايةٍ علي مستوي الحديث الذي رواه الفريقان، إلاّ أنّ المحاولات السياسية تبقي طامحةً إلي تأجيج حملات التشکيک والتساؤل حول هذين المفهومين، ومحاولة استغفال الأوساط الإسلامية وإلقاء شبهاتٍ ليست بالجديدة في هذا المجال، سعياً منها إلي زعزعة الاعتقاد العام بهذين المفهومين، ومحاولة الشطب علي هذا التراث الإسلامي الذي بات من أساسيات المفهوم الإسلامي الجلي، بالرغم من ذلک فإنّ ثقافة الغيبة لا زالت تحاصر من قبل أوساطٍ فکرية تلقي بشبهاتها بين الحين والآخر کلما صارت فلسفة الغيبة أمراً مسلّماً ومتعارفاً لدي الوسط الإسلامي.

وإذا کانت محاولات تقديم مفهوم الغيبة لدي الأوساط العامة أمراً ضرورياً فإنّ هناک حلقة مفقودة لعلها لم ترعَ إلي حد ما في تأسيس ثقافة الغيبة والانتظار، وهذه الحلقة بالرغم من سهولة تناولها إلاّ أنها غير منقّحة أو مبسوطة بأساليبها الغنية التي تتيح للقارئ استيعاب هذا المفهوم، وهذه الحلقة هي تاريخ الغيبة الذي بات أمراً ضرورياً يجب التنويه إليه والعناية به بشکل يقدّم تصوراته عن هذا التاريخ الحافل بمغامرات الأنظمة السياسية وبحسن السلوک ودقّة التصرف من قبل الأئمة عليهم السلام ومن ثم شيعتهم حفاظاً علي وجودهم المطارد وحقهم المصادر منذ المحاولات التأسيسية الأولي لنظام خلافة الملک والسلطة التي مارسها ساسة البلاط الأموي والعباسي بشکل فجٍ يدعو إلي المرارة والأسف الشديدين علي ما ارتکبه هؤلاء من خروقات شرعية غير مبررة.

وهذه الدراسة بين أيديکم محاولة لتصوير التأريخ العام للغيبة ومحاولات لمفهوم الانتظار بشکل يسير يتناوله الجميع.

محمد علي الحلو