بازگشت

مراحل تأهيل المجتمع


نلاحظ أيضاً، بعدما وضحنا هذه الحقيقة، وأن حرکة الإمام هي الحلقة الأخيرة لنهضة المجتمع، نقول: لابد أن تؤهل الإنسانية ـ وأريد هنا أن أبين کيفية تأهيل المجتمع ـ هناک تصور واضح أن المجتمع الذي يظهر فيه الإمام يختلف عن المجتمعات السابقة عليه، المجتمع الذي يظهر فيه الإمام، ولا أقصد المجتمع الذي يصنعه الإمام، عندنا مجتمع يسبق الإمام، وعندنا مجتمع ينهض فيه الإمام، وعندنا مجتمع يصنعه الإمام عجل الله فرجه الشريف.

المجتمع الذي قبل ظهور الإمام، وهو المجتمع الأول، وهو ممتد بعصر الإنسانية إلي مستوي أن تظهر علامات ظهوره عجل الله فرجه الشريف.

بتعبير آخر: نريد أن ندرس علامات الظهور دراسة أکاديمية واضحة، تحدد الفلسفة الواقعية لحرکة الإمام.

إن الإنسانية قبل الظهور تکون بمستوي غير مؤهل لاستقبال حرکة الإمام ولذلک لم يظهر الإمام، ولذلک لم يکن الإمام هو النبي، ولم يکن هو الأمير، ولم يکن الإمام عجل الله فرجه الشريف هو أحد آبائه عليهم السلام، لأن البشرية غير مؤهلة لهذه النهضة، البشرية لم تملک الأهلية لهذه النهضة، ولکن الأئمة عليهم السلام قد سعوا لإيجاد هذا المجتمع الذي يکون مؤهلاً ليظهر فيه الإمام، المجتمع حيثما يتکامل، وأشد تکاملٍ له في الغيبة الکبري، فإذا تکامل هذا المجتمع في الغيبة الکبري حينئذ تبدأ المرحلة الثانية، وهي مرحلة الظهور.

ففي مرحلة الظهور يکون المجتمع الإنساني عموماً مؤهلاً بشيئين، ببعدين، بعنصرين يملکان ويحکمان المجتمع، العنصر الأول هو العنصر المخطئ، الذي يعبر عنه بالظلمة والجور، تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً.

العنصر الثاني الذي نقرؤه في الروايات أن الإمام المهدي لا يظهر إلاّ بعد أن تتکامل له قواعده التي يتحرک بها في نهضته وحرکته، قد يتصور البعض أن القواعد محدودة بعددٍ محدود، عندنا روايات بعضها معتبرة من حيث سند الحديث الروائي، وبعضها يسند تلک الروايات أن عدد الذين ينتظرون ظهوره عجل الله فرجه الشريف 313 کعدد أهل بدر. [1] .

هؤلاء الـ 313 يعبر عنهم بأسمائهم، بعض الروايات موجودة بأسمائهم وأوطانهم. [2] .

وأنا عندي ملاحظات علي هذه القطعة من کون تلک الأسماء هل هي رمزية أم هي واقعية تعبر عن أشخاصهم، وکذلک المدن هل هي تعبر عن بعد رمزي للمناطق التي يظهر هؤلاء بها أم هي تعبر عن أسماء موجودة في الواقع وموصوفة ومشخصة، هذا الموضوع بنفسه يحتاج إلي وقت.

وإن هذا العدد 313، هؤلاء الذين يعبر عنهم بقادة جند الإمام، هؤلاء الأشخاص ليسوا لوحدهم هم القاعدة التي ينتظرها الإمام، وإنما هؤلاء هم قادة لمجتمع إيماني يظهر قبل الإمام، يقوده هؤلاء القادة الـ313.

أي أنه کما نقرأ يمتلئ الوجود الإنساني الاجتماعي بالظلم والجور، کذلک هناک مساحات واسعة من الإيمان والإنسان المؤمن، هذه المساحة التي يفترض أن توجد بدون تحديد، الروايات لم تحدّد سعة هذه المساحة وإنما ذکرت وجود هذه المساحة التي يقوم بها الإمام بالتغيير.

طبعاً عندنا شواهد وروايات کثيرة تنص علي هذه الحقيقة، هذه الروايات بعضها وجدت في زمان الأئمة عليهم السلام، روايات عن الإمام الصادق عليه السلام أن الإمام لا يظهر إلاّ في مجتمع خاص هذا المجتمع يکون مؤهّلاً لحکومة الإمام ولقيادة الإمام.

إذا توفّر هذان العنصران: العنصر الأوّل القادة، والعنصر الثاني القاعدة التي تحکمها تلک القيادة، إذا توفّرت تکوّن مجتمع قبل الظهور، فدلّ علي ذلک علامات، هذه العلامات تدل علي ذلک المجتمع الذي سوف يکون علي يديه التغيير الإلهي والحتميّة الإلهية.


پاورقي

[1] راجع المستدرک للحاکم، ج 4: 431، المصنف لابن أبي شيبة، ج8: 609، ح 115، کنز العمال للمتقي الهندي، ج 14: 271، ح 38696.

[2] راجع الملاحم والفتن لابن طاووس: 147، عن کتاب الفتن للسليلي.