تکامل الادوار
أما الذي أردت أن أبيّنه في هذه اللحظات والدقائق هو أن هذه النقاط التي تحدثت عنها تتحدث عن نوعية هذه الحرکة الختامية لمجتمع الإنسان.
يعتمد الإنسان الذي يريد أن يدرس حرکة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، يعتمد علي توضيح وفهم مرکّز لکيفية ظهور هذه الحرکة، ومدي أممية هذه الحرکة وسعة حرکة الإمام عجل الله فرجه.
الشيء الذي يمکننا أن نتحدث عنه باختصار هو أن التأريخ الإنساني بحلقاته المتقدمة سوف يصل إلي مستوي يؤهل الإنسان النوع ـ ولا أقصد الإنسان الفرد ـ الإنسان النوع يؤهلّه ليکون أهلاً لأن يحکمه العدل المهدوي، بتعبير آخر يعطيک جواباً عن سؤال يقول: لماذا لم يظهر الإمام المهدي في عصر النبي صلي الله عليه وآله وسلم، ولماذا لم يکن النبي صلي الله عليه وآله وسلم هو المهدي؟ وهذا سؤال بالنسبة إلي الشيعة الإمامية: لماذا لم يکن الإمام علي وهو سيد الأئمة وأبو الأئمة وخير الأئمة سلام الله عليه، لماذا لم يکن هو الإمام المهدي؟ وهکذا لو أردنا أن نجري السؤال علي کل إمام من الأئمة المعصومين عليهم السلام.
الواقع أن کل أحد منهم سلام الله عليه له دور تأريخي في تطوير حياة الإنسان وفي تأهيل المجتمع الإنساني لکي يدخل الدور المتقدم الذي يوصله إليه الإمام المتقدم، يعني بتعبير أوضح النبي صلي الله عليه وآله وسلم کان دوره إيصال البشرية إلي مستوي معين، وطبعاً محدد، وقلت إن هذا الموضوع لا أقصد الحديث عن فلسفة التأريخ للرؤية الدينية الإسلامية، ولذلک أنا أشير إشارات إليه لأصل إلي النتيجة التي أتحدث عنها.
فإنّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم له دور في تأهيل البشرية لمستوي يمکن أن تتحمل ولاية علي بن أبي طالب ثم إن لأمير المؤمنين عليه السلام دوره الذي سلمه للإمام الحسن، وهکذا الأئمة من بعده، إن تشخيص هذه الأدوار يحتاج إلي بحث مستقل.
ولکن هناک دور قد اشترک فيه النبي صلي الله عليه وآله وسلم والأمير والأئمة الباقين في تأهيل البشرية إلي أن تکون مستحقة لتولي الإمام المهدي لجميع أدوار الإمامة، يعني أن من مهمات النبي صلي الله عليه وآله وسلم ومهمات الأئمة الباقين فضلاً وإضافة إلي مهماتهم الخاصة الأخري هي تأهيل البشرية لأن يتقبلوا ويصلوا بمستوي ليس القبول فقط، بل أن يصلوا بمستوي الطرح الميداني لإمامة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف.
أي أنه لو لم يکن الأئمة السابقون يقومون بهذا الدور لما کانت البشرية مؤهّلة لاستقبال دورها في ظل إمامة الإمام المهدي وقيامه في ذلک.
علي کل حال، الإمامة بالنسبة للإمام المهدي لم تکن منحصرة بالظهور، وإنما دوره في الظهور وقبل الظهور، والذي أخذ أبعاده عجل الله فرجه الشريف من يوم ولادته إلي الغيبتين الصغري والکبري، ولذلک نجد أن کل هذه الخصوصيات المتعلقة في هذه المرحلة من تأريخ الإنسانية هذه قد وردت علي لسان النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعلي لسان الأنبياء الذين سبقوا النبي صلي الله عليه وآله وسلم، حتي أننا نجد ذکر المهدي عجل الله فرجه الشريف بالکناية أو بالأسماء التي قُصّت بالکتب السماوية نجد تلک الأسماء موجودة في کتب السماء في التوراة والإنجيل.
وقد ألفت کتب خاصة في ذکر الآيات الإنجيلية والآيات التوراتية التي ذکرت الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف. [1] .
أي أن هذا الدور لم يبتدئ بالنبي، وإنما کان هذا الدور قد قام به الأنبياء من قبل.
إن مجموع الرسالات السماوية قد اهتمت في تربية البشرية لمستوي أن تتقبل العقيدة المهدوية أولاً، والحرکة المهدوية التي تتعمق وتترسخ عندما يظهر عجل الله فرجه الشريف، يعني عندنا مرحلة العقيدة، ومرحلة إجراء العقيدة في الواقع وتنفيذ تلک العقيدة علي أرض الواقع وتنفيذها عندما يظهر عجل الله فرجه الشريف فيتم بذلک «أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً» تتم الخاتمة في حرکات الطبقات الاجتماعية لرؤية دينية سواء کانت إسلامية أو غير إسلامية.
پاورقي
[1] راجع: کتاب بشارات العهدين للدکتور محمد الصادقي، کتاب المصلح المنتظر في أحاديث الأديان لمحمد أمين زين الدين العاملي، الإمام المهدي في کتب الأمم السابقة والمسلمين لمحمد رضا حکيمي.