اعجاز الإمام المهدي
هذا المنطق ربّما نفسّره تفسيراً إعجازياً، فالمعجزة علي نوعين:
النوع الأوّل: تبقي دائماً إلي أن يأتي الله سبحانه وتعالي بعلمه، أي تبقي خارقة لقانون الطبيعة، يعني علي الدوام والاستمرار.
النوع الثاني: هناک نوع من المعجز يکون نسبياً، مثل السحر الذي کان في عهد موسي عليه السلام يقال أنّ هذا السحر إعجاز لم يکن خارقاً للعادة، وإنّما نسبي بما عجز عنه السحرة في عصره، والمقصود من النسبيّة هنا هو أنّ هناک في الطبيعة قوانين لم يتوصّل إليها البشر في ذلک العصر، والنبي بما أوتي من قوّة بالعلم والمعرفة يستخدم قوّته العلميّة وعلومه التي لم يعرفها باقي البشر لإظهار ذلک الخارق، وحينئذٍ لو سئل: من أين لک هذا العلم؟ فإنه سيقول: من الله سبحانه، باعتبار أنّ الله هو الذي علّمه هذا القانون، وممّا يؤيّد ويؤکّد إعجاز ذلک النبي علي نبينا وعلي جميع الأنبياء آلاف التحيّة والسلام.
هناک في حياة الإمام ربّما يقال نوع من هذا الإعجاز، يعني هناک إعجاز ربانّي لا إشکال، کما جري علي يد سائر الأنبياء يجري علي يد الإمام المهدي عجل الله فرجه، وهناک إعجاز سبقي، بمعني تقدّم علمي حصل عليه الإمام لم يحصل عليه السابقون، قد يکون من ذلک حجر موسي عليه السلام الذي يکون مع المهدي عجل الله فرجه.
هذا الموضوع مهم ودقيق لا أريد أن أخوضه بکل تفاصيله، وإنّما بالشکل السريع من أجل إيصال الفکرة، وأمّا الخصوصيّات، فيمکن أن نناقش فيها للتوصّل إلي رؤيً صحيحة تنسجم مع العقيدة الصحيحة.
أريد أن أقول أنّ هناک تقدّم حضاري علمي يسبق الخيال العلمي الموجود حاليّاً، ويطبّق أو ينفذ کثيراً من النظريّات الخياليّة العلميّة، فيکون تطبيقها في دولة صاحب الأمر عجل الله فرجه.
هذا السبق يجعل هناک التقدّم في الزراعة، کما قرأت هذه الآية، إضافة إلي ما تحدثت به الروايات من أنّ الله يجعل في دولة صاحب الأمر الأرض خضراء، فهذه الجزائر والصحاري التي نراها، مثل جزيرة العرب أو جزيرة العراق أو غير ذلک من الصحاري الواسعة في الأرض، هذه الصحاري تتحوّل إلي جنّات وعيون تمتلئ بالخضرة، والخضرة التي تفيد الأرض، کما أنّ هنالک خضرة تفيد حياة الإنسان تعبّر عنها الرواية التي قرأناها عنه عليه أفضل الصلاة والسلام أنّ هذه الأُکل: «وتضاعف الأرض أکلها» حتي النوع سوف يختلف ويتکثّر، هذا السبق أيضاً ربّما للتأکيد بين الأثمار التي لم تکن معروفة في زمان الأئمة عليهم السلام.
علي کل حال، هذا بالنسبة للزراعة وبالنسبة للمياه، قالت روايات أنّ هناک مياهاً وأنهاراً جديدة عهد الإمام سوف تشق في الأرض، والإمام سوف يشق نهراً من کربلاء إلي النجف، الرواية هکذا تقول: أنّ الإمام يشقّ نهراً من کربلاء إلي النجف [1] يعني هذه الصحراء التي تراها حاليّاً ما بين کربلاء وما بين النجف سوف يحييها الإمام عجل الله فرجه مرّة أخري، هذا التقدّم سوف تمر به البشريّة في عصر الإمام.
والإمام الصادق عليه السلام عندما يذکر هذه المناظر، إنّما کانت معروفة لمعاصريه، ولم يتحدّث عن المناظر الأخري ليس لأنها لم يشملها التقدّم، بل سوف يشملها، ولکن لأنّ الرواة کانوا ربّما لا يعرفون إلاّ أبعاد ضيقة عن المناطق الجغرافيّة التي يعيشون بها أو التي يمرّون بها.
پاورقي
[1] أنظر الإرشاد للمفيد، ج2: 380، کتاب الغيبة للطوسي: 468، ح 485.