بازگشت

الرؤية الدينية المطلقة


وأقصد بالإطلاق هنا ما يقابل الرؤية الدينيّة الخاصّة التي سوف أتحدث عنها، المختصّة بدولة صاحب الأمر عجل الله فرجه.

هناک رؤية دينيّة مطلقة تعبّر أن لو توفّرت تلک الدولة ولو توفّرت تلک الأسس الموضوعيّة سوف ـ بطبيعي الحال ـ يتحقق القسم الثاني الطردي المرتبط بهذا القسم الأول، يعني لو کانت هناک دولة إسلاميّة وکان مجتمع إسلامي وتهيأت الظروف المناخيّة والسياسيّة وغير ذلک من الظروف، حينئذٍ لکان الجانب الثاني من المعادلة يتحقّق بشکل طبيعي، وهذا التحقّق هو التقدّم الحضاري.

يعني هناک ترابط بين وجود دولة إسلاميّة ذات أبعاد إسلاميّة مع وجود تقدّم حضاري، وهذا الذي أشارت إليه مجموعة من الآيات الکريمة التي تحدّثت عن هذه الحالة، وهذا الموضوع يرتبط بما نتحدّث لو وفّرت الظروف المناسبة، نتحدّث بدور الدولة.

من جملة تلک الآيات قوله تعالي:)اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ إِنَّهُ کانَ غَفَّار) هذا الجزء الأول من الآية، ثم تقول الآية:)يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْکُمْ مِدْرار).

إذن هناک ترابط بين الاستغفار، استغفار الله تبارک وتعالي وبين عملية نزول المطر، وهذا التنـزيل الإلهي للمطر تتمّه الآية الکريمة:)وَيُمْدِدْکُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَکُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَکُمْ أَنْهار). [1] .

أنظر الوضع المترابط بين مطر السماء وبين ضخامة المال وتداول الثروة أو بقاء الثروة أو تکدّس أو تضّخم الثروة ـ أي شيء تريد أن تعبّر عبّر ـ وبين کثرة البنين وبين أن تمتلئ الدنيا بالجنات، والجنات هنا قطعاً لم يکن المقصود بها جنّات الآخرة وإنّما هي جنّات الدنيا، يعني أن تزدهر وتتطوّر وتتقدّم الزراعة في الأرض.

ثم تتحدّث عن الثروة المائيّة بعد ما تحدثّت عن الزراعة وتحدّثت عن الأسرة وتحدّثت عن عدّة أشياء، تتحدّث عن الثروة المائية فتقول: ويجعل لکم أنهاراً.

هذه الآية تبين هذه العلاقة والارتباط.

اسمع قوله تعالي:)وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْکُمْ مِدْرار) [2] هذا هو نفس المنطق ونفس المفهوم الذي ذکر في الآية السابقة لکن في مفهوم آخر، فإنّ تکملة الآية تقول:)وَيَزِدْکُمْ قُوَّةً إِلي قُوَّتِکُمْ(، هذه القوّة ومداليل القوّة، سواء کانت القوّة الجسمانيّة أو القوي الأخري التي تظهر بظهور هذه الخيرات بواسطة الاستغفار.

إذن برؤية عامّة هناک قضايا مترابطة بعضها في بعض، مقدّمات ونتائج استغفروا الله، تکن نهضة حضاريّة شموليّة تشمل جوانب متعدّدة من حياة الإنسان، بل تشمل حياة الإنسان ککل، هذا المفهوم العام.


پاورقي

[1] نوح (71): 10 - 12.

[2] هود (11): 52.