عاصمة الدولة المهدوية
المجتمع المهدوي يختلف عن باقي المجتمعات بخصوصيّات لم تتوفّر قبل الظهور، وإنما تکون هذه الخصوصيات قد توفرت بعد ظهوره عجل الله فرجه، فعندما تتوفر السبل العمرانية والحضارية بطبيعة الحال يکون سبباً للهجرة، فعلي سبيل المثال المدينة المنورة عندما جاءها النبي صلي الله عليه وآله کان لا يقطنها إلاّ الأوس والخزرج وبعض اليهود في مناطق وحصون بعيدة عن داخل المدينة، أي أنها کانت قرية صغيرة، أمّا مکّة فکانت تسمّي أمّ القري، لأنّ فيها کل وسائل الراحة التي تجبي من الشام وتجبي من اليمن ومن حضارات الدنيا من الفرس والروم، وما إلي ذلک، لکن بعدما جعل الرسول صلي الله عليه وآله المدينة عاصمة له بدأت الهجرة، لتوفّر وسائل الراحة، ولذلک صار من حيث الکم والنفوس العدد أکبر بالنسبة إلي سکّان المدينة والتنوّع من جميع العرقيّات ومن جميع الناس، حتي تجد الرومي قد سکن ـ الرومي يعني الأوربي في زماننا ـ المدينة.
في عصر الإمام عندما يکون العراق وتکون الکوفة عاصمة الإمام وتتوفّر في هذه العاصمة کل وسائل الراحة وتطوّرات المدنيّة، حينئذٍ يکون الحضور والهجرة تکون بکثرة بحيث تعبّر تلک الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام يقول: «إذا قام قائم آل محمد عجل الله فرجه بني في ظهر الکوفة مسجداً له ألف باب واتّصلت بيوت الکوفة بنهر کربلاء». [1] .
يعني أن الدنيا سوف تهاجر إلي هذه المنطقة، هذه المنطقة الخربة، التي خرّبها صدام وخرّبتها الأنظمة يعمّرها المهدي، وتعمّر في عصر قبل المهدي، ولکن يتم التعمير الأعظم عندما يظهر بقية الله.
هذا التطوّر في هذه المنطقة بالخصوص ـ وهي العراق ـ حقّاً أن يکون أسعد الناس به أهل الکوفة، يعني أهل العراق، لما يظهر في هذه المنطقة منن تطوّر کبير، والحديث طويل جدّاً.
واکتفي بهذا المقدار، لکني أرجو أن يوفّق الحاضرون لمتابعة الموضوع ومعرفة الدور المطلوب من العراقي.
طبعاً أن القضية المهدوية بالبداية عقيدة في العقول والنفوس، ولکننا نؤمن أن العقيدة المهدوية لها آثارها الحياتية في واقع المجتمع العراقي، وهناک بحث کتبته سابقاً هو أثر العقيدة المهدوية في الفکر السني، يعني الفارق بين أثر العقيدة المهدوية في الفکر السني عن الفکر الشيعي وأثر العقيدة المهدوية في تأريخ الشيعة وحاضر الشيعة، وأهم أثر واقعي هو أن يعيش الإنسان الإيجاب والإيجابية والتغيير والتحول نحو الأحسن.
والحمد لله رب العالمين
پاورقي
[1] شجرة طوبي للشيخ الحائري: 1/ 178، إعلام الوري للطبرسي: 2/ 287.